حكم تشريح جثة الميت

تاريخ الفتوى: 31 أكتوبر 1950 م
رقم الفتوى: 5254
من فتاوى: فضيلة الشيخ علام نصــار
التصنيف: الطب والتداوي
حكم تشريح جثة الميت

رفع إلينا استفتاء من أحد الأشخاص ببيروت؛ جاء فيما تضمنه السؤال: عما إذا كان يجوز شرعًا للأطباء أن يشرحوا ويأخذوا عضوًا من أعضاء الميت سواء أكان رجلًا أم امرأة كقلبه أو معدته أو كبده أو سلسلة ظهره أو غيرها؛ لأجل فحص ذلك طبيًّا لمعرفة سبب موته أو دائه من أجل اختراع دواء لمعالجة المرضى الأحياء بهذا الداء؟

تشريح جثة إنسان بعد وفاته لبحثها علميًّا وللاستفادة بذلك في الصحة العامة أو أخذ عضو منها جائز شرعًا إذا اقتضته الضرورة الشرعية والمصلحة العامة، مع وجوب مراعاة الضوابط الشرعية والإجراءات الطبية المنظمة واختيار الأطباء الثقات، بما يضمن الابتعادَ عن التلاعب بالإنسان المكرم، وحفظَ جسده من الامتهان.

إن نصوص الشريعة وقواعدها وأحكامها ترمي إلى تحقيق مصالح البشر وضرورة المحافظة على أنفسهم من الآفات والأمراض؛ فأجازت أكل الميتة للمضطر بقدر ما يسد رمقه، واعتبرت من أدلة الأحكام ما يسمى بـ"المصالح المرسلة"، وهي التي لم يشهد لها أصل شرعي من نص أو إجماع لا بالاعتبار ولا بالإلغاء، ولكن يترتب على العمل بها تحقيق مصلحة تتفق وأغراض الشريعة فيعمل بها، ولذا وافق أبو بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما على جمع المصحف بعد أن تحقق من أنه مصلحة في الدين، ونحو ذلك كثير.

وقد نص في أصول الفقه على أن "كل أصل شرعي لم يشهد له نص معين وكان ملائمًا لتصرفات الشرع ومأخوذًا معناه من أدلته فهو صحيح يبنى عليه".

كما نص فيه على أن "كل ما يتوقف عليه ضروري من الضروريات الخمس ومنها المحافظة على النفس فهو ضروري".

وعلى هذا بنى الفقهاء كثيرًا من قواعدهم؛ كقاعدة "الضرورات تبيح المحظورات"، وقاعدة "يرتكب الضرر الخاص لدفع الضرر العام"، وفرعوا على ذلك جواز الرمي إلى كفارٍ تترّسوا بصبيان المسلمين وأسراهم أو تجارهم؛ لأن في الرمي دفع الضرر العام بالذب عن بيضة الإسلام، وقتل الأسير أو التاجر ضرر خاص، كما فرعوا جواز نقض حائطٍ مَالَ إلى طريق العامة ولو أبى مالكها؛ دفعًا للضرر العام بتحمل الضرر الخاص، ومن قواعدهم: "إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضررًا بارتكاب أخفهما".

ولذا نص الحنفية على أنه: إذا ماتت حامل وولدها حي يضطرب شُق بطنها ويخرج ولدها؛ لأن الإضرار بالميت أخف من الإضرار بالحي، وقالوا: لو كان الولد ميتًا وخيف على الأم قطعته القابلة بآلة بعد تحقق موته وأخرجته؛ للسبب المذكور، ولو كان حيًّا لا يجوز تقطيعه، وعلَّلوا ذلك بأن موت الأم به أمر موهوم، فلا يجوز قتل آدمي حي لأمر موهوم،

وقالوا: لا يُشق الحي مطلقًا؛ لإفضائه إلى الهلاك.
فمن هذا كله نأخذ أنه: إذا اقتضت ضرورة المحافظة على الصحة العامة، أو ضرورة المحافظة على الأمن العام في حوادث الجنايات، بتشريح جثة لبحثها علميًّا وللاستفادة بذلك في الصحة العامة، أو أخذ عضو منها كذلك؛ لم يكن في ذلك بأس، بل قد يكون واجبًا بناءً على القواعد المذكورة، ولموافقته لأغراض الشريعة؛ من ارتكاب الضرر الخاص بدفع الضرر العام، وارتكاب الضرر الأخف لاتقاء الضرر الأشد، ولموافقته لما ذكر الفقهاء من الفروع، ولا يمنع من ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم لِحَفَّارٍ وَجَدَ عَظْمَ مَيِّتٍ فَكَسَرَهُ: «كَسْرُ عَظْمِ الْمَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيًّا» رواه أبو داود في "سننه"؛ لأن ذلك لم يكن لمصلحة.

