01 يناير 2017 م

الإتقان

الإتقان


الإتقان من الأخلاق والصفات التي وصف الله تعالى بها صُنعَه؛ فقال جل شأنه: ﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾ [النمل: 88]، وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ إِذَا عَمِلَ أَحَدُكُمْ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ» رواه الطبراني في "الأوسط"، قال عقبة: [لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ هِشَامٍ إِلَّا مُصْعَبٌ، تَفَرَّدَ بِهِ: بِشْرٌ] اهـ.

والإتقان يعني: إجادة الشيء، والمهارة فيه، وإصلاح الخَلل، والمسلم يجب أن يكون مُتقِنًا، فيُتقن في عمله وسعيه وسائر شؤون حياته، والله سبحانه وتعالى بيَّن لنا وجوه الإتقان في خَلْقِهِ، حتى يكون ذلك مرشدًا لنا نهتدي به في أعمالنا؛ فيقول جل شأنه: ﴿صُنْعَ اللهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [النمل: 88]، وقال أيضًا: ﴿مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ﴾ [الملك: 2]، فإذا علم الإنسانُ أن الكون الذي يعيش فيه مخلوقٌ على هذه الهيئة من الدِّقةِ والإتقانِ، علم أنه ليس له أن يعمل شيئًا اعتباطًا، عشوائيًّا، دون نظامٍ أو تخطيطٍ أو إتقان.

كذلك كانت توجيهاتُ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم مؤكِّدةً على هذا الخُلق الرفيع، والقيمة السامية؛ فوجَّه صلى الله عليه وآله وسلم بالإتقان في كلِّ عملٍ وإحسانٍ صنعه، حتى إنه وجَّه بذلك في ذبحِ البهائم؛ فقال: «إِنَّ اللهَ كَتَبَ الْإِحْسَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ، فَإِذَا قَتَلْتُمْ فَأَحْسِنُوا الْقِتْلَةَ، وَإِذَا ذَبَحْتُمْ فَأَحْسِنُوا الذَّبْحَ، وَلْيُحِدَّ أَحَدُكُمْ شَفْرَتَهُ، فَلْيُرِحْ ذَبِيحَتَهُ» رواه مسلم.

وفي جنازةٍ قال صلى الله عليه وآله وسلم: «سَوُّوا لَحْدَ هَذَا»، ثم قال: «أَمَا إِنَّ هَذَا لَا يَنْفَعُ الْمَيِّتَ وَلَا يَضُرُّهُ، وَلَكِنَّ اللهَ يُحِبُّ مِنَ الْعَامِلِ إِذَا عَمِلَ أَنْ يُحْسِنَ» رواه البيهقي في "شعب الإيمان".

والنبي صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث حين أمر بتسوية اللَّحد الذي سيدخل فيه الميت ثم يُهال عليه التراب، وأكد أن هذا لن ينفع الميت، فإنه صلى الله عليه وآله وسلم يستنكر –في ذات الوقت- أن يكون عدم انتفاع الميت بهذه التسوية سببًا في إهمال حفر اللَّحد، فأكَّد على هذا المعنى بوضوحٍ شديدٍ؛ ليدُل على وجوب ترسيخ معنى الإتقان والإحسان في نفس المؤمن؛ حتى ينال رضا الله سبحانه وتعالى ومحبته.

وترشد هذه الأحاديث إلى أن الإتقان يجب ألَّا يكون من أخلاق المسلم فحسب، بل من طباعه التي يقوم بها على سجيته لتأصُّلِها فيه وتحقُّقها في سلوكه.

إن إتقان العمل وتجويده وتحسينه، لا ينبغي أن يُعامَلَ ذلك معاملة الرفاهية التي يمكن الاستغناء عنها، بل ينبغي أن ينال نصيبه من العناية، ووضعه موضع التنفيذ المستمر في سائر الأعمال، فتكون أعمال المسلم منظمة مرتبة مجوَّدة متقنة، لا في عملٍ دون آخر، بل في سائر الأعمال؛ فالله كتب الإحسان على كل شيءٍ؛ قال تعالى: ﴿وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة: 195]، والإحسان في كل شيء بحسبه، فكما يكون في الأمور الواجبة؛ كالصلاة والزكاة والصوم والحج والصدق والأمانة والسعي على الرزق.. وغيرها بأدائها على أكمل وجهٍ ممكن، فإن الإحسان في المحرَّمات يكون باجتنابها وعدم إتيانها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر:
- "جامع العلوم والحكم" لابن رجب.
- "الإتقان" للدكتور رمضان بسطاويسي ضمن "موسوعة الأخلاق" (ط. المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية).
- "الفروق اللغوية" لأبي هلال العسكري.

اليقين من الأخلاق التي ينبغي أن يتحلى بها المسلم، وبه يزداد المسلم قربًا من الله تعالى متوكلًا عليه زاهدًا فيما عند الناس، كما أنه يجعل صاحبه عزيز النفس، صادقًا مع الله مخلصًا في عبادته، مترفعًا عن مواطن الذلة والهوان، ومن علاماته: قلة مخالطة الناس رغبة فيهم واحتياجا إليه، وترك مدحهم عند العطاء، وترك ذمهم عند المنع، والتوكل عليه سبحانه والرجوع إليه في كل أمر. وقد ورد في السنة النبوية المطهرة ما يدعونا إلى اليقين وأن ثوابه الجنة إن شاء الله، فعن شَداد بْن


تؤثر التجارب والمواقف التي يتعرض لها الإنسان في حياته على تعامله مع الآخرين في المجتمع، وكثيرًا ما تؤثر هذه التجارب المعيشية على المرء بالسلب، فتجعله متوجِّسًا من غيره، متخوفًا من التعامل مع الآخرين، فيعيش في حالة من الظَّنِّ السيء، وهي حالة سلبية إن انتشرت في مجتمع؛ تعطلت فيه المصالح، وتراجع فيه التعاون والتعاضد والبذل والعطاء.


يعد الكرم من الأخلاق الحميدة التي تؤلف بين القلوب، وتوثق عُرَى المجتمع، وتخلصه من الضغائن والأحقاد، ولقد حث الإسلام على هذا الخلق العظيم، وضرب المسلمون عبر العصور أمثلة رائعة في تطبيق هذا الخلق السامي.


التسامح من السمات الأخلاقية المهمة للإسلام، فقد حرَص الإسلام على توجيه أتباعه للتخلُّق بخلق التسامح، وحثهم على اللين والرفق والعفو، سواء فيما بين المسلمين أم مع غيرهم؛ قال تعالى عن أتباع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ﴾ [الفتح: 29]، وقال تعالى: ﴿وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ۞ فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [الشعراء: 215-216]


الإسلام دين الحب، والحب منبع الرحمة، والرحمة مفتاح كل خلق محمود عرفته الإنسانية، وقد تكرر ذكر لفظ الحب ومشتقاته في القرآن الكريم فيما يزيد على ثمانين موضعًا جاء في أكثرها مسندًا إلى الله عز وجل نفيًا وإثباتًا.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 20 يوليو 2025 م
الفجر
4 :25
الشروق
6 :7
الظهر
1 : 1
العصر
4:38
المغرب
7 : 56
العشاء
9 :25