01 يناير 2017 م

حرمة الإيذاء

حرمة الإيذاء


حرَّم الإسلام إيذاء الخَلق، بل والكون أيضًا، إن نظرة الإسلام للحياة تجعل المسلم متسامحًا مع إخوانه وأهله وجيرانه، وسائر مخلوقات الله؛ سواء كانت حيوانات، أم نباتات، أم جبالًا أم ماءً أم هواءً ... إلخ؛ يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا ۞ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 57-58]، حيث ذكر سبحانه إيذاء المؤمنين قرين إيذاء الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، إشعارًا بخطورة هذا الإيذاء، ورَتَّبَ عليه الإثم والعقاب.

ولا يقف حدُّ الإيذاء عند الإيذاء المادي وحسب بل يتعداه كذلك إلى الإيذاء المعنوي والنفسي؛ قال تعالى: ﴿قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ﴾ [البقرة: 263].

وبيَّن سبحانه أن الأذى يبطل العمل: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى﴾ [البقرة: 264].

وقد حثَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المؤمنين على التودد إلى الخلق، وعدم إيذائهم؛ حيث قال: «فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنِ النَّارِ، وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ، فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ، وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ» رواه مسلم، فليس أحدٌ يحب أن يؤذيه الناس؛ وبالتالي فلا يجوز له أن يؤذيهم.

وشَبَّه النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعنَ المؤمن لأخيه المؤمن بقتله، فقال: «وَلَعْنُ الْمُؤْمِنِ كَقَتْلِهِ، وَمَنْ رَمَى مُؤْمِنًا بِكُفْرٍ فَهُوَ كَقَتْلِهِ» متفق عليه.

وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حريصًا على تنبيه المسلمين لرعاية مشاعر إخوانهم؛ فنهى عن انفراد شخصين بالحديث دون ثالثهما، فقال: «إِذَا كُنْتُمْ ثَلَاثَةً، فَلَا يَتَنَاجَى اثْنَانِ دُونَ صَاحِبِهِمَا، فَإِنَّ ذَلِكَ يُحْزِنُهُ» رواه مسلم، وأرشد المسلمين إلى التوادِّ، والتعاون، ومراعاة مشاعر بعضهم بعضًا؛ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَنَاجَشُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ، وَلَا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَا هُنَا» وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ «بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ، كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ؛ دَمُهُ، وَمَالُهُ، وَعِرْضُهُ» رواه مسلم.

وإذا كان هذا الإيذاء محرَّمًا فإنه على الجهة المقابلة يُعَدُّ الصبر على الأذى من مكارم الأخلاق التي تُميِّزُ المؤمنين؛ فمن أنواع الصبرِ: الصبرُ على الخَلْق، وتحمُّل أذاهم، ومسامحتهم، والعفو عن زلاتهم؛ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم: "الْمُؤْمِنُ الَّذِي يُخَالِطُ النَّاسَ، وَيَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ، أَعْظَمُ أَجْرًا مِنَ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لاَ يُخَالِطُ النَّاسَ، وَلا يَصْبِرُ عَلَى أَذَاهُمْ" رواه ابن ماجه.

ولقد كان الصبر على الإيذاء دأب الرسل الكرام عليهم الصلاة والسلام؛ قال تعالى –على لسانهم-: ﴿وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَى مَا آذَيْتُمُونَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ﴾ [إبراهيم: 12]، بل إن حبس العقوبة والتأني في تأثيم مستحقها عاجلًا من الحلم الذي اتصف الله سبحانه وتعالى به على جاحدي النعم، وهو ما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قوله: «مَا أَحَدٌ أَصْبَرُ عَلَى أَذًى سَمِعَهُ مِنَ اللهِ؛ يَدَّعُونَ لَهُ الوَلَدَ، ثُمَّ يُعَافِيهِمْ وَيَرْزُقُهُمْ» رواه البخاري.

لا ينبغي للمسلم أن يكون جُلَّ همِّه أن يسعى لتحصيل لذائذ الدنيا والتَّمتُّع بما فيها من شهوات، بل عليه أن يكتفيَ من المتع التي أحلَّها الله له بالقدر المعقول والمشروع الذي به يتحقَّقُ ما يحتاجه من الضرورات


التواضع من الأخلاق الفاضلة التي تسمو بها النفس، وتصلح بها علاقات الناس، وتبعث على المحبة والتآلف بينهم. والتواضع هو: لين المعاملة، وعدم التكبر والتعالي على الناس. وقد حرص القرآن الكريم على بيان فضل التواضع، ومدح من يتحلى به؛ فقال تعالى: ﴿وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا﴾ [الفرقان: 63]،


ما يظن الإنسان أنه يملكه، لا يملكه في الحقيقة، وإنما هو مستخلف في إدارته والتعامل به، وهو تارك لكل ما يملك عند الموت، ومحاسب من الله عز وجل على كيفية إدارته له وتعامله به. إن إدراك الإنسان لهذه الحقيقة هو الطريق الأساسي للتحلي بفضيلة الزهد، التي تجعل الإنسان متصلًا بالله


يُعَدُّ الحياء من الأخلاق السامية التي قلَّ وجودها بين الخلق، وقد انعكس ذلك بشكل خطير على علاقات الناس وتصرفاتهم مع بعضهم البعض، وباتت البغضاء والشحناء والفجاجة منتشرة في المجتمعات بسبب قلة الحياء مع غياب كثير من الفضائل الأخرى.


تؤثر التجارب والمواقف التي يتعرض لها الإنسان في حياته على تعامله مع الآخرين في المجتمع، وكثيرًا ما تؤثر هذه التجارب المعيشية على المرء بالسلب، فتجعله متوجِّسًا من غيره، متخوفًا من التعامل مع الآخرين، فيعيش في حالة من الظَّنِّ السيء، وهي حالة سلبية إن انتشرت في مجتمع؛ تعطلت فيه المصالح، وتراجع فيه التعاون والتعاضد والبذل والعطاء.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 19 مايو 2025 م
الفجر
4 :19
الشروق
5 :59
الظهر
12 : 51
العصر
4:28
المغرب
7 : 44
العشاء
9 :13