حكم الاستيلاء على أموال الدولة بغير حق والتهرب من دفع قيمة الفواتير

تاريخ الفتوى: 13 يونيو 2012 م
رقم الفتوى: 3207
من فتاوى: فضيلة الأستاذ الدكتور علي جمعة محمد
التصنيف: الديون
حكم الاستيلاء على أموال الدولة بغير حق والتهرب من دفع قيمة الفواتير

ما حكم الاستيلاء على أموال الدولة بغير حق والتهرب من دفع قيمة الفواتير؟ حيث تسأل جامعة الإمام أبي الحسن الأشعري بداغستان -بعد شرح موجز لأحوال المسلمين هناك-:
- ما حكم الأموال التي هي للحكومة -الغير مسلمة-؛ هل يجوز لمسلمٍ أن يستولي على هذا المال خِلْسةً أو سَرِقة وبحيث لا يتضرر أحد، أو يتحايَلَ بالاتفاق مع بعض موظفي الدولة على مقابلٍ. مثلا: يلفِّق الواحد منا أوراقًا تثبت أنه معاقٌ أو مريض وبالتالي تخصص الحكومة له راتبًا شهريًّا ولا يترتب على ذلك ضررٌ بأحد، هل يحل له هذا الراتب؟ أو بأن يلفِّق أوراقًا تثبت أن بيته قد احترق، أو انهدم بسبب العاصفة أو السيل، فتخصص له الحكومة مبلغًا من المال يحصل عليه من غير أن يتضرر أحدٌ من جرَّاء ذلك، إلا أنه أثناء تلفيق الأوراق يتم الاتفاق مع بعض الموظفين بترك قسطٍ متفقٍ عليه من هذا المال لهم.
- أرض بلدنا غنية بثروات طبيعية، كالغاز والبترول، وفي بلدنا عددٌ من مولِّدات الطاقة الكهربائية المائية، وهناك من يلعب بهذه الثروات؛ حيث إن المولدات تبنيها الحكومة الروسية على حسابها، يعني وزارة الطاقة الكهربائية، وتسلمها إلى وزارة الطاقة الداغستانية بسعرٍ معين، وتبيعها لمسئولي الطاقة القوقازية بسعرٍ آخر، وهم بدورهم يقومون ببيعها للجمهوريات القوقازية عامةً بسعر آخر، ثم في كل جمهوريةٍ أيضًا يقوم مسئولوها وبائعوها ببيعها لنا كمستهلكين بثمنٍ غالٍ جدًّا؛ بما تُقدَّر قيمته حاليًا لكل كيلوات بـ 2.5 روبل تقريبًا، ونحن يصعب علينا تسديد فواتير الغاز والكهرباء، فهل تجدون لنا رخصة نأخذ بها في أن نحتال لئلَّا ندفع قيمة هذه الفواتير الظالمة كاملةً أو لندفع جزءًا من قيمتها؟ أليس لنا حقٌّ في هذه الثروات الطبيعية التي أودعها الله سبحانه وتعالى في أرضنا، وهم يتكسبون من ورائنا وعلى حساب صحتنا؛ لأن لهذه المحطات أضرارًا صحية بالإنسان والحيوان؟ وحتى المساجد بيوت الله في الأرض لا يستثنونها من دفع قيمة هذه الفواتير.

لا يجوز شرعًا للمسلم أن يتعدى على أموال الدولة بالسرقة أو بإعطاء رشوة للتوصل إلى أخذ ما لا حق له فيه أو بالتهرب من دفع قيمة المستحق عليه من الفواتير ونحوها أو بأي طريقة من الطرق المذكورة بالسؤال، ويستوي في ذلك المسلم وغيره؛ لأن عقد المواطنة قائم مقام العهد الذي يُحفظ به الدمُ والمالُ؛ لما رُوي أن المغيرة رضي الله عنه صحب قومًا في الجاهلية فقتلهم، وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَمَّا الْإِسْلَام فَقَدْ قَبِلْنَا، وَأَمَّا الْمَالُ فَإِنَّهُ مَالُ غَدْرٍ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ» رواه أبو داود. والتحجج بدعوى أن الحكومة سلبت الأموال أو استغلت الثروات لا يبرر استباحة الأموال بحال، بل على المسلم التظلُّم أمام المحكمة أو اللجوء للتقاضي المحلي أو الدولي.

