04 فبراير 2024 م

سيدنا عيسى -عليه السلام

سيدنا عيسى -عليه السلام

مِن الأنبياء الذين مرُّوا وعاشوا بأرض فلسطين المباركة: روحُ الله وكلمته، وعبده ورسوله، سيدُنا عيسى عليه الصلاة والسلام، خاتم أنبياء بني إسرائيل، وأحد الخمسة المرسلين من أولي العزم، فقد وُلد عليه السَّلام في «بيت لحم»، وهي قرية قريبةٌ مِن القدس؛ فجاء في حديث المعراج أن النبي صلى اللَّه عليه وآله وسلم صلَّى تلك الليلة في المكان الذي وُلد فيه عيسى، وورد أن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص كان يبعث إلى بيت لحم ببيت المقدس -حيث ولد عيسى- زيتًا؛ لأجل أن يُسْرَجَ المسجد الأقصى ويُضاء به.

وقد خرج عليه السلام من فلسطين، واتجه إلى مصر، وسبب ذلك أنه قد كان عيسى عليه السلام يرى العجائِب في صباه؛ إلهامًا مِن الله تعالى، فانتشر ذلك في يهود بيت لحم؛ فهمست به بنو إسرائيل، وأوشكوا أن يُلحقوا به الأذى، فخافت عليه أمه فأوحى الله إليها أن تنطلق به إلى أرض مصر؛ فأخذته أمه وسارت به إلى مصر، وسار معها ابنُ عمها يوسف النجار، وأقاما بمصر المحروسة 12 سنة، ولما بلغ عيسى أشُدَّه: أمر الله أن يرجع مِن مصر إلى بيت إيليا ببيت المقدِس، وأقام بها حتى أوحى الله تعالى إليه الإنجيل وأرسله إلى الناس، وكان ذلك في سن الثلاثين.

وظلَّ عيسى عليه السلام يدعو قومه بفلسطين إلى الله ثلاث سنين، ثم رفعه الله إليه ليلة القدر من جبل بيت المقدس.

وقد كان مرور عيسى عليه السلام بفلسطين مرورًا فارقًا ومؤثرًا، آثارًا سطرها التاريخ بأحرف من نور، ومن ذلك أنه قد ترك عليه السلام حواريين مِن أصحابه خلفه، وروي أنه لمَّا كان بعد سَبْع ليال من رفعه ظهر لأمِّه وقال لها: «لم يُصِبْني إلَّا خير» وأمرها أن تأتِيَه بالحوارِيِّين، فوصَّاهم وثبَّتهم في الأرضِ.

وعلى هذه الأرض المباركة ظهرت المعجزات على يد سيدنا عيسى؛ فقد علمه الله التوراة، وأعطاه إحياء الموتى والعلم بالغيوب ممَّا يدخرون في بيوتهم، وتحدَّث الناس بما كان يأتي مِن العجائب، ودعاهم إلى الله تعالى؛ مما يدل على مكانة هذه البلاد المقدسة.

ولم تنقطع صلة عيسى عليه السلام بفلسطين برفع الله له؛ لأنه في آخر الزمان: يهبط فيأتي «باب لُدٍّ» بأرض فلسطين؛ ليُدرك المسيح الدجال فيقتله، ثم يمكث عيسى في الأرض أربعين سنة إمامًا مقسطًا وحكمًا عادلًا.

وفي سياق نزول عيسى عليه السلام ببيت المقدس: تأتي كرامةُ هذه الأمة، فقد ورد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، قَالَ: فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ بِنَا، فَيَقُولُ: لَا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ» رواه الإمام أحمد في "المسند".

المراجع:

  • البستان الجامع لجميع تواريخ أهل الزمان، لعماد الدين الكاتب (ص: 77، ط. المكتبة العصرية).
  • تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس، للديار بكري (1/ 376، ط. دار الكتب العلمية).
  • الملل والنحل، للشهرستاني (2/ 228، ط. مؤسسة الحلبي).
  • البداية والنهاية (2/ 92، 267، ط. دار هجر).
  • قصص الأنبياء لابن كثير (2/ 386، ط. دار التأليف).
  • إتحاف الأخِصّا بفَضَائل المسجد الأقصى للمنهاجي الأسيوطي (2/ 16، ط. هيئة الكتاب المصرية).

