هل أستحق مؤخر صداقي بقيمته النقدية يوم الطلاق أو يوم الأداء، علمًا بأن الزوج هو الذي ماطل في أداء مؤخر الصداق حتى الآن؟
الأصل في وقت استحقاق مؤخر الصداق هو ما نُصَّ عليه في عقد النكاح؛ وهو: حلول أقرب الأجلين: الوفاة أو الطلاق، فإن أخَّر المطلِّق حقَّ مطلَّقته مماطلًا إيَّاها فلها أن تطالبه بتعويضها عن ضرر المماطلة والتأخير، وللقاضي أن يحكم لها بما يراه تعويضًا مناسبًا لحقِّها، وجبرًا للنقص الحاصل في القيمة مِن جرّاء المماطلة، وله حينئذٍ أن يحكم بالسداد بالقيمة وقت الأداء إن ثبت لديه تعمد المماطلة إضرارًا بها، هذا كله إذا لم يتصالحا على غير ذلك مما يرتضيانه بينهما، وذلك بشرط أن تثبت المماطلة قضاءً، والقاضي مخَوَّل في تقرير حصول المماطلة وفي تقدير الضرر الناجم عنها بما يثبت لديه من صحيح الأدلة التي يبني عليها قضاءه.
المحتويات
النقود الورقية تلحق بالفلوس التي هي نوع من النقود تتخذ من المعادن غير الذهب والفضة، وتكون ثمنيتها بالاصطلاح والمواضعة، وتلحق أيضًا بالنقود الناقصةِ الوزنِ والغالبةِ الغشِّ.
ولا خلاف بين الفقهاء حول عدم فساد العقد إذا ما تغيرت قيمتُها؛ لقيام الاصطلاح على ثمنيتها، وإنما الخلاف بينهم فيما يجب دفعه: هل عدد ما وقع عليه العقد أم قيمته؟ ومن استقراء آراء الذين تعرضوا لهذه المسألة يتبين أن الآراء فيها تتلخص فيما يأتي:
الرأي الأول: يجب مثل ما وقع عليه العقد عددًا، وهذا هو رأي الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه ومعه بقية المذاهب الأربعة، وجرى عليه في "جامع المضمرات والمشكلات"؛ حيث قال: اشترى بدراهم نقد البلد فلم يقبض حتى تغيرت، فإن كانت لا تروج اليوم في السوق فسد البيع؛ لأنه هلك الثمن، وإن كانت تروج لكن انتقصت قيمتها لم يفسد البيع وليس له إلا ذلك.
كما جرى عليه في "مجمع الأنهر" (2/ 121، ط. دار إحياء التراث العربي)؛ حيث قال: [ولو اشترى به -أي بالذي غلب غشه- وهو نافق فنقصت قيمته قبل القبض؛ فالبيع على حاله بالإجماع، ولا يتخير البائع، وعكسه لو غلت قيمتها وازدادت؛ فكذلك البيع على حاله ولا يتخير المشتري] اهـ.
كذلك جرى عليه في "الفتاوى الحامدية" (1/ 281، ط. دار المعرفة)؛ حيث أجاب عن سؤال بقوله: [إذا غلت الفلوس التي وقع عقد الإجارة عليها أو رخصت فعليه رد مثل ما وقع عليه عقد الإجارة من الفلوس..كما سئل فيما إذا استدان زيدٌ من عمرٍو مبلغًا من المصاري المعلومة العيار على سبيل القرض ثم رخصت المصاري ولم ينقطع مثلها، وقد تصرف زيد بمصاري القرض، ويريد رد مثلها، فهل له ذلك؟ الجواب: الديون تقضى بأمثالها] اهـ.
وفي "فتاوي قاضي خان": يلزمه المثل، وهكذا ذكر الإسبيجابي؛ قال: ولا ينظر إلى القيمة.
الرأي الثاني: يجب قيمة الفلوس في تاريخ التعاقد، وهذا هو رأي أبي يوسف؛ ففي "البزازية" معزوًّا إلى "المنتقى": غلت الفلوس أو رخصت فعند الإمام الأول (أبي حنيفة) والثاني (أبي يوسف) أوَّلًا: ليس عليه غيرها، وقال الثاني ثانيًا: عليه قيمتها من الدراهم يوم البيع والقبض وعليه الفتوى. وقوله: (يوم البيع) أي: في صورة البيع، وقوله: (يوم القبض) أي: في صورة القرض.
