ما حكم منع من لا يرتدي الكمامة من دخول المسجد؟ فمع احتياج دول العالم إلى الحراك المجتمعي المقيَّد ولجوئها للتعايش الحذِر مع وباء كورونا، صدرت القرارات بإلزام جميع المواطنين بارتداء الكمامات في أماكن التجمعات العامة، وقامت كثير من الدول الإسلامية بفتح المساجد أمام مرتاديها لإقامة الجمع والجماعات، بشرط التزامهم بإجراءات الوقاية وارتدائهم الكمامات وتعقيم المساجد. فهل يجوز منع من لم يرتد الكمامة من دخول المساجد؟
إذا سمحت جهة الاختصاص بالصلاة في المساجد جماعةً، واشترطت للدخول لبس الكمامة؛ فهي مخوَّلة شرعًا بالتحقق من ذلك لكل من أراد الدخول، ولها أن تمنع من لم يلبسها من دخول المسجد؛ حفاظًا على الجماعة من العدوى؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن حضور من يتأذى المصلون برائحته للمسجد، ويُمنَعُون من البقاء فيه، فلأن يُمنَع من لم يلتزم بوسيلة الوقاية من الوباء -خوفًا على أرواح المصلين- من باب أولى، كما أن من آداب الشريعة الراقية أنها وجَّهت العاطس والمتثائب إلى وضع كفه أو ثوبه على وجهه حتى لا يتناثر ما يخرج من فمه على غيره، وفعل ذلك للتحرز من انتشار العدوى واجب شرعًا.
المحتويات
شرع الإسلام أداء حقوق الله في الشعائر والعبادات، وعُنِيَ في ذات الوقت برعاية حق الإنسان في سلامته والحفاظ عليه من الأذى، فحين أمرت الشريعة بإقامة الجماعات وحثت على حضورها، شرعت لها من الآداب والسنن ما يليق بالاجتماع لها ويساعد على الخشوع فيها؛ لما فيها من التقارب بين المصلين؛ فسنت اغتسال الجمعة، والوضوء للصلاة في المنزل، والتطيب، وتطهير الفم بالسواك ونحوه، ونهت عن حضور من يتأذى به المصلون، ولو كان تأذيًا وقتيًّا؛ كالتأذي العارض من الروائح الكريهة؛ مقدمةً حقوق العباد على حقوق الله؛ فنهى النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن حضور الجماعة لمن أكل شيئًا كريه الرائحة؛ فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا، فَلْيَعْتَزِلْنَا أَوْ لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ» متفق عليه.
قال العلامة المناوي في "فيض القدير" (6/ 84، ط. المكتبة التجارية): [وأُلْحِقَ بهذين: كلُّ ما آذى ريحُه؛ كالكراث، وأُخِذَ منه: أن كل من به ما يؤذي الناس؛ كجذام وبرص وبخر وجراحة نضاحة وذات ريح تؤذي: يمنع من المسجد] اهـ بتصرف يسير.
وربما وصل الأمر إلى إخراج ذي الرائحة الكريهة من المسجد؛ كما روى مسلم في "صحيحه" عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "لقد رأيتُ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا وَجَدَ ريحهما -أي: البصل والثوم- من الرجل في المسجد، أمر به فأُخْرِجَ إلى البقيع".
وإذا كان هذا في الأذى العارض الذي يزول سريعًا، فكيف إذا كان الأذى وباءً مَخُوفًا معديًا قد استشرى خطره، واستفحل ضرره، واشتد بلاؤه وأثره!
ومن جوانب السُّمُوِّ والرقي في الإسلام: الآدابُ والتعاليم الراقية التي هذَّب بها النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم سلوكَ الفرد في تعامله مع غيره؛ ومن ذلك: أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتغطية الفم والأنف، عند كل فعل يكون مَظِنَّةً لخروج شيء من الفم؛ كالعطاس والتثاؤب، كأسلوب من أساليب الوقاية من الأذى؛ إما من باب الذوق العام والآداب، أو لدرء مفسدة انتقال المرض وانتشار العدوى:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «التَّثَاؤُبُ مِنَ الشَّيْطَانِ؛ فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَكْظِمْ مَا اسْتَطَاعَ» متفق عليه واللفظ لمسلم، ولفظ البخاري: «فَإِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَرُدَّهُ مَا اسْتَطَاعَ» وبوب عليه الإمام البخاري بعنوان: (باب إذا تثاءب فليضع يده على فيه).
