هل يجب على المرأة أن تغتسل من الجنابة إذا نزل عليها الحيض؟
لا يجب على المرأة الغسل إذا نزل عليها الحيض وهي على جنابة إلا بعد انتهاءِ الحيض بانقطاعِهِ أو بمرور أكثر مدَّته المقررة شرعًا، والمقدَّرة بخمسة عشر يومًا، وهي أقصى مدة الحيض على المفتى به، ويكفيها حينئذٍ غسل واحد تنوي به التطهر من الحيض والجنابة معًا أو من أحدهما.
المحتويات
الجنابة والحيض من موجبات الغسل؛ قال العلامة ابن جزي المالكي في "القوانين الفقهية" (ص: 23، ط. بدون طبعة): [الباب الرابع في موجبات الغسل؛ وهي: الجنابة، والدخول في الإسلام، وانقطاع دم الحيض والنفاس] اهـ.
وإذا كانت المرأة جنبًا ونزل عليها الحيض فلا يجب عليها الغسل من الجنابة إلا بعد انتهاء الحيض بانقطاعه أو بمرور أكثر مدته شرعًا، والمقدَّرة بخمسة عشر يومًا، وهي أقصى مدة الحيض على المفتى به؛ وذلك لأن الغسل مطلوب لأداء بعض العبادات كالصلاة ونحوها، وإذا كان الأمر كذلك فلا فائدة مرجوة من اغتسالها ما دامت متلبسة بالحيض المانع لها من ذلك؛ قال الإمام محمد بن الحسن الشيباني في "الأصل" (1/ 49، ط. إدارة القرآن والعلوم الإسلامية): [قلت: أرأيت المرأة تصيبُهَا الجنابةُ ثمّ تحيضُ قبل أن تغتسل؛ هل عليها غسل الجنابة؟ قال: إن شاءت اغتسلت، وإن شاءت لم تغتسل حتى تطهر] اهـ.
وجاء في "المدونة" (1/ 134، ط. دار الكتب العلمية): [قال مالكٌ في المرأة تصيبُهَا الجنابةُ ثم تحيض: أنه لا غسل عليها حتى تطهر من حيضتها] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (2/ 150، ط. دار الفكر): [إذا حاضَت ثم أجنَبَت، أو أجنَبَت ثم حَاضَت؛ لم يصحّ غسلها عن الجنابة في حال الحيض؛ لأنه لا فائدة فيه، وفيه وجه ضعيف.. أنه يصح غسلها عن الجنابة] اهـ.
وقال العلامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 154، ط. مكتبة القاهرة): [إذا كان على الحائض جنابةٌ فليس عليها أن تغتسلَ حتى ينقطع حيضُها؛ نصّ عليه أحمد، وهو قول إسحاق؛ وذلك لأن الغسل لا يُفِيدُ شيئًا من الأحكام، فإن اغتسلت للجنابة في زمن حيضِها صحّ غسلها وزال حكم الجنابة؛ نص عليه أحمد، وقال: تزولُ الجنابةُ، والحيضُ لا يزولُ حتى ينقطعَ الدمُ] اهـ.
كما قرر الفقهاء أن الغسل لا يتعدد بتعدد موجبه؛ فلو اجتمعت على المرأة أسبابٌ توجب الغسل -كالحيض مع الجنابة، أو الجماع مرات، أو التقاء الختانين مع الإنزال-؛ فإنه يجزئها أن تغتسل غسلًا واحدًا تنوي به رفع الأحداث جميعها، أو استباحة ما كان ممنوعًا؛ قال العلامة الحصكفي الحنفي في "الدر المختار" (1/ 169، ط. دار الفكر): [يكفي غسلٌ واحدٌ لعيدٍ وجمعةٍ اجتمعا مع جنابةٍ، كما لِفَرْضَيْ جنابةٍ وحيضٍ] اهـ.
وقال العلامة ابن القصار المالكي في "عيون الأدلة" (2/ 1044، ط. مكتبة الملك فهد الوطنية): [الأصول كلها تدل على أن الأحداث إذا كان موجبُها واحدًا واجتمعت تداخل حكمها وناب موجب أحدها عن الآخر؛ كاجتماع البول والغائط والريح والمذي ينوب عن جميعها وضوء واحد، وكذلك لو وطئ دفعات كثيرة أجزأه غسل واحد، وكذلك لو حاضت امرأة ثم جنبت.. ثم اغتسلت أجزأها غسل واحد، فقد استوى حكم سائر الأحداث المختلف منها والمتفق إذا اتفق موجبها في أن الوضوء الواحد أو الغسل الواحد ينوب مناب صاحبه، ويدخل حكم بعضها في بعض] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع شرح المهذب" (1/ 472): [إذا أحدث أحداثًا متفقة أو مختلفة كَفَاهُ وضوءٌ واحدٌ بالإجماع، وكذا لو أَجْنَبَ مرات بجماع امرأة واحدة أو نسوة أو احتلام أو بالمجموع كفاه غسلٌ بالإجماع] اهـ.
