21 مايو 2017 م

الإيثار

الإيثار

تفرض الأخوَّة في الدين أن يبذل المرء ما يحب من أجل إسعاد غيره، فيزداد الحب بين أفراد المجتمع، ويترابط أفراده بعُرىً وثقى، فيصير المجتمع قويًّا عفيًّا متوادًّا متعاونًا، وذلك هو خلق الإيثار الذي هو أحد أخلاق المسلمين وصفة من صفاتهم السلوكية؛ يقول تعالى: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: 9]، فلو كان لدى المرء شيءٌ رأَى حاجةَ غيرِه له، فأعطاه إياه، أو رأى تطلع غيره لشيء يحبه فأحجم عن طلبه حتى ينالَه أخوه؛ كان مؤثرًا له على نفسه، نائلًا بذلك فضلًا عظيمًا من الله جلَّ وعلا، خاصة إن كان بمقدوره أن ينال شيئًا أو يتمتَّع بشيء ثم رأى أن الأنفع لصالح الأمة أو أن المنفعة العامة تتحقق بإيثار غيره على نفسه.
إن أخلاق البذل والعطاء التي يجب أن يُرَبَّى النشء عليها منذ الصغر؛ هي التي تمهد السبيل لتحقق خلق الإيثار في المجتمع الإسلامي، فالإنسان لا يأتي إلى هذه الدنيا لكي يتمتع ويتنعَّم ويأكل كما تأكل الأنعام، بل إنه يأتي إلى هذه الدنيا لكي يعمل فيها ويكدح تحقيقًا لمراد الله تعالى وعبادته؛ وقيامه بهذا الواجب وإدراكه لهذه النظرة الإسلامية للكون والحياة هو ما يجعله يفوز في الدنيا والآخرة برضوان الله تعالى ودخول جنته؛ لينال فيها النعيم المقيم، فالدنيا دار ابتلاء واختبار، وما أباحه الله تعالى لنا من نعم وملذات إنما هو وسيلة للترويح عن النفس؛ حتى تتمكن من القيام بما عليها من فرائض وواجبات، فليست أصلًا ولا هدفًا نسعى لتحصيله وتتعلق قلوبنا به.
إدراك هذه الغاية من الخَلْقِ عند المسلم هو ما يدفعه للتحلِّي بخُلق الإيثار النبيل الذي ضرب لنا فيه الصحابة رضوان الله عليهم وغيرهم من الصالحين على مَرِّ الزمان أروع الأمثلة على تطبيقه، فقد كانوا يتسابقون على مصلحة الإسلام ويؤثرون الدعوة بما يملكون؛ قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يومًا أن نتصدق، فوافق ذلك مالا عندي، فقلت: اليوم أَسْبِقُ أبا بكر إن سبقتُه يومًا، فجئتُ بنصف مالي، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟» ، قلت: مثله، قال: وأتى أبو بكر رضي الله عنه بكل ما عنده، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟» قال: أبقيت لهم الله ورسوله، قلت: لا أُسابقُكَ إلى شيءٍ أبدًا" رواه أبو داود.
وآثر سيدُنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم على نفسِه، ونام في فراشه حين استخفى من قريش يطلب الهجرة، رغم علمه بنية كفار قريش قتل رسول الله، ونومه في فراشه قد يجعله عُرضة للقتل، ولكنه آثر الرسولَ على نفسه.
إن المسلم الذي يدرك غاية وجوده وخلقه يعرف أن عليه أن يبذل ما يستطيع من أجل تحصيل رضوان الله تعالى، وقد بين لنا الله من صفات الأبرار الذين يرزقهم بجنته ونعيمه في الآخرة أنهم يبذلون ما يحبون، ولا ينتظرون جزاءً ولا شكورًا، بل يبذلون ما يحبون ابتغاء وجه الله ومرضاته: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا ۞ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللهِ لَا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا﴾ [الإنسان: 8-9].

الإسلام دين الحب، والحب منبع الرحمة، والرحمة مفتاح كل خلق محمود عرفته الإنسانية، وقد تكرر ذكر لفظ الحب ومشتقاته في القرآن الكريم فيما يزيد على ثمانين موضعًا جاء في أكثرها مسندًا إلى الله عز وجل نفيًا وإثباتًا.


الوفاء ضد الغدر، وله أنواع: وفاء بالعهود، ووفاء بالعقود، ووفاء بالوعود. أما عن الوفاء بالعهود، فيقول الله سبحانه وتعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ﴾ [البقرة: 40]، أما عن الوفاء بالعقود، فيقول الله سبحانه وتعالى: ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: 1]. أما عن الوفاء بالوعود فيقول الله سبحانه: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا﴾ [مريم:54]. وفى السنة النبوية المطهرة حث من النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم على الوفاء، وأن من حافظ على ذلك فإن الجنة موعده، فعَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


مَنَحَ الله الإنسانَ نعمًا شتى لا تحصى، ومِنْ شُكْرِ الله على نِعَمِه استخدامها فيما أمر به، وإمساكها عن ما نهى عنه، واللسان من هذه النعم العظيمة، التي يعبر بها الإنسان عن نفسه وأفكاره وأحواله المختلفة، فبه ينطق بكلمة الإيمان


التعاون من الأخلاق المهمة التي يجب على المسلمين أن يتمسكوا بها وأن يطبقوها في واقعهم العملي خاصة في هذا العصر الذي تسود في عالمه قوى وتيارات تؤمن بالفردية المطلقة، وتدعو لها بقوة، وتبث أفكارها المتعلقة بالفردية والذاتية في وسائل إعلامها بصور مختلفة.


الكذب من الأخلاق الذميمة التي يقع فيها كثير من الناس للأسف الشديد، وهو خُلُقٌ يجعل صاحبه يقول الشيء على غير حقيقته، ويخالف الواقع الذي هو من خلق الله سبحانه وتعالى. والكذب من صفات المنافقين، يقول تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ [المنافقون: 1]، وفي الحديث الشريف: «آيَةُ المُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ» رواه البخاري، فالمؤمن ينقص إيمانه بالكذب


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 مايو 2025 م
الفجر
4 :19
الشروق
5 :59
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 44
العشاء
9 :13