السيد الأستاذ الدكتور وكيل أول وزارة الأوقاف، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد، فردًّا على كتاب سيادتكم المتضمن الإفادة عن رأي الشرع في مدى مشروعية البناء فوق أسطح المساجد، وهل يتفق ذلك مع حكم الدين؟ ومدى شرعية مزاولة الأنشطة المختلفة في المنشآت المُقامةِ فوق أسطح المساجد؟
من المقرر شرعًا أن المبنى لا يصير مسجدًا قبل تمام المسجدية إلا إذا انقطع تعلُّقُ حقِّ العبد به؛ فإن بنى عليه بيتًا لسكناه أو لاستغلاله لنفسه لا يصير مسجدًا، وإن جعل أسفله سردابًا مثلًا أو بنى فوقه بيتًا لمصالح المسجد صار مسجدًا، أما إذا تمَّت المسجدية للمبنى فلا يجوز البناءُ عليه ولو لمصالح المسجد.
ولا مانع شرعًا من مزاولة الأنشطة المختلفة في المنشآت الملحقة بالمساجد ما دامت لا تتعارض مع آداب المساجد وقدسيتها ولا تؤدي إلى التشويش على المصلين فيها.
نفيد بأن المسجد يجب أن يكون خالصًا لله تعالى؛ لقوله عز وجل: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ﴾ [الجن: 18]، فأضافها إليه تعالى مع أن كل شيء له؛ ليدل بذلك على وجوب أن تكون خالصةً له.
ومن هذا كان المُعوَّل عليه في مذهب أبي حنيفة أنه قبل تمام المسجديَّة لا يصير المبنى مسجدًا إلا إذا انقطع تعلقُ حقِّ كلِّ عبدٍ بما أُريد أن يُجعَل مسجدًا، فلو أن شخصًا بنى مسجدًا وتحته حوانيت ليست للمسجد، أو بنى عليه بيتًا لسكناه أو لاستغلاله لنفسه لا يصير هذا البناءُ مسجدًا؛ لعدم انقطاع حقِّ العبد بما أراد أن يجعله مسجدًا فله أن يبيعه ويورَث عنه، مثال ذلك: العماراتُ السكنيةُ التي تُبنى؛ لينتفع بها مالكُها ويجعل تحتها مسجدًا، أما إذا جعل السفل سردابًا أو بيتًا لمصالح المسجد، أو بنى فوقه بيتًا لمصالح المسجد، فإن هذا المبنى يصير مسجدًا ويخرج عن ملكه بعد توافر باقي الشروط التي ذكرها الفقهاء.
وهذا التفصيل السابق فيما إذا لم تتم المسجدية، أما إذا تمَّتِ المسجديةُ فلا يجوز البناءُ على المسجد ولو لمصالحه.
فالتفصيل بين البناء لمصالح المسجد، وبين البناء لغير مصالحه إنما هو قبل تمام المسجدية، أما بعد تمامها فلا يجوز البناء مطلقًا، حتى صرحوا بأنه لا يوضع الجذع على جدار المسجد وإن كان من أوقافه.
هذا، وتمام المسجدية على ما قاله الإمام ابن عابدين في "رد المحتار" (4/ 358) يكون بالقول على المُفتَى به، أو بالصلاة فيه على قولهما. اهـ، ويريد بالمُفتَى به: مذهب الإمام أبي يوسف الذي لا يشترط في تمام المسجديَّة الصلاة في المسجد بعد الإذنِ من بَانِيهِ، بل يكون مسجدًا بمجرَّد القول، بأن يقول: جعلتُهُ مسجدًا، وإن لم يُصَلَّ فيه. والمفهوم من كلامهم أنه لا يلزم هذا القول، بل بناؤه على صورة المساجد كافٍ عند أبي يوسف في تمام مسجديَّته؛ لأن هذا البناء فعلٌ مُنبئٌ عُرْفًا بجعله مسجدًا، وهذا إذا لم يوجد منه ما ينافي دلالة هذا الفعل على ذلك، هذا بالنسبة لمدى شرعية البناء فوق أسطح المساجد من عدمه.
وأما بالنسبة لمدى شرعية مزاولة الأنشطة المختلفة في المنشآت المُلْحقة بالمساجد، فنرى أنه لا مانع من ذلك شرعًا ما دامت لا تتعارض مع آداب المساجد وقُدْسيتها، ولا تؤدي إلى التشويش على المصلين فيها؛ فإن المساجد بيوت الله في الأرض، تقام فيها الصلوات وتؤدى فيها شعائر الدين قال تعالى: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَدًا﴾ [الجن: 18].