إنَّ سيدنا إبراهيم عليه السلام من أهم وأجل الأنبياء الذين مرُّوا بفلسطين؛ لأنه أبو الأنبياء، ولأنه خليل الله، ومعلوم أنه لم يولد بفلسطين؛ لأنه قد اختلفت الأقوال في الموضع الذي وُلِدَ فيه وليس من بينها فلسطين، فقيل: إنه ولد بالسوس من أرض الأهواز، وقيل: ولد ببابل، وقيل: بالسواد من ناحية كوثى، وقيل: بحران، إلَّا أن الجميع اتفقوا على أن مولده كان في عهد نمرود بن كوشن.


تشتمل دولة فلسطين على مجموعة من المعالم التي تدل على قيمة الحضارة الإسلامية المتجذرة في أعماق هذه الدولة الإسلامية العريقة، وإن معرفة هذه المعالم واطلاع المسلمين عليها ودرايتهم بها من الأمور البالغة الأهمية خصوصًا في هذه الآونة التي يحتاج فيها العالم الشرقي إلى مزيدٍ من الوعي التاريخي والحضاري والديني وغير ذلك، وهذه المعالم مما جعل لدولة فلسطين من المزايا ما ليس لغيرها من كثير من الدول الإسلامية والعربية، ولقد سطرت كتب التاريخ، وتناقلت، وأثبتت وصف هذه المعالم، والحديث عنها، وعن تاريخها بحيث لا يُمكن مع ذلك أن ينكر من له أدنى عقل أو أقل حدٍّ من الإنصاف نسبةَ هذه المعالم إلى الحضارة الإسلامية أو شيئًا من ذلك.


من الأنبياء الذين ازدادت بهم فلسطين الغالية بركةً وفضلًا وقداسة نبي الله سيدنا داود عليه السلام؛ لأنه من أكابر الأنبياء وأشهرهم، وهو من نسل الخليل عليه السلام، وقد اختصه الله تعالى بجملة من الخصائص، منها: أنه تعالى ورَّثه ملك طالوت، وآتاه الزبور، وتفضل عليه بالحكمة وفصل الخطاب، وعلمه صنعة الحديد وألانه له، وسخر له الجبال والطير بالتسبيح معه، وجعله خليفته في أرض بيت المقدس التي ولد وعاش فيها على أرجح الأقوال.


لا يمكن أن يوصف استقرار سيدنا سليمان عليه السلام بفلسطين بأنه مرور بها، إذ العلاقة بينه وبين هذه البلاد أعمق من ذلك بكثير، وذلك لما شهدته هذه البلاد من سيدنا سليمان عليه السلام من عطاءات ومواقف حياتية استمرت عشرات السنين.


بلاد القدس تشتمل على فضائل ومزايا دينية وروحية كثيرة، ولعل هذا من أهم ما يجعلها مطمعًا لكثير من المعتدين على مر العصور، ولم تكن حالة الاحتلال التي تعيشها الأراضي الفلسطينية هي الأولى من نوعها، فقد تعرَّض بيت المقدس للاحتلال مِن قبل الصَّليبيين سنة ٤٩٢هـ - ١٠٩٩م، وقد نتج عن هذا العدوان والاحتلال فساد كبير؛ فغيَّروا معالمها واعتَدَوْا على أهلِها وأساءوا إلى مقدساتِ المسلمين فيها، ولم يتمكَّن المسلمون مِن استردادِها على مدى تسعة عقود إلى أن سخر الله سبحانه وتعالى للمسلمين قائدًا مجاهدًا قوي العزيمة صادق النيَّة: هو السلطان صلاح الدين الأيوبي، فأعانه الله على جهاد هؤلاء المعتدين، وتمكن من تحريرها سنة 583هـ - ١١٨٧م، فأعاد لها قدسيتها وطهرها من هذا الدنس الذي انتشرت رائحته الكريهة وأفسدت الأجواء على العباد والبلاد.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 25 أبريل 2025 م
الفجر
4 :44
الشروق
6 :17
الظهر
12 : 53
العصر
4:29
المغرب
7 : 29
العشاء
8 :52