22 نوفمبر 2023 م

سيدنا عبادة بن الصامت رضي الله عنه

سيدنا عبادة بن الصامت رضي الله عنه

من الصحابة المبرزين الذين عاشوا في فلسطين الحبيبة وأقاموا بها، سيدنا عبادة بن الصامت رضي الله عنه الذي هو أحد النقباء الاثني عشر، وقد شهد بيعتي العقبة، وشهد بدرًا وأُحدًا والخندق والمشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وآخى النبي صلى الله عليه وآله وسلم بينه وبين أبي مرثد الغنويِّ رضي الله عنه، وكان من كبار الصحابة.

وله مع فلسطين تاريخ حافل، وآثار بليغة، فقد أقام عبادة بها بعد حمص؛ إذ كان مقامه قبل فلسطين في حمص، وبعدها توجه إلى فلسطين، ومن آثار بركته في فلسطين أنه لم يكن هناك بها أحد أوثق ولا أفقه ولا أرضى لله تعالى من عبادة بن الصامت وشداد بن أوس.

ولم تتوقف علاقته بفلسطين عند حد كونه أحد ساكنيها فحسب، بل إنه تولى القضاء فيها، وذكر المؤرخون وأهل السير أن سيدنا عبادة بن الصامت رضي الله عنه كان أولَ من ولي القضاء بفلسطين.

وكانت ولايته للقضاء بفلسطين من العلامات الواضحة في هذا الوقت؛ لأنه كان ممن جمع القرآن في زمن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم، وكان يعلِّم أهل الصُّفة القرآن الكريم، ولمّا استُخلف عمر، كتب يزيد بن أبي سفيان إليه: إنَّ أهل الشام كثير، وقد احتاجوا إلى من يُعَلِّمهم القرآن ويُفَقِّههم، فقال: أعينوني بثلاثة، فخرج معاذ، وأبو الدرداء، وعبادة بن الصامت رضي الله عنهم، وأيضًا أنه قد استعمله النبي صلى الله عليه وآله وسلم على بعض الصدقات، وكان رضي الله عنه ممن بايع رسول صلَّى الله عليه وآله وسلم على السمع والطاعة، فيظهر من ذلك أن فلسطين انتعشت بوجوده رضي الله عنه؛ ساكنًا بها من جهة، وقاضيها من جهة أخرى؛ مما يدل على أن فلسطين من البلاد التي نالت اهتمام الصحابة الكرام؛ إذ إن تولية القضاء لإمامٍ جليل من أئمة الصحابة لدليلٌ واضح على نظرة الإكبار والإجلال من الصحابة لهذه البلاد المقدسة.

وقد بدا لنا من اطلاعنا على هذه الجزئية أن سيدنا عبادة كانت تربطه علاقة طيبة بهذه البلاد، ومن الحسن في هذه العلاقة أنها لم تنقطع حتى بموته؛ لأنه حينما مات رضي الله عنه مات بفلسطين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة ودفن بالقدس الشريف سنة أربع وثلاثين للهجرة وقبره بها إلى اليوم معروف.

فالخلاصة أن سيدنا عبادة له علامات وبركات واضحة وتاريخ حافل مع بلاد القدس الشريف حتى يوم الناس هذا، بما يبيح لنا أن نقول: إنه رضي الله عنه من أهم أعلام الصحابة الكرام الذين شرف الله تعالى بالعيش في هذه البلاد، وزادها تشريفًا بأن كان ممن دُفن بها.

المراجع:

  • تاريخ أبي زرعة الدمشقي، ص: 205، ط. مجمع اللغة العربية.
  • تاريخ الطبري، للطبري 11/ 591، ط. دار التراث.
  • تاريخ الإسلام، للذهبي، 3/ 422، ط. دار الكتاب العربي.
  • الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل، لمجير الدين العُلَيْمي 1/ 261، ط. مكتبة دنديس.
  • الاستيعاب في معرفة الأصحاب، لابن عبد البر 2/ 807، ط.  دار الجيل.
  • أسد الغابة، لابن الأثير 3/ 158، ط. دار الكتب العلمية.

