ما حكم البيع والشراء وقت صلاة الجمعة في هذه الآونة التي توقفت فيها صلاة الجمعة بسبب انتشار فيروس كورونا؟ وهل يدخل تحت النهي المنصوص عليه في قوله تعالى: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾ [الجمعة: 9]؟
نهي الشرع عن البيع والشراء وسائر العقود في وقت الجمعة ليس نهيًا في ذاته، بل هو نهي عن كل ما من شأنه أن يَشغَل عن السعي إلى الجمعة، ولذلك نص الفقهاء على جواز البيع لمن لم تجب عليهم الجمعة أو سقطت عنهم لعذرٍ من الأعذار، والحالة التي تمر بها البلاد في هذه الآونة جرَّاء هذا الفيروس الوبائي، والتي أدت إلى سقوط صلاة الجمعة والسعي إليها خوفًا من انتشار هذا المرض وتفاقم عدواه، تعطل معها السعي الواجب لصلاة الجمعة والذي نُهيَ عن البيع والشراء في وقت الجمعة لأجله؛ لِما تقرر أن التابع تابع؛ فإذا سقط حكمُ المتبوع سقطَ حكمُ التابع، ولا يتصور بقاء التابع بدون متبوعه، وأن الحكم يسقط بسقوط محله، أو بذهاب محله أو انتفائه، فلا مانع من إجراء العقود وممارسة سائر المعاملات؛ من البيع والشراء وغيرهما في وقت الجمعة في ظروف الوباء؛ سواء مُنعَت إقامة الجمعة بالكلية، أو سُمِحَ بإقامتها بأعداد وشروط معينة لا تجعلها واجبة على الكافة، ولا يدخل ذلك في النهي الشرعي، هذا مع ضرورة الالتزام باتباع الإجراءات الوقائية والوسائل الاحترازية للوقاية من عدوى الوباء.
المحتويات
صلاة الجمعة شعيرةٌ خاصةٌ من شعائر الإسلام، ومجمعٌ عظيمٌ من مجامع المسلمين، يُشتَرَطُ فيها ما لا يُشتَرَط في سواها من الجماعات؛ من السعي إليها، والاجتماع فيها، وعدد من يحضرها، والإقامة، والاستيطان، ويُسَنُّ لها ما لا يُسَنُّ في غيرها؛ من الاغتسال لها، والتطيب، والاستياك، ولبس الثياب الحسنة، ونحو ذلك، حتى صنَّف الأئمة الكتب وألَّفوا التآليف في خصائص الجمعة وفضلها؛ فصنف الحافظ أبو بكر أحمد بن علي المروزي [ت: 282هـ] "الجمعة وفضلها"، وألف الإمام النسائي [ت: 303هـ] كتاب "الجمعة"، وكتب الحافظ السيوطي [ت: 911هـ] "نور اللمعة في خصائص الجمعة".
وقد جمع الشيخ ابن القيم الحنبلي في كتابه "زاد المعاد في هدي خير العباد" ثلاثة وثلاثين خصيصة من خصائص الجمعة، ثم قال (1/ 384، ط. مؤسسة الرسالة): [صلاة الجمعة التي خصت من بين سائر الصلوات المفروضات بخصائص لا توجد في غيرها؛ من الاجتماع، والعدد المخصوص، واشتراط الإقامة، والاستيطان، والجهر بالقراءة] اهـ.
ومن هذه الخصائص: حرمة وقت الجمعة؛ حيث نهى الشرع الشريف عن البيع وقت الجمعة؛ تعظيمًا لشأنها وتقديسًا لوقتها؛ قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [الجمعة: 9-10].
ويُقاس على البيع المنهي عنه في الآية: كلُّ ما يسبب الانشغال عن حضور الجمعة والسعي إليها؛ من الشراء والإجارات وعقود المناكح وسائر المعاملات؛ قال الإمام السمعاني في "قواطع الأدلة" (2/ 129، ط. دار الكتب العلمية): [وكان معنى نهيه تعالى عن البيع: أنه شاغل عن الجمعة؛ فصار عقود المناكح والإجارات وسائر المعاملات والصنائع نهيًا عنها، قياسًا على البيع؛ لأنه شاغلة عن حضور الجمعة] اهـ.
