31 يناير 2024 م

سيدنا تميم بن أوسٍ الداري اللخمي رضي الله تعالى عنه

سيدنا تميم بن أوسٍ الداري اللخمي رضي الله تعالى عنه

بداية العلاقة بين سيدنا تميم الدار وبين فلسطين كانت منذ مولده؛ حيث وُلِدَ رضي الله عنه وأرضاه في بيت لحم بفلسطين، وسيدنا تميم بن أوسٍ بن خارجة من بني عبد الدار، هو راهب هذه الأمة، وواعظهم في زمانه، وكُنْيَتُه: أبو رُقيَّة، وينتسب إلى بني عبد الدار بطنٍ من لخم، ويصل نسبُه إلى جده "الدار بن هانيء" الذي كان مقيمًا في أرض الخليل إبراهيم عليه السلام ببيت المقدس.

ويُعْدُّ سيدنا تميم أول من أسلم من أهل فلسطين المباركة، وقد أسلم وأخوه نُعَيْمُ بن أوس عام تبوك في السنة التاسعة من الهجرة، ومع أنه ولد بفلسطين وعاش بها قدرًا كبيرًا من الزمان إلا أنه قد سكن المدينة المنورة بعد إسلامه، وظلَّ بها ولم يرحل عنها إلا بعد مقتل الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه وأرضاه، فبعدها توجه مرة أخرى ليكمل حياته ويعيش في فلسطين.

 وقد منحه وأعطاه رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم مكانًا مباركًا في أرض فلسطين وهو "حبرى" أو "حبرون" -الخليل حاليًّا- والمرطوم وبيت عينون وبيت إبراهيم في جنوب الضفة الغربية شمال مدينة الخليل، وَلَيْسَ لِرَسُولِ الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قطيعةٌ من الأرض مُنِحَت لأحدٍ من الصحابة في الشام غير هذه، وظلَّت هذه العطية في يد تميمٍ وأولاده من بعده حتى دَخَلَ الفرنجةُ القدسَ سنة: 492هـ، واستولوا عليها غصبًا.

 وقصةُ منحِه هذه العطية هي أنه لَّما أسلم تميم قال: يا رسول الله إنَّ الله مُظهرك على الأرض كلها؛ فهب لي قريتي من بيت لحم؛ فقال صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «هي لك وكتب له بها كتابًا».

وقد ظل سيدنا تميم بالمدينة حتى مقتل سيدنا عثمان رضي الله عنه ثم تحوَّل إلى الشام وتولَّى إمارةَ بيت المقدس حتى تُوُفي هناك عام 40 هـ. وقد شهدت أرض فلسطين من سيدنا تميم الخير والبركة وغيرهما مما يُناسب هذه الأرض المقدسة، وذلك أنه كان كثير العبادة والتهجد، حتى قال عنه محمد بن سيرين: "كان تميم ممن يختم القرآن في ركعة"، وقال مسروق بن الأجدع: "رُوِيَ أنَّه قام ليلةً كاملةً بآيةٍ واحدةٍ من القرآن، وظلَّ يبكي بكاًء طويلًا حتى طلع عليه الفجر، وهو يُردِّد قول الله تعالى: ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ﴾ [الجاثية: 21].

وقد كان له بهذه البلاد أثرٌ واضح وجليل؛ وذلك لأن من أعظم مناقبه رضي الله عنه أنه أول من أضاء المساجد بالقناديل والزيت، بعد أن كانت تُضاءُ بأسرجةٍ من سعف النخل، فقد أضاء المسجد النبوي بالمدينة المنورة، ثم لمَّا رحل إلى القدس أضاءه بتلك السرج، ويعدُّ أول من أنشأ منبرًا من درجتين لرسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، وأول قاصٍّ مأذونٍ له من عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وظلَّت حياتُه رضي الله عنه حافلةً بمواعظه المباركة، وبنشر العلم في ربوع بيت المقدس، مما يظهر من ذلك أن له أثرًا بالغًا في بلاد فلسطين، وظل بها إلى أن تُوفِّيَ رضي الله عنه سنة: 40هـ، ودُفن ببيت جبرين من بلاد فلسطين.

