ما حكم الجمع في البلاد التي تنعدم فيها العلامات؟ فقد جاء في خطاب الأمين العام للمجمع الفقهي الإسلامي، بشأن المقصود بجواز الجمع في البلدان الواقعة بين خطَّي عرض 48 و66 درجة شمالًا وجنوبًا، في القرار الثاني الخاص بمواقيت الصلاة في هذه البلدان:
أما البلدان الواقعة ما بين خطَّيْ عرض 48، 66 درجة شمالًا وجنوبًا -وهي التي ورد السؤال عنها- فإن المجلس يؤكد على ما أقره بشأنها، حيث جاء في قرار المجمع في دورته التاسعة ما نصه: "وأما البلاد الواقعة ما بين خطَّي عرض 48، 66 درجة شمالًا وجنوبًا، فيعين وقت صلاة العشاء والفجر بالقياس النسبي على نظيريهما في ليلِ أقربِ مكانٍ تتميز فيه علامات وقتَي العشاء والفجر، ويقترح مجلس المجمع خط عرض 45 درجة باعتباره أقربَ الأماكن التي تتيسر فيها العبادة أو التمييز، فإذا كان العشاء يبدأ مثلًا بعد ثلث الليل في خط عرض 45 درجة يبدأ كذلك بالنسبة إلى ليل خط عرض المكان المراد تعيين الوقت فيه، ومثل هذا يقال في الفجر".
وإيضاحًا لهذا القرار -لإزالة الإشكال الوارد في السؤال الموجه للمجمع- فإن مجلس المجمع يرى أن ما ذُكر في القرار السابق من العمل بالقياس النسبي في البلاد الواقعة ما بين خطَّي عرض 48، 66 درجة شمالًا وجنوبًا إنما هو في الحال التي تنعدم فيها العلامة الفلكية للوقت، أمَّا إذا كانت تظهر علامات أوقات الصلاة، لكن يتأخر غياب الشفق الذي يدخل به وقت صلاة العشاء كثيرًا، فيرى المجمع وجوب أداء صلاة العشاء في وقتها المحدد شرعًا، لكن من كان يشق عليه الانتظار وأداؤها في وقتها -كالطلاب والموظفين والعمال أيام أعمالهم- فله الجمع عملًا بالنصوص الواردة في رفع الحرج عن هذه الأمة، ومن ذلك ما جاء في "صحيح مسلم" وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ"، فَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: "أَرَادَ أَلَّا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ". على ألا يكون الجمع أصلًا لجميع الناس في تلك البلاد، طيلةَ هذه الفترة؛ لأن ذلك من شأنه تحويلُ رخصة الجمع إلى عزيمة، ويرى المجمع أنه يجوز الأخذ بالتقدير النسبي في هذه الحال من باب أولى.
وأما الضابط لهذه المشقة فمرده إلى العرف، وهو مما يختلف باختلاف الأشخاص والأماكن والأحوال". انتهى ما جاء في القرار.
والسؤال: هل يقتصر الجمع بين الصلاتين في هذا القرار على أفراد الناس ممن وجدت في حقهم المشقة؟ وهل يسري ذلك على المراكز والمساجد؟ أم أنها تقيم صلاة العشاء في وقتها ولو تأخر؛ كي لا يكون الجمع أصلًا؟
الأصل أداء الصلاة في وقتها؛ لقوله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]، فإذا شق ذلك على المكلف فقد رخَّصَتِ الشريعة له في الجمع؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما: "أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ جَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَبيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ"، فَقِيلَ لابن عباس رضي الله عنهما: مَا أَرَادَ إِلَى ذَلِكَ؟ قَالَ: "أَرَادَ أَنْ لَا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ" رواه الشيخان، واللفظ لمسلم.
وقد أخذ بظاهر هذا الحديث جماعةٌ من السلف، ولا حرج من الأخذ به عند حصول المشقة على المكلَّف؛ فيجوز له الجمعُ حينئذٍ بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء تقديمًا في وقت الظهر أو المغرب، أو تأخيرًا في وقت العصر أو العشاء، وذلك حسب ما يتناسب مع ظروف الناس وأعمالهم وطاقتهم واستطاعتهم، فرادى وجماعات.
