13 سبتمبر 2017 م

لا يَشكرُ اللهَ مَن لا يَشكرُ الناسَ

لا يَشكرُ اللهَ مَن لا يَشكرُ الناسَ

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «لَا يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ» رواه أبوداود في "سننه".
جاء في سبب ورود هذا الحديث ما أخرجه ابن عساكر في "تاريخ دمشق" (41/ 147)، عن مالك بن أنس عن الزهري عن أبي حدرد أو ابن أبي حدرد الأسلمي رضي الله عنهم قال: تذاكرنا يومًا في مسيرنا الشكر والمعروف، فقال محمد بن مسلمة رضي الله عنه: كنا يومًا عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال لحسان بن ثابت رضي الله عنه: «أَنْشِدْنِي قَصِيدَةً مِنْ شِعْرِ الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ وَضَعَ عَنْكَ آثَامَهَا فِي شِعْرِهَا وَرِوَايَتِهَا»، فَأَنْشَدَهُ قَصِيدَةً هَجَا بِهَا الأَعْشَى عَلْقَمَةَ بْنَ عُلاثَةَ:
عَلْقَمُ مَا أَنْتَ إِلَى عَامِرِ ... النَّاقِضِ الأَوْتَارَ وَالْوَاتِرَ
فِي هِجَاءٍ كَثِيرٍ هَجَا بِهِ عَلْقَمَةَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «يَا حَسَّانُ، لا تَعُدْ تُنْشِدُنِي هَذِهِ الْقَصِيدَةَ بَعْدَ مَجْلِسِي هَذَا»، قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، تَنْهَانِي عَنْ مُشْرِكٍ مُقِيمٍ عِنْدَ قَيْصَرَ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «يَا حَسَّانُ، أَشْكَرُ النَّاسِ لِلنَّاسِ أَشْكَرُهُمْ للهِ، وَإِنَّ قَيْصَرَ سَأَلَ أَبَا سُفْيَانَ بْنَ حَرْبٍ عَنِّي، فَتَنَاوَلَ مِنِّي، وَقَالَ وَقَالَ، وَسَأَلَ هَذَا عَنِّي فَأَحْسَنَ الْقَوْلَ»، فَشَكَرَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ عَلَى ذَاكَ.
وفى طريق آخر عن محمد بن مسلمة رضي الله عنه فيه: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «يَا حَسَّانُ، لا تُنْشِدُنِي مِثْلَ هَذَا بَعْدَ الْيَوْمِ»، فَقَالَ حَسَّانٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، تَمْنَعْنِي مِنْ رَجُلٍ مُشْرِكٍ هُوَ عِنْدَ قَيْصَرَ أَنْ أَذْكُرَ هِجَاءً لَهُ؟ فَقَالَ: «يَا حَسَّانُ، إِنِّي ذُكِرْتُ عِنْدَ قَيْصَرَ وَعِنْدَهُ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ حَرْبٍ وَعَلْقَمَةُ بْنُ عُلاثَةَ، وَأَمَّا أَبُو سُفْيَانَ فَلَمْ يَتْرُكْ فِيَّ، وَأَمَّا عَلْقَمَةُ فَحَسَّنَ الْقَوْلَ، وَإِنَّهُ لا يَشْكُرُ اللهَ مَنْ لا يَشْكُرُ النَّاسَ».
وفي طريقٍ آخر عن عمر بن شبة رضي الله عنه، فقال حسان: يا رسول الله، من نالتك يده وجب علينا شكره.
ولا يخالف أحد في أن شكر المنعِم في الجملة واجب بالعقل كما هو واجب بالشرع، وأوجبها شكر الباري تعالى، ثم شكر من جعله سببًا لوصول خير إليك على يده، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: «مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللهَ»، وقال عليه الصلاة والسلام: «اشْكُرْ لِمَنْ أَنْعَمَ عَلَيْكَ، وَأَنْعِمْ عَلَى مَنْ شَكَرَكَ، فَإِنَّهُ لا بَقَاءَ لِلنِّعْمَةِ إِذَا كُفِرَتْ، وَلا زَوَالَ لَهَا إِذَا شُكِرَتْ».
وقال بعض أهل العلم: كل نعمة يمكن شكرها إلَّا نعمة الله تعالى فإنَّ شكر نعمته نعمةٌ منه، فيحتاج العبد أن يشكر الثاني كشكرهِ الأَوَّل، وكذلك الحال في الثَّالث والرَّابع، وهذا يؤدي إلى ما لا يتناهى، ولذلك قال موسى عليه الصلاة والسلام: «اللهم أمرتني بالشكر على نعمتك، وشكري إيَّاك نعمة من نعمك».
ومن هذا أخذ الشَّاعر فقال:
إذا كان شكري نعمة الله نعمة ... عليَّ له في مثلها يجب الشكرُ
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله ... وإن طالت الأيام واتصل العمرُ
ولهذا قيل: غاية شكر الله تعالى الاعتراف بالعجز عنه.
ويقرر الإمام الغزالي أن شكر الوسائط هو من أنواع الشكر لله سبحانه وتعالى؛ يقول في "إحياء علوم الدين": [الشكر درجات كثيرة ذكرنا أقصاها ويدخل في جملتها أمور دونها؛ فإن حياء العبد من تتابع نعم الله عليه شكر، ومعرفته بتقصيره عن الشكر شكر، والاعتذار من قلة الشكر شكر، والمعرفة بعظيم حلم الله وكنف ستره شكر، والاعتراف بأن النعم ابتداء من الله تعالى من غير استحقاق شكر، والعلم بأن الشكر أيضًا نعمة من نعم الله وموهبة منه شكر، وحسن التواضع للنعم والتذلل فيها شكر، وشكر الوسائط شكر؛ إذ قال عليه السلام: «مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللهَ»] اهـ.
ومن هنا فقد استحب للفقير أن يخصَّ ذا المعروفِ إليه بدعوات شكرًا لما أَوْلاهُ وتأدُّبًا وتخلقًا بفعل مولاه؛ لأنه قد جعله سببًا للخير وواسطة للبرِّ؛ إِذِ الله سبحانه وتعالى يشهد نفسه بالعطاءِ، ثم قد أثنى على عبده وشكر له في الإعطاء، فليقل طهَّر الله قلبك في قلوب الأبرار، وزكَّى عملك في عمل الأخيار، وصلَّى على روحك في أرواح الشهداء؛ فذلك هو شكر الناس، والدعاء لهم، وحسن الثناء عليهم.
ومن شكرهم أيضًا ألَّا يذمهم في المنع، ولا يعيبهم عند القبض، فذلك تأويل الخبر: «مَنْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللهَ»؛ فإنَّ فيه إثبات حكم الأواسط، واستعمال حسن الأدب في إظهار النعم والتخلّق بأخلاق المنعم، لأنه أنعم عليهم ثم شكر لهم كرمًا منه.
وكذلك في الخبر: العبد الموقن يشهد يد مولاه في العطاء، فحمد ثم شكر للمتّقين، إذ جعلهم مولاه سبب حمده، وطرقًا لرزقه. وفي الخبر: «مَنْ صَنَعَ إِلَيْكُمْ مَعْرُوفًا فَكَافِئُوهُ، فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا مَا تُكَافِئُونَهُ فَادْعُوا لَهُ حَتَّى تَرَوْا أَنَّكُمْ قَدْ كَافَأْتُمُوهُ».
وأورد الإمام المناوي معنيين لمغزى قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «منْ لَمْ يَشْكُرِ النَّاسَ لَمْ يَشْكُرِ اللهَ»:
- المعنى الأول: أن الله لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس وينكر معروفهم لاتصال أحد الأمرين بالآخر.
- المعنى الثاني: من كان طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لمعروفهم، كان عادته كفران نعم الله وترك الشكر له.
ويرى المناوي أن المعنى الأول هو الأقرب للصواب.
وعلى كلا المعنيين فإنه سبحانه وتعالى هو المنعم حقيقة، وهو سبحانه قد أذن في الشكر للناس لما فيه من تأثير المحبة والألفة.
فاللهم يا أرحم الراحمين أدم الأُلفة والمودة فيما بيننا، واجعلنا إخوانًا متراحمين وعلى محبتك مجتمعين.
 