المراجع:

  • أسد الغابة، لابن الاثير 1/ 256، ط. دار الفكر.
  • إمتاع الأسماع، لتقي الدين المقريزي 13/ 141، ط. دار الكتب العلمية.
  • سير أعلام النبلاء، لشمس الدين الذهبي 4/ 75، ط. دار الحديث.
  • الأنساب، لأبي سعد السمعاني المروزي [المتوفى: 562 هـ] 5/ 282، ط. مجلس دائرة المعارف العثمانية.
  • معرفة الصحابة، لأبي نعيم الأصبهاني [المتوفى: 430 هـ] 1/ 448، ط. دار الوطن للنشر.
  • معجم البلدان، لشهاب الدين الحموي 4/ 180، 2/ 212، ط. صادر.

من الصحابة الذين اتجهوا إلى فلسطين سيدنا شدادُ بن أوس الأنصارِي الخَزْرَجِي رضي الله عنه، ولا شك في أن مجيئه إلى دولة فلسطين مما يزيدها بهاءً، وليس ذلك لأنه من أعلام الصحابة الكرام فحسب، بل لأنه كان رضي الله عنه مِن الاجتهاد في العبادة على جانب عظيم، وكان إذا أخذ مضجعه -تعلَّق على فراشه وتقلَّب عليه- يقول: اللهم إن خوف النار قد أقلقني، ثم يقوم إلى صلاته. وقد قال عبادة بنُ الصامت: كان شدادٌ من الذين أُوتوا العلم والحلم. وقال أبو الدرداء: إن الله عز وجل يؤتي الرجل العلم ولا يؤتيه الحلم، ويؤتيه الحلم ولا يؤتيه العلم، وإن أبا يعلى شداد بن أوس ممن آتاه الله العلم والحلم.


سيدنا واثلة بن الأسقع بن كعب بن عامر بن عبد العُزَّى الليثي رضي الله عنه، من الصحابة الكرام الذين عاشوا بأرض فلسطين، متحققًا في ذلك بنصيحة سيدنا رسولِ الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الواردة فيما رواه الإمام الطبراني في "المعجم الكبير" عن ذي الأصابع -ثوبان بن يمرد- رضي الله عنه قَالَ: «قُلْنَا يَا رَسُولَ الله إِنِ ابْتُلِينَا بَعْدَكَ بِالْبَقَاءِ أَيْنَ تَأْمُرُنَا؟، قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَنْشَأَ لَكُمْ ذُرِّيَّةٌ يَغْدُونَ إِلَى ذَلِكَ الْمَسْجِدِ، وَيَرُوحُونَ»، وشأنه في ذلك شأن كثير من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فهو مع كونه كان يسكن بقرية البلاط -من قرى غوطة بدمشق- وقبلها المدينة المنورة، حيث شَرُفَ واثلة بخدمة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ثلاث سنوات إلا أنه اختار فلسطين موطنًا ومُستقرًّا له بعد ذلك.


الثابت تاريخيًّا أن سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام استقرَّ في آخر حياته بفلسطين ودُفن بها، وقد اختُلف في موطن ولادته؛ فقيل: وُلِدَ بِالسُّوسِ من أرض الْأَهْوَازِ. وقيل: ولد بِبَابِلَ. وقيل غير ذلك. ولكن المتفق عليه أنه تنقَّل كثيرًا بين بلدان متعددة؛ منها: مصر، والحجاز، والشام، وغيرها، وكانت فلسطين هي مستقرَّ وموطنَ إقامة نبي الله إبراهيم عليه السلام الأخير.


من الصحابة الذي سكنوا فلسطين وعاشوا فيها: سيدنا أبو قرصافة جندرة بن خيشنة بن نفير رضي الله تعالى عنه، والذي كان يسكن أولًا بلاد تهامة بأرض اليمن، ثم فلسطين بعد فتح بيت المقدس على يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام 15هـ، وقد استطاب العيش له في عسقلان بفلسطين؛ فأقام بها ما يزيد عن عشرين سنةً من عمره وله فيها ذرية كبيرة لا سيَّما من بناته رضي الله عنه وعنهن.


من الصحابة المبرزين الذين عاشوا في فلسطين الحبيبة وأقاموا بها، سيدنا عبادة بن الصامت رضي الله عنه الذي هو أحد النقباء الاثني عشر، وقد شهد بيعتي العقبة، وشهد بدرًا وأُحدًا والخندق والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وآخى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينه وبين أبي مرثد الغنويِّ رضي الله عنه، وكان من كبار الصحابة.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 29 أبريل 2025 م
الفجر
4 :39
الشروق
6 :14
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 31
العشاء
8 :55