هل يعد فيروس كورونا عقابًا من الله تعالى أنزله على أعدائه كما تدعي التيارات المتطرفة؟ حيث يقول متحدثوهم بأن هذا الوباء أرسله الله بقدرته على أتباع طواغيت هذا الزمان وأشياعهم ومنتخبيهم وعبيدهم وجنودهم عذابًا من عنده. فما رأي الشرع في ذلك؟
هذا الفيروس وإن كان في ظاهره بلاءً من الله تعالى، إلَّا أنه ليس عقابًا منه سبحانه لعباده، بل هو رحمة للمؤمنين وبشرى لهم، وهو خصوصية لهذه الأمة المحمدية؛ لأن الشدائد تُظهر العزائم، والمِحَن تُوَلِّدُ المِنَح، ولا بد أن ننظر لهذا الوباء باعتبار آثاره وما يترتب عليه من الأجر على الصبر عليه والرضا به، لا باعتبار ذاته وأحداثه، فكل ما يصيب الإنسان من المِحَنِ والشدائد، هو في حقيقته رفعة له وسبب لزيادة ثوابه ورفع عقابه، حتى الشوكة تُصيبه، فكيف إذا تعلق الأمر بالمرض المخيف والوباء المميت؟ فإن الدرجة فيه تكون أعظمَ، والمِنحَة بسببه أكبر، وابتلاء الله تعالى لعباده لا يُحكم عليه بظاهره بالضر أو النفع؛ لانطوائه على أسرار غيبية وأحكامٍ علوية، لا يعلم حقيقتها إلَّا رب البرية، والجزم بأن شيئًا من ذلك عقابٌ من الله إنما هو تكهُّن بالرَّيْب، ورجم بالغيب؛ فلا طاقة للإنسان بعقاب الله، بل عليه أن يسأله المعافاة، وأن يجعل من هذا الابتلاء توبةً ورجوعًا، وإخباتًا إلى الله وخضوعًا، ويكثر من الاستغفار، ومن الصلاة على النبي المختار صلى الله عليه وآله وسلم، وأن يستكثر من الأعمال الصالحة والدعاء؛ فهذا من أسباب رفع البلاء.
المحتويات
الابتلاء من أقدار الله تعالى ورحمته، يحمل في طياته اللطف، ويسوق في مجرياته الخير، والمِحَن تأتي في طياتها المِنَح، والأزمة ستمرُّ كما مَرَّت قبلها أزمات، إلَّا أن الأمر يحتاج لمزيدٍ من الصبر والثبات.
والأوبئة التي تصيب الأمة إنما هي رحمة من الله تعالى لهم؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون؟ فأخبرها نبي الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَنَّهُ كَانَ عَذَابًا يَبْعَثُهُ اللهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ، فَجَعَلَهُ اللهُ رَحْمَةً لِلْمُؤْمِنِينَ، فَلَيْسَ مِنْ عَبْدٍ يَقَعُ الطَّاعُونُ، فَيَمْكُثُ فِي بَلَدِهِ صَابِرًا، يَعْلَمُ أَنَّهُ لَنْ يُصِيبَهُ إِلَّا مَا كَتَبَ اللهُ لَهُ، إِلَّا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ الشَّهِيدِ» أخرجه البخاري في "صحيحه".
وحينما وقع الطاعون بالشام مرة، فكاد أن يفنيهم، حتى قال الناس: هذا الطوفان. فأذَّن معاذ بن جبل رضي الله عنه بالناس: أن الصلاة جامعة، فاجتمعوا إليه، فقال: "لا تجعلوا رحمةَ ربكم، ودعوةَ نبيكم كعذابٍ عُذِّب به قوم" أخرجه معمر بن راشد في "جامعه".
قال الإمام النووي في "شرح مسلم" (14/ 204، ط. دار إحياء التراث العربي): [في هذه الأحاديث أنه أُرسل على بني إسرائيل أو مَن كان قبلكم عذابًا لهم، هذا الوصف بكونه عذابًا مختص بمن كان قبلنا، وأما هذه الأمة: فهولهَا رحمةٌ وشهادةٌ] اهـ.