المحتويات

 

حفظ المال من مقاصد الشريعة الإسلامية

حفظُ المال أحدُ المقاصد الشرعية المرعية التي جاء بها الشرع الشريف وتوعَّد مَن أضَرَّ بها، وسواءٌ في ذلك حفظُ مال المسلم أو غير المسلم، ومن ثم حرم الله على المسلم التعدي على الأموال بالسرقة أو الاختلاس أو الانتهاب أو الغصب.. إلخ.

سرقة مال الدولة ودفع الرشوة لأخذ المال بغير حق

ما يحدث من سرقة أموال الدولة أو إعطاء رشوة للتوصل إلى أخذ مال بغير حق، أو التهربِ من دفع قيمة فواتير الغاز والكهرباء لا يجوز شرعًا، يستوي في هذا مال المسلم وغير المسلم؛ فقد أخرج البخاري في "صحيحه" عن المسور بن مخرمة رضي الله عنه: كان المغيرة صحب قومًا في الجاهلية فقتلهم، وأخذ أموالهم، ثم جاء فأسلم، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أَمَّا الإِسْلاَمَ فَأَقْبَلُ، وَأَمَّا المَالَ فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ»، وعند "أبي داود": «أَمَّا الْإِسْلَام فَقَدْ قَبِلْنَا، وَأَمَّا الْمَالُ فَإِنَّهُ مَالُ غَدْرٍ لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِ».
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (5/ 341): [قوله: «أَمَّا المَال فَلَسْتُ مِنْهُ فِي شَيْءٍ» أي لا أتعرض له؛ لكونه أخذه غدرًا، ويستفاد منه أنه لا يحل أخذ أموال الكفار في حال الأمن غدرًا؛ لأن الرفقة يصطحبون على الأمانة، والأمانة تؤدى إلى أهلها مسلمًا كان أو كافرًا] اهـ.

المواطنة وحقوق شركاء الوطن

ما بين المسلمين ومن يساكنُهم في الوطن من المواطنة قائمٌ مقامَ العهد الذي يُحفظ به الدم والمال؛ قال العلامة الحصفكي في "الدر المختار" –مطبوع بحاشية ابن عابدين- (4/ 166): [دخَلَ مسلمٌ دار الحرب بأمان: حرُم تعرضُه لشيء من دم ومال وفرج منهم؛ إذ المسلمون عند شروطهم] اهـ. قال العلامة ابن عابدين معلِّلًا ذلك: [لأنه ضمن بالاستئمان أن لا يتعرض لهم، والغدر حرام] اهـ.
وقال الشيخ محمد أنور شاه الكشميري في "فيض الباري شرح صحيح البخاري" (5/ 365) في توصيف التعامل بين المسلمين وغيرهم في بلاد الهند: [الذي تحقق عندي أنَّ أهل الهند وإنْ لم يعاهدوهم حقيقة، غير أن المعاهدة قامت بينهم وبين السَّلطنة عملًا؛ فإِنَّ رَفْع الدَّعوْى إلى المحكمة والاستغاثة بهم، والاستعانة منهم في فَصْل الأقضية في الأموال والأنفس، والرجوعِ في كلِّ ما يُرْجع فيه إلى الحُكَّامِ معاهدةٌ حُكْمًا، وإن لم يكتبه أحدٌ من الفقهاء؛ وحينئذٍ تنقل التفاريع، ولا تكون لنا أحكام الأَسْرى، إلا أن تلك المعاهدةَ كانت قائمةً في الماضي في حق الأموال والأنفس جميعًا، وأما الآن فقد نبذنا إليهم حَقَّ الأَنفس على سواء، وهي باقية في الأموال بعد، فلا يجوزُ أَخْذُ أموالهم سرقةً، نعم إن أخذناها منهم عِوضًا عما لنا عليهم من الحقوق جاز، إلا أن أمثال تلك الأمور دناءةٌ، ولا نعطي الدنية في دِيننا، فإِنَّ القَتْلَ يُعدُّ جرأةً وشجاعةً، بخلاف السَّرِقة، والانتهاب، فإِنَّه يُعد لُؤمًا؛ نعم لو نبذنا إليهم في حقِّ الأموال أيضًا لارتفع عن الأموال أيضًا، إلا أنه ينبغي أن يكون على سواء، ليكون وفاءً لا غَدْرًا وفي حديثٍ أن كافرًا أمن، واعتمد على مسلم بدون معاهدة وموادعةِ بينهما، لا ينبغي للمُسْلم أن يقتله»] اهـ.