النهي عن البيع والشراء وما في معناهما ليس نهيًا في ذاته، بل هو نهي لغيره؛ وهو النهي عن كل ما من شأنه أن يُعَطِّل السعي؛ إذ إنه "لما أوجب السَّعْي في الآية الكريمة ثمَّ نهى عَن البيع الْمَانع من السَّعْي عُلِمَ أَنه إِنَّما نهى عَنهُ لِأَنَّهُ مَانعٌ من الْوَاجِب"؛ كما قال الإمام أبو الحسين البصري في "المعتمد" (2/ 254، ط. دار الكتب العلمية).
وقد نص جماهير العلماء أرباب المذاهب الفقهية على أن البيع مشروعٌ في ذاته، وإنما نُهِيَ عنه لاتصاله بأمرٍ آخرَ غير مشروع؛ وهو ترك السعي والتشاغل عن الجمعة؛ قال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (5/ 232، ط. دار الكتب العلمية): [أمر بترك البيع عند النداء، نهيًا عن البيع لكن لغيره وهو ترك السعي، فكان البيع في ذاته مشروعًا جائزًا، لكنه يكره؛ لأنه اتصل به غير مشروع وهو ترك السعي] اهـ.
وقال الإمام القرافي المالكي في "شرح تنقيح الفصول" (ص: 391، ط. الفنية المتحدة): [﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾: نهيٌ عن البيع؛ لأنه يمنع من فعل الجمعة بالتشاغل بالبيع، فيكون هذا إيماءً لأن العلة في تحريم البيع هي التشاغل عن الجمعة] اهـ.
وقال الإمام الزركشي الشافعي في "تشنيف المسامع" (3/ 274، ط. مكتبة قرطبة): [أوجب السعي ونهى عن البيع -مع علمنا بأنه لو لم يكن المنهيُّ عنه لمنعه من السعي الواجب، لما جاء ذكره في هذا الموضع؛ لكونه يخل بالفصاحة- دلَّ على إشعاره بالعلة، وقال القرافي: "إنه يستفاد من السياق؛ فإن الآية لم تنزل لبيان أحكام البياعات بل لتعظيم شأن الجمعة"] اهــ.
وقال العلامة ابن عقيل شيخ الحنابلة في "الواضح في أصول الفقه" (3/ 156، ط. مؤسسة الرسالة): [ولا فرقَ بين تركِ ما أمره به، وبينَ فعل ضده، إذ لا يُتصور تركُ القيام إلا بفعلِ ضدٍّ من أضدادهِ، مثل قعودَ أو اضطجاعٍ، وقد أوضحَ الله تعالى ذلك بقوله: ﴿إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللهِ﴾ [الجمعة: 9] هذا أمر بالسعي، ثم قال: ﴿وَذَرُوا الْبَيْعَ﴾؛ فيفصح بالنهي عما الاشتغال به، يقطعُ عن السعي، ولو سكتَ عنه لكان في قوةِ اللفظِ ما يُعلمُ به أنه نهيٌ عن كل قاطعٍ عن السعي، وإنما اقتصرَ على النهي عن السعي: لأنه أهمُّ أشغالِ الناس؛ وهو الذي ذَكَرَ الله تعالى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنهم انفضوا إليه وتركوه قائمًا، فقال: ﴿وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا﴾ [الجمعة: 11].. فصرفَ النهي إلى البيع لهذه العلةِ، والمعقولُ من ذلكَ: النهيُ عن كل مشغلٍ عن السعي إلى الجمعةِ] اهـ.
فالمقصود: هو تأكيد الأمر بالسعي إلى الجمعة، والآية إنما سيقت لبيان أحكام الجمعة لا لبيان أحكام البيع، فلو لم يعتقد كون النهي عن البيع علة للمنع عن السعي الواجب إلى الجمعة لما كان مرتبطا بأحكام الجمعة، وما سيق له الكلام ولا تعلق به؛ قال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "روضة الناظر" (2/ 202، ط. مؤسسة الريان): [يعلم منه التعليل للنهي عن البيع بكونه مانعًا من السعي إلى الجمعة؛ إذ لو قدرنا النهي عن البيع مطلقًا من غير رابطة الجمعة يكون خبطًا في الكلام] اهـ.
نص الفقهاء على جواز البيع لمن لم تجب عليهم الجمعة، أو سقطت عنهم لعذرٍ من الأعذار؛ قال الإمام العيني الحنفي في "عمدة القاري" (6/ 204، ط. دار إحياء التراث العربي): [وقال ابن التين: كل من لزمه التوجه إلى الجمعة يحرم عليه ما يمنعه منه من بيع أو نكاح أو عمل.. وحرمة البيع ووجوب السعي مختصان بالمخاطبين بالجمعة، أما غيرهم كالنساء فلا يثبت في حقه ذلك] اهـ.
