الثلاثاء 16 ديسمبر 2025م – 25 جُمادى الآخرة 1447 هـ
01 يناير 2017 م

نشر الأمل ونبذ اليأس

نشر الأمل ونبذ اليأس

لا ينجح في هذه الحياة من لا يعيش بالأمل، ولا يُقَدِّمُ شيئًا نافعًا لنفسه أو لمجتمعه -فضلًا عن العالم الذي يعيش فيه- من يتملَّكُه اليأس، ومن هنا كان حرص الإسلام على توجيه أتباعه إلى ضرورة التحلِّي بالأمل الإيجابي ونبذ اليأس السلبي، وفي الوقت ذاته كان حرص الإسلام بنفس الدرجة على رفض الأمل الزائف غير الواقعي الذي يجعل الإنسان هائمًا في خيالات لا تَمُتُّ للواقع بصلة؛ فالإسلام يحض المسلمين على إدراك واقعهم والتفاعل معه وإصلاحه ونفع العالمين.
لقد تحدث القرآن عن ضرورة تحلي المؤمن بالأمل في تحصيل الثواب الجزيل من الله تبارك وتعالى وذلك بالأعمال الصالحة النافعة التي وصفها القرآن بالباقيات الصالحات؛ قال تعالى: ﴿الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ [الكهف: 46].
وقال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 110].
وفي المقابل تحدث القرآن عن الأمل بالنسبة للكافرين؛ فبيَّن أن الأمل يلهيهم بالتمتع باللذائذ والشهوات عن النظر إلى عاقبة أمرهم في الآخرة، وذلك في قوله تعالى: ﴿ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾ [الحجر: 3].
إذن، ينبغي أن يكون الأمل أملًا في الله وتحصيل ثوابه والفوز بجنته، فذلك هو الأمل الذي استحسنه القرآن وحض المسلمين على التمسك به، وحذر القرآن في المقابل من الأمل غير الحقيقي، الأمل الزائف، الذي لا ينبني على أساس، ولا يشفع له شاهدٌ من واقع أو حقيقة، فهذا ما يرفضه الإسلام ويحذر من الوقوع فيه، سواء كان أملًا في تحصيل متع وشهوات الدنيا، أو أملًا في توبة دون عزم صادق وإقلاع حاسم ناجز عن المعصية؛ تعللا بطول العمر وانفتاح باب التوبة، وهو ما نبَّه إليه المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم وحذَّرَ منه حين قال: «لاَ يَزَالُ قَلْبُ الكَبِيرِ شَابًّا فِي اثْنَتَيْنِ: فِي حُبِّ الدُّنْيَا، وَطُولِ الأَمَلِ» رواه البخاري، وقال: «يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَتَبْقَى مِنْهُ اثْنَتَانِ: الْحِرْصُ، وَالْأَمَلُ» رواه أحمد، وقال: «يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَتَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ: الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ، وَالْحِرْصُ عَلَى الْعُمُرِ» رواه مسلم.
إن الأمل مطلوب، ولكن طول الأمل دون استعداد لحقيقة الارتحال عن الدنيا والقدوم لعالم الآخرة لهو من الأمل الزائف المذموم؛ يقول الحافظ ابن حجر في "فتح الباري شرح صحيح البخاري" (11/ 237): [في الأمل سر لطيف؛ لأنه لولا الأمل ما تهنَّى أحد بعيش ولا طابت نفسه أن يشرع في عمل من أعمال الدنيا، وإنما المذموم منه الاسترسال فيه وعدم الاستعداد لأمر الآخرة؛ فمن سَلِمَ من ذلك لم يُكَلَّفْ بإزالته] اهـ.
أما اليأس فقد ورد التحذير منه والتنبيه على أنه من صفات الكافرين؛ قال تعالى:﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [العنكبوت: 23].
وقال على لسان سيدنا يعقوب عليه السلام لأبنائه: ﴿وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ﴾ [يوسف: 87].
كما نفَّر سبحانه وتعالى من سلوكٍ يزِلُّ فيه كثير من البشر عندما يفرحون حين تأتيهم النعم، ثم إذا أصابهم شيء من الضر تملَّكهم اليأس والقنوط؛ فقال جل شأنه: ﴿وَإِذَا أَنْعَمْنَا عَلَى الْإِنْسَانِ أَعْرَضَ وَنَأَى بِجَانِبِهِ وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ كَانَ يَئُوسًا﴾ [الإسراء: 83].
إن بثَّ الأمل في نفوس الخلق لَهُوَ مما يبعث على التفاؤل ويدفع للاجتهاد والعمل الصالح الذي تصلح به الدنيا وتمتد آثاره إلى عالم الآخرة، أما اليأس فيفسد الدنيا ويلقي بظلاله القاتمة في العلاقة مع الله سبحانه وتعالى مما يضيع على العبد الفوز في الآخرة.
وقانا الله شر اليأس وأنعم علينا بنعمة الأمل والرجاء فيه، حتى يبدل خوفنا أمنا، وفزعنا طمأنية، وجبننا شجاعة، وتخلفنا إقدامًا، آمين يا رب العالمين.
وصلاةً وسلامًا على أشرف المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
المصادر:
- "فتح الباري شرح صحيح البخاري" للحافظ ابن حجر.
- "مفاتيح الغيب" للإمام للرازي.
- "الأمل واليأس" للدكتور إبراهيم محمد تركي ضمن "موسوعة الأخلاق" ط. المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية.
 

