حكم التصالح على حكم الطلاق

تاريخ الفتوى: 05 ديسمبر 2019 م
رقم الفتوى: 4924
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الطلاق
حكم التصالح على حكم الطلاق

تصريح إحدى محاكم الاستئناف باستخراج فتوى من دار الإفتاء المصرية عن موضوع الدعوى. وبمطالعة الأوراق المرفقة تبيَّن أنَّ إحدى محاكم الدرجة الأولى قد حكمت بتطليق المدعى عليها من المدعي طلقة بائنة للضرر، ثم أقر الطرفان أمام محكمة الاستئناف أنه قد تم التصالح بينهما، وطلب الطرفان من المحكمة الرجوع لدار الإفتاء لمعرفة الحكم الشرعي في التصالح في حكم الطلاق أمام محكمة الاستئناف.

 

بحسب ما قرره المدعي أمام دار الإفتاء المصرية، نفيد بأنه قد وقع للمدعي مما تلفظ به شفويًّا على المدعية طلقة واحدة فقط، كما أنَّ تصالح الزوج والزوجة أمام محكمة الاستئناف يزيل الخصومة من أساسها ويعيدهما إلى الوضع السابق على رفع الدعوى، وللمحكمة ألا تحتسب هذا الطلاق الواقع بحكم محكمة الدرجة الأولى، والأمر في ذلك كله موكول للمحكمة. 

المحتويات

 

مدى وقوع الطلاق  بلفظ أنت "طالئ"

حضر إلينا في دار الإفتاء المصرية (فرع الإسكندرية)، المدعي، بتاريخ: 28/ 10/ 2018م، وبسؤاله عن ألفاظ الطلاق الشفوية التي تلفظ بها على مطلقته المدعى عليها، قرر أنَّه قد وجه إليها لفظ الطلاق ثلاث مرات شفوية على النحو التالي:
الأولى: بلفظ أنت "طالئ"، بقصد ونية الطلاق، وراجع في العدة.

والثانية: بلفظ أنت "طالئ طالئ طالئ"، بدون قصد الطلاق، بل بسبب مشادة حدثت بينهما.

والثالثة: بلفظ "أنتِ طالئ بالتلاتة" بدون قصد الطلاق، بل بسبب مشادة تليفونية، ولم يكن ينوي الطلاق؛ ثم قام بعد هذا الموقف بكتابة رسالة تليفونية لابنه ونصها: "أنا طلقت أمكم"، وبسؤاله عن هذه الرسالة قال: لم أقصد الطلاق والانفصال بهذا اللفظ وكنت أقصد المضايقة فقط.

وما عليه الفتوى بدار الإفتاء المصرية: أن تحريف لفظ الطلاق الصريح بأن يُنطَقَ (طالئ) بدلًا من طالق -كما هو جارٍ على لسان كثير من أهل مصر-: يُخرِج اللفظ مِن الصَّراحة إلى الكناية التي تحتاج إلى نية مقارنة للفظ يقع به الطلاق، والفتوى بهذا القول مبنية على مذهب السادة الشافعية تفريعًا وتنظيرًا.

هل للقاضي أن يطلق بدلا عن الزوج؟

المقرر شرعًا أن حلَّ عقدة النكاح إنَّما يكون بيد الزوج، إلَّا أنَّ قانون الأحوال الشخصية المصري رقم (25) لسنة 1929م، أعطى للقاضي حق تطليق الزوجة على زوجها؛ أخذًا بمذهب المالكية، حسبما هو مقرر بالمادة السادسة وما بعدها، وجعل لفظ القاضي يقوم مقام لفظ الزوج استثناءً إذا توافرت شروط تطليق القاضي.
ويلزم أن يكون حكم الطلاق نهائيًا حتى يعتد بتطليق القاضي، وهذه مسألة تنظيمية لا تخالف الشرع.
كما أخذ القانون المصري بمبدأ الأثر الناقل للاستئناف، وبنى عليه أنَّ الاستئناف يعيد طرح النزاع برمته من جديد أمام محكمة الاستئناف؛ فقد نص قضاء النقض المصري على أنَّ: [الاستئناف وفقًا لنص المادة (232) من قانون المرافعات ينقل الدعوى إلى محكمة الدرجة الثانية بحالتها التي كانت عليها قبل صدور الحكم المستأنف بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف، ولا يجوز لمحكمة الاستئناف أن تتعرض للفصل في أمر غير مطروح عليها] اهـ. (نقض مدني طعن رقم 8240 لسنــة 65 ق).

