26 يوليو 2017 م

طالوت.. الملك القوي الصالح

طالوت.. الملك القوي الصالح

 من القصص المهمة في القرآن، تلك القصة التي تحدَّثت عن طالوت، أحد ملوك بني إسرائيل؛ ففيها الكثير من العبر والدِّلالات.
فبعد وفاة سيدنا موسى عليه السلام، تعاقب على بني إسرائيل عدد من الأنبياء، وبعضهم كانوا ملوكًا عليهم، وقد أهمل بنو إسرائيل التمسك بتعاليم التوراة، وعبدوا الأصنام، وأُخذ منهم التابوت الذي تركه لهم سيدنا موسى فيه سكينةٌ من الله عزَّ وجلَّ، وألواح التوراة وبعض الأشياء الأخرى، من بعض القبائل، وساءت أحوالهم، وكان بينهم نبي طلبوا منه أن يسأل الله أن يبعث لهم ملكًا لكي يقاتلوا بدلًا مما يعانوه من إهانةٍ وتشريدٍ، فسألهم النبي إن كانوا حقًّا سيقاتلون، فقالوا له نعم سنقاتل، وكيف لا نقاتل وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا، لكن كعادتهم لم يصدقوا مع الله عز وجل؛ قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [البقرة: 246].
ثم أخبرهم نبيُّهم أن الله عز وجل قد بعث لهم طالوت ملكًا عليهم، ويُقال: إن طالوت هذا كان سقَّاءً فقيرًا غير معروف بينهم، وقيل إنهم لم يعرفوه للوهلة الأولى وأخذوا يفكرون فيمن يكون طالوت هذا، فلما عرفوه احتقروه واستنكروا أن يكون ملِكًا عليهم، لأنه ليس من وجهائهم، بالإضافة إلى أنه فقير ليس عنده مال، وبالرغم من أهمية هذه الاعتبارات التي ذكروها؛ لأن الوجاهة والمال مما يُعين الحاكم على تقلُّد مهام منصبه وتيسير قيادته ومواجهة الأزمات؛ لما له من علاقات وخبرة ووفرة مادية، لكن الله جل شأنه أخبرهم أن هناك اعتبارات أخرى تتفوق على هذه الاعتبارات، أولها وأهمها اصطفاء الله له، وهذا أمر مفهوم بالنسبة لقوم يأتيهم خبر السماء وبينهم نبي يبلغ رسالة ربه إليهم، ويجب أن يكون هذا الاصطفاء حاسمًا في استجابتهم، لولا أنهم جبلوا على الجدل والمراوغة والعناد، وبالإضافة إلى الاصطفاء الإلهي، هناك أيضًا العلم والقوة الَّذيْن منحهما الله تعالى لطالوت، فكان طالوت لديه مزية زائدة عن قومه في العلم والقوة، خاصَّة أنهم كانوا يطلبون ملكًا يقاتلون معه ضد أعدائهم، وعلم الملك وقوته مهمان لتحقيق الغاية من وجوده في موقع القيادة، حتى يحسن التخطيط للحرب، ويستطيع الصمود والمواجهة بقوته الجسمانية أمام خصوم أشدَّاء، فيثبت الجنود بثباته ويزدادون حماسة بصموده وفتوَّته، وفوق ذلك كله، أخبرهم النبي بحقيقة خالدة، وهي أنَّ الله تعالى يؤتي ملكه من يشاء؛ فالكون كله ملك له سبحانه وتعالى، والأمر أمره والتدبير تدبيره، فلا ينازع الله في ملكه أحد كائنًا من كان؛ قال تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكًا قَالُوا أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 247].
وبَيَّنَ لهم النبي أن الله قد جعل لمُلكه علامة ظاهرة، وهي استعادة التابوت والآثار التي كانت عندهم من لدن سيدنا موسى عليه السلام؛ حتى يكون في ذلك مزيد تصديق وإقناع لهم لملكه عليهم، فحملت الملائكة التابوت وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون إليهم، بعد أن أُخِذَتْ منهم؛ قال تعالى: ﴿وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ﴾ [البقرة: 248].
وجاء أوان القتال فخرج معه عدد منهم، وأرهقهم السير وأجهدَهم العطش، وتململ كثير منهم من القتال، وتهيَّبوا مواجهة جالوت وجنوده بقوتهم المعروفة وأعدادهم الغفيرة، فأراد طالوت أن يختبر صدقهم كقائد يجب أن يدرك حقيقة ما لديه من قوة وقدرة، فأخبرهم أنهم سيجدون نهرًا في طريقهم، فنهاهم عن الشرب منه، وعفا لهم عن غرفة واحدة يبل بها الجندي ريقه، فلما وصلوا إلى النهر، شرب معظمهم حتى ارتووا وخالفوا أمر ملكهم، إلا عدد قليل لم يشرب أو اغترف غرفة واحدة، وذُكِر أن هذا العدد بضع مئات قليلة، وقيل: بضعة آلاف، وفي كل الأحوال كان هذا العدد قليلًا جدًّا لخوض معركة أمام جيش قوي به عشرات الآلاف من المقاتلين الأشدَّاء.
ثم جاوز طالوت بهؤلاء القلَّة الذين صمدوا النهر، فقال بعضهم: إنهم لا طاقة لهم على قتال جالوت وجنوده وهم على هذا الحال وبهذا العدد القليل، لكن ذكرهم المخلصون المتوكلون على الله، بأن النصر حقيقة من عند الله، وجهدهم وقتالهم وتخطيطهم مجرد أسباب ظاهرة، لا تؤدي إلى النصر بذاتها، بل بتوفيق الله؛ قال تعالى: ﴿فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قَالُوا لَا طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ وَاللهُ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ [البقرة: 249].
والتقى الجيشان؛ جيش المؤمنين وجيش الكافرين، ورأى المؤمنون أعدادًا هائلة من الكفار، أقوياء أشدَّاء، وأسلحة وعتادًا، فطلبوا من الله الصبر والثبات والنصر، وكان من ضمن الجنود المؤمنين شابٌّ صغيرٌ مؤمنٌ، صار فيما بعد نبيًّا عظيمًا، وملِكًا صالحًا عليهم، هو سيدنا داود عليه السلام، وقد قتل سيدنا داود قائد الكفار جالوت، وقيل: إن جالوت دعاهم إلى المبارزة فخرج إليه سيدنا داود وهو صغير فسخر منه، ولكن سيدنا داود أصرَّ على مواجهته، فحاول جالوت أن يقتله فلم يستطع، وقتله سيدنا داود، واشتبك الجيشان فانتصر المؤمنون على الكافرين بفضل الله وإرادته، وكان في ذلك تمهيد لسيدنا داود عليه السلام ليكون قائدًا ونبيًّا لبني إسرائيل؛ كما قال سبحانه: ﴿وَلَمَّا بَرَزُوا لِجَالُوتَ وَجُنُودِهِ قَالُوا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا وَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ ۞ فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ﴾ [البقرة: 250-251].
لقدْ بيَّنَتْ لنا قصة طالوت العديد من المعاني المهمة والقيم السامية والأخلاق العالية التي يجب على الإنسان أن يدركها في علاقته مع ربه وفي سعيه الدنيوي، فيجب أن يكون مطيعًا مسلِّمًا لله جل وعلا، وأن يدرك أن الكون كله بيد الله، لا يكون فيه إلا ما أراد، وأن عليه أن يأخذ بالأسباب، وأن السلطة والزعامة ليست حكرًا على فئة من الفئات يتوارثونها فيما بينهم، بل لها مقومات، وهذه المقومات فضَّل الله بعضها على بعض، وأنه لا بد للمجتمعات من نظام ينظم شؤونها ويحدد المهام المختلفة فيها، وعلى أفراد المجتمعات أن يتعاونوا فيما بينهم من أجل حفظ النظام والالتزام بالقواعد الموضوعة من أجل تحقيق الأهداف الخاصة بهم، وأن لا ينسوا في غمرة هذا كله أن النصر من عند الله يؤتيه من يشاء.
المصادر:
- "تفسير الطبري" (5/ 291، وما بعدها).
- "تفسير التحرير والتنوير" للطاهر بن عاشور (2/ 484، وما بعدها).