سيدنا واثلة بن الأسقع بن كعب بن عامر بن عبد العُزَّى الليثي رضي الله عنه، من الصحابة الكرام الذين عاشوا بأرض فلسطين، متحققًا في ذلك بنصيحة سيدنا رسولِ الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الواردة فيما رواه الإمام الطبراني في "المعجم الكبير" عن ذي الأصابع -ثوبان بن يمرد- رضي الله عنه قَالَ: «قُلْنَا يَا رَسُولَ الله إِنِ ابْتُلِينَا بَعْدَكَ بِالْبَقَاءِ أَيْنَ تَأْمُرُنَا؟، قَالَ: «عَلَيْكُمْ بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَلَعَلَّهُ أَنْ يَنْشَأَ لَكُمْ ذُرِّيَّةٌ يَغْدُونَ إِلَى ذَلِكَ الْمَسْجِدِ، وَيَرُوحُونَ»، وشأنه في ذلك شأن كثير من الصحابة رضي الله تعالى عنهم، فهو مع كونه كان يسكن بقرية البلاط -من قرى غوطة بدمشق- وقبلها المدينة المنورة، حيث شَرُفَ واثلة بخدمة رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ثلاث سنوات إلا أنه اختار فلسطين موطنًا ومُستقرًّا له بعد ذلك.


تفضَّل الله تعالى على أرض فلسطين وخصها بمجموعة من المزايا والخصائص، وأكرمها بكثير من العطايا والهبات: فمنها أن جعلها مَسْرَى النبي صلى الله عليه وآله وسلم ومعراجَه، ومنها أن قَدْ أمّ صلى الله عليه وآله وسلم جميعَ أنبياء الله تعالى فيها، ومنها أنه تعالى جعلها أرضًا مباركة كما أخبر عن ذلك في كتابه العزيز: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ﴾، ومنها أنَّ أكثرَ الأنبياء عليهم السلام قد بُعثوا منها وانتشرت شرائعهم وآثارُ بركتهم وطاعتهم لله تعالى فيها، فلا مراءَ في أن أرضًا يسكن بها أنبياء الله ورسله لابد أنها تشتمل على قدُسية وفضائل وهبات من الله تعالى.


الثابت تاريخيًّا أن سيدنا إبراهيم الخليل عليه السلام استقرَّ في آخر حياته بفلسطين ودُفن بها، وقد اختُلف في موطن ولادته؛ فقيل: وُلِدَ بِالسُّوسِ من أرض الْأَهْوَازِ. وقيل: ولد بِبَابِلَ. وقيل غير ذلك. ولكن المتفق عليه أنه تنقَّل كثيرًا بين بلدان متعددة؛ منها: مصر، والحجاز، والشام، وغيرها، وكانت فلسطين هي مستقرَّ وموطنَ إقامة نبي الله إبراهيم عليه السلام الأخير.


من الصحابة الكرام الذين عاشوا وأحبوا فلسطين وكان لهم أثرٌ في فتحها وإنارتها بالعلم والنور: الصحابيُّ الجليل أبو أمامة الباهلي رضي الله عنه، وهو أبو أمامة صُدَيُّ بنُ عَجلان بن الحارث، وكنيته "أبو أمامة" من بني سهم، وغلبت عليه كُنيته، وقد كان للوقت الذي عاشه بفلسطين أثرٌ واضح وقيمة بارزة؛ وذلك لأنه كان من المُكثرين لرواية الحديث عن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، وقد حجَّ مع النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم حجةَ الوداع وكان عمره آنذاك ثلاثين عامًا، وكان من أطول الصحابة عمُرًا رضي الله عنه؛ فهذه الأشياء جعلت أهل فلسطين يستفيدون من وجود سيدنا أبي أمامة ببلادهم؛ ولهذا كان من أهم الصحابة الذين عاشوا بهذه البلاد العامرة.


من الصحابة الذي سكنوا فلسطين وعاشوا فيها: سيدنا أبو قرصافة جندرة بن خيشنة بن نفير رضي الله تعالى عنه، والذي كان يسكن أولًا بلاد تهامة بأرض اليمن، ثم فلسطين بعد فتح بيت المقدس على يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه عام 15هـ، وقد استطاب العيش له في عسقلان بفلسطين؛ فأقام بها ما يزيد عن عشرين سنةً من عمره وله فيها ذرية كبيرة لا سيَّما من بناته رضي الله عنه وعنهن.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 29 أبريل 2025 م
الفجر
4 :39
الشروق
6 :14
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 31
العشاء
8 :55