01 يناير 2017 م

دع ما يريبك إلى ما لا يريبك

دع ما يريبك إلى ما لا يريبك


عن أبي الحوراء السعدي قال: قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ: مَا حَفِظْتَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: حَفِظْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ، فَإِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الكَذِبَ رِيبَةٌ» رواه الترمذي.

هذا الحديث الشريف الذي بين يدينا في هذه الأسطر القليلة، يمثل أحد تجليات الرؤية النبوية لما ينبغي أن يكون عليه حال المسلم من صفاء نفسي وثقة كبيرة بما يقوم به، واقتناع بتصرفاته وسائر أعماله. في هذا الحديث يوجهنا المصطفى صلى الله عليه وسلم إلى الورع واجتناب الشبهات، فيقول: «دَعْ مَا يَرِيبُكَ إِلَى مَا لَا يَرِيبُكَ»؛ أي اترك ما تشك فيه من الأقوال والأعمال أنه منهي عنه أو لا أو سنة أو بدعة، وافعل ما لا تشك فيه منهما. إن المقصود من هذا التوجيه النبوي أن يبنيَ المسلمُ أمرَه على اليقين البَحْتِ ويكونَ على بصيرة في دينه، فمعنى هذا الحديث يرجع إلى الوقوف عند الشبهات واتقائها، فإن الحلال المحض لا يحصل لمؤمن في قلبه منه ريب وشك، بل تسكن إليه نفسه، ويطمئن به قلبه، وأما المشتبهات فيحصل بسببها قلق واضطراب للقلوب.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الصِّدْقَ طُمَأْنِينَةٌ، وَإِنَّ الْكَذِبَ رِيبَةٌ» يشير إلى أنه لا ينبغي الاعتماد على قول كل قائل، وإنما يُعْتَمَدُ على قول من يقول الصدق، وعلامة الصدق أنه تطمئن به القلوب، وعلامة الكذب أنه تحصل به الريبة، فلا تسكن القلوب إليه، بل تنفر منه، وقوله في الرواية الأخرى: «فإن الخير طمأنينة وإن الشر ريبة» يعني: أن الخير تطمئن به القلوب، والشر ترتاب به، ولا تطمئن إليه.

ومن هنا كان العقلاء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعوا كلامه وما يدعو إليه، عرفوا أنه صادق، وأنه جاء بالحق، وإذا سمعوا كلام مسيلمة، عرفوا أنه كاذب، وأنه جاء بالباطل.

وفي هذا الحديث فائدة جليلة لمن أصابهم الشك المرضي أو الوسواس القهري، وهذا كمن تيقن الطهارة، وشك في الحدث، فإنه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لَا يَنْصَرِفُ حَتَّى يَسْمَعَ صَوْتًا، أَوْ يَجِدَ رِيحًا» رواه البخاري ومسلم، ولا سيما إن كان شكه في الصلاة، فإنه لا يجوز له قطعها لصحة النهي عنه.

وها هنا أمر ينبغي التنبُّه له، وهو أن التدقيق في التوقف عن الشبهات إنما يصلح لمن استقامت أحواله كلها، وتشابهت أعماله في التقوى والورع، فأما من يقع في انتهاك المحرمات الظاهرة، ثم يريد أن يتورع عن شيء من دقائق الشبه، فإنه لا يحتمل له ذلك، بل يُنْكَرُ عليه ويُنَبَّهُ إلى أنه لا يستطيع وأن هذه خطوة تسبقها خطوة أخرى هي التوقف عن ارتكاب المحرمات، كما قال ابن عمر لمن سأله عن دم البعوض من أهل العراق: يسألونني عن دم البعوض وقد قتلوا الحسين، وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «هُمَا رَيْحَانَتَايَ مِنَ الدُّنْيَا» رواه الترمذي.

المصادر:
حاشية السندي على سنن النسائي.
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي للمباركفوري.
جامع العلوم والحكم لابن رجب.

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ -أَوِ الْمُؤْمِنُ- فَغَسَلَ وَجْهَهُ، خَرَجَ مِنْ وَجْهِهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ نَظَرَ إِلَيْهَا بِعَيْنَيْهِ مَعَ الْمَاءِ -أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ-، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَ مِنْ يَدَيْهِ كُلُّ خَطِيئَةٍ كَانَ بَطَشَتْهَا يَدَاهُ مَعَ الْمَاءِ -أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ-، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتْ كُلُّ خَطِيئَةٍ مَشَتْهَا رِجْلَاهُ مَعَ الْمَاءِ -أَوْ مَعَ آخِرِ قَطْرِ الْمَاءِ- حَتَّى يَخْرُجَ نَقِيًّا مِنَ الذُّنُوبِ».


عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ» ثُمَّ قَرَأَ: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ﴾ [غافر: 60]. وفي روايةٍ في الترمذي مِنْ حَدِيثِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ». لا شك أن الدعاءَ عبادةٌ من أعظم العبادات، بل جاء في الحديث -كما هو بين أيدينا-: «الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ»، وفي روايةٍ: «إِنَّ الدُّعَاءَ هُوَ الْعِبَادَةُ».


قَالَ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالبَسُوا وَتَصَدَّقُوا، فِي غَيْرِ إِسْرَافٍ وَلَا مَخيلَةٍ» أخرجه البخاري في "صحيحه" معلقًا بصيغة الجزم، والنسائي في "سننه" من طريق عمرو بن شُعَيب رضي الله عنه، عن أبيه، عن جدِّه مرفوعًا.


قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ» رواه أبو داود. يقول الإمام أبو طالبٍ المكي: [وروينا في لفظ أبلغ من هذا: «كَفَضْلِي عَلَى أُمَّتِي»] اهـ، وفي روايةٍ: «كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ» رواه الترمذي.


عن حذيفة رضي الله عنه، قال: كنا عند عمر رضي الله عنه فقال: أيكم سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يذكر الفتن؟ فقال قوم: نحن سمعناه، فقال: لعلكم تعنون فتنة الرجل في أهله وجاره؟ قالوا: أجل، قال: تلك تكفرها الصلاة، والصيام، والصدقة، ولكن أيكم سمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم يذكر التي تموج موج البحر؟ قال حذيفة: فأسكت القوم، فقلت: أنا، قال: أنت، لله أبوك! قال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودًا عُودًا، فَأَيُّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ، وَأَيُّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا، نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ، حَتَّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْلِ الصَّفَا فَلَا تَضُرُّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَالْآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادًّا كَالْكُوزِ، مُجَخِّيًا لَا يَعْرِفُ مَعْرُوفًا، وَلَا يُنْكِرُ مُنْكَرًا، إِلَّا مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ»


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 06 سبتمبر 2025 م
الفجر
5 :6
الشروق
6 :35
الظهر
12 : 53
العصر
4:26
المغرب
7 : 11
العشاء
8 :30