حكم استبدال العين الموقوفة

تاريخ الفتوى: 07 يونيو 2012 م
رقم الفتوى: 3412
من فتاوى: أمانة الفتوى
التصنيف: الوقف
حكم استبدال العين الموقوفة

ما حكم استبدال العين الموقوفة؟ فمثلًا المبنى الموقوف الصالح للسكن لا يسع لكثيرٍ من الناس، كما أنه لو بنى متولي الوقف غرفًا جديدة في مكان واسع أمام هذا المبنى القديم فسيبدو مظهر المبنى القديم غير جيد أمام هذه الغرف الجديدة، فبناءً على ذلك، هل يجوز أن نهدم المبنى القديم ونبني عليه الجديد على نفس الصورة والشكل الذي بناه المتولي؟ وإن كان ذلك جائزًا فإلى أي حدٍّ؟ وأيضًا بأي أوصافٍ يجوز أن يتصف الرجل الذي يتولى أمور المسجد؟ نريد تفصيلًا في هذه المسألة؟

خلاصة القول في هذه المسألة أنه يجوز استبدال العين الموقوفة بغيرها مما يكون أكثر نفعًا عند انعدام الانتفاع بالوقف أو قلته، فإذا رأى ناظر الوقف أن هذا الاستبدال أكثر تحقيقًا للمصلحة بكل وجوهها فله حينئذٍ أن يستبدل المبنى الجديدَ بالقديم بالشكل الذي يحقق الغرض المرجوَّ من الوقف. ويشترط في الناظر الذي يراد تعيينه لولاية الوقف أن يكون متصفًا بالأمانة، قادرًا على القيام بالوقف.

