الثلاثاء 16 ديسمبر 2025م – 25 جُمادى الآخرة 1447 هـ
01 يناير 2017 م

اغتنام الفرص المناسبة التي تتهيأ فيها النفوس للموعظة

اغتنام الفرص المناسبة التي تتهيأ فيها النفوس للموعظة

عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: كَانَ عَبْدُ اللهِ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِي كُلِّ خَمِيسٍ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوَدِدْتُ أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ؟ قَالَ: أَمَا إِنَّهُ يَمْنَعُنِي مِنْ ذَلِكَ أَنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ، وَإِنِّي أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ، كَمَا كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ يَتَخَوَّلُنَا بِهَا، مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا " متفق عليه.
المواعظُ النَّافعةُ في الدين، المؤدِّيةُ إلى سلوك سبيل المتقين، مطلوبةٌ شرعًا؛ قال تعالى: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ﴾ [النحل: 125]، والإكثارُ منها يُسْقِط وَقعها، ويؤدي إلى السآمة منها، فتبطُل فائدتُها المطلوبة، فالاقتصادُ هو المحمود، وإن تفريق المواعظ في الأيام، شيئًا فشيئًا، أبلغ وأنفع من سردها كلها في يومٍ واحدٍ.
ولقد كان هذا هو هَدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع أصحابه رضوان الله عليهم؛ فكان يغتنم الفرص المناسبة التي تتهيأ فيها النفوس للموعظة وتقبلها؛ فكان يراعي الأوقات في تذكيرهم، ولا يديم وعظهم كل يوم؛ لئلا يملوا، بل يَتَخَوَّلهم بها أحيانًا، والتخول: هو "التعاهد شيئاً فشيئًا".
لقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مواعظه؛ كالطبيب يعطي من الدواء بالمقدار الملائم للمرض، ويتمشى معه في طريق العلاج مترقِّيًا في مقادير الدواء، حتى لا يمل المريض، ويكره الدواء؛ فيصعب علاجه، ويستفحل داؤه، ويعزُّ شفاؤه.
وفي سياق هذا الهَدي النبوي الشريف كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يَقصُرُ الخطبة، ولا يطيلها، بل كان يُبلِغُ ويُوجِز، وفي "صحيح مسلم" عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال:" كنت أصلي مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فكانت صلاته قَصْدًا، وخطبته قصدًا"، وأخرجه أبو داود، ولفظه: "كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يطيل الموعظة يوم الجمعة، إنما هي كلمات يسيرات"، وأخرجه مسلم من حديث أبي وائل قال: "خطبنا عمار رضي الله عنه، فأوجز وأبلغ، فلما نزل قلنا: يا أبا اليقظان، لقد أبلغت وأوجزت، فلو كنت تنفست، قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «إن طُولَ صلاة الرجل، وقِصَرَ خطبته مَئِنَّةٌ من فقهه، فأطيلوا الصلاة، وأقصروا الخطبة، فإن من البيان سحرًا».
وأخرج الإمام أحمد، وأبو داود، من حديث الحكم بن حزن رضي الله عنه قال: "شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الجمعة، فقام متوكئًا على عصا، أو قوس، فحمد الله، وأثنى عليه، كلمات خفيفات طيبات مباركات".
وأخرج أبو داود عن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلًا قام يومًا، فأكثر القول، فقال عمرو: فلو قصد في قوله لكان خيرًا له، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لقد رأيتُ، أو أمرتُ أن أتجوَّز في القول، فإن الجواز هو خير».
المصادر
- "شرح الإلمام بأحاديث الأحكام" لابن دقيق العيد.
- "البحر المديد في تفسير القرآن المجيد" لابن عجيبة.
- "فتح الباري شرح صحيح البخاري".
 

جاء عن رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ أنه قال: «سَلْمَانُ مِنَّا أَهْلَ الْبَيْتِ». أخرجه الطبراني، والحاكم في "مستدركه"، وأبو نعيم الأصبهاني في "معرفة الصَّحابة"، والبيهقي في "دلائل النبوة". أما عن سبب الحديث الشريف؛ فقد ورد في "دلائل النبوة" للإمام البيهقي (3/ 482) عن مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ رضي الله عنه، قَالَ : خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ وَقُرَيْشٌ وَمَنِ اتَّبَعَهُمْ مِنْ مُشْرِكِي الْعَرَبِ، مَعَهُمْ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ، وَاسْتَمَدُّوا عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ، فَأَقْبَلَ بِمَنْ أَطَاعَهُ مِنْ غَطَفَانَ، وَبَنُو أَبِي الْحُقَيْقِ كِنَانَةُ بْنُ الرَّبِيعِ بْنِ أَبِي الْحُقَيْقِ، سَعَى فِي غَطَفَانَ


عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - دَخَلَ الْمَسْجِدَ، فَدَخَلَ رَجُلٌ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: ارْجِعْ فَصَلِّ، فَإِنَّك لَمْ تُصَلِّ.


عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، قَالَ: مَرَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ بِامْرَأَةٍ تَبْكِي عِنْدَ قَبْرٍ، فَقَالَ: «اتَّقِي اللهَ، وَاصْبِرِي» قَالَتْ: إِلَيْكَ عَنِّي، فَإِنَّكَ لَمْ تُصَبْ بِمُصِيبَتِي، -وَلَمْ تَعْرِفْهُ-، فَقِيلَ لَهَا: إِنَّهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَأَتَتْ بَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدَهُ بَوَّابِينَ، فَقَالَتْ: لَمْ أَعْرِفْكَ، فَقَالَ: «إِنَّمَا الصَّبْرُ عِنْدَ الصَّدْمَةِ الأُولَى» رواه البخاري.


عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلَانٌ، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلم فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ المَرِيضَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا الحَاجَةِ» رواه البخاريُّ.


جاء عن عَلِيٍّ رضي الله عنه قال: «حَدِّثُوا النَّاسَ، بِمَا يَعْرِفُونَ أَتُحِبُّونَ أَنْ يُكَذَّبَ، اللَّهُ وَرَسُولُهُ». وجاء عن عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ: «مَا أَنْتَ بِمُحَدِّثٍ قَوْمًا حَدِيثًا لَا تَبْلُغُهُ عُقُولُهُمْ، إِلَّا كَانَ لِبَعْضِهِمْ فِتْنَةً». هنا جاء على لسان سيدنا علي بن أبي طالب وسيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما مبدأ أساسي من مبادئ الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة وقاعدة تربوية تعليمية مقررة، وهي أن يقتصر بالمتعلم على قدر فهمه فلا يُلقى إليه ما لا يبلغه عقله فيُنفِّره أو يَخبِط عليه عقله؛ اقتداء في ذلك بسيد البشر صلى الله


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 ديسمبر 2025 م
الفجر
5 :11
الشروق
6 :44
الظهر
11 : 51
العصر
2:39
المغرب
4 : 57
العشاء
6 :20