والمشقة -التي هي مناط رخصة الجمع- شأنها شأن الشبهة التي تدرأ الحد؛ قد تكون خاصةً بصاحبها فتمنع حدَّه، وقد تكون شيئًا عامًّا ينال عمومَ الناس فيمنع الحاكمَ مِن إقامة الحد؛ كما حصل من عمر رضي الله عنه في عام الرمادة، وكذلك المشقة، قد تكون متعلقةً بصاحبها فتقتصر الرخصة عليه، وقد تكون مشقةً عامةً تعمُّ مكانًا أو زمانًا أو طائفةً، فتشمل الرخصةُ جميعَ مَن لحقَتْهم المشقةُ، فيجوز لهم حينئذٍ جمعُ الصلاتين فُرادَى في بيوتهم، كما يجوز لهم جمعُهما جماعةً في المساجد، وهو أفضل وأكثر ثوابًا؛ لعموم الأدلة الدالة على ثواب صلاة الجماعة وفضلها على صلاة الفرد، ولا يسوغ منعُهم من الصلاة جماعة في هذه الحالة؛ خوفًا من انقلاب الرخصةِ عزيمةً، وهذا كما أن صلاة الجماعة جمعًا وقصرًا مِن المسافرين الذين رُخِّصَ لهم في الجمع والقصر لا يحول رخصتهم إلى عزيمة، والدليل على ذلك أن الجمعَ الحاصل مِن النبي صلى الله عليه وآله وسلم الوارد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما كان صلاةَ جماعةٍ؛ كما صرح به أبو داود الطيالسيُّ في "مسنده" (4/ 342، ط. هجر) -ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (3/ 90، ط. دار الفكر)- عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أَنَّهُ صَلَّى مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ بِالْمَدِينَةِ الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا"، وقد تقرَّر في الأصول أن صورةَ النصِّ قطعيةُ الدخولِ في الحكم، ولا يخرج ذلك بالحكم عن أن يكون استثنائيًّا؛ فإن الاستثناء قد يعمُّ الجماعة من الناس إذا انطبق عليهم سببُه.
فإذا زالت المشقة على مستوى الأفراد أو الجماعات -كأن تتحول العلامات في بعض الفصول أو الشهور من الاختلال إلى الاعتدال- رجع الحال إلى الأصل؛ وهو وجوب أداء الصلاة في وقتها المحدَّد لها شرعًا؛ فإن الضرورة -أو الحاجة التي تُنَزَّلُ منزلتَها- تقدر بقدرها، ولا يُتَجاوَزُ بها محلُّها.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم عمل سجادة للصلاة تقوم بِعَدِّ ركعات الصلاة أثناء الصلاة؛ وذلك لكبار السن وغيرهم ممَّن يكثر سهوُه ونسيانُه؟
ما الحكمة من مشروعية سجود التلاوة؟ وما دليله؟ وما هيئته؟
ما حكم الشك في عدد ركعات الصلاة وسجود السهو لذلك؟ فأنا كنت أصلِّي فوقع عندي شكٌّ في عدد الركعات؛ فلا أدري أصليت أربعًا أم ثلاثًا؛ فما الحكم؟ وماذا أفعل؟
هل تجوز الصلاة بعد الوتر؟ وإن جاز، فهل يلزمني أن أشفع هذا الوتر بركعة وأوتر في آخر صلاتي؟ أو ماذا أفعل؟ علما بأني صليت الوتر بعد صلاة العشاء في أول الليل، ثم استيقظت من ليلتي، وأردت أن أصلي شيئًا من قيام الليل.
ما الذي يجب على ما فاته أداء الصلاة مدة طويلة من الزمن؟
هناك حديث لابن عمر رضي الله عنهما بمقتضاه يعتبر المرء مسافرًا إذا كان يبعد عن المنزل مسافة ميل، وأنا قد قرأت في أكثر من فتوى لكم أنه يجوز للمرء عند اختلاف الرأي أن يقلد من أجاز، فهل يجوز لي أن آخذ به في خصوص أقل مسافة للسفر وأقصر وأجمع الصلاة إذا كان محل عملي يبعد عن البيت بحوالي 15 كم؟