وقول الفقهاء: لا يُشق الحي مطلقًا؛ لإفضائه إلى الهلاك: كان في زمانٍ لم يتقدم فيه الطب، فكان الغالب على الظن الهلاك، أما في زماننا وقد تقدم العلم والتشريح، وأصبح قريبًا من اليقين بالتجارب نجاةُ من شُقَّ بطنُهُ لإصلاح فسادٍ فيه؛ فلا يكون الشق ممنوعًا، بل قد يكون واجبًا في بعض الحالات، وأعمال الطب الآن تجري على هذا الأساس.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما الحكم الشرعي للتطعيم ضد شلل الأطفال، وحكم من يرفض التطعيم لأولاده، بدعوى أن المرض من إرادة الله ولا يحتاج إلى علاج، والشفاء من عند الله؟


ما حكم الشرع في عمل ترقيع القرنية للمرضى الذين يعانون من سحابات للقرنية، علمًا بأنّهم في أمسِّ الحاجة لهذه العملية، وأنَّ هذا النسيج يُؤْخَذ من مُتَوفًّى حديث الوفاة في خلال ساعتين أو ثلاثة من الوفاة، وأن هذا العمل يقوم به أطباء متخصصون؟

 


هل استعمال بخاخة الربو للمريض عند الاحتياج إليها يُعدُّ من المُفطِّرات في الصوم؟


ما حكم استعمال واستيراد صمام للقلب من أنسجة الخنزير؟ حيث تقوم شركة باستيراد بعض الأصناف الخاصة بعلاج مرضى القلب المفتوح، وأحد الأصناف التي نستوردها هي صمام طبيعي نسيجي مأخوذ من الخنزير، علمًا بأن هذا الصنف يتم معالجته وتعقيمه وحفظه في درجة حرارة معينة ثم يُزرع في جسم المريض. فما حكم الشرع في استعمال واستيراد مثل هذا الصمام؟


نرجو التكرم بإفادتنا عن وجود أي مانع ديني أو أخلاقي في استخدام مادتَي: (UBM (urinary bladder matrix أو (SIS (small intestine submucosa وهما عبارة عن ألياف من النسيج الضام بعد نزع الخلايا منها من مصدر حيوان الخنزير على حيوانات التجارب "الأرنب" حتى يتسنى لنا دراسة تأثير هذه المواد من ناحية تجديد الأنسجة الحَيَّة، علمًا بأن هذه التجارب تُجرى كخطوة أولى لاستخدام مثل هذه المواد من مصدر حيواني آخر غير "الخنزير" لعلاج الإنسان بدلًا من مصدر الخنزير المتاح حاليًّا في الأسواق الأمريكية.


وصلنا خطاب معالي وزير الأوقاف المتضمن صورة الكتاب الوارد إلى معاليه من الأستاذ الدكتور مدير بنك وحدة بنك العيون بمستشفى قصر العيني جامعة القاهرة، الذي يَذْكُرُ فيه أنَّ هناك فتوى مِن دار الإفتاء تُجِيزُ عمليةَ نَقْل قَرَنِيَّةٍ مِن متوفًى إلى شخصٍ حيٍّ مُصَاب. وكذلك رغبته في زيادة الوَعْيِ المُجتَمَعِيِّ وزيادة ثقافة التبرع بالقَرَنِيَّةِ وقبول نَقْلِها؛ عن طريق الخِطَاب الدِّينيِّ الذي يُمَثِّلُ أهميةً خاصةً في هذا الموضوع؛ تَحقِيقًا لخدمة هؤلاء المرضى والمساهمة في إعادة الإبصار لَهُم. ويرجو التفضل بالإفادة بما اسْتَقَرَّ عليه رأيُ دار الإفتاء المصرية في هذا الشأن؛ حتى يَتَسَنَّى تقديمُ العَوْن لهؤلاء المرضى بما يُوَافِقُ أحكام الشريعة الإسلامية الغَرَّاء.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 مايو 2025 م
الفجر
4 :19
الشروق
5 :59
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 44
العشاء
9 :13