26 يوليو 2017 م

"في سبب نزول أول سورة الروم"

"في سبب نزول أول سورة الروم"

روى الإمام أحمد والترمذي وحسنه، والنسائي والبيهقي والضياء المقدسي عن ابن عباس وابن جرير والبيهقي من وجه آخر عنه، وابن جرير عن ابن مسعود وأبو يعلى وابن أبي حاتم عن البراء بن عازب، والترمذيّ وصححه والطبراني عن نيار ابن مكرم وابن عبد الحكم في فتوح مصر، وابن أبي حاتم عن ابن شهاب، وابن جرير عن عكرمة: أن الروم وفارس اقتتلوا في أدنى الأرض، وأدنى الأرض يومئذ أذرعات بها التقوا، فهزمت الروم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهو بمكة، فشقّ ذلك عليهم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن يظهر الأميّون من المجوس على أهل الكتاب من الروم، وفرح الكفار بمكة وشمتوا، فلقوا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنكم أهل كتاب وقد ظهر إخواننا من أهل فارس على إخوانكم من أهل الكتاب، وإنكم إذا قاتلتمونا لنظهرنَّ عليكم؛ فانزل الله تعالى: ﴿الم ۝ غُلِبَتِ الرُّومُ ۝ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ ۝ فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ ۝ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ ۝ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الروم: 1-6].

﴿الم﴾ الله أعلم بمراده به، ﴿غُلِبَتِ الرُّومُ﴾ وهم أهلُ كتابٍ غلبتها فارس، وليسوا أهل كتاب، بل يعبدون الأوثان.

﴿فِي أَدْنَى الْأَرْضِ﴾ أي: أقرب أرض الروم إلى فارس بالجزيرة، التقى فيها الجيشان، والبادئ بالغزو الفرس.

﴿وَهُمْ﴾ أي: الروم.

﴿مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ﴾ أضيف المصدر إلى المفعول، أي: غلبة أهل فارس إيَّاهم.

﴿سَيَغْلِبُونَ﴾ فارس.

﴿فِي بِضْعِ سِنِينَ﴾ هو ما بين الثالث إلى التسع أو العشر؛ فالتقى الجيشان في السَّنة السَّابعة من الالتقاء الأول، وغلبت الرُّومُ فارس.

﴿للهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾ من قبل غلب الروم ومن بعده، المعنى: أن غلبة فارس أولًا وغلبة الرُّوم ثانيًا بأمر الله أي بإرادته. ﴿وَيَوْمَئِذٍ﴾ أي يوم يغلب الروم.

﴿يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللهِ﴾ إياهم على فارس، وقد فرحوا بذلك وعلموا به يوم وقوعه يوم بدر، ونزول جبريل بذلك مع فرحهم بنصرهم على المشركين فيه.

﴿يَنْصُرُ مَنْ يَشاءُ﴾ نصرته.

﴿وَهُوَ الْعَزِيزُ﴾ الغالب.

﴿الرَّحِيمُ﴾ بالمؤمنين.

﴿وَعْدَ اللهِ﴾ مصدر بدل من اللفظ بفعله، والأصل وعدهم الله النصر.

﴿لا يُخْلِفُ اللهُ وَعْدَهُ﴾ به.

﴿وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ﴾ كفَّار بمكة.

﴿لا يَعْلَمُونَ﴾ وعده تعالى بذلك.

وقد أخبر الله بأنَّ الروم يغلبون الفرس في ظرف تسع سنين مرَّةً أخرى.

وكان هذا التنبُّؤُ في ذلك الزمان خلاف القياس والظَّنِّ تمامًا؛ فإن التغلب على أمة غالبة عظيمة بعد تلك الهزيمة الكبرى في ظرف تسع سنوات كان مستحيلًا في نظر أهل الدنيا، ومن هنا جعل أُبَي بن خلف هذه الآية معيارًا لصدق القرآن الكريم، وكذبه، وأوعز لأبي بكر رضي الله عنه أن يراهن على ذلك لو كان مؤمنًا بالقرآن.

وكان هذا الحادث وقع في العام السابع من البعثة، وقَبِلَ أبو بكر هذا الرِّهان؛ لأنَّ النَّهي عنه لم يكن قد نزل بعد؛ فقد جاء في الأثر أنه لما نزلت هذه الآيات قال المشركون لأبي بكر رضي الله عنه: ألا ترى إلى ما يقول صاحبك؟ يزعم أن الروم تغلب فارس. قال: صدق صاحبي. وفي رواية: فخرج أبو بكر الصديق رضي الله عنه إلى الكفار فقال: أفرحتم بظهور إخوانكم على إخواننا؟ فلا تفرحوا ولا يُقرُّ اللهُ عينَكم، فوالله ليظهرنَّ الروم على فارس؛ أخبرنا بذلك نبيُّنا. فقام إليه أبي بن خلف فقال: كذبت. فقال أبو بكر رضي الله عنه: أنت أكذب يا عدو الله. قال: أُنَاحِبُكَ –أُرَاهِنُكَ- عشر قلائص منيّ وعشر قلائص منك، فإن ظهرت الروم على فارس غرمت، وإن ظهرت فارس غرمت إلى ثلاث سنين.

ثم جاء أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: «وَمَا هَكَذَا ذَكَرْتُ، إِنَّمَا الْبِضْعُ مَا بَيْنَ الثَّلَاثِ إِلَى التِّسْعِ، فَزَايِدْهُ فِي الْخَطَرِ، وَمَادِّهِ فِي الْأَجَلِ».

