16 مايو 2017 م

إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

إسلام عمر بن الخطاب رضي الله عنه

هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه، بن نفيل، بن عبد العزّى، بن رياح، بن عبد الله، ابن قرط، بن رزاح، بن عدي، بن كعب، بن لؤي، بن غالب، يجتمع مع النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في كعب، وأمه حنتمة بنت هاشم بن المغيرة، ابنة عم أبي جهل وأخيه الحارث بن هشام.

وكان عمر في جاهليته من أشد الناس إيذاء للمسلمين، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يرى أن في إسلامه أو إسلام أبي جهل كسبًا كبيرًا للإسلام والمسلمين، فلذلك كان يدعو الله أن يهدي أي الرجلين إلى الإسلام.

روى الترمذي وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلَامَ بِأَبِي جَهْلٍ، أَوْ بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ»، رواه أحمد والترمذي وابن سعد وغيرهم عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بلفظ: «اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ بِأَحَبِّ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ، بِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ أَوْ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ»، وقد استجاب الله الدعاء، فكان أحب الرجلين عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

ويروي سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه قصة إسلامه بنفسه؛ فقد جاء عن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: "قَالَ لَنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: أَتُحِبُّونَ أَنْ أُعْلِمَكُمْ كَيْفَ كَانَ إِسْلَامِي؟ قَالَ: قُلْنَا، نَعَمْ. قَالَ: كُنْتُ منْ أَشَدِّ النَّاسِ على رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَبَيْنَا أَنَا فِي يَومٍ حارٍّ شديدِ الْحَرِّ بِالْهَاجِرَةِ في بعض طرِيقِ مَكَّةَ إِذْ لَقِيَنِي رجلٌ من قُرَيْشٍ، فقال: أَيْنَ تريدُ يا ابنَ الْخَطَّابِ؟ فَقُلْتُ: أُرِيدُ الَّتِي وَالَّتِي وَالَّتِي! قال: عجبًا لك يا ابن الخطاب، أنتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ كَذَلِكَ، وقدْ دخل عليكَ الْأَمْرُ في بَيْتِكَ. قال: قلتُ وما ذَاكَ؟ قال: أُخْتُكَ قد أَسْلَمَتْ، قال: فَرَجَعْتُ مُغْضَبًا حتَّى قَرَعْتُ البابَ، وقد كان رسول اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إِذَا أَسْلَمَ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ مِمَّنْ لا شيءَ لهُ ضَمَّهُمَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ إلى الرّجلِ الَّذِي في يَدِهِ السَّعَةِ فَيَنَالَاهُ من فَضْلِ طَعَامِهِ وقد كان ضَمَّ إلى زَوْجِ أُخْتِي رجُلَيْنِ فلمَّا قَرَعْتُ البابَ قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَتَبَادَرُوا فَاخْتَفَوْا منِّي، وقد كانوا يقرأون صَحِيفَةً بين أَيْدِيهِمْ تَرَكُوهَا أَو نَسُوهَا. فَقَامَتْ أُخْتِي تَفْتَحُ الْبَابَ، فَقُلْتُ: يَا عَدُوَّةَ نَفْسِهَا أَصَبَوْتِ؟ وَضَرَبْتُهَا بِشَيْءٍ فِي يَدِي عَلَى رَأْسِهَا، فسالَ الدَّمُ، فَلَمَّا رَأَتِ الدَّمَ بَكَتْ، فقالتْ: يَا ابْنَ الْخَطَّابِ! مَا كُنْتَ فَاعِلًا فَافْعَلْ، فَقَدْ صَبَوْتُ.