وقال الإمام المناوي في "فيض القدير" (4/ 287، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [فجَعْلُه رحمةً من خصوصياتها] اهـ.
والنظر إلى الطاعون باعتباره رحمةً ومِنحةً ليس في ظاهره أو ذاته، إنما هو باعتبار آثاره وما يترتب عليه من الأجر والثواب؛ قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "بذل الماعون في فضل الطاعون" (ص250، ط. دار العاصمة): [أن كونه شهادةً ورحمةً ليس المراد بوصفه بذلك ذاته، وإنما المراد أن ذلك يترتب عليه وينشأ عنه وأنه سببه] اهـ.
فكل ما يصيب الإنسان من المِحَنِ والشدائد والضيق والجدب ونحو ذلك، هو في حقيقته رفعة في درجة المؤمن وزيادة ثوابه ورفع عقابه، حتى الشوكة تُصيبه؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا يُصِيبُ الْمُؤْمِنَ مِنْ شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقَهَا إِلَّا رَفَعَهُ اللهُ بِهَا دَرَجَةً، أَوْ حَطَّ عَنْهُ بِهَا خَطِيئَةً» أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه".
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (10/ 105، ط. دار المعرفة): [وهذا يقتضي حصول الأمرين معًا: حصول الثواب ورفع العقاب] اهـ.
فكيف إذا تعلق الأمر بالمرض المخيف والوباء المميت؟ فإن الدرجة فيه أعظم، والمنحة بسببه أكبر، وهذا من رحمة الله تعالى بهذه الأمة واختصاصهم بها؛ قال تعالى: ﴿وَمَا جَعَلَهُ اللهُ إِلَّا بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ﴾ [آل عمران: 126].
فَكَمْ لِلَّهِ مِنْ لُطْفٍ خَفِيٍّ ... يَدِقُّ خَفَاهُ عَنْ فَهْمِ الذَّكِيِّ
وَكَمْ يُسْرٍ أَتَى مِنْ بَعْدِ عُسْرٍ ... فَفَرَّجَ كُرْبَةَ الْقَلْبِ الشَّجِيِّ
فابتلاء الله تعالى لعباده لا يُحكم عليه بظاهره، بالضر أو النفع؛ لانطوائه على أسرار غيبية وأحكامٍ علوية لا يعلم حقيقتها إلَّا رب البرية؛ قال تعالى: ﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الأعراف: 168].
ليس المقصود هو الحكم بظاهر الابتلاءات؛ بل العلم بقدرة الله تعالى، والإسراع في الرجوع إليه، وأن يتفقد الإنسان نفسه بالسكون إلى قضاء الله تعالى والإذعان إلى مراده؛ قال سبحانه: ﴿فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا﴾ [الأنعام: 43]، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ﴾ [المؤمنون: 76].
وقد سمَّى الله تعالى غزوة "تبوك" التي استمرت شهرًا "ساعةَ العُسرة" كما في قوله تعالى: ﴿لَقَدْ تَابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: 117]. تهوينًا لأمرها وتيسيرًا لهولها، وإخبارًا بعِظَمِ أجرها.
قال الإمام البقاعي في "نظم الدرر" (9/ 36، ط. دار الكتاب الإسلامي): [وسمَّاها ساعة: تهوينًا لأوقات الكروب، وتشجيعًا على مواقعة المكاره؛ فإن أَمَدَها يسير، وأجرها عظيم خطير، فكانت حالهم باتباعه في هذه الغزوة أكمل من حالهم قبلها] اهـ.
فلا ينبغي للإنسان أن ييأس من رحمة ربه، أو أن يضجر من الدعاء، أو يستطيل زمن البلاء؛ لأنه لا يعلم حكمة البلاء، ولا يعي كُنه أسراره، وأنَّ تَفَقُّدَ الله تعالى للإنسان بالمصائب والابتلاءات إنما هو رحمة بهم، وحفظ لصحة عبوديتهم.
قال الإمام ابن الجوزي في "صيد الخاطر" (ص: 439، ط. دار القلم): [فإياك إياك أن تستطيل زمان البلاء، وتضجر من كثرة الدعاء؛ فإنك مبتلًى بالبلاء، متعبد بالصبر والدعاء، ولا تيأس من روح الله، وإن طال البلاء] اهـ.