تعد قصة امرأة العزيز التي قصَّها الله سبحانه وتعالى علينا في القرآن في سورة سيدنا يوسف عليه السلام، من القَصص الذي يُبيِّن كيف يمكن للإنسان حين ينحرف أن يراجع نفسه ويعود إلى جادَّة الطريق. لقد كانت امرأة العزيز مفتونة بهذا الفتى اليافع "يوسف" ترجو أن تنال منه ما تنال المرأة من زوجها، بل إن هذا الشعور تسرَّب من نفسها وبيتها إلى أن صار حديث نسوة البلد، يتداولن فيما بينهنَّ أن هذا الفتى الذي يعيش لديها وزوجها قد شغفها حُبًّا، وهي وقد فشلت في النيْل منه حين راودته عن


كان قارون من قوم سيدنا موسى عليه السلام، وقيل كان ابن عمه، وقد ضرب الله تعالى به المثل في عاقبة الجبارين المتكبرين، ذلك أنه تكبر على قومه وتعالى عليهم، بعد أن أغناه الله وآتاه من الكنوز ما يثقل على الجمع من الرجال الأشداء الأقوياء حمل مفاتيح خزائنه، ولكنه لم يكترث لما منحه الله إياه من نعم، وقد حذَّره قومه من تكبُّره وفرحه بما هو فيه دون أداء الشكر اللازم على هذه النعم لله سبحانه وتعالى


أبو لهب هو عبد العُزَّى بن عبد المطلب أحد أعمام الرسول صلى الله عليه وسلم، وزوجته هي أروى بنت حرب بن أُمَيَّة، أُخْتُ أبي سفيان بن حرب، وكُنْيَتها أمُّ جَمِيل، نزل فيهما سورة المسد، وقد مات هو وزوجته على الشِّرك.


قصةُ ابْنَيْ آدم عليه السلام من القصص ذات الدِّلالات المهمة في القرآن؛ حيث بيَّن الله فيها جانبًا من نوازع النفس البشرية وكيفية التعامل معها؛ قال تعالى: ﴿وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِنْ أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الْآخَرِ قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ﴾ [المائدة: 27].


الصحابي الجليل، سيدنا عياش بن أبي ربيعة رضي الله عنه، كان قد أسلم مبكرًا قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دار الأرقم، وقبل أن يدعو فيها، وأخفى إسلامه، وهاجر إلى المدينة مع سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، فذهب أبو جهل والحارث بن هاشم -وهما أخويه لأمِّه- وقالا له: "إن أمَّك قد نَذَرَتْ أن لا يمسَّ رأسها مشط حتى تراك، ولا تستظل من شمس حتى تراك، وقد حلفتْ لا تأكل طعامًا ولا شرابًا حتى ترجع إليها، ولك الله علينا أن لا نكرهك على شيءٍ، ولا نحول بينك وبين دينك"، فاستشار عياشٌ سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال له: "يا عياش، إنه والله إن يريدك


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 25 أبريل 2025 م
الفجر
4 :44
الشروق
6 :17
الظهر
12 : 53
العصر
4:29
المغرب
7 : 29
العشاء
8 :52