01 يناير 2017 م

في تقدم نبوَّته صلى الله عليه وسلم على نفخ الروح في آدم صلى الله عليهما وسلم

في تقدم نبوَّته صلى الله عليه وسلم على نفخ الروح في آدم صلى الله عليهما وسلم

عن العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيِّين، وإنَّ آدم لمنجدل في طينته» (رواه الإمام أحمد والحاكم وصححه).

قال الطيبي في "شرح المشكاة": المعنى: كتبت خاتم الأنبياء في الحال الذي آدم مطروح على الأرض حاصل في أثناء تخلُّقه لم يُفرغ بعد من تصويره وإجراء الروح.

وقال الحافظ أبو الفرج ابن رجب رحمه الله تعالى في "اللطائف": المقصود من هذا الحديث أن نبوة النبي صلى الله عليه وسلم كانت مذكورة معروفة من قبل أن يخلقه الله تعالى ويخرجه إلى دار الدنيا حيًّا، وأن ذلك كان مكتوبًا في أم الكتاب من قبل نفخ الروح في آدم صلى الله عليه وسلَّم، وفسَّر أمَّ الكتاب باللَّوح المحفوظ وبالذِّكر في قوله تعالى: ﴿يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: 39]. وقوله في هذا الحديث: «إني عند الله في أم الكتاب» ليس المراد به -والله أعلم- أنه حينئذٍ كتب في أم الكتاب ختمه للنبيين، وإنما المراد الإخبار عن كون ذلك مكتوبًا في أم الكتاب في ذلك الحال قبل نفخ الروح في آدم، وهو أول ما خلق الله تعالى من النوع الإنساني.

وجاء في أحاديث أخر أنه في تلك الحالة وجبت له صلى الله عليه وسلم النبوة، وهذه مرتبة ثالثة وهو انتقاله صلى الله عليه وسلم من رتبة العلم والكتابة إلى رتبة الوجود العيني الخارجي، فإنه صلى الله عليه وسلَّم استخرج من ظهر آدم ونبئ فصارت نبوَّته موجودة في الخارج بعد كونها كانت مكتوبة مقدرة في أم الكتاب؛ فعن ميسرة الفجر رضي الله تعالى عنه قال: يا رسول الله، متى كنت نبيًّا؟ قال: «وآدم بين الروح والجسد». (رواه الإمام أحمد والبخاري في "تاريخه" والحاكم وصححه).

قال الإمام أحمد في رواية منها: وبعضهم يرويه: متى كتبت؟ من الكتابة، قال: «كتبت نبيًّا وآدم بين الروح والجسد». (رواه ابن عساكر)؛ فتحمل هذه الرواية مع حديث العرباض السابق على وجوب نبوته صلى الله عليه وسلم وثبوتها وظهورها في الخارج، فإن الكتابة إنما تستعمل فيما هو واجب شرعًا كقوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ﴾ [البقرة: 183]، أو قدرًا كقوله تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾ [المجادلة: 21].

وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قالوا: يا رسول الله، متى وجبت لك النبوة؟ قال: «وآدم بين الروح والجسد». (رواه الترمذي وحسنه).

قال الإمام العلامة الحافظ شيخ الإسلام تقي الدين السبكي: لم يصب من فسرَّ قوله صلى الله عليه وسلم: «كنت نبيًّا وآدم بين الروح والجسد» [بأنه] سيصير نبيًّا؛ لأن علم الله تعالى محيط بجميع الأشياء، ووصف النبي صلى الله عليه وسلَّم بالنبوة في ذلك الوقت ينبغي أن يفهم منه أنه أمر ثابت له في ذلك الوقت، ولو كان المراد بذلك مجرد العلم بما سيصير إليه في المستقبل لم تكن له خصوصية بأنه نبيٌّ وآدم بين الروح والجسد؛ لأن جميع الأنبياء يعلم الله نبوتهم في ذلك الوقت وقبله، فلا بد من خصوصية للنبي صلى الله عليه وسلَّم لأجلها أخبر بهذا الخبر إعلامًا لأمته، ليعرفوا قدره عند الله تعالى، ثم قال: فإن قلت: النبوة وصف لازم أن يكون الموصوف به موجودًا، وإنما يكون بعد بلوغ أربعين سنة، فكيف يوصف به قبل وجوده وقبل إرساله؟ وإن صح ذلك فغيره كذلك؟ قلت: قد جاء إن الله خلق الأرواح قبل الأجساد، فقد تكون الإشارة بقوله: «كنت نبيًّا» إلى روحه الشريفة أو إلى حقيقة من الحقائق، والحقائق تقصر عقولنا عن معرفتها وإنما يعلمها خالقها ومن أمده الله تعالى بنور إلهي، ثم إن تلك الحقائق يؤتي الله تعالى كل حقيقة منها ما يشاء في الوقت الذي يشاء، فحقيقة النبي صلى الله عليه وسلم قد تكون من قبل خلق آدم آتاها الله ذلك الوصف بأن يكون خلقها، مهيَّأة لذلك فأفاضه عليه من ذلك الوقت؛ فصار نبيًّا وكتب اسمه على العرش، وأخبر عنه بالرسالة ليعلم ملائكته وغيرهم كرامته عنده.