وجرى على هذا العلامة ابن عابدين وشيخه؛ حيث صرَّحا بأن الفتوى عليه في كثير من المعتبرات، فيجب أن يُعَوَّل عليه إفتاءً وقضاءً؛ لأن المفتي والقاضي واجبٌ عليهما الميل إلى الراجح من مذهب إمامِهما ومُقَلَّدِهما.
يقول العلامة الغَزِّي فيما نقله عنه ابن عابدين في رسالته (تنبيه الرقود على مسائل النقود) المطبوع ضمن مجموعة "رسائل ابن عابدين" (2/ 61، ط. درسعادت): [وقد تتبعتُ كثيرًا من المعتبرات من كتب مشايخنا المعتمدة فلم أر مَن جعل الفتوى على قول أبي حنيفة رضي الله عنه، بل قالوا: به كان يفتي القاضي الإمام، وأما قول أبي يوسف فقد جعلوا الفتوى عليه في كثير من المعتبرات، فليكن المعول عليه] اهـ. وفي رسالته هذه أيضًا يتكلم العلامة ابن عابدين عن المفتى به والمعوّل عليه فيقول: وعند الثاني -يعني الإمام أبا يوسف- قيمتها يوم القبض، وعند الثالث -يعني الإمام محمد بن الحسن- قيمتها في آخر يوم رواجها وعليه الفتوى.
وخلاصة هذا الرأي المعول عليه هو: وجوب قيمة الفلوس لا عددها، وهو رأي صاحبَي أبي حنيفة وبعض المالكية.
الرأي الثالث: للعلامة الرهوني من المالكية أنه تجب القيمة إذا كان التغير فاحشًا، ومعيار ذلك الزيادة على الثلث؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «والثلثُ كثيرٌ» رواه الشيخان.
الذي يترجح لنا التفصيل بين التعاملات من ناحية، وبين قدر الزيادة من ناحية أخرى: فإعمال رأي الجمهور بوجوب المثل وعدم الزيادة ينبغي المصيرُ إليه إن كانت الزيادة قليلة، ولم تكن ثَمّ مماطلةٌ من الذي عليه الحق: من مَدِين ومشترٍ ومستأجر وغيرهم، وكذلك إن كانت الزيادة كبيرة ولكن صاحب الحق كان كأنه ارتضى ذلك ضمنًا؛ بأن كان دَينُه طويل الأجل مثلًا، ويشمل ذلك الزوجة في مؤخر صداقها، حيث إنها ترتضي مبلغًا مهما كان قدره إلا أنه مِن المسلم به أن قيمته تنخفض انخفاضًا ملحوظًا عند زمن الاستحقاق، وهو موت أحد الزوجين أو الطلاق أيهما أقرب، فكأن الزوجة رَضِيَت بهذا الانخفاض عندما وافقت على جعل جزء من المهر مؤخرًا بأجل قد يكون هو الموت، وذلك يكون إعمالًا للأصل، وهو أن المسلمين عند شروطهم، وأن هذا يدخل في إطار رضا صاحب الحق، حيث إنه يَفتَرِض حدوثَ تغيُّرٍ طفيف في الأسعار مقبول عنده، أو تغير كبير واقع تحت رضاه واختياره؛ فيكون قد تصرف في حق نفسه، ولا ظلم إن تصرف الشخص في حق نفسه، إنما يكون الظلم عندما يتصرف في حق غيره بغير إذن ولا موجِب. وأما إن كان التغير كبيرًا، أو لم يكن كذلك ولكن وُجِدَت المماطلة ممن عليه الحق فإن العدل والإنصاف يدفعان إلى القول بالسداد بالقيمة على رأي أبي يوسف ومن وافقه من المالكية؛ وهنا يكون العدولُ عن الأصل سببُه عدمُ استبطانِ رضا صاحب الحق بالزيادة غير المعتادة الطارئة في حال كان التغير فوق المعتاد، ولا رضاه بمماطلة مَن عليه الحق في حال تسويفه به.
وفي هذا ما يكفي -في رأينا- في هذه العجالة، ومَن أراد المزيد فعليه الرجوع إلى قسم القضايا الصادر والمنشور عن دار الإفتاء المصرية لبسط المسألة والتعرض لأدلة كل فريق ووجه الدلالة والرد على المخالف والجمع بين الأقوال والترجيح بينها.