حثَّ الشرع الشريف على الصلح بين المسلمين

قد حثَّ الشرع على الصلح بين المسلمين، خاصة بين الزوجين؛ كما في قوله تعالى: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: 128]، وطلب من القاضي دعوة الخصوم إليه ما لم يحرم هذا الصلح أمرًا حلالًا أو يحلل أمرًا حرامًا.
قال الإمام السرخسي في "المبسوط" (16/ 61، ط. دار المعرفة) في بيان أدب القاضي: [والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا أحل حرامًا، وهذا أيضًا مروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وفيه دليل جواز الصلح، وإشارة إلى أن القاضي مأمور بدعاء الخصمين إلى الصلح؛ وقد وصف الله تعالى الصلح بأنه خير؛ فقال عز وجل: ﴿وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾ [النساء: 128] اهـ.
وقد عرف الإمام الحصكفي الصلح بالأثر المترتب عليه؛ فقال في "الدر المختار" (5/ 628، ط. دار الفكر): [(هو) لغةً: اسم من المصالحة. وشرعًا: (عقد يرفع النزاع) ويقطع الخصومة (وركنه الإيجاب) مطلقًا (والقبول) فيما يتعين] اهـ.
وقال العلامة أبو الحسن علاء الدين الطرابلسي الحنفي في "معين الحكام فيما يتردد بين الخصمين من الأحكام" (ص: 172، ط. دار الفكر) في باب "القضاء بالصلح بين الخصمين": [الصلح مشروع؛ لقوله تعالى: ﴿فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾[النساء: 128].. ولأن الصلح سبب لدفع الخصومة وقطع المنازعة والمشاجرة، والمنازعة متى امتدت أدت إلى الفساد فكان الصلح دفعًا لسبب الفساد، وإطفاءً لثائرة الفتن والعناد، وشقيقًا لسبب الإصلاح والسداد، وهو الألفة والموافقة فكان حسنًا مندوبًا إليه شرعًا، وركنه الإيجاب والقبول؛ لأنه معارضة] اهـ.

موقف القانون من الصلح بين الخصوم في الدعوى أمام القضاء

قد أجاز القانون الصلح بين الخصوم في الدعوى أمام القضاء في أي مرحلة كانت عليها الدعوى، وجعل أثر ذلك الصلح هو الحكم بإنهاء الخصومة القائمة، وذلك بشرط ألَّا يكون الصلح على أمر يخالف النظام العام، كالصلح على الحكم بالفرقة بين الزوجين بسبب ثبوت الرضاع المحرِّم بينهما؛ لأنها من حقوق الله تعالى التي لا يجوز التصالح عليها.
فقد نصت المادة (549) من القانون المدني المصري رقم (131) لسنة 1948م على أنَّ: [الصلح عقد يحسم به الطرفان نزاعًا قائمًا أو يتوقيان به نزاعًا محتملًا، وذلك بأن ينزل كل منهما على وجه التقابل عن جزء من ادعائه] اهـ.
وجاء في المادة (553) من ذات القانون: [تنحسم بالصلح المنازعات التي تناولها؛ ويترتب عليه انقضاء الحقوق والادعاءات التي نزل عنها أي من المتعاقدين نزولًا نهائيًا] هـ.

الخلاصة

عليه وفي واقعة السؤال: فبحسب ما قرره المدعي أمام دار الإفتاء المصرية (فرع الإسكندرية)، بتاريخ: 28/ 10/ 2018م؛ فقد وقعت له الطلقة الأولى فقط؛ لأنها كانت بلفظ "أنت طالئ" الذي يُعتبر من كنايات الطلاق واقترنت به نيَّة التطليق، وبمراجعته لها في العدة تكون العلاقة الزوجية قد عادت بينهما.
أمَّا اللفظ الثاني والثالث فلا يقع بأيٍّ منهما طلاق؛ لكونهما من كنايات الطلاق، ولم تقترن بأيٍّ منهما نية التطليق.
كما أنَّ تصالح الزوج والزوجة أمام محكمة الاستئناف يزيل الخصومة من أساسها ويعيدهما إلى الوضع السابق على رفع الدعوى، وللمحكمة ألا تحتسب هذا الطلاق الواقع بحكم محكمة الدرجة الأولى، والأمر في ذلك كله موكول للمحكمة.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

 زوجان تزوجا منذ ست سنوات ولم يحدث إنجاب، وثبت أن الضعف من جانب الزوج، والزوجة ترغب في الأمومة ولا تستغني عنها، فإذا انتهى الرأي بالطلاق. فما هي حقوق الزوجة شرعًا وقانونًا؟ مع العلم أنها هي التي تطلب الطلاق والزوج متمسك بها ولا يريد الطلاق.