المحتويات

  • استبدال الوقف للمصلحة 
  • اشتراط الأمانة في ناظر الوقف
  • الخلاصة

استبدال الوقف للمصلحة

الوقف حبسٌ للموقوف على الموقوف عليه، إلا أن العين الموقوفة قد يرد عليها ما يمنع الانتفاع بها أو يقلله، وهي الحالة التي اختلف الفقهاء بصددها؛ فبعضهم وقف على حكم الأصل لم يتعده، والبعض نظر إلى مصلحة الوقف الذي خرب أو قلَّت منفعته فرأى أنه يجوز استبداله بغيره مما يكون أكثر نفعًا للوقف.
فأباح السادة الحنفية استبدال الوقف لمجرد مصلحة راجحة، ولم يقصروا جواز استبداله على خرابه، وذلك كاستبداله بآخر أكثر ريعًا منه؛ وهذا مبنيٌّ منهم على أهمية اعتبار المصلحة في الوقف، والتي لم تقتصر على الاستبدال في حالة خراب الوقف، بل تجاوزت ذلك إلى الاستبدال القائم على المصلحة الراجحة والجدوى، ثم وصلت إلى الاستبدال بالدراهم الذي هو بيعٌ يُحوِّل الموقوف إلى أموال سائلة تُصرف في مصالح الوقف؛ وتفصيل ذلك: نقل العلامة ابن عابدين في "العقود الدرية في تنقيح الفتاوى الحامدية" (1/ 115، ط. دار المعرفة): [في "فتاوى قاري الهداية" سئل عن استبدال الوقف ما صورته: هل هو على قول أبي حنيفة وأصحابه؟ أجاب: الاستبدال إذا تعين بأن كان الموقوف عليه لا ينتفع فيه وثمة من يرغب فيه ويعطي بدله أرضًا أو دارًا لها ريع يعود نفعه على جهة الوقف فالاستبدال في هذه الصورة قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى وإن كان للوقف ريع ولكن يرغب شخص في استبداله إن أعطي بَدَلَهُ أَكْثَرَ رِيعًا مِنْهُ فِي صُقْعٍ أَحْسَنَ مِنْ صُقْعِ الوقف جاز عند القاضي أبي يوسف والعمل عليه وإلا فلا يجوز. اهـ. قال العلامة صاحب "النهر" في ذيل الفتوى المذكورة ما نصه: ورأيت بعض الموالي يميل إلى هذا ويعتمده، وأنت خبير بأن المستبدل إذا كان قاضي الجهة فالنفس به مطمئنة فلا يخشى الضياع معه ولو بالدراهم والدنانير. والله الموفق. اهـ. وقد أفتى بجواز الاستبدال بالنقود إذا كان فيه مصلحة للوقف جماعة من العلماء الأعلام منهم العلامة الخير الرملي وتلميذه الفهامة السيد عبد الرحيم اللطفي والمحقق الشيخ إسماعيل الحائك وغيرهم من العلماء روَّح الله تعالى روحهم بدار السلام. والله سبحانه وتعالى أعلم] اهـ.
كما نَقَلَ عن "فتاوى اللطفي" في جوابٍ آخر عن الدراهم البدل عن الوقف: [الجواب: تلك الدراهم بدل الموقوف المستبدل يُشتَرى بها ما يكون وقفًا مكانه وقد تُصرف في عمارة الوقف الضرورية بإذن قاضٍ يملك ذلك ويُستوفى من غلة الوقف بعد العمارة ليُشترى بها ما يكون وقفًا كالأول لا تكون ملكًا للموقوف عليهم ولا إرثًا، ومسألة الاستبدال بالدراهم معلومة وتحتاج إلى ديانة] اهـ. وعلق عليه العلامة ابن عابدين بقوله: [فمقتضاه جواز صرف البدل في عمارة الوقف فتأمل. والاستبدال والبيع واحد من حيث المآل، والله أعلم] اهـ.
وأباح بعض علماء المالكية في قولٍ لهم استبدال الوقف للمصلحة الراجحة في العقار، فقد أشار إلى ذلك العلامة السجلماسي في "شرح العمل المطلق" بقوله: [(إن العقار إذا خرب وصار لا ينتفع به الانتفاع التام أنه يباع)، كما ذكروا جواز بيعه لصالح المحبس عليه إذا خيف عليه الهلاك بالجوع أفتى به القاضي أبو الحسن علي بن محسود ونقله ابن رحال عن اللخمي وعبد الحميد] اهـ.
وقال بالاستبدال والمناقلة في الوقف للمصلحة أيضًا بعض علماء الحنابلة ومتأخريهم: فقد نقل عن صالح جواز نقل المسجد لمصلحة الناس وصنف صاحب الفائق مصنفًا في جواز المناقلة سماه "المناقلة في الأوقاف وما في ذلك من النزاع والخلاف".
ووافقه على جوازها الشيخ برهان الدين بن القيم والشيخ عز الدين حمزة وصنف فيه مصنفًا سماه "رفع المثاقلة في منع المناقلة".
ووافقه أيضا جماعةٌ في عصره، وقد نبَّه العلامة المرداوي الحنبلي على أنهم تبعٌ للعلامة تقي الدين بن تيمية في ذلك "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف" (7/ 101، ط. دار إحياء التراث العربي).
ونصُّ الشيخِ ابنِ تيمية في "فتاواه" (4/ 360، ط. دار الكتب العلمية) عن الإبدال للمصلحة الراجحة هو: [وأما ما وقف للغلة إذا أبدل بخير منه مثل أن يقف دارًا أو حانوتًا أو بستانًا أو قرية يكون مَغَلُّها قليلًا فيبدلها بما هو أنفع للوقف؛ فقد أجاز ذلك أبو ثور وغيره من العلماء مثل أبي عبيد بن حربويه قاضي مصر وحكم بذلك، وهو قياس قول أحمد في تبديل المسجد من عرصة إلى عرصة للمصلحة] اهـ.
وبعد أن ذكر منع الإبدال عن الشافعي وغيره قال: [لكن النصوص، والآثار والقياس تقتضي جواز الإبدال للمصلحة. والله سبحانه وتعالى أعلم] اهـ.