تعد صلة الأرحام من مظاهر عناية الإسلام بتقوية أواصر الصِّلات داخل المجتمع، ونشر المحبة والسلام بين أفراده؛ حيث وجَّه الإسلامُ عنايةَ أتباعه إلى التَّواصُل والتَّقارب بشكلٍ خاص بين الأهل والأقارب؛ فالإسلام لا يقرُّ هذه النظرة الفردية التي تجعل الإنسان مهتمًّا بذاته فقط، أو على الأكثر بأسرته الصغيرة، بل يدفع الإسلام أتباعه إلى ترسيخ قيمة التَّواصل الفعَّال بين الأقارب؛ كحلقةٍ أساسيةٍ من حلقات الترابط في المجتمع؛ ولتشعب العلاقات والمصاهرة بين النَّاس؛ فإنَّ دائرةَ صلةَ الرَّحم قادرةٌ على الامتداد لتشمل المجتمع كله بطريقةٍ غير مباشرة.


الشكر: هو المجازاة على الإحسان، والثناء الجميل على من يقدم الخير. وشكر الله سبحانه وتعالى على نعمه من أهمِّ الأخلاق التي يجب على العبد المؤمن أن يتحلَّى بها. وقد وجَّهَنَا الله تعالى لشكره على نعمائه؛ كما في قوله تعالى: ﴿فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ﴾ [البقرة: 152].


يُعَدُّ الحياء من الأخلاق السامية التي قلَّ وجودها بين الخلق، وقد انعكس ذلك بشكل خطير على علاقات الناس وتصرفاتهم مع بعضهم البعض، وباتت البغضاء والشحناء والفجاجة منتشرة في المجتمعات بسبب قلة الحياء مع غياب كثير من الفضائل الأخرى.


الصبر من الأخلاق المهمة التي يجب على المسلم أن يتحلَّى بها، وأن يُدَرِّبَ نفسه عليها. ولقد عرَّف بعض العلماء الصبر في أحد تعريفاته: بـ «تجرع المرارة مع السكون». وحياة المؤمن كلها ينبغي أن يكون الصبر محورها، فهو يصبر على طاعة الله تعالى ويصبر أيضًا عن معصيته، كما يصبر على ما يصيبه من ضراء في الحياة الدنيا تبعًا لأقدار الله بحلوها ومرها، لا يجزع ولا ييأس من رحمة الله، ولا يغترَّ بما فيه من نِعم؛ فيزلَّ خائبًا يخسر دنياه وآخرته.


النفس الإنسانية جُبِلَتْ على الأَثَرَةِ والشعور بالكمال، والميل إلى اللَّذائذ والشَّهوات، وسبيلُ نجاة الإنسان أن يقاومَ ما بها من نوازع للشر، ويهذِّبها حتى يستغلَّ ما فيها من إمكانات من أجل دفعها لفعل الخير. والطباع التي جُبِلَتْ عليها النفس من الأَثَرَةِ والميل إلى تحصيل الشهوات وغيرها؛ تدفعها كثيرًا إلى الغضب والحرص والاندفاع بالقول والعمل للإساءة للغير، ما لم يكن هناك حاجزٌ لها من تربيةٍ أو دينٍ أو ظروفٍ تمنع أو تقلِّل من هذا الاندفاع.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :44
الظهر
11 : 51
العصر
2:39
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20