ونص المالكية على صحة العقد مع الكراهة؛ ففي "المدونة" (1/ 234، ط. دار الكتب العلمية): [وكره مالك للمرأة أو العبد والصبي من لا تجب عليه الجمعة البيع والشراء في تلك الساعة من أهل الإسلام. قلت لابن القاسم: فهل يفسخ ما اشترى أو باع هؤلاء الذين لا تجب عليهم الجمعة في قول مالك؟ قال: قال مالك: لا يفسخ شراء من لا تجب عليه الجمعة ولا بيعه، وهو رأيي] اهـ.
وقال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 224، ط. دار المعرفة): [وإذا تبايع من لا جمعة عليه في الوقت المنهي فيه عن البيع: لم أكره البيع؛ لأنه لا جمعة عليهما، وإنما المنهيُّ عن البيعِ المأمورُ بإتيان الجمعة] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "المغني" (2/ 220، ط. مكتبة القاهرة): [فصل: وتحريم البيع، ووجوب السعي، يختص بالمخاطبين بالجمعة، فأما غيرهم من النساء والصبيان والمسافرين، فلا يثبت في حقه ذلك. وذكر ابن أبي موسى في غير المخاطبين روايتين، والصحيح ما ذكرنا؛ فإن الله تعالى إنما نهى عن البيع مَن أَمَرَه بالسعي، فغير المخاطب بالسعي لا يتناوله النهي، ولأن تحريم البيع معلل بما يحصل به من الاشتغال عن الجمعة، وهذا معدومٌ في حقهم] اهـ.
الحالة التي يمر بها بلاد العالم في هذه الآونة جرَّاء فيروس كورونا الوبائي (COVID-19) أدت إلى منع التجمعات البشرية؛ خوفًا من انتشار هذا المرض الوبائي وتفاقم عدواه، وهو أمرٌ اعتبره الشرع الشريف؛ حيث أسقط الجماعة عن المسلمين حال الخوف أو المرض أو ما كان في معناهما؛ حفاظًا على النفوس والأرواح، وقرر في هذا الشأن أن "درء المفاسد مقدم على جلب المصالح":؛ وهذا يقتضي الحكم بسقوط صلاة الجمعة والسعي إليها، فعن ابن عباس رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِيَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنَ اتِّبَاعِهِ عُذْرٌ لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ تِلْكَ الصَّلَاةَ الَّتِي صَلَّاهَا» قَالُوا: مَا عُذْرُهُ؟ قَالَ: «خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ» أخرجه أبو داود والدارقطني في "السنن"، والحاكم في "المستدرك"، والبيهقي في "السنن الكبرى"، و"الصغرى"، و"معرفة السنن والآثار" قال الإمام البيهقي: "وَمَا كَانَ مِنَ الْأَعْذَارِ فِي مَعْنَاهَا فَلَهُ حُكْمُهُمَا".
قال الإمام ابن عبد البر المالكي في "التمهيد"(16/ 244، ط. أوقاف المغرب): [وأما قوله في الحديث «مِن غَيرِ عُذْرٍ»: فالعذر يتسع القولُ فيه؛ وجملته: كل مانعٍ حائلٍ بينه وبين الجمعة مما يتأذى به ويخاف عدوانه، أو يبطل بذلك فرضًا لا بدل منه؛ فمن ذلك السلطان الجائر يظلم، والمطر الوابل المتصل، والمرض الحابس، وما كان مثل ذلك] اهـ.
وإذا سقطت الجمعة لهذا السبب سقطَ السعي إليها؛ لِما تقررَ في القواعد الأصولية أن التابع تابع؛ فإذا سقط حكمُ المتبوع سقطَ حكمُ التابع؛ كما قرره الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في "التبصرة في أصول الفقه" (ص: 275، ط. دار الفكر)، والعلامة أبو الوفاء بن عَقِيل الحنبلي في "الواضح في أصول الفقه" (4/ 282)، والعلامة ابن مفلح الحنبلي في "أصول الفقه" (1/ 216، ط. مكتبة العبيكان)، ولا يتصور بقاء التابع بدون متبوعه؛ كما يقول الإمام الآمدي في "الإحكام في أصول الأحكام" (3/ 165، ط. المكتب الإسلامي)، والإمام الزركشي في "تشنيف المسامع" (2/ 876، ط. قرطبة).