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِذَا تَثَاءَبَ أَحَدُكُمْ، فَلْيُمْسِكْ بِيَدِهِ عَلَى فِيهِ، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ» رواه مسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا عَطِس غطَّى وجهه بيده أو ثوبه، وغض بها صوته. رواه الإمام الشافعي -ومن طريقه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"-، ورواه الإمام أحمد والحميدي وابن الجعد وأبو يعلى في "مسانيدهم"، وأبو داود والترمذي في "السنن"، وقال: هذا حديث حسن صحيح، ولفظ الشافعي والحميدي: خمَّر وجهه وأخفى عطسته. ولابن الجعد: وتلقّاها بثوبه. وعند أبي يعلى: أمسك على وجهه. ولأبي نعيم في "عمل اليوم والليلة": خمَّر وجهه وفاه.
قال العلامة ابن عبد القوي الحنبلي (ت699هـ) في "منظومة الآداب":
ويَحْسُنُ خَفْضُ الصَّوتِ من عاطِسٍ وأنْ .. يُغَـــطِّيَ وَجْهًـــا لِاسْتِتَـــارٍ مِنَ الرَّدِي
قال العلامة السفاريني الحنبلي في شرحها "غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب" (1/ 441، ط. مؤسسة قرطبة): [(مِن) إيصال (الرَّدِي) يعني: الأذى الذي يخرج منه بسبب العطاس إلى غيره فيؤذيه] اهـ.
قال العلامة ابن علان في "دليل الفالحين" (6/ 360، ط. دار المعرفة): [لئلا يخرج منه شيء من بصاق أو مخاط، فوضع ما ذكر على فيه؛ لئلا يؤذي جليسه بما يبرز منه] اهـ.
وقال العلامة البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (2/ 157، ط. دار الكتب العلمية): [(وإِذَا عَطَسَ) بِفَتْحِ الطَّاءِ (خمَّر) أَيْ: غَطَّى (وجهَهُ) لِئَلَّا يَتَأَذَّى غَيْرُهُ بِبُصَاقِهِ] اهـ.
والأصل أن الأمر في ذلك مَسُوقٌ على سبيل الإرشاد لآداب اللياقة العامة، والذوق العام، وهو ما يطلق عليه (فن الإتيكيت) (Etiquette)؛ أي فن التعامل مع الناس ومع الأشياء؛ فيمكن للإنسان حينئذٍ أن يكتفي بوضع منديل على فمه ليمنع انتقال الرذاذ إلى غيره.
لكن الالتزام بهذه الآداب الشرعية يصير واجبًا حتميًّا إن تعلق الأمر بانتقال المرض أو انتشار العدوى عن طريق الرذاذ الخارج من الفم؛ كما هو معلوم لدى الأطباء والمتخصصين؛ لما تقرر في قواعد الشرع وأصوله من أنه لا ضرر ولا ضرار؛ فلا يجوز للإنسان أن يتسبب في أذى نفسه أو أذى غيره.
فإذا كان المرض وباءً مستشريًا معديًا: فإن اتخاذ أسباب الوقاية منه في التجمعات التي هي مظان انتشاره ومواطن إمكان انتقال عدواه –كالتجمعات؛ ومنها الجماعات في المساجد- يكون واجبًا؛ تحرزًا من إضرار الإنسان نفسه أو غيره.
وتغطية الوجه لاتقاء الأذى أمر معهود عند السلف؛ حتى في العبادات التي يحرم فيها تغطية الوجه؛ كالحج والعمرة عند الحنفية والمالكية، أو تلك التي يكره فيها ذلك؛ كالصلاة؛ فقد كانوا يرخصون في ذلك للوقاية من البرد أو الحر أو الغبار:
فعن عبدِ اللهِ بنِ عامرِ بنِ رَبِيعةَ أنه قال: "رَأَيْتُ عثمانَ بنَ عَفَّانَ رضي الله عنه بالعَرْجِ وهو مُحْرِمٌ في يومٍ صائِفٍ قد غَطَّى وجهَه بقَطِيفَةِ أُرْجُوَانٍ" أخرجه الإمام مالك في "الموطأ" وعنه الإمام الشافعي في "المسند". واليوم الصائف: شديد الحر.
وعَنْ جابررضي الله عنه قَالَ: "يَغْتَسِلُ الْمُحْرِمُ، وَيَغْسِلُ ثِيَابَهُ، وَيُغَطِّي أَنْفَهُ مِنَ الْغُبَارِ، وَيُغَطِّي وَجْهَهُ وَهُوَ نَائِمٌ" أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى".
وعن قتادة رضي الله عنه: "أن الحسن كان يُرَخِّصُ في أن يصلي الرجل وهو متلثم إذا كان من بردٍ أو عذرٍ" أخرجه عبد الرزاق في "المصنف".
فإذا كانت تغطية الوجه في العبادة جائزةً لاتقاء الأذى: فهي جائزة خارجها من باب أولى، وإذا جاز ذلك في الأذى القاصر الذي يمكن احتماله، فهو في الوباء المتعدي الذي قد مات منه مئات الألوف أدعى وأوجب وألزم.