تبرير استباحة الأموال بتصرفات الدولة

التحجج بأن الحكومة سلبت الأموال أو استغلت الثروات لا يبرر استباحة الأموال بحال؛ فإنه إذا تحقق ذلك فعلى المسلم سلوك الطرق المشروعة لمواجهة العدوان مِن التظلُّم أمام المحكمة أو اللجوء للتقاضي المحلي أو الدولي.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

هل يجوز سداد القرض بالقيمة؟ فلي أخٌ يعمل في الكويت، أوكل إليَّ بالتصرف في بعض أموره، وله معي أموال، وقد عهد إلي بشراء قطعة أرض للمباني مشاركةً بيني وبينه، فاشتريت هذه الأرض وكتبت عقد الشراء مناصفةً بيني وبينه بقيمة قدرها ثمانية وعشرون ألف جنيه، دفعت منها ثمانية عشر ألف جنيه من ماله الخاص، وعشرة آلاف جنيه من مالي الخاص بموافقته على كون العقد مناصفة بيننا، وأصبح له في ذمتي أربعة آلاف جنيه أسددها له حين أستطيع، واليوم وبعد عشرين سنة تقريبًا من تاريخ الشراء قررتُ أن أبيعها بموافقته كذلك ولكنه أراد أن يشتري نصيبي على أساس نسبة الدفع بعد أن غلا سعرها كثيرًا، فقلت له أنت لك أربعة آلاف جنيه ولي النصف، فرفض.
فما رأي الدين؟


سأل بما صورته: رجل توفي وعليه دين يبلغ ثمانين ومائتي جنيه، وترك تركة تساوي أضعاف هذا الدين اقتسمها ورثته فيما بينهم. فهل للدائن مطالبة جميع الورثة بجميع دينه ليسددوه من التركة؟ وهل لأحدهم المعارضة في سداد هذا الدين كله أو بعضه للدائن مع ثبوته، بحجة أن بعض الأعيان بيع لسداد دين آخر، مع أن الباقي من التركة فيه وفاء بباقي الديون وزيادة؟


ما حكم سداد دين الميت؟ فالمرحوم قد توفي عن ورثته الشرعيين: أولاده الستة ذكورًا وإناثًا فقط، وجميع الورثة المذكورون بُلَّغ، وقد ترك المورث المذكور تركة لورثته الشرعيين المذكورين، وكان عليه ديون بقيت بذمته إلى وقت وفاته، وهي غير مستغرقة للتركة، وكل الورثة مُقِرُّون بالدين، فهل الورثة المذكورون يتحملون بالدين الذي كان على مورثهم أم لا؟ وهل يكون على الذكرِ منهم ضعف الأنثى في الدَّيْن، أو يكون على الذكر مثل الأنثى فيه؟ أفيدونا عن ذلك، ولكم الأجر والثواب.