اشتراط الأمانة في ناظر الوقف

يشترط في ناظر الوقف الأمانة والقدرة على القيام به؛ قال العلامة ابن عابدين في "رد المحتار على الدر المختار" (4/ 380): [قال في "الإسعاف": ولا يولى إلا أمين قادر بنفسه أو بنائبه؛ لأن الولاية مقيدة بشرط النظر، وليس من النظر تولية الخائن؛ لأنه يخل بالمقصود، وكذا تولية العاجز؛ لأن المقصود لا يحصل به، ويستوي فيه الذكر والأنثى وكذا الأعمى والبصير وكذا المحدود في قذفٍ إذا تاب؛ لأنه أمين] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع شرح المهذب" (15/ 363، ط. دار الفكر): [شرط الناظر العدالة الباطنة مطلقًا كما رجحه الأذرعي، خلافًا لاكتفاء السبكي بالعدالة الظاهرة ... كما تشترط الكفاية لما تولاه من نظرٍ عامٍّ أو خاصٍّ؛ وهي الاهتداء إلى التصرف الذي فُوِّض له؛ قياسًا على الوصيِّ والقيم؛ لأنها ولايةٌ على غيره، ولو كان له النظر على مواضع فأثبت أهليته في مكان ثبتت في بقية الأماكن من حيث الأمانة لا من حيث الكفاية، إلا أن يُثبِت أهليته في سائر الأوقاف كما قرره ابن الصلاح] اهـ.
والعدالة عند الشافعية تقتضي الأمانة المشروطة عند الحنفية، كما أن ما عبَّروا عنه بالكفاية لما تولاه من نظرٍ عامٍّ أو خاصٍّ بمعنى الاهتداء إلى التصرف الذي فُوِّض له يساوي القدرةَ عند الحنفية.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنه إذا رأى ناظر الوقف أن المبنى الجديد الذي سيتم استبدال الوقف به سوف تتحقق فيه شروط الاستبدال؛ بأن يكون أكثر تحقيقًا للمصلحة بكل وجوهها من المبنى القديم هيئةً ومساحةً، فله حينئذٍ أن يستبدل الجديدَ بالقديم؛ عملًا بما هو الأصلح للوقف، وشروط الناظر الذي يراد تعيينه لولاية الوقف هي أن يكون متصفًا بالأمانة والقدرة على القيام به.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم استغلال مقبرة موقوفة في القدس الشريف؟ فقد سأل أحد الشيوخ من أشراف القدس الشريف: في مقبرة قديمة تسمى "مأمن الله"، وتربة ثانية تسمى "الساهرة"، في أرض القدس الشريف، وعليهما سور من بناءً، موقوفتان من قديم الزمان على دفن أموات المسلمين في القدس الشريف، ومذكورتان ببعض الكتب؛ ككتاب "الأنس الجليل"، و"المراوي"، ودفن فيهما الكثير من علماء الإسلام والأئمة المقتدى بهم من جهابذة حفاظ الحديث والفقهاء والمحدثين، وفيهما الشهداء المجاهدون والمرابطون، وقد دفن فيهما من عهد قريب مدة الحرب العامة ما ينوف عن ألف نفس مؤمنة، ولا تزالان تدفن فيهما موتى المسلمين لغاية الآن. فهل يجوز شرعًا أن يؤخذ منهما جزء يبنى فيه حوانيت ومخازن للاستغلال؟ مع العلم بأنه لا يزال فيهما الموتى باقية ولم تصر ترابًا ولم تندثر.
أفيدونا بالجواب ولكم الثواب.


ما حكم بناء شقة لإمام المسجد مكان دورة المياه؛ فقد تبرعت شركة من شركات القطن لمجلس المدينة بأرض كبيرة، فقام بتقسيمها إلى عمارات سكنية ومحلات، وخصص مساحة لتكون مسجدًا، وهذا المسجد قائم بالفعل وتمارس فيه الشعائر، وهناك مساحة من الدور الأرضي بها دورات مياه ومصلى للنساء، وقد تم بناء طوابق متكررة جُعِل منها طابق للنساء، والمسجد في حاجة إلى أن يُوَفِّر سكنًا دائمًا لإمامه الراتب؛ نظرًا لكونه من غير أهل البلد، ويصعب استئجار سكن له قريب من المسجد؛ لارتفاع الأسعار بالمنطقة. فهل يمكن بناء شقة له مكان دورات المياه الحالية بحيث تنقل دورات المياه للمكان القديم المخصص للنساء؛ نظرًا للاستغناء عنه بالطابق الذي تم تخصيصه للنساء بالكامل؟


