29 أكتوبر 2017 م

"وصفُ أقوامٍ يدخلون الجنَّةَ «أَفْئِدَتُهُمْ مِثْلُ أَفْئِدَةِ الطَّيْرِ»

"وصفُ أقوامٍ يدخلون الجنَّةَ «أَفْئِدَتُهُمْ مِثْلُ أَفْئِدَةِ الطَّيْرِ»

 عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَقْوَامٌ أَفْئِدَتُهُمْ مِثْلُ أَفْئِدَةِ الطَّيْرِ» رواه مسلم.
فما هو الفؤاد؟
- قيل: الفؤاد عبارة عن باطن القلب.
- وقيل: الفؤاد عين القلب.
- وقيل: القلب أخص من الفؤاد.
- وقيل: الفؤاد غشاءُ القلب، والقلبُ جُثَّتُه، ومعنى وصفه للقلب بالضَّعف واللِّين والرِّقَّة يرجع كلُّه إلى سرعة الإجابة، وضد القسوة التي وُصف بها غيرُهم.
وما هو التفسير لوصف أفئدة هؤلاء القوم بهذا الوصف؟
يذكر الشَّارحون في تفسير هذا الوصف ثلاثة وجوه:
- الوجه الأول: أي: قلوبهم مثل أفئدة الطير فِي الرِّقَّةِ وَاللِّينِ وَالرَّحْمَةِ وَالصَّفَاءِ، وَالْخُلُوِّ منِ الْحَسَدِ وَالْحِقْدِ وَالْغِلِّ وَالْبَغْضَاءِ.
وَمُجْمَلُهُ: لِكَوْنِهَا خَالِيَةً مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، سَلِيمَةً مِنْ كُلِّ عَيْبٍ، فهي قلوبٌ لا خبرة لها بأمور الدنيا، ولا تحتمل أشغال الدنيا، فلا يسعها الشيء وضده كالدنيا والآخرة.
- الوجه الثاني: أي: قلوبهم مثل أفئدة الطير في الخوف والهيبة، والطير أكثر الحيوانات خوفًا وحذرًا، فهم قوم رقَّت قُلُوبهم فَاشْتَدَّ خوفهم من الْآخِرَة وَزَاد على الْمِقْدَار، فشبههم بالطير الَّتِي تفزع من كلِّ شَيْءٍ وتخافه، ويؤيد هذا عموم قوله تَعَالَى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾ [فاطر: 28].
وقد جَاءَ عَن جماعاتٍ من السّلفِ هذا الوصف من غلبة الخوف عليهم، أفئدة هؤلاء مما حلَّ بها من هيبة الحقِّ وخوفِ جلال الله وسلطانه لا تطيق حبس شيءٍ يبدو من آثار القدرة؛ ألا ترى أن المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا رأى شيئًا من آثارها؛ كغمامٍ فزع، فإذا أمطرت سُرِّيَ عنه. وسمع إبراهيم بن أدهم قائلًا يقول: "كل ذنب مغفور سوى الإعراض عنَّا"؛ فسقط مُغمًى عليه. وسُمي عليُّ بن الفضيل قتيلَ القرآن.
الوجه الثالث: أي: قلوبهم مثل أفئدة الطير في التَّوكُّل؛ كما جاء في الحديث: «لَوْ أَنَّكُمْ تَتَوَكَّلُونَ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا»، وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [العنكبوت: 60] رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَكَذَا أَحْمَدُ فِي "مُسْنَدِهِ".
فاللهم ارزقنا الجنَّة ونعيمها، وجنِّبنا النَّار وعذابها.
المصادر
- "مطالع الأنوار على صحاح الآثار".
- "تفسير القرطبي".
- "المفهِم شرح صحيح مسلم" للقرطبي (17/ 177).
- "كشف المشكل من حديث الصحيحين" لابن الجوزي.
- "الدِّيباج شرح صحيح مسلم" للسيوطي.
- "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح" لعلي القاري.
- "فيض القدير" للمناوي.

عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَنْشَأُ نَشْءٌ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ» قَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلَّمَا خَرَجَ قَرْنٌ قُطِعَ، أَكْثَرَ مِنْ عِشْرِينَ مَرَّةً، حَتَّى يَخْرُجَ فِي عِرَاضِهِمُ الدَّجَّالُ» رواه ابن ماجه في "سننه"، قال البوصيري في "الزوائد": [إسناده صحيح، وقد احتج البخاري بجميع رواته] اهـ.


عَنِ النُّعْمَانَ بْن بَشِيرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ القَائِمِ عَلَى حُدُودِ اللهِ وَالوَاقِعِ فِيهَا، كَمَثَلِ قَوْمٍ اسْتَهَمُوا عَلَى سَفِينَةٍ، فَأَصَابَ بَعْضُهُمْ أَعْلاَهَا وَبَعْضُهُمْ أَسْفَلَهَا، فَكَانَ الَّذِينَ فِي أَسْفَلِهَا إِذَا اسْتَقَوْا مِنَ الْمَاءِ مَرُّوا عَلَى مَنْ فَوْقَهُمْ، فَقَالُوا: لَوْ أَنَّا خَرَقْنَا فِي نَصِيبِنَا خَرْقًا وَلَمْ نُؤْذِ مَنْ فَوْقَنَا، فَإِنْ يَتْرُكُوهُمْ وَمَا أَرَادُوا هَلَكُوا جَمِيعًا، وَإِنْ أَخَذُوا عَلَى أَيْدِيهِمْ نَجَوْا، وَنَجَوْا جَمِيعًا» متفق عليه.


عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الحَلالُ بَيِّنٌ، وَالحَرَامُ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشَبَّهَاتٌ لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الْمُشَبَّهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ: كَرَاعٍ يَرْعَى حَوْلَ الحِمَى، يُوشِكُ أَنْ يُوَاقِعَهُ، أَلا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلا إِنَّ حِمَى اللَّهِ فِي أَرْضِهِ مَحَارِمُهُ، أَلا وَإِنَّ فِي الجَسَدِ مُضْغَةً: إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الجَسَدُ كُلُّهُ، أَلا وَهِيَ القَلْبُ» رواه البخاري ومسلم واللفظ للبخاري.


عن حُذَيْفَةُ رضي الله عنه قَالَ: حَدَّثَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ حَدِيثَيْنِ، رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ، حَدَّثَنَا: «أَنَّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرِّجَالِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ القُرْآنِ، ثُمَّ عَلِمُوا مِنَ السُّنَّةِ» وَحَدَّثَنَا عَنْ رَفْعِهَا قَالَ: «يَنَامُ الرَّجُلُ النَّوْمَةَ، فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ، فَيَظَلُّ أَثَرُهَا مِثْلَ أَثَرِ الوَكْتِ، ثُمَّ يَنَامُ النَّوْمَةَ فَتُقْبَضُ فَيَبْقَى أَثَرُهَا مِثْلَ المَجْلِ،


عن أبي تميم الجيشاني، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ، لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ؛ تَغْدُو خِمَاصًا، وَتَرُوحُ بِطَانًا» أخرجه الترمذي في" سننه"، وقال عقبه: هذا حديث حسن صحيح.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 11 أغسطس 2025 م
الفجر
4 :45
الشروق
6 :20
الظهر
1 : 0
العصر
4:37
المغرب
7 : 40
العشاء
9 :4