وقال العلامة ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (1/ 162): [إذا اجتمع شيئان يوجبان الغسل؛ كالحيض والجنابة، أو التقاء الختانين والإنزال، ونواهما بطهارته، أجزأه عنهما] اهـ.
إن اغتسلت ونوت بغسلها التطهر من الحيض ولم تنوِ رفع الجنابة أو العكس أجزأها عنهما؛ ناسيةً كانت أو ذاكرة لما لم تنوه، وهو ما عليه جمهور الفقهاء من المالكية، والشافعية، والحنابلة في المذهب.
قال العلامة الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 133، ط. دار الفكر): [(وإن نوت) امرأةٌ جنب وحائض أو نفساء بغسلِهَا (الحيضَ) أو النّفاس (والجنابة) معًا (أو) نوت (أحدهما ناسيةً) أو ذاكرةً (للآخر) ولم تُخْرِجُهُ حَصَلَا] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (1/ 327): [ولو كان على امرأة غسلُ جنابةٍ وحيضٍ فَنَوَتْ أحدَهما صحّ غسلها، وحَصَلَا جميعًا بلا خلاف] اهـ.
وقال العلامة المرداوي الحنبلي في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (1/ 148، ط. دار إحياء التراث العربي): [(وإن اجتمعت أحداثٌ توجب الوضوءَ أو الغسلَ فنوى بطهارته أحدَهما؛ فهل يرتـفع سائرهما؟ على وجهـين).. أحدهما: يرتفع سائرها، وهو المذهب] اهـ.
بناءً على ذلك: فإذا كانت المرأة على جنابة ونزل عليها الحيض فلا يجب عليها الغسل من الجنابة إلا بعد انتهاء الحيض بانقطاعه أو بمرور أكثر مدته شرعًا، ويكفيها حينئذٍ غسلٌ واحدٌ تنوي به التطهر من الحدثين معًا أو أحدهما، وإذا اغتسلت قبل ذلك فغسلها يرفع الجنابة دون الحيض ما دام قائمًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما ضابط الحائل الذي يمنع صحة الطهارة؟ وكيف أعرف الحائل مِن غيره، وهل يصح الوضوء مع وجود بعض البويات والدهانات على البَشَرة؟ لأني أعمل في مهنة النقاشة، وفي الغالب يصيب أعضاء الوضوء بعض البويات والدهانات التي يصعب إزالتها، وقرأتُ أنَّ وجود حائل يمنع من وصول الماء إلى الجسد يجعل الوضوء غير صحيح. فما الحكم؟
هل يأخذ الجورب حكم الخف في المسح عليه؟ وإذا كان كذلك فما صفة المسح؟ وما مدته بالنسبة للمقيم والمسافر؟ وما مبطلات المسح؟
ما حكم الشك في خروج البول بعد الطهارة؟ فأنا أعاني عند خروجي من الحمام -بعد التبول- من الشك بنزول نقطة من البول على ملابسي، ولا أدري هل نزلت فعلًا أو لم يحدث شيء، وذلك يسبب لي بعض القلق عند الوضوء للصلاة، فبماذا تنصحني أن أفعل لكي أتخلص من هذا الشك؟ ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في ذلك.
هل يصحّ الوضوء بالماء الـمُسَخَّن بالطاقة الشمسية؟
سائل يقول: يغلبني النعاس أحيانًا في الصلاة؛ فما حكم الصلاة والوضوء في هذه الحالة؟
هل أكل لحوم الإبل ينقض الوضوء؟ فكنت أعمل في إحدى الدول العربية، وفي إحدى المرات دار نقاش بيني وبين بعض أهل البلد التي كنت أعمل بها حول بعض الأمور الدينية، ومنها حكم أكل لحوم الإبل للمتوضئ، وأن بعض أهل هذه البلدة عندهم قناعة بأن أكل رقبة الإبل حرام؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وضع رجله الشريفة عليها. أرجو توضيح الحكم الشرعي في هذه الأمور للأهمية.