أرجو التفضل بالإحاطة بأنه صدر لصالحي عدة أحكام قضائية نهائية بضم ابنتي الصغيرة منذ عام 2001م ولكن السيدة والدتها -مطلقتي- ممتنعة عن تنفيذ تلك الأحكام، وكَيدًا لي فقد أقامت ضدي دعوى حبس نظير متجمد نفقة الصغيرة عن فترة كان من المفترض أن تكون فيها ابنتي في يدي تنفيذًا لأحكام الضم الصادرة لصالحي، واستصدرَت ضدي حكمًا بالحبس ثلاثين يومًا إذا لم أدفع مبلغ سبعة آلاف ومائة جنيه متجمد نفقة الصغيرة.
ولما كان قد صدر لصالحي حكم نهائي باسترداد مبلغ تسعة عشر ألفًا ومائة وعشرين جنيهًا متجمد نفقة زوجية سبق أن تقاضته مني مطلقتي دون وجه حق تنفيذًا لأحكام حبس مماثلة رغم صدور حكم بالتطليق وبإسقاط كافة حقوقها الشرعية المترتبة على الزواج والطلاق؛ لأن الإساءة من جانبها.
وحيث إن والدة ابنتي موسرة وليست معسرة أو محتاجة، بل تستطيع أداء الدَّين من مالها؛ لأنها تعمل براتب شهري كبير إضافة إلى أنها متزوجة بزوج يقوم بالإنفاق عليها، وبالتالي فإن طلب المقاصة لن يكون فيه مضرة بها، وقضاء الدَّين إنما يجب بما فضل عن الكفاية، خاصة وقد استقر الفقه على أن دَين الزوجة في غير حال الاستدانة لا يكون دَينًا قويًّا، وأنه إذا كان الزوج هو طالب المقاصة، فإنه يُجاب إلى طلبه في جميع الأحوال؛ لأنه يتنازل عن قوة دَينه، ولأنه قد رضي بذَهاب دَينه القوي في الدَّين الضعيف. "الأحوال الشخصية لمحمد أبو زهرة".
فأرجو من سيادتكم التفضل بإفادتي عن الوجه الشرعي في طلب إجراء مقاصة بين دَين متجمد نفقة ابنتي الممتنعة بإيعاز من والدتها عن أحكام الضم النهائية الصادرة لصالحي، والدَّين الذي لي على أمها الموسرة التي تستطيع أداء الدَّين من مالها البالغ تسعة عشر ألفًا ومائة وعشرين جنيهًا؛ وذلك طبقًا لما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة الصحيحة وطبقًا لما تُقِرُّه قواعد فقه المذهب الحنفي؛ حيث إن الشريعة الإسلامية هي القانون العام الواجب التطبيق في مسائل الأحوال الشخصية مع اعتبار الأمر مهمًّا وعاجلًا؛ حيث إني مهدد بالحبس بينما أنا الدائن ولست المَدِين.

 


ما حكم سداد الورثة دينًا ادّعاه رجلٌ على الميت؟ فأخو صديقي متوفًّى، وادَّعى رجلٌ من غير بينة أنَّ له دينًا عليه.


ما حكم بيع الشيكات الآجلة للبنك؟ حيث نظرًا لمجهوداتكم لإنارة الحق في المسائل التي تخص الأمة الإسلامية، وإيضاح الحلال والحرام؛ عملًا بقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأنبياء: 7]؛ لذلك اطلب من سيادتكم فتوى في تعاملاتنا مع البنوك في الآتي:
القطع على الأوراق التجارية (الشيكات، والكمبيالات) بمعنى: معظم المبيعات في هذا النشاط 95% آجل مقابل شيكات أو كمبيالات آجلة السداد، عند ذلك تقوم الشركة بإيداعها بالبنك للتحصيل؛ ونظرًا لعدم استقرار الدولار (وهذا يؤدي إلى انخفاض القوة الشرائية للجنية المصري)؛ فقد تم الاتفاق مع البنك على أن نقوم بسحب وليكن 80% من قيمة هذه الأوراق التجارية قبل ميعاد استحقاقها؛ لاستخدام هذه السيولة في تمويل شراء البضاعة، وذلك مقابل مصاريف سنوية محددة تدفع للبنك لحين ميعاد استحقاق هذه الأوراق التجارية. ولسيادتكم جزيل الشكر.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 07 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 54
العصر
4:30
المغرب
7 : 55
العشاء
9 :27