ما الحكم لو نسي الإمام التكبيرات المتتالية بعد تكبيرة الإحرام في الركعة الأولى وتكبيرة الانتقال للركعة الثانية في صلاة العيد؛ سواء كلها أو بعضها في ركعةٍ واحدةٍ أو في الركعتين؟
إذا نسي الإمام التكبيرات في صلاة العيدين كلها أو بعضها في ركعة واحدة أو في الركعتين وبدأ في القراءة؛ فإنَّه إنْ تذكر حال القراءة رجع إلى التكبير وأعاد القراءة وسجد للسهو، فإن لم يتذكر حتى ركع فإنَّه يُتم الصلاة ولا يرجع إلى التكبير، ولا يأتي بتكبيرات الأولى في الثانية، ويسجد للسهو، والصلاة صحيحة.
المحتويات
صلاة العيدين من السنن المؤكدة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ما ذهب إليه جمهور الفقهاء من الحنفية في قول، والمالكية، والشافعية، والإمام أحمد في رواية.
قال السرخسي الحنفي في "المبسوط" (2/ 37، ط. دار الكتب العلمية): [واشتبه المذهب في صلاة العيد أنها واجبةٌ أم سنةٌ، فالمذكور في "الجامع الصغير": إنها سنةٌ؛ لأنه قال في العيدين: يجتمعان في يومٍ واحدٍ فالأُولَى منهما سنةٌ، وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى: أنَّه تجب صلاة العيد على مَنْ تجب عليه صلاة الجمعة] اهـ.
وقال الإمام القرافي المالكي في "الذخيرة" (2/ 417، ط. دار الغرب الإسلامي): [(والعيد مأخوذ من العود لتكرره في كل سنةٍ، وهو عندنا سنةٌ مؤكدةٌ] اهـ.
وقال الإمام ابن حجر الهيتمي الشافعي في "تحفة المحتاج" (3/ 39، ط. دار إحياء التراث العربي): [باب صلاة العيدين وما يتعلق بها) من العود.. (هي سنةٌ) مؤكدةٌ] اهـ.
وقال الإمام الزركشي الحنبلي في "شرح مختصر الخرقي" (2/ 213، ط. دار العبيكان): [واختلف عن أحمد في حكمها، فعنه: أنها فرضُ عينٍ، (وعنه) سنة، (وعنه) وهي المذهب: فرض كفاية] اهـ.
وصلاة العيد ركعتان يُسَنُّ فيهما أن يُكبِّر المُصَلِّي قبل القراءة في الركعة الأولى سبع تكبيرات بعد تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمس تكبيرات غير تكبيرة القيام على ما ذهب إليه الشافعية، وهو المروي عن أكثر الصحابة والتابعين -وهو ما عليه عمل الناس اليوم غالبًا-؛ فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهما: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ كَبَّرَ فِي عِيدٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً: سَبْعًا فِي الْأُولَى، وَخَمْسًا فِي الْآخِرَةِ، وَلَمْ يُصَلِّ قَبْلَهَا، وَلَا بَعْدَهَا» رواه أحمد في "مسنده" وابن ماجه في "سننه".
قال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (5/ 19، ط. دار الفكر): [مذهبنا: أن في الأولى سبعًا وفى الثانية خمسًا، وحكاه الخطابي في "معالم السنن" عن أكثر العلماء، وحكاه صاحب "الحاوي" عن أكثر الصحابة والتابعين، وحكاه عن ابن عمر وابن عباس وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري ويحيى الأنصاري والزهري ومالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق، وحكاه المحاملي عن أبي بكر الصديق وعمر وعلي وزيد بن ثابت وعائشة رضي الله عنهم، وحكاه العبدري أيضا عن الليث وأبي يوسف وداود] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة في "المغني" (2/ 282، ط. مكتبة القاهرة): [(ويُكَبِّر في الأولى سبع تكبيرات، منها تكبيرة الافتتاح) قال أبو عبد الله: يُكَبِّر في الأولى سبعًا مع تكبيرة الإحرام، ولا يعتد بتكبيرة الركوع؛ لأن بينهما قراءة، ويُكَبِّر في الركعة الثانية خمس تكبيرات، ولا يُعتد بتكبيرة النهوض، ثم يقرأ في الثانية، ثم يُكَبِّر ويركع.