فالسعي الواجب لصلاة الجمعة والذي نُهيَ عن البيع والشراء لأجله، سقط بسقوط محله؛ وهو سقوط صلاة الجمعة، وقد صرَّح الأصوليون والفقهاء بأن الحكم الشرعي لا بد له من محل، وتكلموا عن حالة ذهاب هذا المحل، وعبَّروا عن ذلك بتعبيرات مختلفة، منها: "ذهاب المحل" كما في "بداية المجتهد" للإمام ابن رشد المالكي (2/ 185، ط. دار الفكر)، و"فوات المحل" كما في "المبسوط" للإمام السرخسي الحنفي (2/ 100، ط. دار المعرفة)، و"زوال المحل" كما في "رد المحتار" للعلامة المحقق ابن عابدين الحنفي (3/ 354، ط. دار الكتب العلمية)، و"سقوط المحل" كما في "مواهب الجليل" للعلامة الرعيني المالكي (1/ 192، ط. دار الفكر)، وحاشية ابن قاسم العَبَّادي الشافعي على تحفة المحتاج (2/ 103، ط. إحياء التراث العربي)، و"عدم المحل" كما في "بدائع الصنائع" للإمام الكاساني الحنفي (3/ 137، ط. دار الكتب العلمية)، و"العناية" للإمام البابرتي الحنفي (3/ 107، ط. دار الفكر)، و"انتفاء المحل" كما في "فتح القدير" للعلامة ابن الهُمَام الحنفي (3/ 208، ط. دار الفكر)، و"انتفاء الموضوع" كما في "العناية" أيضًا (6/ 424).
بناءً على ذلك: فنهي الشرع عن البيع والشراء وسائر العقود في وقت الجمعة ليس نهيًا في ذاته، بل هو نهي عن كل ما من شأنه أن يَشغَل عن السعي إلى الجمعة، ولذلك نص الفقهاء على جواز البيع لمن لم تجب عليهم الجمعة أو سقطت عنهم لعذرٍ من الأعذار، والحالة التي تمر بها البلاد في هذه الآونة جرَّاء هذا الفيروس الوبائي، والتي أدت إلى سقوط صلاة الجمعة والسعي إليها خوفًا من انتشار هذا المرض وتفاقم عدواه، تعطل معها السعي الواجب لصلاة الجمعة والذي نُهيَ عن البيع والشراء في وقت الجمعة لأجله؛ لِما تقرر أن التابع تابع؛ فإذا سقط حكمُ المتبوع سقطَ حكمُ التابع، ولا يتصور بقاء التابع بدون متبوعه، وأن الحكم يسقط بسقوط محله، أو بذهاب محله أو انتفائه، فلا مانع من إجراء العقود وممارسة سائر المعاملات؛ من البيع والشراء وغيرهما في وقت الجمعة في ظروف الوباء؛ سواء مُنعَت إقامة الجمعة بالكلية، أو سُمِحَ بإقامتها بأعداد وشروط معينة لا تجعلها واجبة على الكافة، ولا يدخل ذلك في النهي الشرعي، هذا مع ضرورة الالتزام باتباع الإجراءات الوقائية والوسائل الاحترازية للوقاية من عدوى الوباء.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم البيع والهبة في مرض الموت؛ حيث أصيب رجل بمرض صمامات القلب، وازداد مرضه حتى منعه من القيام بأعماله، ومكث مريضًا أربع سنوات، في خلال هذه المدة كلّ يوم في ازدياد، ولم يُرجَ برؤُه، ولم يخرج من منزله إلا للتداوي محمولًا على دابّة، وانتهى هذا المرض بوفاته كما كان منتظرًا، هل في هذه الحالة يعتبر هذا المرض مرض موت أم لا؟ كما وأنه إذا باع أو وهب فهل يعتبر تصرفه وصية أم لا؟ أفيدونا بالجواب، ولكم الثواب.