عليه وفي واقعة السؤال: فإن الأصل في وقت استحقاق مؤخر الصداق هو ما نُصَّ عليه في عقد النكاح؛ وهو: حلول أقرب الأجلين: الوفاة أو الطلاق، فإن أخَّر المطلِّق حقَّ مطلَّقته مماطلًا إيَّاها فلها أن تطالبه بتعويضها عن ضرر المماطلة والتأخير، وللقاضي أن يحكم لها بما يراه تعويضًا مناسبًا لحقِّها، وجبرًا للنقص الحاصل في القيمة مِن جرّاء المماطلة، وله حينئذ أن يحكم بالسداد بالقيمة وقت الأداء إن ثبت لديه تعمد المماطلة إضرارًا بها، هذا كله إذا لم يتصالحا على غير ذلك مما يرتضيانه بينهما، وذلك بشرط أن تثبت المماطلة قضاءً، والقاضي مخَوَّل في تقرير حصول المماطلة وفي تقدير الضرر الناجم عنها بما يثبت لديه من صحيح الأدلة التي يبني عليها قضاءه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سئل بخطابي المحافظة أنه قد توفيت امرأة في 24 يولية سنة 1925م، ومستحق لها نفقة زوجية عن شهور: مايو، يونية، يولية، وأغسطس سنة 1925م. نرجو من فضيلتكم التكرم بالإفادة عمن تصرف إليه النفقة سواء كان لورثائها أم للمخصوم منه النفقة؟
ما حكم إنفاق الأب على ولده المريض؟ حيث يوجد رجل موسر وعنده مال يزيد عن لوازمه، وله ولد فقير مريض عاجز عن الكسب. فهل نفقة الولد المذكور واجبة على والده أم لا؟ مع العلم أن الولد المذكور هو ذكرٌ وغير صغير.
ما حكم نفقة ثلاث بنات قاصرات عند وجود الجد لأب والأخ الشقيق؟ فرجل توفي عن أولاد أربعة: ثلاث إناث تحت سن العشرين، وابن عمره ثلاثون عاما.
ويطلب السائل بيان من تجب عليه نفقة البنات المذكورات من المذكورين بعد:
1- جدهم لأبيهم الذي جاوز سن الستين ويتقاضى معاشًا.
2- أخ سنه ثلاثون سنة ويعمل.
3- ثلاثة أعمام أشقاء لأبيهم ويعملون.
4- خالان شقيقان لأمهم ويعملان.
هل يصح العمل بهذه المقولة: "اللي يحتاجه البيت يحرم على الجامع"؟ فقد دار نقاش بين مجموعة من الأشخاص على إثر دعوة أحد الدعاة في القرية من إكثار الجميع من التبرعات والصدقات؛ لصرفها على توسيع المسجد وترميمه وعلى بعض أعمال النفع العام، وكذلك لمساعدة بعض المحتاجين من الفقراء والمساكين في ظل الظروف الراهنة، فذكر البعض أن ضعيف الحال يجب عليه عدم الإنفاق من ماله في تلك الأحوال وأَنَّ بيته وأهله أولى من ذلك، مسترشدًا بمقولة: "اللي يحتاجه البِيت يحرم على الجامع"، فما صحة ذلك؟
ما قولكم -دام فضلكم- في صدور حكم لي بالنفقة ضد أخي في سنة 1932م، وأذنت بالاستدانة، وقد استدنت المحكوم به من تاريخ الحكم لغاية الآن، فرفع أخي المذكور دعوى ضدي أمام محكمة السيدة الشرعية بشأن أمري بالكفِّ عن المطالبة بالمفروض، وقدم كشفًا رسميًّا يدل على أن بنتي تمتلك منزلًا، فقررت محكمة السيدة الشرعية رفض الدعوى؛ لأن المنزل مرهون، فاستأنف هذا القرار أمام محكمة مصر الاستئنافية، وبجلسة 26 مايو سنة 1937م قررت إلغاء قرار محكمة السيدة الشرعية، وأمرتني بالكفِّ عن المطالبة بالمفروض، وجاء في أسبابها أنه من الاطلاع على الكشف المقدم من أخي تكون نفقتي على بنتي لا على أخي، فأمرتني بالكفِّ عن المطالبة بالمفروض، ولم تسنده على تاريخ معين، ولي متجمد سابق أذنت فيه بالاستدانة واستدنته، فهل هذا الحكم يمس المتجمد لي السابق أم أستحقه؟
ما حكم إنفاق العمة الموسرة على ابن أخيها العاجز المحتاج؟ فقد أصبتُ في حادث فصرت عاجزًا عن الكسب مع فقري وحاجتي، وليس لي أقارب إلا عمي وعمتي، وعمي فقير لا يستطيع تحمل نفقتي وعمتي غنية موسرة. فهل يجب عليها نفقتي؟