في حال السماح بالصلاة في المساجد في زمن الوباء فيجب شرعًا التزام التعليمات الرسمية والإجراءات الوقائية في التجمعات؛ ومن أهمها: ارتداء الكمامة للاحتراز من العدوى؛ حفاظًا على نفوس المصلين من انتشار الوباء، كما أن جهات الاختصاص المخولة بتنظيم ذلك مخولة شرعًا وقانونًا بالتأكد من استكمال كل مصل لوسائل الوقاية، ومراقبة اتباع التعليمات التي تصدرها الدولة بهذا الصدد؛ كالدخول بنظام، والتأكد من تطبيق كل مصل للاحتياطات واتباعه لإجراءات الحماية المطلوبة، ويمكنها أن تقوم بتحديد أماكن المصلين لتحقيق التباعد الكافي، ويحق لها استبعاد من لم يلتزم بذلك دون حرج شرعي عليها؛ حفاظًا على أرواح الناس، وحذرًا من انتشار الوباء.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإذا سمحت جهة الاختصاص بالصلاة في المساجد جماعةً، واشترطت للدخول لبس الكمامة؛ فهي مخوَّلة شرعًا بالتحقق من ذلك لكل من أراد الدخول، ولها أن تمنع من لم يلبسها من دخول المسجد؛ حفاظًا على الجماعة من العدوى؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم ينهى عن حضور من يتأذى المصلون برائحته للمسجد، ويُمنَعُون من البقاء فيه، فلأن يُمنَع من لم يلتزم بوسيلة الوقاية من الوباء -خوفًا على أرواح المصلين- من باب أولى، كما أن من آداب الشريعة الراقية أنها وجَّهت العاطس والمتثائب إلى وضع كفه أو ثوبه على وجهه حتى لا يتناثر ما يخرج من فمه على غيره، وفعل ذلك للتحرز من انتشار العدوى واجب شرعًا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم جمع الجنازات للصلاة عليها جملة واحدة؟ حيث إنه نظرًا لتزايد عدد الوفيات في مستشفيات العزل ونحوها؛ بما قد تزيدُ في بعض الأيام عن العشرة في مكانٍ واحد، ووضع كل جنازة على حدتها وتقديمها للصلاة عليها يسبِّب الكثير من التعب والمشقَّة للقائمين على ذلك، فهل يمكن الصلاة عليها مجتمعة؟ وهل هذا هو الأفضل من الناحية الشرعية، أم الأفضل الصلاة على كل جنازة على حدتها؟ ولفضيلتكم جزيل الشكر والتقدير.
في مواكبة مستجدات العصر كيف نوفق برأي فضيلتكم بين فقه الواقع وفقه الأحكام؟
هل توجد دولة بعد الخلافة العثمانية تعدُّ دولة إسلامية، وما حكم طاعة الحكام في هذه الحالة؟
ما حكم قصر الحج على الموجودين في السعودية بسبب الوباء؟ ففي ظل انتشار وباء كورونا في هذه الآونة، قررت وزارة الحج بالسعودية إقامة حج هذا العام بأعداد محدودة جدًّا للراغبين في أداء مناسك الحج لمختلف الجنسيات من الموجودين داخل المملكة، وذلك حرصًا على إقامة الشعيرة بشكل آمن صحيًّا، يحقق متطلبات الوقاية والتباعد الاجتماعي اللازم لضمان سلامة الإنسان وحمايته من مهددات هذه الجائحة، فهل يتماشى هذا القرار مع أحكام الشريعة الإسلامية؟ خاصة مع ظهور بعض الدعاوى بأن منع الحج أو تقييده بشكل جزئي لا يجوز، وأن هذه سابقة لم تحدث قبل ذلك.
ما حكم التعايش بين المسلمين وغيرهم؟ حيث يزعم كثير من الناس أن دعوة التعايش دعوة لتذويب الأمة والقضاء على هُويتها، فما مفهوم التعايش؟ وهل يتوافق مع أحكام الإسلام؟ وما موقف المسلم المعاصر من قضية التعايش بين المسلمين وغيرهم؟
ما حكم بناء المسجد على المقابر المندرسة؟ فعندنا مسجد يضيق بالمصلين ولا توجد به دورة مياه، فقام أهل الحي بتوسيعه ليكون مسجدًا جامعًا يتسع للمصلين وتكون به دورة مياه، ولا يوجد مكان في هذا الحي إلا في البقعة المجاورة للمقبرة الموضحة بخريطة المسجد المرفقة مع نص السؤال، وهذه البقعة خالية وليس بها قبور ولم يثبت أنه دُفِن فيها أحدٌ بالفعل؛ حيث إن أهل الحي منعوا من الدفن في هذه البقعة وقاموا منذ زمن طويل بوضع ثلاثة حواجز لِمنع الدفن فيها نتيجة للرائحة التي يتأذى بها أهل الحي، كما كانت توجد بئر قديمة يسقي منها أهل الحي حدائقهم، ولم يكن يوصَل إلى هذه البئر إلا من خلال المرور بهذه البقعة التي بُنِيَ عليها المسجد الآن، والبئر الآن مهجورة، وهذه البقعة بها ثلاث مغارات كان يلجأ إليها أهل الحي عند نزول المطر والغارات الجوية فيما مضى، ولم يكن يوصَل إلى هذه المغارات إلا من خلال المرور بها؛ مما يدل على عدم وجود مقابر في هذه البقعة التي بُنِيَ عليها المسجد.
