01 يناير 2017 م

كلكم راعٍ ومسئول عن رعيته

كلكم راعٍ ومسئول عن رعيته


عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّهُ: سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم يَقُولُ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ فِي أَهْلِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا رَاعِيَةٌ وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا، وَالخَادِمُ فِي مَالِ سَيِّدِهِ رَاعٍ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، قَالَ: فَسَمِعْتُ هَؤُلَاءِ مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم، وَأَحْسِبُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «وَالرَّجُلُ فِي مَالِ أَبِيهِ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» متفق عليه.

في هذا الحديث الشريف أثبت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المسئولية لكل إنسان في نفسه، وجعله مطلوبًا للحقِّ في عالم غيبه وحسِّه، فإذا كان الأمر على هذا الحد، ولزمنا الوفاء بالعهد، فما لنا نفرط في سبيل النجاة؟ ما هذا فعل من قال إني عاقل! ويتجنب جميع هذه المعاقل.

والراعي هو الحافظ المؤتمن الملتزم بمصالح ما قام عليه في أموره الدينية والدنيوية، والذي سيُسْأل أمام الله عن رعيته: ضيَّع أم حفِظ.

وكلُّ راعٍ مسئولٌ عن رعيته في الآخرة؛ فكل من كان تحت نظره شيء فهو مطلوب بالعدل فيه، والقيام بمصالحه في دينه ودنياه ومتعلقات ذلك، فإن وفَّى ما عليه من الرعاية حصل له الحظ الأوفر والجزاء الأكبر، وإلا طالبه كل أحد من رعيته بحقه في الآخرة.

فالحاكم راعٍ فيمن وَلِيَ عليهم؛ يقيم الأحكام على سنن الشرع، ويحفظ الشرائع، ويحمي البَيْضَةَ، ويجاهد العدو، وهو مسئول عن رعيته هل راعى حقوقهم، أو لا؟

والرجل راعٍ في أهله: زوجة، وغيرها، وهو مسئول عن رعيته هل وفَّاهم حقوقهم من نحو نفقةٍ، وكسوةٍ، وحسن عشرةٍ، أو لا؟

والمرأة راعية في بيت زوجها؛ بحسن تدبيرها في المعيشة، والنصح له، والشفقة عليه، والأمانة في ماله، وحفظ عياله، وأضيافه، ونفسها، وهي مسئولة عن رعيتها هل قامت بما يجب عليها ونصحت في التدبير أو لا؟

والخادم راعٍ في مال مخدومه بحفظه؛ فعليه القيام بما يستحقه عليه من حسن خدمته ونصحه، وهو مسئول عن رعيته. والرجل راعٍ في مال أبيه بحفظه، وتدبير مصلحته، وهو مسئول عن رعيته. فكلكم مثل الراعي، وكلكم مسئول عن رعيته. والراعي غير مطلوب لذاته بل أُقيم لحفظ ما استرعاه، ويشمل الإنسان في ذاته؛ إذ يصدق عليه أنه راعٍ في جوارحه، بفعل المأمور وترك المنهي.

ومما هو معلوم أن ما جبلت عليه الطبيعة البشرية للنفس الإنسانية هو حبُّ الإنسان لنفسه، وتقديمها على أي شيء، ولا يُلام أيُّ إنسانٍ على هذا، ولكن كل شيء في الحياة عبارة عن سلاح ذي حدَّين إن زاد عن الحد انقلب ضده! فسلاح مثل السكين، هي آلةٌ نقطع بها الطعام والعيش واللحم وخلافه، ولكن ممكن أن يتخذها إنسان آلةً للقتل والعياذ بالله.

إذن فالخلاف ليس على الشيء ولكن الخلاف على كيف نوظفه ليُعيننا ويكون سببًا في سعادتنا وليس سببًا في شقائنا.

فلا بأس بحب الإنسان لذاته بشرط ألا يضرَّ هذا الحب الآخرين ويجور على حقوقهم، ويجعله يصل إلى حالة من الأنانية بحيث لا يرى إلا نفسه وحقوقها ومصالحها وفقط! وهذا ما لم يأمرنا به دينُنا. فمثلًا يأتي إنسان وتسمع منه قوله: "مصلحتي أولًا، ثم أبحث عن الآخرين"! فمثل هذا لن يبحث عن أحدٍ أبدًا؛ لأن مصلحته دائمًا ستحول بينه وبين الآخرين، وتجعله يُبَدِّي نفسه في كلِّ الأحوال، فأين هم الآخرون وأين حقهم عليه؟!

عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ، أَنَّ رَجُلًا ضَرِيرَ البَصَرِ أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: ادْعُ اللَّهَ أَنْ يُعَافِيَنِي قَالَ: «إِنْ شِئْتَ دَعَوْتُ، وَإِنْ شِئْتَ صَبَرْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ». قَالَ: فَادْعُهْ، قَالَ: فَأَمَرَهُ أَنْ يَتَوَضَّأَ فَيُحْسِنَ وُضُوءَهُ وَيَدْعُوَ بِهَذَا الدُّعَاءِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ وَأَتَوَجَّهُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ نَبِيِّ الرَّحْمَةِ، إِنِّي تَوَجَّهْتُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي هَذِهِ لِتُقْضَى لِيَ، اللَّهُمَّ فَشَفِّعْهُ فِيَّ» (رواه الترمذي وقال عقبه: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ). وفى زيادة صحيحة صححها الحافظ الطبراني وأخرجها في "الدعاء" و"المعجم الكبير" و"الصغير" وأقر تصحيحَ الطبراني الحافظُ المنذري في "الترغيب والترهيب" والحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" وغيرهما: " عن عثمان بن حنيف أن رجلًا كان يختلف إلى عثمان بن عفان في حاجة له فكان


عَنْ أبي سعيد وأَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «مَا يُصِيبُ المُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلا وَصَبٍ، وَلاَ هَمٍّ وَلاَ حُزْنٍ، وَلاَ أَذًى وَلاَ غَمٍّ، حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إِلَّا كَفَّرَ اللهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ» متفق عليه.


عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَذَلِكَ» متفق عليه، واللفظ لمسلم.


فأما البر: فهي اللفظة الجامعة التي ينطوي تحتها كل أفعال الخير وخصاله، وجاء تفسيره في الحديث بأنه حسن الخلق، وعُبَّر عنه في حديث آخر لوابصةَ بأنه ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، وهذا الاختلاف في تفسيره لبيان أنواعه. فالبرُّ مع الخَلْق إنما يكون بالإحسان في معاملتهم، وذلك قوله: «البرُّ حسن الخلق»، وحسن الخلق هو بذل الندى، وكفُّ الأذى، والعفو عن المسيء، والتواصل معهم بالمعروف، كما قال ابن عمر رضي الله عنه: "البرُّ شيء هيِّن: وجه طليق، وكلام ليِّن".


عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «إِيَّاكُمْ وَالجُلُوسَ بِالطُّرُقَاتِ» فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا لَنَا مِنْ مَجَالِسِنَا بُدٌّ نَتَحَدَّثُ فِيهَا، فَقَالَ: «إِذْ أَبَيْتُمْ إِلَّا المَجْلِسَ، فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ» قَالُوا: وَمَا حَقُّ الطَّرِيقِ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: «غَضُّ البَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْيُ عَنِ المُنْكَرِ».


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 29 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :21
الشروق
6 :47
الظهر
12 : 45
العصر
4:9
المغرب
6 : 43
العشاء
8 :0