تنازع بعض مستحقِّي وقف على النظر عليه، ووكَّل كل منهم محاميًا يُدلي بحجته ويبيِّن من هو أحق بالنظر، ثم تعيَّن شخص من بينهم ناظرًا، فهل له احتساب قيمة أتعاب المحامي الذي وكَّله عنه في ذلك من ضمن مصروفات الوقف؟ وهل إذا أدمج ذلك في حساب الوقف كان عليه عُقوبة من قبل المحكمة؟


ما حكم الوقف مع اشتراط الانتفاع به حال الحياة؟ حيث تقدم إلينا فاعل خير بطلب موافقة الجمعية على قيامه بالتعاقد رسميًّا لصالح الجمعية بموجب عقود هبةٍ بدون عِوض لممتلكاته جميعها المتمثلة في شقة سكنيةٍ وسيارةٍ ومبلغ مودع لدى البنك كوديعة، على أن يتضمن عقد الهبة الرسمية لتلك الممتلكات شرط احتفاظه بحق الانتفاع بالشقة مدى حياته وحق استعمال السيارة مدى حياته وحق صرف ريع الوديعة مدى حياته، وأن يكون إجمالي قيمة تلك الأملاك يخصص للإنفاق من أعيانها أو ماليتها على كافة أوجه الخير التي تقوم بها الجمعية بعد وفاته مباشرة، مع الأخذ في الاعتبار أن لهذا الأخ الكريم فاعل الخير شقيقتين فقط على قيد الحياة. لذلك نرفع هذه المسألة لمعالي سيادتكم لكي تفتونا من الناحية الشرعية هل نقبل تلك الهبة الرسمية التي هي بدون مقابل، أم هناك تحفظات شرعية لصحة تلك الهبة الرسمية التي بدون عوض؟ وما هي إن وجدت؟


ما هو حق الورثة في أرض تبرعت بها المتوفاة حال حياتها؛ حيث تبرعت امرأة حال حياتها وهي بكامل صحتها بقطعة أرض -قدرها قيراط وقصبتان- من ميراثها لوالدها مُبَيَّنة المعالم والحدود بعقدِ تبرُّع مُحَرَّرٍ وَقَّع عليه الشهود؛ لبناء مسجد لله تعالى، ولم يتم بناء المسجد حتى وفاتها، فهل لأحد من الورثة حقّ في قطعة الأرض المذكورة؟


ما حكم استبدال عقار موقوف بغيره؟ حيث يقول السائل: أنه تبرع بجزء من الدور الأرضي الذي يملكه، وحوَّله إلى مسجد لإقامة شعائر الصلاة، ثم بعد ذلك قام بشراء قطعة أرض بجوار العمارة التي فيها المسجد، وأُوقِفَتْ هذه الأرض وما عليها من مبانٍ للإنفاق من ريعها على المسجد، ثم بعد مدة من الزمن تغيرت الحالة المادية، ثم قام بالاتفاق مع خمسة أشخاص يريدون السكن في الشقق للإنفاق على المسجد بعائد خمسين جنيهًا شهريًّا، والبدروم والدور الأرضي بمائة وخمسين جنيهًا شهريًّا، ثم اشترى خمسةٌ آخرون خمس شقق من هذه العمارة الموقوفة لصالح المسجد، وقاموا بإنشاء المباني بأكملها، ويريدون التسجيل، ويريد أن يستبدل خمسة طوابق في العمارة الموقوفة لصالح المسجد بخمسة طوابق أخرى بجوار المسجد والمساوية لها مساحة ومباني. ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي في: هل يجوز استبدال الوقف، أم لا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 17 يوليو 2025 م
الفجر
4 :22
الشروق
6 :5
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 57
العشاء
9 :27