هل يجوز شرعًا الاستناد إلى أقوال الأطباء والتحاليل الطبية وتحليل الحمض النووي لإثبات الزنا ونفي النسب؟
وما هي المدة التي يجوز للرجل نفي الولد خلالها؟ وما هي الإجراءات المتبعة شرعًا في مثل هذه الحالة؟
علمًا بأن هذين السؤالين مرتبطين بواقعة دعوى قضائية وملخصها الآتي:
أن المستأنِف تزوج زوجته المستأنَف ضدها وأثناء استمرار الحياة الزوجية أنجبت الزوجة طفلين، وأن هذا الزوج احتفل بمولد الطفلين كلٍّ في حينه، كما أنه قام بقيدهما لدى الجهات المختصة شخصيًّا واستخراج شهادتي ميلادهما بنفسه، وبعد ميلاد الطفل الأول بسنة وعشرة أشهر و24 يومًا، والطفل الثاني سبعة أشهر و26 يومًا، تقدم الزوج إلى الشرطة بشكوى يتهم فيها زوجته بالزنا، وينفي نسب الطفلين إليه.
إذا أقر الزوج في عقد الزواج الصحيح بنسب الطفل إليه فإنه لا يمكنه نفيه بعد ذلك، ولا ينفك عنه بحالٍ ولو اطلع على سوء سلوك زوجته الذي كان خافيًا عليه، وإثبات نسب الولد يكون بقبول تهنئة الوالد بولده، وكذلك السكوت على النفي وقت الولادة؛ أي الوقت الذي يمكنه فيه النفي ولم ينفه، وكذلك إثبات مولده في شهادات الميلاد والسجلات الحكومية، ولا يجوز شرعًا للمستأنِف المذكور الاعتماد على تحليل البصمة الوراثية "D. N. A" في نفي النسب ولا في إثبات الزنا.
المحتويات
أولًا: من المقرر شرعًا أنه إذا صدر الإقرار من الزوج في عقد الزواج الصحيح بنسب الطفل إليه مستوفيًا لشرائطه فإنه لا يتحمل النفي ولا ينفك بحال، وذلك سواء أكان المقر صادقًا في الواقع ونفس الأمر أم كاذبًا، فنفي النسب بعد الإقرار لا يكون معتبرًا، واطلاع الزوج على سوء سلوك زوجته الذي كان خافيًا عليه لا يمكِّنه من نفي النسب الثابت من قبل.
أما الاعتماد على تحليل البصمة الوراثية المعروف باسم "D. N. A" في نفي النسب فإنه لا يجوز شرعًا حيث إن التحاليل يعتريها الخطأ البشري المحتمل، وحتى لو دلت البصمة الوراثية في نفسها على نفي النسب أو إثباته يقينًا فإن ذلك اليقين في نفسه يقع الظن في طريق إثباته، مما يجعل تقرير البصمة الوراثية غير قادر على نفي النسب، أما إثبات النسب بهذه البصمة فلا يكون إلا في عقد صحيح لا يتم اللعان فيه بين الزوجين فإن تم اللعان فاللعان أقوى من البصمة الوراثية.
ويجوز الاعتماد على البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب في الحالات الآتية:
1- حالات التنازع على مجهول النسب بمختلف صور التنازع التي ذكرها الفقهاء سواء أكان التنازع على مجهول النسب بسبب انتفاء الأدلة أم تساويها أم كان بسبب الاشتراك في وطء الشبهة ونحوه.
2- حالات الاشتباه في المواليد في المستشفيات ومراكز رعاية الأطفال ونحوها، وكذا الاشتباه في أطفال الأنابيب.
3- حالات ضياع الأطفال واختلاطهم بسبب الحوادث أو الكوارث أو الحروب، وتعذر معرفة أهلهم، أو وجود جثث لم يمكن التعرف على هويتها، أو بقصد التحقق من هويات أسرى الحروب والمفقودين.
