01 يناير 2017 م

شبهة القول بقتل المرتد

شبهة القول بقتل المرتد


تمثل قضية "قتل المرتد" في الفكر الغربي إشكالية كبيرة، فيظنون أن الإسلام يُكْرِه الناس حتى يتبعوه، ويغفلون عن دستور المسلمين في قضية حرية الاعتقاد التي يمثلها قوله تعالى: ﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾ (1).

ويمكن النظر إلى قضية "قتل المرتد" من زاويتين: الزاوية الأولى: هي النص الشرعي النظري الذي يبيح دم المسلم إذا ترك دينه وفارق الجماعة (2)، والثانية: هي التطبيق التشريعي ومنهج التعامل في قضية المرتد في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكذلك خلفائه رضوان الله عليهم.

فأما في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم؛ فإنه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقتل عبد الله بن أبي، وقد قال: "لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى المَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ" (3)، ولم يقتل ذا الخويصرة التميمي وقد قال له: "اعْدِلْ" (4)، ولم يقتل من قال له: "يَزْعُمُونَ أَنَّكَ تَنْهَى عَنِ الْغَيِّ وَتَسْتَخْلِي بِهِ" (5)، ولم يقتل القائل له: "إِنَّ هَذِهِ الْقِسْمَةَ مَا أُرِيدَ بِهَا وَجْهُ اللهِ" (6)، ولم يقتل من قال له -لما حكم للزبير بتقديمه في السقي: "أَنْ كَانَ ابْنَ عَمَّتِكَ" (7)، وغير هؤلاء ممن كان يبلغه عنهم أذًى له وَتَنَقُّص، وهي ألفاظ يرتد بها قائلها قطعًا؛ لأنها اتهام للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بما في ذلك من تكذيب له بأمانته وعدله.

وقد كان في ترك قتل من ذكرت وغيرهم مصالح عظيمة في حياته، وما زالت بعد موته من تأليف الناس وعدم تنفيرهم عنه؛ فإنه لو بلغهم أنه يقتل أصحابه لنفروا، وقد أشار إلى هذا بعينه، وقال لعمر رضي الله عنه لما أشار عليه بقتل عبد الله بن أبي: «لَا يَتَحَدَّثُ النَّاسُ أَنَّ مُحَمَّدًا يَقْتُلُ أَصْحَابَهُ» (8)، ولم يستخدم ما أباحه الله له في الانتقام من المنافقين ومعاقبتهم كما ورد في سورة الأحزاب قال تعالى: ﴿لَئِن لَّمْ يَنتَهِ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلا قَلِيلًا * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا﴾ (9).

وكذلك ما رواه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أَنَّ أَعْرَابِيًّا بَايَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ عَلَى الإِسْلَامِ، فَأَصَابَ الأَعْرَابِيَّ وَعْكٌ بِالْمَدِينَةِ، فَأَتَى الأَعْرَابِيُّ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى، ثُمَّ جَاءَهُ فَقَالَ: أَقِلْنِي بَيْعَتِي، فَأَبَى، فَخَرَجَ الأَعْرَابِيُّ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا المَدِينَةُ كَالكِيرِ، تَنْفِي خَبَثَهَا، وَيَنْصَعُ طِيبُهَا» (10)، فهو لم يقتله، فلماذا لم يقتل كل أولئك الذين يصدق عليهم قول ربنا: ﴿وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلامِهِمْ﴾؟ (11).