جاء عن عَلِيٍّ رضي الله عنه قال: «حَدِّثُوا النَّاسَ، بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ، اللَّهُ وَرَسُولُهُ». وجاء عن عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: «مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ، إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً». هنا جاء على لسان سيدنا علي بن أبي طالب وسيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما مبدأ أساسي من مبادئ الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وقاعدة تربوية تعليمية مقررة، وهي أن يقتصر بالمتعلم على قدر فهمه فلا يُلقى إليه ما لا يبلغه عقله فيُنفِّره أو يَخبِط عليه عقله؛ اقتداء في ذلك بسيد البشر صلى الله


عَنْ أَبِي مُوسَى، عَنِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَثَلُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضًا، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِيرَ، وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أخرى، إِنَّمَا هِيَ قِيعَانٌ لاَ تُمْسِكُ مَاءً، وَلاَ تُنْبِتُ كَلأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقِهَ فِي دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِي اللَّهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَأْسًا، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ» يبين رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الشريف أن الْهُدَى الَّذِي جَاءَ بِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَجُلًا كَانَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَمَرَّ بِهِ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي لَأُحِبُّ هَذَا، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «أَعْلَمْتَهُ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «أَعْلِمْهُ» قَالَ: فَلَحِقَهُ، فَقَالَ: إِنِّي أُحِبُّكَ فِي اللهِ، فَقَالَ: أَحَبَّكَ الَّذِي أَحْبَبْتَنِي لَهُ. رواه أبو داود.


عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، وَكَانَ مَعَهُ غُلاَمٌ لَهُ أَسْوَدُ يُقَالُ لَهُ أَنْجَشَةُ، يَحْدُو، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْحَكَ يَا أَنْجَشَةُ رُوَيْدَكَ بِالقَوَارِيرِ» (رواه البخاري). يعود اهتمام الإسلام بالمرأة أنها الزوجة، والأم الحانية، والأخت، والابنة، وأن بصلاحها يصلح النشء المسلم وكذلك المجتمع، وبفسادها يفسد النشء المسلم وأيضًا المجتمع بأكمله، وهو ما أدركه الإسلام؛


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: "كُنْتُ أَمْشِي مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانِيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فَأَدْرَكَهُ أَعْرَابِيٌّ فَجَبَذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَدِيدَةً، حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ قَدْ أَثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ البُرْدِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مُرْ لِي مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ ضَحِكَ، ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ" متفق عليه.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 24 أبريل 2025 م
الفجر
3 :45
الشروق
5 :18
الظهر
11 : 53
العصر
3:29
المغرب
6 : 28
العشاء
7 :51