وقال الشيخ ابن القيم الحنبلي في "زاد المعاد" (4/ 179، ط. مؤسسة الرسالة): [لولا مِحَن الدنيا ومصائبها: لأصاب العبد -من أدواء الكبر والعجب والفرعنة وقسوة القلب- ما هو سبب هلاكه عاجلًا وآجلًا، فمن رحمة أرحم الراحمين أن يتفقده في الأحيان بأنواع من أدوية المصائب، تكون حمية له من هذه الأدواء، وحفظًا لصحة عبوديته، واستفراغًا للمواد الفاسدة الرديئة المهلكة منه، فسبحان من يرحم ببلائه، ويبتلي بنعمائه] اهـ.
هذا الوباء الواقع في شرق الأرض وغربها أمرٌ غيبي لا يعلم حقيقته إلا الله تعالى، ولا يجوز لنا كبشر أن نقول على الله تعالى مالا نعلمه، وعلى من يدعي ذلك أن يرجع إلى الله تعالى بالتوبة الصادقة والاستغفار ويُكثر من الأعمال الصالحة، فهذا كله من أسباب رفع البلاء: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ﴾ [الأنعام: 17]. فالجزم بأن الوباء عقاب من الله لا يصح؛ لأنه سبحانه لا تنفعه طاعة عباده ولا تضره معصيتهم، وأنَّى للخلق أن يتحملوا عقاب الله تعالى إذا أراده، بالإضافة إلى أن مثل هذه المحن والشدائد والأوبئة وقعت في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وفي عهد السلف الصالح رضوان الله عليهم، ولم يتعاملوا معه على أنه عقاب من الله تعالى أو طرد من رحمته؛ بل تعاملوا معه بالرضا والقبول والتسليم لمراد الله تعالى منهم، ولم يزدهم ذلك إلا قربًا.
على ذلك: فإن فيروس كورونا الوبائي المستجد الذي أصاب الناس في هذه الآونة، هو إن كان في ظاهره بلاءً من الله تعالى، إلَّا أنه ليس عقابًا منه سبحانه لعباده كما يدعي البعض، بل هو رحمة للمؤمنين وبشرى لهم، وهو خصوصية لهذه الأمة المحمدية؛ لأن الشدائد تُظهر العزائم، والمِحَن تُوَلِّدُ المِنَح، ولا بد أن ننظر لهذا الوباء باعتبار آثاره وما يترتب عليه من الأجر على الصبر عليه والرضا به، لا باعتبار ذاته وأحداثه، فكل ما يصيب الإنسان من المِحَنِ والشدائد، هو في حقيقته رفعة له وسبب لزيادة ثوابه ورفع عقابه، حتى الشوكة تُصيبه، فكيف إذا تعلق الأمر بالمرض المخيف والوباء المميت؟ فإن الدرجة فيه تكون أعظمَ والمِنحَة بسببه أكبر.
فابتلاء الله تعالى لعباده لا يُحكم عليه بظاهره بالضر أو النفع؛ لانطوائه على أسرار غيبية وأحكامٍ علوية، لا يعلم حقيقتها إلَّا رب البرية.
ونحن موقنون بأن الله تعالى سيفرج الكروب، بضراعة القلوب، والتجائها لعلام الغيوب، وسيبقى الوطن محفوظًا بإذن الله من شر الأوبئة والبليات، خاصة بعد أن أدرك الناس ضرورة ترتيب الأولويات، والفرق بين الظروف الطبيعية وبين الأزمات، وأدركوا خطر التجمعات في نقل الفيروسات، وعرفوا أهمية الإجراءات الوقائية والتعليمات الصحية، للنجاة من الأخطار الوبائية، وأقبل الشعب على وسائل الوقاية، وأسباب الحماية، وهذا كله يدعو إلى التفاؤل والابتهاج، فدرهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج.