ما حكم الطلاق أثناء الحمل؟ فقد قرأتُ مؤخرًا على بعض مواقع التواصل الاجتماعي أن طلاق المرأة الحامل لا يقع؛ لكونها حاملًا، فهل هذا صحيح؟


سئل بإفادة من قاضي إحدى المديريات، مضمونها: أنه بإحالة صورة المرافعة طيه على حضرة مفتي المديرية للإفادة عن الحكم الشرعي فيها، وردت إفادته بأنه حصل عنده اشتباه في ذلك؛ ولذا يرغب القاضي المذكور الاطلاع عليها، والإفادة بما تقتضيه الأصول الشرعية، ومضمون صورة المرافعة المقيدة بمحكمة المديرية مرافعات: صدور الدعوى الشرعية بعد التعريف الشرعي من رجل على امرأة ورجل آخر كلاهما من أهالي ومتوطني قرية أخرى؛ بأنه من نحو عشر سنين -مضت قبل الآن- تزوج المدعي بالمرأة هذه بعقد نكاح صحيح شرعي، ودخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج بعد إيفائها جميع صداقها، وأنها في عصمته وعقد نكاحه إلى الآن، وأنها في 15 رمضان سنة 1313هـ خرجت من طاعته بغير وجه شرعي، وتزوجت وهي على عصمته وعقد نكاحه برجل آخر، وأنه طلب منها توجهها لمحل طاعته فعارضته في ذلك، وعارضه الزوج الثاني. وأنه يطلب الآن منها أن تتوجه معه إلى محل طاعته، وتسلم نفسها إليه.
ويطلب المدعي من هذا الزوج الآخر المذكور رفع يده عنها، وعدم معارضته له في معاشرتها. ويسأل سؤال كل منهما وجوابه عن ذلك.
وبسؤالهما عن ذلك أجابت المرأة المذكورة طائعة بأنها كانت متزوجة بهذا المدعي -الزوج الأول- بعقد نكاح صحيح شرعي، وعاشرها معاشرة الأزواج، وأوفاها جميع معجل صداقها، ومكثت معه مدة عشر سنين، وأنه في شهر ربيع الأول سنة 1313هـ طلقها طلاقًا ثلاثًا، وبعد انقضاء عدتها منه بالحيض تزوجت في 15 رمضان من السنة المذكورة بهذا الرجل الآخر -الزوج الثاني- بعقد نكاح صحيح شرعي، وبعد العقد المذكور دخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج إلى الآن.
وأجاب هذا الرجل الآخر طائعًا بأنه تزوج بها في نصف رمضان سنة 1313هـ بعد طلاقها من المدعي، وانقضاء عدتها منه بعقد نكاح شرعي، وبعد العقد عليها دخل بها وعاشرها معاشرة الأزواج إلى الآن.
ثم أحضرت المرأة المذكورة شاهدين على الطلاق المذكور: شهد أحدهما على المدعي بأنه طلق المرأة بالثلاث من نحو تسعة شهور، وشهد الثاني شهادة غير مقبولة.
وبطلب شاهد سواه منها عرفت بأنه لم يكن حاضرًا وقت الطلاق سواهما، وأنها عاجزة عن إحضار غيرهما عجزًا كليًّا.


ما معنى الطلاق البائن؟ ومتى يجوز للمطلقة طلاقًا بائنًا بينونةً صغرى أن تتزوج من آخر؟


ما حكم طلب الزوجة الطلاق من زوجها المحكوم عليه ولم يُحبس؟ فالرجل صدرت ضده أحكام في قضايا شيكات بدون رصيد وتبديد بالحبس وغيرها، وهذه الأحكام بعضها نهائي وبعضها مع الإيقاف الشامل وبعضها لا زال منظورًا، ولم يُنفَّذ عليه حكم بالحبس ولم يُحبس إطلاقًا.
وطلب السائل بيان: هل من حق زوجته أن تطلب الطلاق منه مستندة إلى الأحكام الصادرة ضده؟


ما حكم الخلوة بين المرأة والمطلِّق أثناء فترة العدة؟ فقد طَلَّق زوجٌ زوجتَه طلاقًا بائنًا، وعنده منها طفلٌ رضيعٌ يريد رؤيته، فهل يجوز التواجد معها في المنزل لرؤية طفله، أو يشترط وجود مَحْرَمٍ؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :59
الشروق
6 :30
الظهر
12 : 56
العصر
4:31
المغرب
7 : 22
العشاء
8 :43