ما حكم الشراكة بين شخصين أحدهما بالمال والآخر بمنصبه الوظيفي ونفوذه؟ فهناك رجلٌ ذو مال يَتَّجِرُ في مواد البناء، ويريد إبرام اتفاقِ شراكةٍ مع صَاحبٍ لا مال له، غير أن هذا الصاحب ذو مَنْصِبٍ وظيفيٍّ ومكانةٍ ونفوذ، مما يُمكِّنه مِن تسهيل وتيسير الصفقات وإسنادها بيعًا وشراءً، بالآجل أو نقدًا، في حين أن التاجر صاحب المال هو مَن يقوم بالتعاقد مع الجهات (بنفوذ هذا الصاحب ومَنصِبِه الوظيفي) ودفع الأثمان (لأجَلٍ كانت أو حالَّةً)، وما ينشأ بعد ذلك مِن مصاريفٍ ونحوها، وعلى هذا الاتفاق تكون الشراكةُ مِن أحدهما بالمال، ومِن الثاني بالمَنصِب الوظيفي والنفوذ وما يترتب على ذلك مِن تسهيل الصفقات وإسنادها إلى الأول (التاجر)، ثم بعد البيع وخصم المصروفات تقسم الأرباح بين الشريكين بالتساوي، فما الحكم في ذلك شرعًا؟
ما حكم دفع المشترك المتأخر في الأسانسير أكثر من المتقدم لزيادة السعر؟ فهناك مجموعةٌ من الجيران في إحدى العمارات اشتَرَكوا في شراء مِصْعَدٍ كهربائي، وبعد عامٍ تقريبًا أرادَ أحدُ الجيران -غيرَ هؤلاء- الاشتراكَ معهم في المِصْعَد، فطلبوا منه مبلغًا أكبر من المبلغ الذي كان سيدفعُه لو أنه اشتَرَكَ معهم أوَّل الأمر، وعلَّلوا تلك الزيادة بزيادة الأسعار، فهل هذا المبلغُ الزائدُ يُعتبر رِّبا؟
ما حكم بيع الصقر المدرب على الصيد؟ فأحد المواطنين من دولةٍ عربيةٍ حصل على ترخيص من الدولة بعمل مزرعة لتربية الصقور وتدريبها على الصيد وبيع نتاجها، وقد طلب من صاحبٍ له أن يشاركه بحصة في هذا النشاط، ويسأل هذا الصاحب: هل يجوز شرعًا بيع الصقور وأخذ ثمنها؟
هل يجوز انتفاع المشتري بالمبيع عند التأخر في دفع باقي الثمن؟ حيث باع رجل ثمانية أفدنة بمبلغ 1200 جنيه بعقد ابتدائي بتاريخ 2/ 8/ 1944م، قبض من ثمنها 200 جنيه عند تحرير العقد، واشتَرَط دفع باقي الثمن عند التوقيع على العقد النهائي الذي اشترط أن يحرره بمعرفة المشتري، ويُقَدَّم له لتوقيعه، كما اشترط أنه في حالة تأخير المشتري عن تحرير العقد المذكور لغاية نهاية أكتوبر سنة 1944م يكون ملزمًا بدفع 300 جنيه أخرى من الثمن، ولم يذكر بالعقد الابتدائي شيئًا عن موعد دفع باقي الثمن. وقد استمر المشتري ابتداءً من نوفمبر سنة 1944م في دفع أقساط من الثمن بلغ مجموعها 800 جنيه حتى نهاية مايو سنة 1945م ، ثم في 5/ 6/ 1945م حرَّر العقد النهائي، ودفع باقي الثمن. ونظرًا لأن المشتري وضع يده على الأطيان المذكورة واستغلَّها ابتداءً من تاريخ العقد الابتدائي ولم يدفع باقي الثمن ومقداره 400 جنيه إلا بعد انقضاء نحو ثلثي سنة 1945م الزراعية، فضلًا عن أن 800 جنيه التي دفعها من الثمن كانت تُدفع أقساطًا في مدة عشرة أشهر؛ لذلك قد أخذ من المشتري علاوة على 1200 جنيه الثمن المتفق عليه مبلغ عشرين جنيهًا كإيجار للقدر الذي استغله قبل أن يدفع ثمنه. فهل يحلُّ له أخذ مبلغ العشرين جنيهًا المذكورة، أو أنه لا يحلُّ له أخذها وتعتبر من قبيل الربا المحرم؟
ما حكم بيع الأدوية المرسومة بسعر قديم بسعرها الجديد؟ فهناك رجلٌ يملِك صيدلية، وفي ظلِّ ارتفاع الأسعار تُوَرَّدُ إليه الأدوية مُسَعَّرَةً بأسعارها الجديدة، ويوجد في الصيدلية أدويةٌ أخرى بأسعارها القديمة، فهل يجوز له بيع الأدوية المُسَعَّرَة بالسِّعر القديم بسِعر التوريد الجديد مِن باب توحيد سِعر الدواء؟ علمًا بأنه يسدد ثمن الدواء القديم لشركات الأدوية بالسِّعر القديم المنقوش عليه ولو كان السداد بعد تحرُّك الأسعار.