13 سبتمبر 2017 م

بِلْقِيس ملكةُ سَبَأ

بِلْقِيس ملكةُ سَبَأ

 كانت بِلْقِيس ملكة على سبأ بأرض اليمن، وقد اشتهر أمرها بسبب القصَّة الشَّيِّقَة التي ذكرها الله في القرآن عنها وتحوُّلِها من الكفر بالله إلى الإيمان به، على يد نبي الله سليمان عليه السلام.
كان الله قد أعطى سيدنا سليمان عليه السلام مُلْكًا عظيمًا، وعلَّمه لغةَ الطَّيرِ وكانوا جزءًا من مملكته، وقد تفقَّدَ الطير ذات مرة فلم يجد الهُدْهُدَ وتوعَّدَه بالعذاب أو الذبح إن لم يأته بمبرِّرٍ لغيابه، فلما حضر الهدهد أخبره أنه كان في مهمة يأتيه من خلالها بخبر مملكة سبأ؛ حيث وجد امرأة ملكة عليهم، وهي وقومها يسجدون للشمس من دون الله وصدَّهم الشيطان عن عبادته سبحانه وتعالى؛ فقال له سليمان: ﴿سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ ۞ اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ﴾ [النمل: 27-28]، وأرسله برسالة إلى هذه الملكة يدعوها فيها وقومها إلى الإسلام لله عز وجل والدخول تحت ملك سليمان.
وهنا تبدَّتْ حكمة هذه الملِكة، فلم تنفرد برأيٍ أو تستبد بقرارٍ يتعلَّق بهذه الدعوة، بل دعت كبار قومها وممثليهم تستشيرهم وتأخذ برأيهم؛ قال تعالى: ﴿قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ ۞ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ۞ أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ ۞ قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ﴾ [النمل: 29-32].
فانبرى القوم يُظهرون شجاعتهم وقوتهم واستعدادهم للردِّ على دعوة سليمان بقتاله، ﴿قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ﴾ [النمل: 33].
وهنا بَدَتْ أكثر حكمة منهم، مالكةً لزمام أمرها لا تحكمها الانفعالات، بل تنظر في عواقب الأمور وتقدر مآلاتها، فقالت: إن النصر غير مؤكَّد، ومن شأن الملوك إذا دخلوا القرى محاربين أن يفسدوها ويجعلوا العزيز فيها ذليلًا، وأنها قررت أن تسلك سبيل الصلح، وأن ترسل له بهديةٍ يتقرَّر على إثر رد فعل سليمان عليها السبيل الذي ستسلكه تجاهَهُ، فإن قَبِلَها فهو مَلِكٌ دُنيويٌّ، وإن رفضها فهو نبيٌّ من عند الله لا تُغريه الهدية ﴿قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ ۞ وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ﴾ [النمل: 34-35].
فما كان من سيدنا سليمان عليه السلام إلا أن رفض هديَّتها، وأنكر هذا الفعل منها، فإنه رشوة لصرفه عن الدعوة إلى الله، وهو لا ينتظر مالًا أو عَرَضًا من أعراض الدنيا، وهدَّدَهم بإرسال جنود لا يستطيعون مواجهتهم، وأنه سيخرجهم من ملكهم صاغرين، قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ ۞ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ﴾ [النمل: 36-37].
فلما علمت بِلقيس بهذا الرفض وتهديد سليمان لها، أدركت أنه نبيٌّ من عند الله لا يغرَّه مالٌ ولا تستميله هدايا من أعراض الدنيا، فقررت أن تذهب إليه وأن تدخل في طاعته، فأراد سيدنا سليمان حين اقتربت من الوصول إليه أن يُرِيَها مظاهر قدرة دولته، فقال لحاشيته: ﴿يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ [النمل: 38]، فقال عفريت من الجنِّ أنه يمكنه المجيءُ به قبل أن يقوم سليمان من مقامه، ثم قال الذي عنده علمٌ من الكتاب أنه سيأتيه به قبل أن يرتدَّ إليه طرفه، واختلف العلماء في تحديد المراد بالذي عنده علم الكتاب، هل هو أحد وزراء سليمان؟ أو أحد الملائكة؟ أو سليمان نفسه؟ أو غير ذلك؟، وعلى كلٍّ فقد جيء بعرش بلقيس بسرعة، فلما رآه سليمان أمامَه مستقرًّا شكر الله سبحانه وتعالى على فضله وتمكينه من هذه النعم.
ثم طلب من مَلَئِه أن يغيِّروا في أوصاف عرش بلقيس، ليرى إن كانت ستعرفه أم لا، اختبارًا لرجاحة عقلها؛ قال تعالى: ﴿فَلَمَّا جَاءَتْ قِيلَ أَهَكَذَا عَرْشُكِ قَالَتْ كَأَنَّهُ هُوَ وَأُوتِينَا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهَا وَكُنَّا مُسْلِمِينَ﴾ [النمل: 42]، أي قالت: كنا مسلمين من قبل هذه المعجزة، وقيل: بل هو من كلام سيدنا سليمان.
ثم قال تعالى: ﴿وَصَدَّهَا مَا كَانَتْ تَعْبُدُ مِنْ دُونِ اللهِ إِنَّهَا كَانَتْ مِنْ قَوْمٍ كَافِرِينَ﴾ [النمل: 43]، أي صدَّها عن إعلان إسلامها قبل مجيئها إلى سليمان أنها كانت من قوم راسخين في الكفر، فانتظرت حتى أتت إلى سليمان؛ ليروا بأنفسهم دلائل نبوته فيسلموا أيضًا، وهذا من رجاحة عقلها أيضًا.
لقد مثَّلت قصة بلقيس، ملكة سبأ، نموذجًا للمرأة الراجحة العقل، والحاكمة الرشيدة، التي تستمع لغيرها وتستشير ملأها، ولا تنفرد برأي أو تستبد بقرار، ثم هي مع ذلك منحازة للحقِّ، حين تتبيَّنُه، فقد آمنت بدعوة سيدنا سليمان ودخلت في ملكه، حين تبيَّنَتْ بالدلائل صحة نبوة سليمان عليه السلام، وأتت له بقومها حتى يُسلموا معها.
المصادر:
- "تفسير روح المعاني" للألوسي.
- "تفسير التحرير والتنوير" للطاهر بن عاشور.