أما الجزم بأن الوباء عقاب من الله فهو تكهُّن بالرَّيْب ورجم بالغيب؛ فلا طاقة للإنسان بعقاب الله، بل عليه أن يسأله المعافاة، وأن يجعل من هذا الابتلاء توبةً ورجوعًا، وإخباتًا إلى الله وخضوعًا، وأن يكثر من الاستغفار، ومن الصلاة على المختار صلى الله عليه وآله وسلم، وأن يستكثر من الأعمال الصالحة والدعاء، فهذا من أسباب رفع البلاء: ﴿وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ﴾ [الأنعام: 17].
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إنكار عدوى كورونا؟ حيث يستنكر البعض الخوف والتحذير من عدوى كورونا، مستدلين بأن المرض من الله وحده وأنه لا عدوى في الإسلام، فكيف نرد على ذلك؟
ما حكم التعقيم بالكحول وأثره في الطهارة؛ ففي ظل ما يعيشه العالم في هذه الآونة من خوف انتشار عدوى وباء كورونا، انتشرت بين الناس مواد التعقيم؛ كالكلور، والكحول، وصارت تعقم بها المساجد وبيوت العبادة؛ تأمينًا ووقاية لها من انتشار العدوى، كما صار الكثير من الناس يحرصون على تعقيم أيديهم عقب الوضوء، فخرج بعضهم يدعي أن ذلك حرام؛ لأن فيه تنجيسًا للمساجد، ووضعًا للنجاسة على اليد بعد الوضوء؛ بدعوى أن الكحول خمر، وأن الخمر نجسة، والصلاة يشترط فيها طهارة البدن والثوب والمكان. فما هو الحكم الصحيح في ذلك؟
ما حكم تمثيل الآيات القرآنية بصور توضيحية لها؛ فلما كانت الصورة أوقع في النفس وأثبت في الذهن وأقرب إلى الأفهام عادة من الكلمة المقروءة التي ربما يستعصي فهمُها على آحاد الناس أو صغارهم، فقد بذلنا جهدنا في محاولة لتقريب فهم القرآن على هذه الطائفة من الناس؛ وذلك عن طريق كتابة الآية مقرونة بصورة توضيحية لها، على أن تكون الصورة متسقة مع مقررات الشريعة العامة ومقاصدها ومراعية حكم الإسلام في التصوير. فهل ما نفعله هذا يعد موافقًا للشرع الحنيف وروحه الذي جاء بالتيسير، أم أنه يتصادم مع نص شرعي أو إجماع أو اجتهاد معتبر؟
ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ حيث توجد بعض الألعاب المنتشرة على شبكة الإنترنت تكون بين مجموعة من اللاعبين، يأخذ كل متسابق في بداية اللعبة عددًا من العملات الخاصة باللعبة (coins)، فإذا خسر قَلَّ عدد هذه العملات، وإذا تقدم في اللعبة زاد عددها، كما أنَّ اللاعب عند وصوله إلى مستوى معين يكون قد جمع الكثير من هذه العملات ولا يكون في حاجة إليها، فيبيعها لغيره بأموال حقيقية، عن طريق تحويلها إلى حساب الشخص الآخر في اللعبة، أو يبيع حساب اللعبة (account) بالكامل، بأن يعطي اسم الحساب والرقم السري للمشتري؛ فما حكم ذلك شرعًا؟
1- ما الحكمة الشرعية في اعتبار الشهر بالحساب القمري لا الشمسي؟
2- كيف يعرف بداية الشهر العربي؟
3- هل القمر يختلف عن الهلال، أم هما شيء واحد؟
4- هل رؤية الهلال في مكان ما بالعالم صالحة لكل العالم؟
5- هل هناك اعتبار لاختلاف المطالع؟
6- ما الحكم في الحسابات الفلكية التي تحدد بدايات الشهور العربية مقدمًا لسنين؟
7- ما الفرق بين الحساب الرياضي والرؤية الشرعية؟
8- هل يجوز الاكتفاء بالرؤية البصرية غير المسلحة في إثبات دخول الشهر العربي؟
9- كيف يعمل التقويم الشمسي؟
ما حكم المعمول به من تغيير التوقيت الصيفي والشتوي بتقديم ساعة من النهار؟ وهل يعد ذلك تدخلًا وتغييرًا وتبديلًا لخلق الله سبحانه وتعالى؟