وروي ذلك عن فقهاء المدينة السبعة، وعمر بن عبد العزيز، والزهري، ومالك، والمزني، وروي عن أبي هريرة، وأبي سعيد الخدري، وابن عباس، وابن عمر، ويحيى الأنصاري، قالوا: يُكَبِّر في الأولى سبعًا وفي الثانية خمسًا. وبه قال الأوزاعي، والشافعي، وإسحاق] اهـ.
إذا نسي الإمام هذه التكبيرات أو بعضها فقد اختلف الفقهاء؛ فذهب الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنَّ التكبيرات الزوائد في صلاة العيدين سنة لا تبطل الصلاة بتركها، وقرر المالكية تبعًا لذلك أنَّه إذا نسي الإمام التكبيرات كلها أو بعضها في ركعة وبدأ في القراءة ثم تذكر رجع للتكبير ثم أعاد القراءة مرةً أخرى وسجد للسهو بعد السلام؛ لإعادة القراءة، فإن لم يتذكر التكبير حتى ركع فإنه يكمل صلاته ولا يرجع إلى التكبير ويسجد للسهو سجدتين قبل السلام.
جاء في "المدونة" (1/ 247، ط. دار الكتب العلمية): [وقال مالك في الإمام إذا نسي التكبير في أول ركعة من صلاة العيدين حتى قرأ، قال: إن ذكر قبل أن يركع عاد فكبر وقرأ وسجد سجدتي السهو بعد السلام، قال: وهو قول مالك، قال: وإن لم يذكر حتى ركع مضى ولم يُكَبِّر ما فاته من الركعة الأولى في الركعة الثانية وسجد سجدتي السهو قبل السلام، قال: وهذا قول مالك] اهـ.
وقال الإمام الخرشي المالكي في "شرح مختصر خليل" (2/ 100-101، ط. دار الفكر): [(ص) وكبر ناسيه إن لم يركع وسجد بعده وإلا تمادى وسجد غير المؤتم قبله (ش) يعني أن من نسي تكبير العيد كلًّا، أو بعضًا حتى قرأ فإن لم يركع بالانحناء فإنه يرجع إلى التكبير لأن محله القيام ولم يفت، فإذا رجع فكبر أعاد القراءة وسجد بعد السلام لزيادة القراءة؛ لأنها إنما شرعت بعد التكبير، واستغنى عن ذكر إعادة القراءة بذكر السجود؛ لأنه لا سبب له غير إعادة القراءة، وعن تقييد الساجد بغير المؤتم لوضوح أنه لا قراءة عليه، فإن انحنى تمادى إمامًا كان أو غيره وأحرى لو رفع من الركوع ويسجد الإمام والفذ لترك التكبير كلًّا أو بعضًا قبل السلام، ولا سجود على المأموم؛ لأن إمامه يحمله عنه وكان يمكنه الاستغناء عن قوله: "غير المؤتم" بقوله: "فيما سبق ولا سهو على مؤتم حالة القدوة"] اهـ.
بينما ذهب الشافعية إلى أنَّه إذا نسي الإمام التكبيرات في صلاة العيدين حتى بدأ القراءة وتذكر: عاد إلى التكبير، ولا شيء عليه، فإن لم يَعد إلى التكبير: فلا شيء عليه، ولا يسجد للسهو سواءً أكان الترك سهوًا أم عمدًا.
قال الإمام الشافعي في "الأم" (1/ 270-271، ط. دار المعرفة): [فإن نسي التكبير أو بعضه حتى يفتتح القراءة فقطع القراءة وكبر ثم عاد إلى القراءة: لم تفسد صلاته، ولا آمره إذا افتتح القراءة أن يقطعها ولا إذا فرغ منها أن يُكَبِّر، وآمره أن يُكَبِّر في الثانية تكبيرها، ولا يزيد عليه لأنه ذكر في موضع إذا مضى الموضع لم يكن على تاركه قضاؤه في غيره كما لا آمره أن يسبح قائًما إذا ترك التسبيح راكعًا أو ساجدًا.. ولو ترك التكبيرات السبع والخمس عامدًا أو ناسيًا لم يكن عليه إعادة، ولا سجود سهو عليه لأنه ذكر لا يفسد تركه الصلاة، وأنه ليس عملًا يوجب سجود السهو.. وإن ترك التكبير ثم ذكره فكبر أحببت أن يعود لقراءة ثانية، وإن لم يفعل لم يجب عليه أن يعود، ولم تفسد صلاته] اهـ.