علمًا بأن المغارات الثلاث والبئر القديمة ومكان الحواجز الثلاث والمكان الذي بُنِيَ فيه المسجد على هيئة هضبة مجاورة للمقبرة؛ أعلاها يبدأ من البئر القديمة ثم تنحدر هذه الهضبة وتنتهي عند الطريق العمومي كما هو موضح بالخريطة.
كما نوضح لفضيلتكم أن الأرض التي بُنِيَ عليها المسجد الآن ليست من جنس أرض المقابر؛ لأنها كانت قبل بناء المسجد عليها مرتفعةً عن بقية أرض المقبرة كما سبق توضيحه، وقد تم تجريف هذا الارتفاع من الأرض وتسويته تمامًا بالجرافات الآلية، ونُقِلت التربة بعربات النقل حتى أصبحت الأرض التي بُنِيَ عليها المسجد مثلَ غيرها من الأرضين وخرجت عن كونها أرض مقبرة مع عدم ثبوت الدفن فيها، وبعد تسويتها قمنا بوضع قواعد خراسانية فيها ثم رُدِمَت هذه القواعد بتربة رملية، وقد تم بناء المسجد اعتمادًا على المعطيات السابقة والمعلومات الموضحة بالخريطة المرفقة:
أولًا: المسجد محاط بالمقابر من جهتين؛ الشرقية بأكملها تجاه القبلة، والجنوبية بأكملها كما بالخريطة.
ثانيًا: قبل بناء المسجد ترك مُشيِّدوه مسافة على هيئة طريق مسلوك يعتبر فاصلًا بين المسجد والمقبرة؛ أضيقه ثلاثة أمثار وأوسعه ستة أمتار وذلك موضح بالخريطة المرفقة مع نص السؤال.
وبعد ذلك كله فوجئنا بمن امتنع عن الصلاة في هذا المسجد بدعوى أن الأرض التي بُنِيَ المسجد عليها وقفٌ للمقبرة، والمقبرة أقدم من المسجد من حيث المكان، فاعتبروا بذلك أن المسجد مبني على أرض المقبرة، كما جعلوا المجاورة الشديدة بين المسجد والمقبرة من اتخاذ القبور مساجد، واستندوا إلى العظام والرميم التي وُجِدَت أثناء حفر السور وذكروا أنهم سمعوا سائقَ الجرَّافة أو أحد سائقي عربات النقل يذكر أنه رأى عظامًا أثناء تجريف الأرض، وأبدوا احتمالًا بوجود قبر آخر بداخل السور محاذٍ للقبر الذي هو خارج السور المشار إليه برقم (1) في الخريطة، وأنه يمكن أن يكون قد تم نبشه عن طريق الجرافة من غير أن يعلم أحد.
وقد تقصينا الأمر في ذلك وخرجنا بالنتائج التالية:
الأرض التي تم بناء المسجد عليها ليست وقفًا للمقبرة؛ لأنه لم يثبت عندنا لأحد من أهل الحي خاصة وأهل البلد عامة ملك أحد منهم لهذه الأرض، وليس هناك حجة أو قرينة تثبت ذلك من قريب أو بعيد.
أما العظام التي وُجِدت أثناء حفر السور فقد وُجِدَت بعد الانتهاء من بناء المسجد وفي غير المكان الذي بُنِيَ فيه بل في مكان يبعد عنه ستة أمتار كما هو موضح بالخريطة وذلك عند بناء السور الذي يفصل المقبرة عن الطريق والمسجد وليس في البقعة التي تم إحلالها وبناء المسجد فيها، وأما احتمال وجود قبر داخل السور تم نبشه فلم نجد ما يؤيده.
وسألنا سائق الجرَّافة عما نقلوه عنه فأنكر صدوره منه، وأنكر أنه رأى أي رميم أو عظام أثناء قيامه بتجريف الأرض، وحتى على فرض أن أحدًا رأى شيئًا فإن هذه الأرض التي بني فيها المسجد كانت خربة وكان بعض أهل الحي يدفنون فيها بهائمهم الميتة.
فما حكم الصلاة في هذا المسجد؟ وهل تدخل توسعته بذلك في اتخاذ القبور مساجد؟