 فحقيقته موجودة في ذلك الوقت وإن تأخَّر جسده الشريف المتَّصف بها، واتصاف حقيقته بالأوصاف الشريفة المفاضة عليه من الحضرة الإلهية حاصل من ذلك الوقت، وإنما يتأخر البعث والتبليغ، وكل ما له من جهة الله تعالى ومن جهة تأهل ذاته الشريفة صلى الله عليه وسلَّم وحقيقته معجَّل لا تأخر فيه، وكذا استنباؤه وإيتاؤه الحكم والنبوة، وإنما المتأخر تكوُّنه وتنقُّله إلى أن ظهر صلى الله عليه وسلَّم. انتهى ملخصًا.

"سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد": (1/77-81).


 

بدأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستجيب لأمر الله بدعوة الخلق إلى عبادة الله وحده، ونبذ عبادة الأصنام، ولكنه كان في بداية الأمر يستر أمر النبوة ويدعو إلى الإسلام في السر؛ حذرًا من وقع المفاجأة على قريش التي كانت متعصبةً لشركها، ووثنيتها، فلم يكن عليه الصلاة والسلام يظهر الدعوة في المجالس العمومية لقريش، ولم يكن يدعو إلا من كانت تشده إليه قرابةٌ أو معرفةٌ سابقة. ولقد استمر الأمر هكذا لمدة ثلاث سنين، وكان أبو بكر رضي الله عنه، أيضًا يدعو مَن يثق به من قومه.


لا شكَّ أنَّ العقلَ عنصرُ الأخلاق الشَّريفة، ومنه ينبعث العلم والمعرفة. ومن المعلوم لكلِّ ذِي لُبٍّ أنَّ سيدنا محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم من أعقَلِ خَلقِ اللهِ، بل أعقلهم وأكملهم على الإطلاقِ في نفس الأمر، فبحسبِ عقله صلى الله عليه وآله وسلم كانت علومُه ومعارفُه، وهو عليه الصَّلاة والسَّلام أحسنُ النَّاسِ خلقًا وعلمًا ومعرفةً وعقلًا، وذلك سجيَّةً فيه وطبعًا.


قالت  عائشة رضي الله عنها: أول ما بدئ به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. رواه البخاري (4953). وروى أبو نعيم عن علي بن الحسين رضي اللَّه تعالى عنه وعن آبائه قال: إن أول ما أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصالحة، فكان لا يرى شيئًا في المنام إلا كان كما رأى.


لقد أعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للأمر عدَّته، وفكَّر في بَيْعَةٍ ثانيةٍ أعظم من البيعةِ الأولى، وأوسع مما كان يدعو إليه أهل مكة ومن حولها.


كانت فاطمة أحب أولاده وأحظاهن عنده، بل أحب الناس إليه مطلقًا؛ روى أبو داود والترمذي عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّهَا قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا - وَقَالَ الْحَسَنُ: حَدِيثًا، وَكَلَامًا، وَلَمْ يَذْكُرِ الْحَسَنُ السَّمْتَ، وَالْهَدْيَ، وَالدَّلَّ - بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ فَاطِمَةَ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهَا، كَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إِلَيْهَا فَأَخَذَ بِيَدِهَا، وَقَبَّلَهَا، وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ،


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 أبريل 2025 م
الفجر
4 :41
الشروق
6 :15
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 31
العشاء
8 :54