وذهب الحنابلة إلى أن من ترك التكبيرات الزوائد في صلاة العيدين عامدًا يأثم بذلك ولا تبطل صلاته، ومن تركها سهوًا فقيل: يسجد للسهو، وقيل: لا شيء عليه.
قال الإمام المرداوي الحنبلي في "الإنصاف" (2/ 431، ط. دار إحياء التراث العربي): [قوله (والتكبيرات الزوائد، والذكر بينهما سنة) يعني: تكبيرات الصلاة، وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب، وعنه: هما شرط؛ اختاره الشيخ أبو الفرج الشيرازي، قال في "الرعاية": وهو بعيد، وقال في "الروضة": إن ترك التكبيرات الزوائد عامدًا أثم، ولم تبطل، وساهيًا لا يلزمه سجود؛ لأنه هيئة قال في "الفروع": كذا قال، وقال ابن تميم وغيره: وعلى الأولى إن تركه سهوًا، فهل يشرع له السجود؟ على روايتين] اهـ.
وذهب الحنفية إلى وجوب التكبيرات الزوائد في صلاة العيدين، وأنَّه على من تركها أو بعضها أن يسجد للسهو وجوبًا.
قال الإمام بدر الدين العيني الحنفي في "البناية" (3/ 117، ط. دار الكتب العلمية): [وتكبيرات العيد واجبةٌ حتى يجب السهو بتركها] اهـ.
وقال الإمام الزيلعي في "تبيين الحقائق" (1/ 194، ط. الأميرية): [تكبيرات العيدين فإذا تركها أو ترك تكبيرة واحدة منها وجب عليه سجود السهو، ولو ترك تكبيرة الركوع الثاني من صلاة العيد وجب عليه سجود السهو؛ لأنها واجبة تبعًا لتكبيرات العيد] اهـ.
وقال العلامة الشرنبلالي في "مراقي الفلاح شرح نور الإيضاح" (ص: 95، ط. دار الكتب العلمية): ["و" يجب "تكبيرات العيدين" وكلُّ تكبيرة منها واجبة يجب بتركها سجود السهو] اهـ.
بناءً على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإنَّه إذا نسي الإمام التكبيرات في صلاة العيدين كلها أو بعضها في ركعة واحدة أو في الركعتين وبدأ في القراءة؛ فإنَّه إنْ تذكر حال القراءة رجع إلى التكبير وأعاد القراءة وسجد للسهو، فإن لم يتذكر حتى ركع فإنَّه يُتم الصلاة ولا يرجع إلى التكبير، ولا يأتي بتكبيرات الأولى في الثانية، ويسجد للسهو، والصلاة صحيحة؛ كما سبق بيانه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم إمامة الصبي المُمَيِّز لأمه أو أفراد أسرته في صلاة الفريضة بهدف تحصيل ثواب الجماعة؟
ما الفضل الوارد في الشرع بخصوص الصلاة على الجنازة واتباعها؟ وما ثواب ذلك؟
قال أحد الشيوخ داخل بيت الله الحرام: إنه أثناء الصلاة يجب النظر إلى الكعبة المشرفة، في حين أنني أعرف أن النظر أثناء الصلاة يكون إلى موضع السجود. ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في ذلك.