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم تحويل المصلى إلى محل تجاري؟ وماحكم الصلاة خلف الإمام في مكان مستقل عنه؟ فقد قام أبي وعمي ببناء عمارةٍ سكنيةٍ سنة 1983م، وتم تجهيز الدور الأرضي فيها كمسجدٍ منقسمٍ إلى جزأين: أحدهما للرجال والآخر للنساء، يفصل بينهما مدخل العمارة بلا اتصال بينهما، وتقام الشعائر الدينية في الجزء الخاص بالرجال: من صلاة واعتكاف ودروس، وذلك منذ إنشاء العمارة، ولم تتم الصلاة في الجزء المخصص للنساء من المسجد إلا أيامًا معدودة، ومن عشر سنوات قام عمي باستخدام الجزء المخصص للنساء كمخزن، ولم يوافق على استخدامه كمدرسة لتحفيظ القرآن الكريم، والآن يريد استخدامه كمحل تجاري. فهل يجوز له ذلك؟ وهل يمكن للمصلين في الجزء المخصص للنساء أن يأتمُّوا بإمام في الجزء المخصص للرجال؟ مع العلم أن للجزء الخاص بالنساء بابَين: أحدهما يفتح على مدخل العمارة، والآخر يفتح على الشارع، ولجزء الرجال بابان: أحدهما يفتح على الشارع، والآخر على خارج العمارة من الناحية الأخرى منها بالنسبة لجزء النساء؛ بحيث إذا أرادت واحدة من النساء أن تَصِلَ إلى مصلَّى الرجال فلا بد لها أن تنحرف عن القِبلة بشكل عمودي عليها وعكسي.
توفي جد السائل وترك حجة وقف شرعية، ولم تُنَفَّذ شروط هذه الحجة من قِبل ناظر الوقف. ويطلب السائل بيان الحكم الشرعي فيمن لم ينفِّذ شروط هذه الحجة.
هل يجوز صرف ما تبقى من تبرعات تبرع بها أصحابها لغرض بناء مسجد في بناء مستشفى بجانبه بدلًا من المِئذنة؟ حيث لم يتم بناء مِئذنة له حتى الآن، علمًا بأن الأرض المراد بناء المستشفى عليها كانت قد سوِّرت لتجعل مسجدًا.
ما حكم الانتفاع بأنقاض مسجد في بناء مسجد جديد؟ فوالد السائل قد بنى مسجدًا بالطوب اللَّبِن من مدة طويلة، وهذا المسجد مسقوف بالخشب، والسائل يقوم الآن ببناء مسجد بالطوب الحراري وله دورة مياه، وهو في احتياج لسقف المسجد القديم لمساعدته على إتمام بناء المسجد الجديد. وطلب السائل بيان الحكم الشرعي في هدم المسجد القديم والاستعانة بخشب سقفه وأنقاضه في بناء المسجد الجديد، وهل يجوز ذلك شرعًا أم لا؟
ما حكم الشرع في أخذ الأجرة لناظر الأموال الموقوفة؟
ما حكم استبدال مسجد جديد بمسجد قديم؟ فإشارة إلى خطاب معالي وزير الأوقاف الوارد إلينا، بخصوص ما ورد إليه من كتاب معالي وزير التربية والتعليم، والذي يلتمس فيه تسلم وزارة الأوقاف المسجد الجديد الذي بناه والده على مساحة 450 مترًا مربعًا، على أن تعيد له الوزارة أرض المسجد القديم التابع لوزارة الأوقاف وهو على مساحة 300 متر مربع؛ حيث تمت معاينة المسجدين، ووجد أن المسجد القديم يفصله عن المسجد الجديد شارع بعرض 6 أمتار، والمسجد القديم مغلق من قِبَل مديرية الأوقاف التابع لها المسجد لعدم صلاحيته لإقامة الشعائر، ولم تقم الأوقاف بإحلاله وتجديده حتى الآن، ويرغب سيادته في إعادة استغلال أرض المسجد لوجه الله تعالى لضمها إلى قطعة أرض أخرى يمتلكها لعمل مشروع متكامل لخدمة المجتمع يضم مدرسة لتحفيظ القرآن الكريم وعلوم الدين.
ومرفق بالخطاب المذكرة المعروضة على معاليكم من قِبَل رئيس قطاع المديريات، والتي اتضح منها بعد المعاينة أن مساحة المسجد القديم هي300م2، وأنه تابع للوزارة وقد أقيمت فيه الشعائر الدينية لعدة سنوات، وخرج عن ملك صاحبه ودخل في ملك الله تعالى طبقًا للمنشور رقم 48 لسنة 1946م، غير أنه الآن مغلق ومدرج بالخطة الاستثمارية للوزارة تحت رقم 13 لمساجد المديرية، وأن المسجد الحديث قد تم إنشاؤه على نفقة والد الدكتور وزير التربية والتعليم، ومساحته 450م2، ويفصله عن المسجد القديم شارع بعرض 6 أمتار، ويمتاز عن المسجد القديم من الناحية الإنشائية ومن حيث المساحة. وتأمل المديرية من معاليكم التفضل بالموافقة على إلحاق المسجد الحديث بالمسجد القديم؛ حيث لا يفصل بينهما إلا شارع بعرض 6 أمتار ويعتبر ملحقًا له.