19 يوليو 2017 م

السَّكينة

السَّكينة

 السكينة تعني الطمأنينة والهدوء والاستقرار النفسي وراحة البال، فهي مشتقة من السكون، الذي هو ضد الاضطراب.
قال الله تعالى عن فتح مكة: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ وَللهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ [الفتح: 4]، وقال عن جزائه لمن عقدوا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم بيعة الرضوان: ﴿لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا﴾ [الفتح: 18]، فكانت السكينة منحة إلهية يمنحها من يشاء من عباده الصالحين المخلصين، تقرُّ بها أنفسهم وإن كانوا في أصعب الظروف وأحلك المواقف، كما حدث مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الهجرة، حين حاصر مشركو قريش داره، وكادوا أن يفتكوا به، فنجَّاه الله منهم وأنزل سكينته عليه، قال تعالى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 40]، وكما فعل مع المسلمين في غزوة حنين حين اغترَّ المسلمون بكثرتهم، فتعرَّضوا في البداية للهزيمة، وضاقت عليهم الأرض وتولَّوا مدبرين، فأنزل الله سكينته على الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعليهم حتى تمَّ لهم النَّصر؛ ليعلموا أن النَّصر من عند الله لا بسبب كثرةٍ أو قوةٍ؛ قال تعالى: ﴿لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ۞ ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَذَلِكَ جَزَاءُ الْكَافِرِينَ) [التوبة: 25-26].
وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم طلبُ السَّكينةِ من اللهِ جل وعلا، يستعين بها على مواجهة الصعاب وتحمُّلِ الشدائد، فكان يقول أثناء حفر الخندق حول المدينة يوم الأحزاب، وهو ينقل التراب، وقد وارى الترابُ بياضَ بطنِه: «لَوْلَا أَنْتَ مَا اهْتَدَيْنَا، وَلاَ تَصَدَّقْنَا وَلاَ صَلَّيْنَا، فَأَنْزِلَنْ سَكِينَةً عَلَيْنَا، وَثَبِّتِ الأَقْدَامَ إِنْ لاَقَيْنَا، إِنَّ الأُلَى قَدْ بَغَوْا عَلَيْنَا إِذَا أَرَادُوا فِتْنَةً أَبَيْنَا» رواه البخاري.
كذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالسَّكينة في أداء العبادات، حتى تتسنى لنا الإفادة منها والتعرض لبركاتها؛ قال أحد الصحابة: بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إذ سمع جلبة رجال، فلما صلَّى قال: «مَا شَأْنُكُمْ؟» قالوا: استعجلنا إلى الصلاة، قال: «فَلَا تَفْعَلُوا؛ إِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلَاةَ فَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ، فَمَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا» رواه البخاري.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم عرفة، فسمع النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم وراءه زجرًا شديدًا، وضربًا وصوتًا للإبل، فأشار بسوطه إليهم وقال: «أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ فَإِنَّ البِرَّ لَيْسَ بِالإِيضَاعِ» رواه البخاري، والإيضاع: حمل الدابة على الإسراع.
وإذا كانت السكينة منحة إلهية؛ فإنَّ على المرء في الوقت ذاته أن يُوَطِّنَ نفسه على الهدوء والتروي والتأني في أموره وأفعاله، وعدم التعلق بما يؤدِّي لاضطراب نفسه وتوتُّر أحواله من تحصيل متع الدنيا الزائلة، واللهاث خلفها، والتزيُّن بزينتها، بل يتعلَّقُ بالله سبحانه وتعالى ويرضى بقضائه ويُقِرُّ بحكمته.
المصادر:
- "السكينة" للدكتور محمد شامة، ضمن "موسوعة الأخلاق" (ص: 321-325، ط. المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية).
- "التحرير والتنوير" للطاهر بن عاشور (26/ 174 وما بعدها).

جعل الإسلام من تحمل المسئولية أساسًا لبناء المجتمع الراشد، وفي سياق ذلك لم يفرق ‏بين المسئولية الخاصة والمسئولية العامة من حيث الإلزام بالقيام بمتطلبات هذا التحمل، ‏وكذلك لم يفرق بين المسئولية الفردية والمسئولية الجماعية، فكل فرد ملزم بالقيام بما وكل إليه ‏على الوجه المرضي الذي يقبله العقل والشرع.‏


لا ينجح في هذه الحياة من لا يعيش بالأمل، ولا يُقَدِّمُ شيئًا نافعًا لنفسه أو لمجتمعه -فضلًا عن العالم الذي يعيش فيه- من يتملَّكُه اليأس، ومن هنا كان حرص الإسلام على توجيه أتباعه إلى ضرورة التحلِّي بالأمل الإيجابي ونبذ اليأس السلبي، وفي الوقت ذاته كان حرص الإسلام بنفس الدرجة على رفض الأمل الزائف غير الواقعي الذي يجعل الإنسان هائمًا في خيالات لا تَمُتُّ للواقع بصلة؛ فالإسلام يحض المسلمين على إدراك واقعهم والتفاعل معه وإصلاحه ونفع العالمين.


تُعَدُّ الغَيْرَةُ من الأخلاق المهمة التي ينبغي على الإنسان المسلم أن يتحلَّى بها، لكن عليه أن يُراعي أن لهذه الغَيرة ضوابط وحدود تجعلها غَيرة نافعة، تحافظ على الفضائل وتأبى الرذائل، أما الغَيرة المذمومة فهي تلك التي تدَّعي الحفاظ على الفضائل، ثم ترتكب في سبيل الحفاظ عليها مخالفات شرعية، كالحقد والحسد والإيذاء والاعتداء على الغير، فينقلب الحفاظ -الزائف- على الفضائل إلى رذيلة بما تتضمنه من مخالفات للشرع الشريف وللآثار النفسية والاجتماعية الضارَّة التي تترتب عليها.


أظهرت شمائل هذا الدين الحنيف عجبًا في موقفها من العالمين، فما إن امتد شعاع الدعوة في عتمة الجاهلية ومست أنوار النبوة تلك القلوب المظلمة إلا وتحولت هذه القلوب بقوالبها إلى طاقة إيجابية تتعامل بالحب والرفق مع جميع المخلوقات على السواء.


العفو من أخلاق الأنبياء، وهو دليل على كمال الإيمان وحسن الظن بالله تعالى، وهو يثمر محبة الله عز وجل ثم محبة الناس، وهو دليل على كمال النفس الإنسانية ويفتح الطريق لغير المسلمين للتعرف على الإسلام . والعفو هو كف الضرر مع القدرة عليه، والفرق بينه وبين الصفح كما يقول الفيروز أبادي: أن الصفح أبلغ من العفو، فقد يعفو الإنسان ولا يصفح، وصفحت عنه: أوليته صفحةً جميلة. [بصائر ذوي التمييز


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 26 أبريل 2025 م
الفجر
4 :43
الشروق
6 :16
الظهر
12 : 53
العصر
4:29
المغرب
7 : 29
العشاء
8 :53