قال: وَدَخَلْتُ حَتَّى جَلَسْتُ َعلى السَّرِيرِ فَنَظَرْتُ إلى الصَّحِيفَةِ وَسْطَ الْبَيْتِ، فقلت ما هذا؟ نَاوِلِينِيهَا، فَقَالَتْ: لَسْتَ مِنْ أَهْلِهَا أَنْتَ لَا تَطْهُرُ من الْجَنَابَةِ وهذا كتابٌ لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ. فَمَا زِلْتُ بِهَا حَتَّى نَاوَلَتْنِيهَا، فَفَتَحْتُهَا فَإِذَا فِيهَا: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فلمَّا مَرَرْتُ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ذُعِرْتُ منهُ، فَأَلْقَيْتُ الصَّحِيفَةَ، ثُمَّ رَجَعْتُ إلى نَفْسِي فَتَنَاوَلْتُهَا، فَإِذَا فِيهَا سَبَّحَ لله مَا فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ، فَلَمَّا مَرَرْتُ بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ ذُعِرْتُ، ثُمَّ رَجَعْتُ إلى نفسي، فَقَرَأْتُهَا حتَّى بَلَغْتُ: آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ... إِلى آخرِ الْآيَةِ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فَخَرَجُوا إِلَيَّ مُتَبَادِرِينَ وَكَبَّرُوا وَقَالُوا: أَبْشِرْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ دَعَا يَوْمَ الِاثْنَيْنِ، فَقَالَ: اللهُمَّ أَعِزَّ دِينَكَ بِأَحَبِّ الرَّجُلَيْنِ إِلَيْكَ: إِمَّا أَبُو جَهْلِ بْنَ هشام، وَإِمَّا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَإِنَا نَرْجُو أَنْ تَكُونَ دَعْوَةُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ لَكَ فَأَبْشِرْ. قَالَ: قُلْتُ، فَأَخْبِرُونِي أَيْنَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وآله وَسَلَّمَ؟ فَلَمَّا عَرَفُوا الصِّدْقَ مِنِّي قَالُوا: فِي بَيْتٍ بِأَسْفَلِ الصَّفَا، فَخَرَجْتُ، حَتَّى قَرَعْتُ الْبَابَ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: مَنْ هَذَا؟ قُلْتُ: ابْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: وَقَدْ عَلِمُوا مِنْ شِدَّتِي عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ، وَمَا يَعْلَمُونَ بِإِسْلَامِي، فما اجترأ أحد بفتح الْبَابَ حَتَّى قَالَ: افْتَحُوا لَهُ إِنْ يُردِ اللهُ بِهِ خَيْرًا يَهْدِهِ، فَفَتَحُوا لِيَ الْبَابَ فَأَخَذَ رَجُلَانِ بِعَضُدَيَّ، حَتَّى أَتَيَا بِيَ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وآله وَسَلَّمَ فَقَالَ خَلُّوا عَنْهُ، ثُمَّ أَخَذَ بِمَجَامِعِ قَمِيصِي، ثُمَّ جَذَبَنِي إِلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَسْلِمْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ، اللهُمَّ اهْدِهِ، فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