ما حكم الجمع في البلاد التي تنعدم فيها العلامات؟ فقد جاء في خطاب الأمين العام للمجمع الفقهي الإسلامي، بشأن المقصود بجواز الجمع في البلدان الواقعة بين خطَّي عرض 48 و66 درجة شمالًا وجنوبًا، في القرار الثاني الخاص بمواقيت الصلاة في هذه البلدان:
أما البلدان الواقعة ما بين خطَّيْ عرض 48، 66 درجة شمالًا وجنوبًا -وهي التي ورد السؤال عنها- فإن المجلس يؤكد على ما أقره بشأنها، حيث جاء في قرار المجمع في دورته التاسعة ما نصه: "وأما البلاد الواقعة ما بين خطَّي عرض 48، 66 درجة شمالًا وجنوبًا، فيعين وقت صلاة العشاء والفجر بالقياس النسبي على نظيريهما في ليلِ أقربِ مكانٍ تتميز فيه علامات وقتَي العشاء والفجر، ويقترح مجلس المجمع خط عرض 45 درجة باعتباره أقربَ الأماكن التي تتيسر فيها العبادة أو التمييز، فإذا كان العشاء يبدأ مثلًا بعد ثلث الليل في خط عرض 45 درجة يبدأ كذلك بالنسبة إلى ليل خط عرض المكان المراد تعيين الوقت فيه، ومثل هذا يقال في الفجر".
وإيضاحًا لهذا القرار -لإزالة الإشكال الوارد في السؤال الموجه للمجمع- فإن مجلس المجمع يرى أن ما ذُكر في القرار السابق من العمل بالقياس النسبي في البلاد الواقعة ما بين خطَّي عرض 48، 66 درجة شمالًا وجنوبًا إنما هو في الحال التي تنعدم فيها العلامة الفلكية للوقت، أمَّا إذا كانت تظهر علامات أوقات الصلاة، لكن يتأخر غياب الشفق الذي يدخل به وقت صلاة العشاء كثيرًا، فيرى المجمع وجوب أداء صلاة العشاء في وقتها المحدد شرعًا، لكن من كان يشق عليه الانتظار وأداؤها في وقتها -كالطلاب والموظفين والعمال أيام أعمالهم- فله الجمع عملًا بالنصوص الواردة في رفع الحرج عن هذه الأمة، ومن ذلك ما جاء في "صحيح مسلم" وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ مِنْ غَيْرِ خَوْفٍ وَلَا مَطَرٍ"، فَسُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: "أَرَادَ أَلَّا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ". على ألا يكون الجمع أصلًا لجميع الناس في تلك البلاد، طيلةَ هذه الفترة؛ لأن ذلك من شأنه تحويلُ رخصة الجمع إلى عزيمة، ويرى المجمع أنه يجوز الأخذ بالتقدير النسبي في هذه الحال من باب أولى.
وأما الضابط لهذه المشقة فمرده إلى العرف، وهو مما يختلف باختلاف الأشخاص والأماكن والأحوال". انتهى ما جاء في القرار.
والسؤال: هل يقتصر الجمع بين الصلاتين في هذا القرار على أفراد الناس ممن وجدت في حقهم المشقة؟ وهل يسري ذلك على المراكز والمساجد؟ أم أنها تقيم صلاة العشاء في وقتها ولو تأخر؛ كي لا يكون الجمع أصلًا؟
ما حكم المسح على الجورب الأعلى بعد المسح على الجورب الأسفل؟ فأنا توضأتُ ولبستُ جَوْرَبَيْن، ثم انتقض وضوئي، فتوضأتُ ومسحتُ عليهما، ثم لبست جَوْرَبَيْن آخَرَين فوقهما قبل أن ينتقض وضوئي مرة أخرى، فهل يجوز المسح عليهما، أو عليَّ نزعُهما والمسحُ على الجَوْرَبَيْن الأَوَّلَيْن؟
ما حكم بيع السجاد المكتوب عليه لفظ الجلالة؟ فهناك رجلٌ يتاجر في السَّجَّادِ، ومنه سَجَّاد الصلاة المكتوب عليه كلمات للإهداء أو بعض الأسماء، مما يشتمل أحيانًا على لفظ الجَلَالَة -كما في بعض الأسماء المركبة مِن نحو عبد الله وغيرها- أو بعض الكلمات القرآنية، ويَبسُطُه المشتري على الأرض للصَّلاةِ عليه، فهل يحرُم عليه شرعًا بيع السَّجَّاد المشتمل على تلك الكلمات؟