وأما في عهد الخلفاء، وبالتحديد في زمن الفاروق عمر رضي الله عنه، فقد روي أن أنسًا رضي الله عنه عاد من "تُستَر"، فقدم على عمر رضي الله عنه فسأله: "مَا فَعَلَ الرَّهْطُ السِّتَّةُ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ فَلَحِقُوا بِالْمُشْرِكِينَ؟ قَالَ: فَأَخَذْتُ بِهِ فِي حَدِيثٍ آخَرَ لِيَشْغَلَهُ عَنْهُمْ، قَالَ: مَا فَعَلَ الرَّهْطُ السِّتَّةُ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَنِ الْإِسْلَامِ فَلَحِقُوا بِالْمُشْرِكِينَ مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ؟ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قُتِلُوا فِي الْمَعْرَكَةِ، قَالَ: إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَهَلْ كَانَ سَبِيلُهُمْ إِلَّا الْقَتْلَ؟ قَالَ: نَعَمْ، كُنْتُ أَعْرِضُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَدْخُلُوا فِي الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَبَوَا اسْتَوْدَعْتُهُمُ السِّجْنَ" (12). فلم يرَ عمر رضي الله عنه قتلهم بدءًا؛ رغم أنهم ارتدوا وقاتلوا المسلمين؛ لكنه رأى استتابتهم، وإلا سجنهم.

كل تلك الوقائع التي كانت في عهد التشريع جعلت فقهاء المسلمين يفهمون أن مسألة "قتل المرتد" ليست مسألة مرتبطة بحرية العقيدة والفكر، ولا مرتبطة بالاضطهاد، وأن النصوص التي شددت في ذلك، لم تعنِ الخروج من الإسلام بقدر ما عنت الخروج على الإسلام الذي يُعدُّ جرمًا ضد النظام العام في الدولة، كما أنه خروجٌ على أحكام الدين الذي تعتنقه الأمة، ويُعتَبر حينذاك مرادفًا لجريمة الخيانة العظمى التي تحرمها كل الشرائع والدساتير والقوانين.

ويرى الشيخ شلتوت شيخ الجامع الأزهر الأسبق رحمه الله أن قتل المرتد ليس حدًّا فيقول: [وقد يتغير وجه النظر في المسألة؛ إذ لوحظ أن كثيرًا من العلماء يرى أن الحدود لا تثبُت بحديث الآحاد، وأن الكفر بنفسه ليس مبيحًا للدم، وإنما المبيح هو محاربة المسلمين والعدوان عليهم ومحاولة فتنتهم عن دينهم، وأن ظواهر القرآن الكريم في كثير من الآيات تأبى الإكراه في الدين] اهـ. (13).

فقتل المرتد لم يكن لمجرد الارتداد، وإنما للإتيان بأمر زائد مما يفرق جماعة المسلمين، حيث يستخدمون الردة ليردوا المسلمين عن دينهم، فهي حرب في الدين كما قال تعالى: ﴿وَقَالَت طَّائِفَةٌ مِّنْ أَهْلِ الكِتَابِ آمِنُوا بِالَّذِي أُنزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ (14).

ويؤيد ذلك أيضًا ما ذكره الشيخ ابن تيمية: [أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد قبل توبة جماعة من المرتدين، وأمر بقتل جماعة آخرين، ضموا إلى الردة أمورًا أخرى تتضمن الأذى والضرر للإسلام والمسلمين، مثل أمره بقتل مقيس بن حبابة يوم الفتح، لمَّا ضم إلى ردته قتل المسلم وأخذ المال، ولم يتب قبل القدرة عليه. وأمر بقتل القُرَنيين لمَّا ضموا إلى ردتهم مثل ذلك، وكذلك أمر بقتل ابن خطل لمَّا ضم إلى ردته السبَّ وقتل المسلم، وأمر بقتل ابن أبي السرح لمَّا ضم إلى ردته الطعن والافتراء] اهـ. بتصرف (15).