فَكَبَّرَ الْمُسْلِمُونَ تَكْبِيرَةً سُمِعَتْ بِفِجَاجِ مَكَّةَ، وَكَانُوا مُسْتَخْفِينَ فَلَمْ أَشَأْ أَنْ أَرَى رَجُلًا يُضْرَبُ فَيَضْرِبُ إِلَّا رَأَيْتُهُ وَلَا يُصِيبُنِي مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ. فَخَرَجْتُ، حَتَّى جِئْتُ خَالِي وَكَانَ شَرِيفًا فَقَرَعْتُ عَلَيْهِ الْبَابَ، فَقَالَ: مَنْ هَذَا؟ فَقُلْتُ: ابْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ: فَخَرَجَ إِلَيَّ فَقُلْتُ: عَلِمْتَ أني قد صبوت قال أو فعلت؟ قُلْتُ نَعَمْ قَالَ لَا تَفْعَلْ، فَقُلْتُ: قَدْ فَعَلْتُ، فَدَخَلَ وَأَجَافَ الْبَابَ دُونِي، فَقُلْتُ: مَا هَذَا شَيْءٌ، فَذَهَبْتُ إِلَى رَجُلٍ مِنْ عُظَمَاءِ قُرَيْشٍ فَنَادَيْتُهُ، فَخَرَجَ إِلَيَّ فَقُلْتُ مِثْلَ مَقَالَتِي لِخَالِي، وَقَالَ مِثْلَ مَا قَالَ، وَدَخَلَ وَأَجَافَ الْبَابَ دُونِي. فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: مَا هَذَا شَيْءٌ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ يُضْرَبُونَ وَأَنَا لَا أُضْرَبُ. فَقَالَ لِي رَجُلٌ: أَتُحِبُّ أَنْ يُعْلَمَ بِإِسْلَامِكَ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَإِذَا جَلَسَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ فَأْتِ فُلَانًا -لِرَجُلٍ لَمْ يَكُنْ يَكْتُمُ السِّرَّ- فَقُلْ لَهُ فِيمَا بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ: إِنِّي قَدْ صَبَوْتُ، فَإِنَّهُ قَلَّ مَا يَكْتُمُ السِّرَّ. قَالَ: فَجِئْتُ وَقَدِ اجْتَمَعَ النَّاسُ فِي الْحِجْرِ فَقُلْتُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ: إِنِّي قد صبوت. قال: أو فعلت؟ قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: إِنَّ ابْنَ الْخَطَّابِ قَدْ صَبَأَ، فَبَادَرَ إِلَيَّ أُولَئِكَ النَّاسُ، فَمَا زِلْتُ أَضْرِبُهُمْ وَيَضْرِبُونَنِي، فَاجْتَمَعَ عَلَيَّ النَّاسُ. فَقَالَ خَالِي: مَا هَذِهِ الْجَمَاعَةُ قِيلَ عُمَرُ قَدْ صَبَأَ، فَقَامَ عَلَى الْحِجْرِ فَأَشَارَ بِكُمِّهِ هَكَذَا: أَلَا إِنِّي قَدْ أَجَرْتُ ابْنَ أَخِي، فَتَكَشَّفُوا عَنِّي، فَكُنْتُ لَا أَشَاءُ أن أرى رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ يَضْرِبُ وَيُضْرَبُ إِلَّا رَأَيْتُهُ، فَقُلْتُ: مَا هَذَا بِشَيْءٍ حَتَّى يُصِيبَنِي، فَأَتَيْتُ خَالِي فَقُلْتُ: جِوَارُكَ عَلَيْكَ رَدٌّ، فَقُلْ مَا شِئْتَ، فَمَا زِلْتُ أَضْرِبُ وَأُضْرَبُ حَتَّى أَعَزَّ اللهُ الْإِسْلَامَ".

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المراجع:

- "دلائل النبوة" للبيهقي (2/ 216-219).

- "السيرة النبوية على ضوء القرآن والسنة" لمحمد محمد أبو شُهبة (1/ 351).

 

للمسلمين عناية خاصة بسيرة الحبيب صلى الله عليه وسلم العطرة عبر تاريخهم الطويل بدءًا من اهتمام الصحابة رضوان الله عليهم بتسجيل أقواله وأفعاله وتقريراته وصفاته صلى الله عليه وسلم


ذَكَرَ اللهُ تَعَالَى أُولِي الْعَزْمِ منَ الرُّسُل في قوله: ﴿فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ﴾ [الأحقاف: 35]، والمرادُ بِالْعَزْمِ: القُوَّةُ وَالشّدّةُ وَالحزمُ والتصميم في الدعوة إلى الله تعالى وإعلاء كلمته، وعدم التهاون في ذلك.


كان التحدث بأمر النبوة والدعوة إلى الإسلام في بَدءِ أمرِه يتمُّ في إطارٍ محدودٍ، حتى لا يقاومَها الأعداءُ وهي لم تزلْ في مهدِها، ثمَّ تغيَّر الحالُ بعدَ ثلاثة أعوامٍ مِن بَدء الوحي، حينما نزل قوله تعالى: ﴿فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ﴾ [الحجر: 94]؛


لِخُلُقِ الحياء عند رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آفاق ومعاني لا تَخْلَق عن كثرة المواقف التي تكشف عن مدى عمق هذا الخلق في كيان سيد الخلق عليه الصلاة والسلام، فمما قاله واصفوه فيما رواه الثقات من الرواة بالسند إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال يصف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أَشَدَّ حَيَاءً مِنَ الْعَذْرَاءِ في خِدْرِهَا وَكَانَ إِذَا كَرِهَ شَيْئًا عَرَفْنَاهُ في وَجْهِهِ" متفق عليه.


لقد أعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للأمر عدَّته، وفكَّر في بَيْعَةٍ ثانيةٍ أعظم من البيعةِ الأولى، وأوسع مما كان يدعو إليه أهل مكة ومن حولها.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 15 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 58
العشاء
9 :31