يقول الله تعالى: (إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة: 40].


الصحابي الجليل، سيدنا عياش بن أبي ربيعة رضي الله عنه، كان قد أسلم مبكرًا قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دار الأرقم، وقبل أن يدعو فيها، وأخفى إسلامه، وهاجر إلى المدينة مع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فذهب أبو جهل والحارث بن هاشم -وهما أخويه لأمِّه- وقالا له: "إن أمَّك قد نَذَرَتْ أن لا يمسَّ رأسها مشط حتى تراك، ولا تستظل من شمس حتى تراك، وقد حلفتْ لا تأكل طعامًا ولا شرابًا حتى ترجع إليها، ولك الله علينا أن لا نكرهك على شيءٍ، ولا نحول بينك وبين دينك"، فاستشار عياشٌ سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال له: "يا عياش، إنه والله إن يريدك


من القصص البليغ الذي ذكره الله تعالى في القرآن الكريم قصة مؤمن آل فرعون، وهو شخص آمَنَ بدعوة سيدنا موسى عليه السلام، ولكنَّه كتمَ إيمانَه ولم يُظهرْه للناس، وقد كان فرعون جبارًا طاغيًا، فلم يكن لجهره بإيمانه كبير فائدة في ظل هذه الظروف، وقد هداه الله لاختزان الجهر بإيمانه للحظة المناسبة، التي يكون فيها لهذا الجهر فائدة.


هو الصحابي الجليل طلحة بن عبيد الله بن عثمان بن عمرو التيمي رضي الله عنه، أحد العشرة المشهود لهم بالجنَّة، كان يُعرف بطلحة الخير، وطلحة الفيَّاض، له عِدَّة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم.


هو أصحمة ملك الحبشة، معدود في الصحابة رضي الله عنهم، وكان ممن حسن إسلامه ولم يهاجر، ولا له رؤية، فهو تابعي من وجه، صحابي من وجه، وقد توفي في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فصلى عليه بالناس صلاة الغائب، ولم يثبت أنه صلى على غائب سواه، وسبب ذلك أنه مات بين قوم نصارى، ولم يكن عنده من يصلي عليه؛ لأن الصحابة الذين كانوا مهاجرين عنده خرجوا من عنده مهاجرين إلى المدينة عام خيبر.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 17 يوليو 2025 م
الفجر
4 :22
الشروق
6 :5
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 57
العشاء
9 :27