ثانيًا: أما عن المدة التي يجوز للرجل نفي الولد خلالها فنقول:
إذا ثبت نسب الولد فلا يمكن نفيه، وإثبات نسبه يكون بقبول التهنئة بولده، وكذلك السكوت على النفي وقت الولادة؛ أي الوقت الذي يمكنه فيه النفي ولم ينفه، وكذلك إثبات مولده في شهادات الميلاد والسجلات الحكومية.
وقال ابن قدامة في "المغني": [وإذا ولدت امرأته ولدًا فسكت عن نفيه مع إمكانه لزمه نسبه، ولم يكن له نفيه بعد ذلك، وبهذا قال الشافعي. قال أبو بكر: "لا يتقدر ذلك بثلاث، بل هو على ما جرت به العادة: إن كان ليلًا فحتى يصبح وينتشر الناس، وإن كان جائعًا أو ظمآن فحتى يأكل أو يشرب، أو ينام إن كان ناعسًا، أو يلبس ثيابه ويسرج دابته ويركب ويصلي إن حضرته الصلاة، ويحرز ماله إن كان غير محرز، وأشباه ذلك من أشغاله فإن أخره بعد هذا كله لم يكن له نفيه". وقال أبو حنيفة: "له تأخير نفيه يومًا ويومين استحسانًا؛ لأن النفي عقيب الولادة يشق فقدر باليومين لقلته". وقال أبو يوسف ومحمد: "يتقدر بمدة النفاس؛ لأنها جارية مجرى الولادة في الحكم". وَحُكِيَ عن عطاء ومجاهد أن له نفيه ما لم يعترف به فكان له نفيه؛ كحالة الولادة، ولنا أنه خيار لدفع ضرر متحقق، فكان على الفور كخيار الشفعة، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» عامٌّ خرج منه ما اتفقنا عليه مع السنة الثابتة. فما عداه يبقى على عموم الحديث وما ذكره أبو حنيفة يبطل بخيار الرد بالعيب، والأخذ بالشفعة، وتقديره بمدة النفاس تَحَكُّم لا دليل عليه، وما قاله عطاء يبطل أيضًا بما ذكرناه، ولا يلزم القصاص؛ لأنه لاستيفاء حق لا لدفع ضرر ولا الحمل لأنه لم يتحقق ضرره. إذا ثبت هذا فهل يتقدر الخيار في النفي بمجلس العلم أو بإمكان النفي؟ على وجهين بناء على المطالبة بالشفعة، فإن أخَّر نفيه عن ذلك ثم ادَّعى أنه لا يعلم بالولادة، وأمكن صدقه بأن يكون في موضع يخفى عليه ذلك مثل أن يكون في محلة أخرى، فالقول قوله مع يمينه؛ لأن الأصل عدم العلم، وإن لم يمكن مثل أن يكون معها في الدار لم يقبل؛ لأن ذلك لا يكاد يخفى عليه، وإن قال: علمت ولادته ولم أعلم أن لي نفيه، أو علمت ذلك ولم أعلم أنه على الفور، وكان ممن يخفى عليه ذلك كعامة الناس قُبِل منه؛ لأن هذا مما يخفى عليهم فأشبه ما لو كان حديث عهد بإسلام، وإن كان فقيهًا لم يقبل ذلك منه؛ لأنه مما لا يخفى عليه ذلك ويحتمل أن يقبل نفيه؛ لأن الفقيه يخفى عليه كثير من الأحكام، وقال أصحابنا: لا يقبل ذلك من الفقيه، ويقبل من الناشئ ببادية وحديث العهد بالإسلام وهل يقبل من سائر العامة؟ على وجهين، وإن كان له عذر يمنعه من الحضور؛ لنفيه كالمرض والحبس، أو الاشتغال بحفظ مال يخاف ضيعته، أو بملازمة غريم يخاف فوته أو غيبته نظر: فإن كان مدة ذلك قصيرة فأخره إلى الحضور ليزول عذره لم يبطل نفيه؛ لأنه بمنزلة من علم ذلك ليلًا فأخره إلى الصبح، وإن كانت تتطاول فأمكنه التنفيذ إلى الحاكم؛ ليبعث إليه من يستوفي عليه اللعان والنفي فلم يفعل سقط نفيه، فإن لم يمكنه أشهد على نفسه أنه نافٍ لولد امرأته، فإن لم يفعل بطل خياره؛ لأنه إذا لم يقدر على نفيه كان الإشهاد قائمًا مقامه، كما يقيم المريض الفيئة بقوله بدلًا عن الفيئة بالجماع، فإن قال: لم أصدق المخبر عنه، نظر: فإن كان مستفيضًا منتشرًا لم يقبل قوله، وإن لم يكن مستفيضًا وكان المخبر مشهور العدالة لم يقبل وإلا قبل، وإن قال: لم أعلم أن عليَّ ذلك قبل قوله؛ لأنه مما يخفى، وإن علم وهو غائب فأمكنه السير فاشتغل به لم يبطل خياره، وإن أقام من غير حاجة بطل؛ لأنه أخره لغير عذر، وإن كانت له حاجة تمنعه من السير فهو على ما ذكرنا من قبل، وإن أخر نفيه لغير عذر وقال: أخرت نفيه رجاء أن يموت فأستر عليه وعلي، بطل خياره؛ لأنه أخر نفيه مع الإمكان لغير عذر. "فصل: فإن هُنِّئَ به فأمن على الدعاء لزمه في قولهم جميعًا، وإن قال: أحسن الله جزاءك، أو بارك الله عليك، أو رزقك الله مثله، لزمه الولد، وبهذا قال أبو حنيفة، وقال الشافعي: لا يلزمه لأنه جازاه على قصده، وإذا قال: رزقك الله مثله، فليس ذلك إقرارًا، ولا متضمنًا له، ولنا: أن ذلك جواب الراضي في العادة فكان إقرارًا كالتأمين على الدعاء، وإن سكت كان إقرارًا، ذكره أبو بكر؛ لأن السكوت صلح دالٌّ على الرضا في حق البكر، وفي مواضع أخر فها هنا أولى، وفي كل موضع لزمه الولد لم يكن له نفيه بعد ذلك في قول جماعة أهل العلم، منهم الشعبي، والنخعي، وعمر بن عبد العزيز، ومالك، والشافعي، وابن المنذر، وأصحاب الرأي، وقال الحسن: له أن يلاعن لنفيه ما دامت أمه عنده يصير لها الولد ولو أقرَّ به، والذي عليه الجمهور أولى، فإنه أقر به فلم يملك جحده، كما لو بانت منه أمه، ولأنه أقر بحق عليه، فلم يقبل منه جحده كسائر الحقوق] اهـ كلام "المغني".
عليه وفي واقعة السؤال: فإن التحليل المنوه عنه في السؤال لا يثبت به نفي الولد ولا زنا المرأة؛ وذلك لما سبق بيانه وتوضيحه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سأل رجل في امرأة مرضت ثم توفيت عن تركة قد خلَّفتها، وقد صرف عليها والدها أثناء مرضها مصاريف عند الأطباء لعلاجها، وجهَّزها حين موتها، وكل هذه المصاريف قد استدانها على حسابها بأمرها، فهل ما صرف عليها كلتا الحالتين يكون لازمًا والدها أم يكون لازمًا زوجها؟ أم دَيْنًا في تركتها يؤخذ منها؟ تفضلوا بالإجابة عن هذا، ولكم الشكر.