فخرج أبو بكر رضي الله عنه فلقي أُبيًّا فقال: لعلك ندمت؟ قال: لا. قال: تعالى أزيدك في الخطر وأمادّك في الأجل؛ فأجعلها مائة قلوص بمائة قلوص إلى تسع سنين. قال: فعلتُ. -وذلك قبل تحريم الرِّهان-، فلما خشي أبي بن خلف أن يخرج أبو بكر من مكة أتاه ولزمه وقال: إني أخاف أن تخرج من مكة فَأَقِمْ كفيلًا. فَكَفَلَهُ ابنة عبد الله رضي الله عنهما.

فلما أراد أبي بن خلف أن يخرج إلى أُحُدٍ أتاه عبد الله بن أبي بكر رضي الله عنهما وقال له: لا والله لا أدعك تخرج حتى تعطيني كفيلًا فأعطاه كفيلًا.

فخرج إلى أُحُدٍ ثم رجع إلى مكة، وبه جراحة جرحه النبي صلى الله عليه وآله وسلم حين بارزه يوم أُحُدٍ فمات منها بمكة، وظهرت الروم على فارس فغلب أبو بكر أبيًّا وأخذ الخطر من ورثته، فجاء يحمله إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «هذا سُحْتٌ، تَصَدَّقْ بِهِ».

وبعد نزول الآية بسبع سنين وقع ما جاء فيها، فقد انتهت الحرب الأهلية والفوضى الداخلية بروما بتبوؤ هرقل عرش الحكم، فاستعاد البلاد التي فقدها الملوك السابقون، ودخلت مصر والشام وفلسطين وآسيا الصغرى تحت حوزة سلطنة القسطنطنية.

وكانت الكلمات القرآنية قد تضمنت بشارة في بشارة، وذلك أنها ذكرت أن المؤمنين أيضًا يتمتعون بالنصر في ذلك الحين، وتحقق ذلك أيضًا، فإن انتصار أهل الكتاب على المجوس وقع في الوقت الذي انتصر فيه أهل التوحيد على المشركين في وقعةِ بدر.

ومما لاشك فيه أن هذا التنبؤ آيةٌ بيِّنَةٌ على صحَّةِ نبوَّته صلّى الله عليه وآله وسلم، وعلى أن القرآن من عند الله تعالى؛ لأنها نبأٌ عن الغيب.

المراجع:

- "تفسير ابن جرير الطبري".

- "سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد".

- "تاريخ الخميس في أحوال أنفس النفيس".

- "رحمة للعالمين" لمحمد سليمان المنصورفوري المتوفى: (1348هـ)، ترجمه من الأرديَّة إلى العربية د. سمير عبد الحميد إبراهيم.

 

 

مما لا شك فيه أن حدث تبني رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد بن حارثة رضي الله عنه من الأحداث الهامة في السيرة النبوية لما سوف يترتب عليه من نتائج في مستقبل الأيام. وزيد صاحب الحدث هنا هو زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، يُكَنَّى أَبَا أُسَامَةَ،


كان أول من آمن بالله وصدق صديقة النساء خديجة، فقامت بأعباء الصديقية؛ قال لها صلى الله عليه وآله وسلم: «خشيت على نفسي»، فقالت: أبشر فو الله لا يخزيك الله أبدا، ثم استدلت بما فيه من الصفات والأخلاق والشيم على أن من كان كذلك لا يخزى أبدا.


هي فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أمُّها خديجة أمُّ المؤمنين، كانت صغرى بنات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت سيدة نساء العالمين، وقد ذكر النبي عليه الصلاة والسلام أنه كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا أربع، والسيدة فاطمة رضي الله عنها إحدى هؤلاء الأربع، وعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «حَسْبُكَ مِنْ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ مَرْيَمُ ابْنَةُ عِمْرَانَ، وخَدِيجَةُ بِنْتُ خُوَيْلِدٍ، وَفَاطِمَةُ بِنْتُ مُحَمَّدٍ، وَآسِيَةُ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ» (أخرجه الترمذي في "سننه")، وعَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ -وَهُوَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ: «يَا فَاطِمَةُ، أَلَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ الْعَالَمِينَ وَسَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَسَيِّدَةَ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ؟» (رواه الحاكم وقال عقبه: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ هَكَذَا).


استقبلت قريش الحبيب صلى الله عليه وسلم بالبِشر والسرور وكانت حاضنته أم أيمن وهي جاريةُ أبيه واسمها برَكة، وأول مرضعاته صلى الله عليه وسلم هي ثُويبة جاريةُ عمِّهِ أبي لهب وكانت قد أرضعت قبله عمه حمزة بن عبد المطلب وبعده أبا سلمة عبد الله بن عبد الأسد فهم إخوة في الرضاع. ولما كانت عادة العرب إرضاع أبنائهم في البادية لينشئوا في أجواء نقية ويتمتعوا برحابة الصحراء بعيدًا عن الحواضر وضجيجها وملوثاتها انتقل صلى الله عليه وسلم مع حليمة بنت أبي ذؤيب إلى بادية بني


بدأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستجيب لأمر الله بدعوة الخلق إلى عبادة الله وحده، ونبذ عبادة الأصنام، ولكنه كان في بداية الأمر يستر أمر النبوة ويدعو إلى الإسلام في السر؛ حذرًا من وقع المفاجأة على قريش التي كانت متعصبةً لشركها، ووثنيتها، فلم يكن عليه الصلاة والسلام يظهر الدعوة في المجالس العمومية لقريش، ولم يكن يدعو إلا من كانت تشده إليه قرابةٌ أو معرفةٌ سابقة. ولقد استمر الأمر هكذا لمدة ثلاث سنين، وكان أبو بكر رضي الله عنه، أيضًا يدعو مَن يثق به من قومه.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 57
العشاء
9 :31