18 مايو 2022 م

الإطار الاجتماعي.. القرابة والجيرة

الإطار الاجتماعي.. القرابة والجيرة

امتن الله تعالى على الأمة الإنسانية باتصال حلقاتها وارتباط أفرادها بعضهم ببعض؛ فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِى خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً﴾ [النساء: 1]، بل وحذَّر من قطع هذه الرحم، وجعل ذلك من الكبائر؛ كما في قولِه تعالى: ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا في الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ﴾ [محمد: 22-23].

ويتحقق باتصال أفراد الأسرة مع الأهل والأقارب والجيران وتكاتفهم فيما بينهم كسياج محكم من شأنه دعم بناء الأسرة وضمان استمرار بقائها وإشاعة الشعور بالطمأنينة والأمان؛ فهم مصادر مكملة لإطار الأسرة الاجتماعي، وقد وردت في كتاب الله تعالى الوصيةُ بهم والتكاملُ معهم في أكثر من موضع؛ مِن ذلك قولُه تعالى: ﴿وَاعْبُدُوا اللهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْـمَسَاكِينِ وَالْـجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْـجَارِ الْـجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْـجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾ [النساء: 36].

وأطراف القرابة المكوِّنة للإطار الاجتماعي للأسرة ثلاثة:

أولها: الأهل من ناحية الزوجة.

وثانيها: الأهل من ناحية الزوج.

وثالثها: الأقارب الذين يرتبطون بطرفي الأسرة بعلاقات قرابة بعيدة.

وقد هيأ الشرع الشريف الأجواء الدافئة بين هذه الأطراف؛ وذلك من خلال ذكره قراباتِ الأسرة (الأخوة والعمومة والخئولة) مع تشريع حقوق لهم تسمو فوق العلاقات العادية؛ حيث قال تعالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا﴾ [الأحزاب: 55].

وقد بنى الشرع الشريف على هذه الصلة التي اقتضتها القرابة والصداقة إباحة الأكل من بيوتهم دون دعوة مع مراعاة آداب دخول البيوت ومخالطة أهلها؛ كما في قولِه تعالي: ﴿لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى الْـمَرِيضِ حَرَجٌ وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِـحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا﴾ [النور: 61].

كما أن من تمام العلاقات مع الأسرة الجار الصالح بما يمثله من عوامل مهمة من شأنها تحقيق التعاون والتكامل؛ حيث إنه أقرب إليهم في الأفراح والأحزان، وهو مطالَب بحفظ حقوق جاره وصونه عرضه وماله ومحارمه، ولذا اختصه الشرع بمنزلة عظيمة كشف عنها صلى الله عليه وسلم بقوله: «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْـجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» متفقٌ عليه.

وتجتمع جملة الحقوق الواجبة على الأهل والأقارب والجيران تجاه أفراد الأسرة تحت عنوان: "إيصال الخير إليهم ودفع الضرر والأذى عنهم ما أمكن إلى ذلك سبيلًا"، ومع ذلك أيضًا: الدعاء وحصول الرجاء بدوام العشرة بينهم، فضلًا عن تحقيق التكافل الاجتماعي؛ حيث قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الصَّدَقَةَ عَلَى الْـمِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ، وَصِلَةٌ» رواه الترمذي في "السنن".

وبذلك نجد أن الشرع الشريف يحث الأسرة على الخروج عن الانعزال إلى إقامة العلاقات الجيدة مع الأهل والأقارب والأصدقاء والمعارف والجيران وتحسين إدارتها، لكن هذا مشروط بعدم توسع هؤلاء وتغلغلهم داخل الأسرة إلى حد يصل بالأمر إلى حد تحفيز أحد الطرفين ضد الآخر، ولا يخفى ما في ذلك من المفاسد التي تهدد هذه الحياة المعصومة.

***

 

 

جعل الله تعالى الزوجة راعية ومؤتمنة على زوجها وأسرتها، تهتم بهم وتقوم بمصالحهم وتبذل لهم ما تقتضيه فطرتها من العطف والحب والحنان، بما يعود على البناء الأسري بالاستقرار والأمان والتكامل.


جعل الله تعالى الزوج راعيًا ومؤتمنًا على أسرته عبر مراحل حياتهما، يرتاد لها الأحوال المرضية، ويهيئ لها الأجواء السعيدة بدنيًّا وفكريًّا ونفسيًّا، بما يعود عليها بالنفع والاستقرار والأمان والتكامل، وفي ذلك يقول صلى الله عليه وآله وسلم: «الرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُم». متفقٌ عليه.


الغيرة المحمودة في أصلها من المطلوبات الشرعيَّة والفضائل الأخلاقية؛ حيث تبعث على إظهار كِلَا الزوجين المودةَ والحب والاهتمام للطرف الآخر استجابة إلى ما تدعو إليه طبيعة النفوس من حب اختصاصها بمحبوبها بصفة خالصة حتى لا يشاركها في ذلك غيرها.


حفظ أسرار الزوجية له أهمية كبرى في بناء الحياة الأسرية السعيدة؛ باعتباره قيمةً أسرية شرعية واجتماعية وأخلاقية؛ لذا حظر الشرع الشريف على كلا الزوجين التحدث عنها والكشف عن مستور هذه العلاقة؛ خاصة أنها ذات طبيعة خاصة مبنية على الامتزاج والميثاق الغليظ ودوام الألفة.


أقر الشرع الشريف مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة باعتباره حقًّا لهما، وحثهما على الانطلاق منه في تفاصيل حياتهما الأسرية، كما أطلق حرية كلٍّ منهما في التصرف في ماله؛ فقد جاء أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «كلُّ أَحَدٍ أَحَقُّ بمِاله مِن والدِه ووَلَدِه والناسِ أَجمَعِينَ» "سنن الدارقطني".


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 07 يونيو 2025 م
الفجر
4 :8
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 54
العصر
4:30
المغرب
7 : 55
العشاء
9 :27