ما حكم طلب الزوج فسخ عقد النكاح للغش والتدليس؟ فقد ورد إلينا تصريح إحدى محاكم شئون الأسرة باستخراج فتوى من دار الإفتاء المصرية بشأن موضوع دعوى مقدمة إليها. وبمطالعة أوراق الدعوى المرفقة تبين أنَّها دعوى فسخ عقد الزواج للغش والتدليس، بناها المدَّعي على أنه تزوج من المدَّعى عليها ووجد أنها تعاني من عيب يؤدي إلى إغلاق فتحة المهبل، مما أدَّى لصعوبة العلاقة الزوجية، وحيث إنَّ المدَّعي لم يكن يعلم أن المدعى عليها كانت تعاني من هذا العيب قبل الزواج بها، فقد وقع في غلط معيب للرضا، ويتبعه قابلية العقد للإبطال.
أرجو بيان الحكم الشرعي في التبني؟
سائل يقول: كثيرًا ما يتساءل الناس عن صحة إطلاق لفظ الشريف على من ينتسب إلى السادة آل البيت من جهة أمه؛ فما القول الصحيح في هذا الأمر؟
ما حكم طلاق المرأة من زوجها الغائب؛ حيث سئل بإفادة من محافظة الإسكندرية؛ مضمونها: أنه بعد الاطلاع على الخمسة والعشرين ورقة المرسلة طيه، الواردة لها بإفادة من مخابرات الجيش المصري، نمرة 8 مخابرات سودان، بخصوص زواج امرأةٍ بآخرَ خلاف زوجها حالة كونها لم تزل على عصمته. يفاد بما يقتضيه الحكم الشرعي في هذا المسألة.
ومن ضمن الأوراق المذكورة: إعلامٌ صادرٌ من نائب خط الخندق السماني؛ مضمونه: أنه حضرت لديه المرأة المذكورة، من ناحية "ملواد" من ملحقات الخط المقال عنه، وأورت له أنها زوجة للمذكور، ومنكوحته بنكاح صحيح شرعي، وحال وقوع العقد في الجهة البحرية ونقلتها للناحية المذكورة من هناك، ورغبتها لقدومه معها، فما كان منه ذلك، ولا بانتظارها له العام (يحلفه)، ولتراكم الضرر القائم بها في جزئيات أحوالها وكلياتها، وخشية من طروء الفساد عليها بعدم المعاشرة، تلتمس فسخ نكاحها منه على إحدى تلك الوجوه. وعملًا بقولها، ونظرًا لرعاية جانب الغائب، طلب منها النائب المذكور البينة المطابقة لدعواها من الزوجية وخلافها، فأحضرت شاهدين شهدا طبق قولها، وقد استحلفها النائبُ المذكورُ اليمينَ كما هو المقتضى شرعًا، ولقبول شهادتهما ثبت عند هذا النائب صحة دعواها، وتأكد ضررها، وعملًا بالنصوص الواردة في هذا الشأن قد فسخ نكاحها من زوجها، وأباح زواجها بمن ترغبه بعد وفاء العدة لبراءة رحمها بقُرء واحد، وصارت بائنة منه بفسخ نكاحها.
ولمعلومية ذلك قد تحرر لها هذا الإعلام بيدها، ومن ضمن الأوراق المذكورة أيضًا: عريضة من الزوج المذكور للحربية، وعريضة أخرى لمحافظة الإسكندرية؛ بزواج امرأته المذكورة بغيره حالة أنها على عصمته، ورغبته الاستفتاء عن هذه المادة من إفتاء الديار المصرية، واتضح من باقي الأوراق أنه صارت التحريات اللازمة بواسطة الحربية، فاتضح أنها كانت زوجة له وتزوجت بغيره بناءً على الإعلام المذكور.
هناك من يدعي أن الانتساب حاليًّا إلى الهاشميين محل نظر، وأنه بسبب بُعد النسب واختلاطه في القرون الماضية؛ فقد يدعي بعض الناس هذا الشرف بغير حق فيصدقهم الناس، فهل هذا الفهم صحيح؟