الثلاثاء 16 ديسمبر 2025م – 25 جُمادى الآخرة 1447 هـ
01 يونيو 2017 م

الحوار في الإسلام

الحوار في الإسلام

دعا الإسلام للتعارف والحوار، وحثَّ المسلمين على ذلك، لأهمية الحوار في نزع فتيل الأزمات، ويمنع من تفاقمها، ويوضح ما خفي، ويبين ما اسْتُبْهِم، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾ [الحجرات: 13]، فالغرض من التذكير بأن أصلهم واحدٌ، أي أنهم في الخلقة سواء ليتوسَّلَ بذلك إلى أن التفاضل والتفاخر إنما يكون بالفضائل وإلى أن التفاضل في الإسلام بزيادة التقوى، ولقد قامت الدعوة الإسلامية والحوار أهم وسائلها لإقناع البشرية بحقيقة الإسلام، وبيان أحكامه وتصوراتها عن الحياة والموت والسعي والغيب والآخرة والإله.. إلخ.

لقد توجَّه الإسلام كثيرًا لغير المسلمين بالدعوة إلى النقاش الهادئ الملتزم بقواعد العقل وأصول المنطق السليم، حتى في أشدِّ الأمور وضوحًا، ومن ذلك دعوته لهؤلاء الذين يعبدون الأصنام -التي هي عبارة عن حجارة أو طين لا تضر ولا تنفع-؛ فيقول تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ﴾ [سبأ: 22]، ويقول أيضًا: ﴿قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ۝ قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ ۝ قُلْ يَجْمَعُ بَيْنَنَا رَبُّنَا ثُمَّ يَفْتَحُ بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ ۝ قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ كَلَّا بَلْ هُوَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [سبأ: 24-27].

فانظر إلى الرِّفق واللِّين في الحوار في أمر جوهريٍّ في اعتقاد الإنسان، يترتب عليه كفره بالله أو إيمانه به، ولكن الله يدعونا أن نقول للكافرين: ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾.

وإذا كان هذا الخطاب في مكة وقت استضعاف المسلمين، إلا أن الله سبحانه وتعالى لم يغير من هذا المنهج عندما قويت شوكة المسلمين بعد الهجرة إلى المدينة وتأسيس المجتمع على هدي الإسلام وتصوراته، فنجد أن الله سبحانه وتعالى يقول: ﴿الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ ۝ فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ﴾ [آل عمران: 61]، وهذا الدعاء إلى المباهلة إلجاء لهم إلى أن يعترفوا بالحقِّ أو يكُفُّوا، وهذه دعوة إنصاف لا يدعو لها إلا واثق بأنه على الحقِّ، وهذه المباهلة لم تقع لأن نصارى نجران الذين قصدهم الله في هذه الآية لم يستجيبوا إليها بالرغم من انتظار الرسول وآله لهم ليتباهلوا.

ويقول الله تعالى أيضًا: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ ۝ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تُحَاجُّونَ فِي إِبْرَاهِيمَ وَمَا أُنْزِلَتِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ إِلَّا مِنْ بَعْدِهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [آل عمران: 64-65]، وهذه نصوص واضحة الدلالة على منهج الإسلام الممتد في مختلف الأوضاع والأحوال، سواء في حال الضعف أو القوة، صحيحٌ أن هذا لا ينفي إمكان وقوع الصراع والنزاع وأن المسلمين مستعدون له بالجهاد والنزال دفاعًا عن النفس وتمكينًا لدين الله في الأرض، إلا أن القتال يظل استثناءً لا يتم اللجوء له إلا في حالات معينة ووفق ضوابط صارمة تمنع وقوع الجور والظلم من المسلمين ضد من يحاربونهم.

وقد كان الحوار وسيلة للتعليم والإقناع المنطقي، وتاريخ المسلمين من لدن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شاهد على تمسُّك المسلمين بهذه القيمة السامية، رغبة في إقناع العالمين إلى الحق والصواب بالحكمة والموعظة الحسنة؛ كما قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ﴾ [النحل: 125]، وكما قام المسلمون بتطبيق عمليٍّ لهذا الأمر بالدخول في حوارات ونقاشات مع غير المسلمين، بل وبين المسلمين أنفسهم، بين المذاهب والتيارات المختلفة، وقد سجَّلت المصادر التاريخية نماذج لهذه الحوارات التي تؤكد على مكانة هذه القيمة في الحضارة الإسلامية.

------

المراجع:

- "التحرير والتنوير" للإمام الطاهر بن عاشور (3/ 266-26/ 258).

- "أدب الحوار" للدكتور محمد رجب البيومي، ضمن "موسوعة الحضارة الإسلامية" (ص: 123 وما بعدها، ط. المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية).

كان للمسلمين دورٌ كبيرٌ في نهضة علم الجغرافيا والتعرف على تضاريس الأرض ومعرفة خواصها، لقد دعا القرآن الكريم الناس إلى السير في الأرض للتعرف على أدلة خلق الله تعالى وعظمة إبداعه وآثار الأمم السابقة، فقال تعالى: ﴿وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ﴾ [الذاريات: 20]، وقال جل شأنه: ﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾ [العنكبوت: 20]، وقال أيضًا:


الإسلام دين الرحمة والنبي صلى الله عليه وسلم هو نبي الرحمة، والرحمة في الإسلام سمة حضارية عامة تشمل الأكوان كلها من إنسان وحيوان وطير وشجر وحجر ومؤمن وغير مؤمن


انتشر صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع الفتوحات في الآفاق، وصحبهم كبار التابعين في فتوحاتهم، وتصدّر أهلُ العلم منهم للإفتاء؛ حيث اشتدت الحاجة إليهم؛ لحداثة عهد أهل البلاد المفتوحة بالإسلام.


لا يقوم النظر الإسلامي على العزلة والانفراد، بل على التعاون والاجتماع، فالإسلام يقدِّر أن هناك أممًا أخرى وأفكارًا مختلفة تنتشر بين البشر، وهو إزاءها لا يقف موقف الخصومة والعداء بشكل مبدئي، ولكنه يسعى لقطع مادة النزاع والتمكين لترسيخ أرضية مشتركة بينه وبين غيره من الأفكار والديانات تسمح بالتعامل السلمي والإفادة المتبادلة، وهو في ظل هذه النظرة الرحيمة لا يغفل عن إمكانية رفض غيره لها وقيام صراع بينه وبينها، فشرع الجهاد صدًّا للعدوان وحماية للدين، كما شرع الدعوة لنشر الإسلام وإقناع العالمين به بالحكمة والموعظة الحسنة.


شكلت المياه في مسيرة الإنسانية عاملًا مهما من عوامل قيام الحضارات وازدهارها، كما كان في فقد الماء أو سوء استخدامه تأثير بالغ في انهيار الحضارات واختفائها. وقد وقف القرآن موقفا صريحًا كشف فيه عن أهمية الماء في حياة المخلوقات؛ حيث قال المولى عز وجل: ﴿وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ﴾ [الأنبياء: 30]، كما جاء في سياق بيان طلاقة القدرة والامتنان على العباد بخلق الماء قوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لَكُمْ مِنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ ۞ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنَابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ [النحل: 10-11]، وغير ذلك من آيات تكرر فيها ذكر الماء وأنواعه ومصادره ووظائفه وغيرها.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :44
الظهر
11 : 51
العصر
2:39
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20