23 نوفمبر 2023 م

سيدنا داود عليه الصلاة والسلام

سيدنا داود عليه الصلاة والسلام

صلةُ نبي الله داود عليه الصلاة والسلام بفلسطين قائمةٌ على أساس أن الله تعالى قد جعله خليفته في أرض بيت المقدس، ويظهر في كونه خليفةً لله تعالى في هذه البلاد أن في ذلك إشارة واضحة إلى تخصيص الله تعالى وإكرامه لهذه البلاد، فهي بهذا محل أنظار الله تعالى ورضوانه منذ زمن بعيد.

وقد اشتُهر أن سيدنا داود عليه السلام هو الذي شرَع في تأسيس المسجد الأقصى، وتُوفي قبل أن يستتمَّ بناءه، وأوصى إلى سليمان عليه السلام بإتمامه، وبعضهم يرى أنه لا يُستبعد أن يكون مثل المسجد الحرام من جهة أن أول من بناه هم الملائكة، لكن الثابت يقينًا في هذا هو أن داود عليه السلام هو الذي قام بتأسيس المعبد -الذي أقيم المسجد الأقصى على طرف منه، وتوفي قبل إكماله.

وقد كانت لنبي الله داود عجائب عند المسجد الأقصى، فمما يُروى أنه قد أصاب الناسَ في زمانه طاعونٌ جارف، فخرج بهم إلى موضع بيتِ المقدس، وروى المؤرخون أنه كان يرى الملائكة تعرُج من هذا البيت المقدس إلى السَّماء، فلهذا قصده ليدعو فيه، فلما وقف موضع الصخرة دعا الله تعالى في كشف الطاعون عنهم، فاستجاب له ورَفَع الطاعون، فاتخذوا ذلك الموضع مسجدًا.

ففلسفة سيدنا داود في التعامل مع هذا البيت الكريم ونظرته له تُوحي أنه كان يُعظِّمه ويبعث في نفوس الناس المعاني المتعددة، ومجملها أن هذا البيت محطُّ أنظار الله تعالى ورضوانه.

وقد ازداد القدس شرفًا على شرفه؛ بأن دُفن فيه نبيٌّ من أنبياء الله تعالى، فإنه لما توفي داود عليه السلام في القدس دُفن بها، ولعل كون سيدنا داود مدفونًا في القدس هو وغيره من السادة الأنبياء الكرام سببًا من أسباب إطلاق الكلمة الشهيرة التي يقولها الناس، وهي: القدس أرض الأنبياء، فإن كثيرًا منهم مع كونه كان يعيش فيها فقد دُفن بها، ومنهم سيدنا داود عليه السلام.

وفي هذا الحرم القدسي من المعالم ما قد أطلق الناس عليه اسم سيدنا داود، فمن المشاهد المعروفة التي يقصدها المسلمون في مدينة القدس: محرابُ داود عليه السلام -يُعرف حاليًّا بمقام داود- ويقع خارج المسجد الأقصى.

المراجع:

  • البداية والنهاية، لابن كثير، 12/ 398، ط. دار إحياء التراث العربي.
  • البستان الجامع لجميع تواريخ أهل الزمان، لعماد الدين الكاتب، ص: 72، ط. المكتبة العصرية.
  • قصص الأنبياء، لابن كثير، 2/ 265، ط. دار التأليف.
  • الكامل في التاريخ، لابن الأثير، 1/ 198، ط. دار الكتاب العربي.
  • مرآة الزمان في تواريخ الأعيان، لسبط ابن الجوزي، 2/ 180، ط. دار الرسالة.
  • كتاب الروضتين في أخبار الدولتين، لأبي شامة المقدسي، 3/ 400، ط. مؤسسة الرسالة.

من الصحابة المبرزين الذين عاشوا في فلسطين الحبيبة وأقاموا بها، سيدنا عبادة بن الصامت رضي الله عنه الذي هو أحد النقباء الاثني عشر، وقد شهد بيعتي العقبة، وشهد بدرًا وأُحدًا والخندق والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وآخى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينه وبين أبي مرثد الغنويِّ رضي الله عنه، وكان من كبار الصحابة.


من الصحابة الذين اتجهوا إلى فلسطين سيدنا شدادُ بن أوس الأنصارِي الخَزْرَجِي رضي الله عنه، ولا شك في أن مجيئه إلى دولة فلسطين مما يزيدها بهاءً، وليس ذلك لأنه من أعلام الصحابة الكرام فحسب، بل لأنه كان رضي الله عنه مِن الاجتهاد في العبادة على جانب عظيم، وكان إذا أخذ مضجعه -تعلَّق على فراشه وتقلَّب عليه- يقول: اللهم إن خوف النار قد أقلقني، ثم يقوم إلى صلاته. وقد قال عبادة بنُ الصامت: كان شدادٌ من الذين أُوتوا العلم والحلم. وقال أبو الدرداء: إن الله عز وجل يؤتي الرجل العلم ولا يؤتيه الحلم، ويؤتيه الحلم ولا يؤتيه العلم، وإن أبا يعلى شداد بن أوس ممن آتاه الله العلم والحلم.


شهد الصحابة الكرام رضي الله تعالى عنهم المسجدَ الأقصى باعتباره قبلةً يصلون إليها قبل أن تتحول القبلة إلى بيت الله الحرام، فلم تكن مقولة (أولى القبلتين) بالنسبة لهم حدثًا نقله تاريخ الإسلام إليهم، بل كان ذلك بالنسبة لهم واقعًا يعيشونه، ونسيمًا صافيًا يتنفسون وينهلون من هوائه الصافي.


الثابت تاريخيًّا أن سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام استقرَّ في آخر حياته بفلسطين ودُفن بها، وقد اختُلف في موطن ولادته؛ فقيل: وُلِدَ بِالسُّوسِ من أرض الْأَهْوَازِ. وقيل: ولد بِبَابِلَ. وقيل غير ذلك. ولكن المتفق عليه أنه تنقَّل كثيرًا بين بلدان متعددة؛ منها: مصر، والحجاز، والشام، وغيرها، وكانت فلسطين هي مستقرَّ وموطنَ إقامة نبي الله إبراهيم عليه السلام الأخير.


منذ فجر التاريخ وبلاد فلسطين المباركة أرض تقتبس من أنوار الأنبياء الذين وُلِدُوا بها، وعاشوا على تُرابها الذكي، ودُفِنُوا بها، ومن هؤلاء الأنبياء الذين شَرُفَت بهم أرض الأنبياء أرض فلسطين: الكريمُ بن الكريم نبيُّ الله إسحاقُ بن إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 29 أبريل 2025 م
الفجر
4 :39
الشروق
6 :14
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 31
العشاء
8 :55