01 يناير 2017 م

قلة الطيب من كل شيء في مقابل الخبيث

قلة الطيب من كل شيء في مقابل الخبيث


 جاء عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ المِائَةِ، لاَ تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً».

يبين الحديث الشريف أن الكامل في الخير والزهد في الدنيا مع رغبته في الآخرة والعمل لها قليل، كما أن الراحلة النجيبة نادرة في الإبل الكثيرة، أو أننا لا نكاد نجد الْمَرْضِيَّ الْأَحْوَال مِنَ النَّاسِ الْكَامِل الْأَوْصَاف الْحَسَن الْمَنْظَر الْقَوِي عَلَى الْأَحْمَالِ وَالْأَسْفَارِ الذي يصلح للصحبة فيعاون صاحبه ويلين له جانبه كما أننا لا نكاد نجد فيما ما يقارب المائة من الإبل الراحلة التي تسافر بين البلاد البعيدة والتي تصلح للركوب وتكون طيئة سهلة الانقياد. لا نكاد نجد الإنسان الذي يملك الإخلاص الكافي بحيث كلما وقع وتكفأ على وجهه قام وأكمل المسير، وترك الولولة والبكاء على اللبن المسكوب.

جاء عن العارف أبي السعود الجارحي أنه قال لأحد مريديه: منذ 30 سنة وأنا أدل الناس على الله؛ فلم أجد إلا من قال لي: الأمير ظلمني … التجار أخذوا مالي … امرأتي هجرتني … وما وجدت من يسألني عن الله حقًّا. وما يقوله هذا العارف: يقصد عند التمحيص؛ فالناس في العادة والأعم الأغلب عندما يطلبون في جد من الأمر يأتون سراعًا ويقولون نحن لها، وعند أول اختبار يظهر منهم التقصير.

قال ابن عجيبة: قد جرت عادته تعالى بكثرة الخبيث من كل شيء، وقلة الطيب من كل شيء، قال تعالى: ﴿وَقَلِيلٌ ما هُمْ [ص: 24] ، ﴿وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ﴾ [سَبَأٍ: 13] ، وفي الحديث الصحيح: «النَّاسُ كإبلٍ مِائةٍ لا تكادُ تَجِدُ فيها رَاحِلةَ»، وقال الشاعر:


إنّي لأفتَحُ عَينِيَ حِينَ أفتَحُها ... عَلَى كَثِيرٍ ولكن لا أرى أحَدا


فأهل الصفا قليل في كل زمان".

يقول الفخر الرازي: حَيْثُ يُوصَفُ أهل الهدى بِالْقِلَّةِ إِنَّمَا يُوصَفُونَ بِهَا بِالْقِيَاسِ إِلَى أَهْلِ الضَّلَالِ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْقَلِيلَ مِنَ الْمَهْدِيِّينَ كَثِيرٌ فِي الْحَقِيقَةِ وَإِنْ قَلُّوا فِي الصُّورَةِ.

قال الراغب: "المراد أنك ترى واحدًا كعشرة آلاف، وترى عشرة آلاف دون واحد.


وَلم أرَ أَمْثَال الرِّجَال تَفَاوتًا ... من النَّاس حَتَّى عُدَّ ألفٌ بِوَاحِد


قال بعضهم: "خص ضرب المثل بالراحلة؛ لأن أهل الكمال جعلهم الحق تعالى حاملين عن أتباعهم المشاق، مذللة لهم الصعاب في جميع الآفاق؛ لغلبة الحنو عليهم والإشفاق".

 

عن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم، حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين» رواه البخاري.


عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه مرفوعًا أنه قال: "كُلُوا جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا، فَإِنَّ الْبَرَكَةَ مَعَ الْجَمَاعَةِ" أخرجه الإمام ابن ماجه في "سننه". وعن وحشي بن حرب عن أبيه عن جده وحشي رضي الله عنه، أن أصحابَ النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلم قالوا: يا رسول الله إنا نأكل ولا نشبع، قال: «فَلَعَلَّكُمْ تَأْكُلُونَ مُتَفَرِّقِينَ؟»، قالوا: نعم، قال: «فَاجْتَمِعُوا عَلَى طَعَامِكُمْ، وَاذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ، يُبَارَكْ لَكُمْ فِيهِ» أخرجه الإمامان أبوداود وابن ماجه في "سننهما".


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: «دِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ فِي رَقَبَةٍ، وَدِينَارٌ تَصَدَّقْتَ بِهِ عَلَى مِسْكِينٍ، وَدِينَارٌ أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ، أَعْظَمُهَا أَجْرًا الَّذِي أَنْفَقْتَهُ عَلَى أَهْلِكَ» رواه مسلم.


عن عبادة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «مَنْ شَهِدَ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنَ العَمَلِ» رواه البخاري.


عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «مِنْ أَقَالَ مُسْلِمًا، أَقَالَ اللهُ عَثْرَتَهُ». لمّا كانت المواساة لا تقتصر على مشاركة المسلم لأخيه في المال والجاه أو الخدمة والنّصيحة.. أو غير ذلك، فإنَّ من المواساة مشاركةُ المسلم في مشاعره خاصَّةً في أوقات حزنه، وعند تعرُّضه لما يعكِّر صفوَه، وهنا فإنَّ إدخال السّرور عليه، وتطييبَ خاطره بالكلمة الطَّيِّبَةِ، أو المساعدةِ الممكنةِ بالمال أو الجاهِ، أو المشاركة الوجدانيَّة هو من أعظم المواساة وأجلِّ أنواعها، وقد كان صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يواسي بالقليل والكثير، وقد علَّمنا أنَّ من أقال مسلمًا من عثرته أقال الله عثرتَه، وأنَّ الله عزَّ وجلَّ لا يزال في حاجة العبد مادام العبد في حاجة أخيه.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 يونيو 2025 م
الفجر
4 :10
الشروق
5 :56
الظهر
12 : 58
العصر
4:34
المغرب
8 : 0
العشاء
9 :34