01 يناير 2017 م

"قيمة العمل في حياته صلى الله عليه وسلم"

"قيمة العمل في حياته صلى الله عليه وسلم"

بدأ النبي صلى الله عليه وسلم الدخول إلى سوق العمل وهو في الثامنة من عمره برعي الغنم، كما ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الغَنَمَ»، فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: «نَعَمْ، كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ». [صحيح البخاري].

يُظْهِرُ هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان جادًّا في حياته حتى في سنوات عمره الأولى، لا يعرف الترف الزائد، ولا يعتمد على غيره، ولا يقبل أن يعيش عالة على أحد، فرغم صغر سنه فإنه كان حريصًا على أن يكسب قوته من عمل يده، كما ورد عن المقدام رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ، خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلامُ، كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ». [صحيح البخاري (3/ 57)].

ولا يخفى ما في مهنة رعي الغنم من فوائد تنعكس على شخصية وسلوك من يعمل فيها وتفيده في حياته كلها؛ فهي تُعَوِّدُ الإنسان الصبر على جو الجزيرة العربية الحار وشمسها الحارقة، وهذا يصنع إنسانًا صلبًا يتمتع بقوة الاحتمال والجَلد، إضافة إلى التدريب على فن القيادة؛ فالراعي الناجح هو الذي يمكنه سياسة أغنامه بهدوء وتؤدة ويختار لها المرعى الأكثر خصوبة، ويمكنه الوصول إليه بأغنامه من أقصر طريق حتى لا يجهدها، وهو كذلك إنسان امتلأ قلبه بالشفقة والرقة فهو يعالج الشاة المريضة وقد يربط لها قدمها إذا كُسرت ويولدها إذا كانت حاملًا وحان وقت ولادتها ولا يلتفت إلى ما قد يطال ثوبه أو بدنه من اتساخ بسببها، وهو كذلك شُجاع يحمي الضعيف من أغنامه من الأذى الذي قد يطالها من بعض الأغنام الطائشة، ثم هو يحمي القطيع كله من الذئاب ومن الحيوانات المفترسة.

إن بإمكاننا أن نعتبر رعي الغنم مدرسة تعلم فيها الحبيب صلى الله عليه وسلم فنون القيادة، والرحمة، والشجاعة، والكثير من القيم والمعاني التي تركت في شخصه الكريم صلى الله عليه أثرًا إيجابيًّا وعميقًا، وقد استمرت حياته صلى الله عليه وسلم كلها جِدٌّ واجتهاد وحرص على الكسب من عرق الجبين.

إن العمل يمثل قيمة حيوية وهامة في حياة الإنسان؛ ولذا من المهم أن نغرس هذا المعنى في نفوس أبنائنا وشبابنا حتى تنهض الأمة ويعلو شأنها؛ إذ بالعلم والعمل تسود الأمم وتبنى الحضارات.

لطالما وفدت الوفود على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ ومن ضمن هؤلاء الوفود الذين قَدِموا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أول الإسلام وفد من النصارى؛ حكى حكايتهم ابن إسحاق حينما ذكرهم قائلًا: ثم قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو بمكة عشرون رجلًا، أو قريبًا من ذلك من النصارى، حين بلغهم خبره من الحبشة، فوجدوه في المسجد، فجلسوا إليه فكلَّموه وسألوه، ورجالٌ من قريشٍ في أنديتهم حول الكعبة، فلما فرغوا من مسألة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عما أرادوا، دعاهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى الله عز وجل، وتلا عليهم القرآن، فلما سمعوا القرآن فاضت أعينهم من الدمع، ثم استجابوا لله وآمنوا به، وصدَّقوه وعرفوا منه ما كان يوصف لهم في كتابهم من أمره.


لقد أعد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للأمر عدَّته، وفكَّر في بَيْعَةٍ ثانيةٍ أعظم من البيعةِ الأولى، وأوسع مما كان يدعو إليه أهل مكة ومن حولها.


الجزيرة العربية جزء هام من العالم له تميز خاص بسبب موقعه الجغرافي وتاريخه الديني، ولم تكن الجزيرة بمنأًى عن التأثر بالحالة العامة التي يعيشها العالم هذه الأثناء فهي سياسيًّا قبائل متفرقة تعاني التناحر والاقتتال غالب الوقت بسبب العصبية والحرص على الزعامة ولا أشهر من حرب داعس والغبراء والبسوس دليلًا على ذلك.


كانت العرب في الجاهلية تُعظِّم البيت الحرام وتحج إليه وتُقدِّرهُ وترعى حُرمته ولا يجرؤ أحد على امتهانه ولا التقليل من شأنه، وكان هناك ملك لليمن أصله من الحبشة إذ ذاك يقال له أبرهة يدين بالنصرانية فوَجَد في نفسه على الكعبة وأراد أن يصرف العرب عن الحج إليها فبنى كنيسة في صنعاء وسمَّاها القُليس ليحج الناس إليها.


عن العرباض بن سارية رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيِّين، وإنَّ آدم لمنجدل في طينته» (رواه الإمام أحمد والحاكم وصححه). قال الطيبي في "شرح المشكاة": المعنى: كتبت خاتم الأنبياء في الحال الذي آدم مطروح على الأرض حاصل في أثناء تخلُّقه لم يُفرغ بعد من تصويره وإجراء الروح.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 29 أبريل 2025 م
الفجر
4 :39
الشروق
6 :14
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 31
العشاء
8 :55