ومما سبق يتبين لنا: أن "قضية قتل المرتد" غير مطبقة في الواقع العملي المعيش، ووجودها في المصادر التشريعية لم يكن عقوبة ضد حرية الفكر والعقيدة، وإنما تخضع للقانون الإداري.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
-----------------------------------------
(1) البقرة: 256.
(2) أخرجه أحمد في "مسنده" (ج1 ص381)، والبخاري في "صحيحه" (ج6 ص2521)، ومسلم في "صحيحه" (ج3 ص1302).
(3) أخرجه البخاري في "صحيحه" (ج6 ص 2636)، ومسلم في "صحيحه" (ج2 ص1006).
(4) أخرجه البخاري في "صحيحه" (ج3 ص1296)، ومسلم في "صحيحه" (ج4 ص2140).
(5) أخرجه أحمد في "مسنده" (ج5 ص2).
(6) أخرجه البخاري في "صحيحه" (ج3 ص1249)، ومسلم في "صحيحه" (ج2 ص739).
(7) أخرجه أحمد في "مسنده" (ج1 ص185)، والبخاري في "صحيحه" (ج2 ص832)، ومسلم في "صحيحه" (ج4 ص1829)، وبقية أصحاب الكتب الستة.
(8) أخرجه البخاري في "صحيحه" (ج6 ص2636)، ومسلم في "صحيحه" (ج2 ص1006).
(9) الأحزاب: 60-61.
(10) أخرجه البخاري في "صحيحه" (ج6 ص2540).
(11) التوبة: 74.
(12) "سنن البيهقي الكبرى" (ج8 ص207).
(13) "الإسلام عقيدة وشريعة" لمحمود شلتوت (ص103).
(14) آل عمران: 72.
(15) "الصارم المسلول" لابن تيمية (ص368).

جاء في القرآن: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ • لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ • ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ﴾ [الحج: 27 - 29]. فأعمال الحج هذه ما هي إلا شعائر وثنية، باقية من الجاهلية، مثل الطواف، ورمي الحجارة، وتقبيل الحجر، والنحر وغيرها، فلماذا أبقى رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم هذه الشعائر الوثنية بعدما انتصر على أهل مكة وهدم الأصنام؟


جاء في القرآن: ﴿فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾ [النساء: 3]. وقد ذكرت الكتب المؤلفة عن رسول الإسلام صلى الله عليه وسلم أنه تزوَّج أكثر من إحدى عشرة امرأة، فكيف يكون رسول من رسل الله بهذه الصفة؟


قال السائل: أنا من سكان مدينة الموصل، التي ابتليت بما يسمى داعش، وقد قامت داعش بإمهال المسيحيين (النصارى) مدة يومين؛ فإما دفع الجزية، وإما الاستيلاء على جميع ممتلكاتهم من بيوت وسيارات وإخراجهم من مدينة الموصل. ونتيجة لعدم الثقة بداعش لم يدفعوا الجزية، فقام الداعشيون بأخذ ممتلكاتهم وبيعها باعتبارها غنائم حرب والسكن في منازلهم، وعند مناقشتهم قالوا إن ما فعلوه قد فعله من قبلُ عمرُ بن الخطاب، ودليل ذلك العهدة العمرية. وسؤالي: هل يصلح هذا التصرف؟ وهل الإسلام يبيح النهب والظلم والتسلط على الناس؟


جاء في القرآن الكريم قول الله تعالى: ﴿وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ [يس: 38]، وهذه الآية تخالف المقررات العلمية من أن الشمس ثابتة تدور حول نفسها ولا تنتقل من مكانها، والأرض هي التي تدور حولها، فكيف يقول القرآن إن الشمس تجري، وإن لها مستقرًّا تسير فيه؟ كما أن هناك قراءة قرآنية فيها: ﴿الشمس تجري ولا مستقر لها﴾، فهذا يدل على اختلاف قراءات القرآن اختلافًا يغيِّر المعنى؛ مما يطعن في سلامة القرآن وصحته.


لقد نجح الإنسان في استنساخ حيوانات وأظنه نجح في استنساخ إنسان، إلا أنه لا يعلن ذلك؛ لأن هذا مجرَّم دوليًّا. والسؤال: في حال نجاح الاستنساخ في إيجاد إنسان؛ هل هذا يعارض قوله تعالى: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى • مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى • وَأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الْأُخْرَى﴾ [النجم: 45-47]، وقوله تعالى: ﴿أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنَى • ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى • فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى﴾ [القيامة: 37-39]؛ لأن الاستنساخ يكون من خلية أنثى فقط دون ذكر، ويكون المستنسخ أنثى تحمل صفات الأنثى؟ وما هو وضع هذا الإنسان المستنسخ في الإسلام؟ وهل هو مكلف أو لا؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 29 أبريل 2025 م
الفجر
4 :39
الشروق
6 :14
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 31
العشاء
8 :55