01 يناير 2017 م

في إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه

في إسلام حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه

كان سيدنا حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه من أوائل من أسلم من قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان شديدا ذا شكيمة لا يرام ما وراء ظهره، ولا يطمع طامع عند المخاشنة بكسره، وقد كان لسيدنا حمزة رضى الله عنه نزعة دينية كانت على الباطل، ثم كانت على الحق، كان في جاهليته إذا جاء من صيده وقنصِه لا يغشى ناديًا إلا إذا طاف بالبيت، والمتدين في طبعه إذا رأى وضح الحق سار فيه، ولصدق إدراكه عندما أعلن الإسلام في غضبة عنيفة قوية، أراد أن يمعن النظر فيما عرض له من حال؛ أيخرج منها؟ وما السبيل؟ أم يمضي؟! فاعترته حيرة، كانت هادية موجهة، إذ هداه الله تعالى إلى الإسلام.

وتحكي كتبُ السيرة قصة إسلامه فتجمع على أن ابتداء إسلامه حمية أفضت به إلى السعادة، وختمت له بنيل الشهادة، وأكسبته حسن المنقلب، فلقد روى ابن إسحاق قال: حدثني رجل من أسلم وكان واعية، والطبراني برجال ثقات عن يعقوب عن عتبة بن المغيرة، والطبراني برجال ثقات عن محمد بن كعب القرظي رحمهم اللَّه: إن أبا جهل مر برسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم عند الصّفا فآذاه وشتمه، ونال منه بعض ما يكره من العيب لدينه والتضعيف لأمره؛ فلم يكلّمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومولاة لعبد اللَّه بن جدعان في مسكن لها تسمع ذلك، ثم انصرف عنه فعمد إلى نادي قريش عند الكعبة فجلس معهم، فلم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن أقبل متوشّحا قوسه راجعا من قنص له، وكان صاحب قنص يرميه ويخرج له، فكان إذا رجع من قنصه لم يصل إلى أهله حتى يطوف بالكعبة، وكان إذا فعل ذلك لم يمرّ على نادي قريش إلا وقف وسلّم وتحدث معهم، وكان أعزّ فتى في قريش وأشدّهم شكيمة فلمّا مرّ بالمولاة وقد رجع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى بيته قالت له: يا أبا عمارة: لو رأيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم ابن هشام، وجده هنا جالسا فآذاه وسبّه وبلغ منه ما يكره، ثم انصرف عنه ولم يكلّمه محمد.

فاحتمل حمزة الغضب لما أراد اللَّه تعالى به من كرامته، فخرج يسعى لم يقف على أحدٍ معدًّا لأبي جهل إذا لقيه أن يقع به، فلما دخل المسجد نظر إليه جالسا في القوم فأقبل نحوه، حتى إذا قام على رأسه رفع القوس فضربه بها فشجّه بها شجة منكرة وقال: أتشتمه وأنا على دينه أقول ما يقول؟ فردّ على ذلك أن استطعت. فقامت رجال من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة فإني واللَّه قد سببت ابن أخيه سبًّا قبيحًا.

زاد يونس بن بكير عن ابن إسحاق: ثم رجع حمزة إلى بيته فأتاه الشيطان فقال: أنت سيد قريش اتبعت هذا الصابئ وتركت دين آبائك، للموتُ خير لك مما صنعت؛ فأقبل حمزة على نفسه وقال: ما صنعت اللهم إن كان رشدًا فاجعل تصديقه في قلبي، وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجًا؛ فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان؛ حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا ابن أخي إني قد وقعت في أمر ولا أعرف المخرج منه، وإقامة مثلي على ما لا أدرى ما هو أرشد أم هو غي شديد فحدثني حديثًا، فقد اشتهيت يا ابن أخي أن تحدثني؛ فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره ووعظه، وخوفه وبشره؛ فألقى الله تعالى في قلبه الإيمان بما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقال: أشهد أنك الصادق شهادة الصدق، فأظهر يا ابن أخي دينك، فو الله ما أحب أن لي ما أظلته السماء وأني على ديني الأول.

فكان حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ممن أعز الله به الدين، وتم سيدنا حمزة على إسلامه وعلى ما بايع عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من قوله، فاستوثقت بإسلامه عرى الدين، وذل لوطأته عتاة المشركين.

وهكذا عندما تخالط أنوار الإيمان والاهتداء بشاشة القلوب فإنها تزيل كل الحميات والعصبيات التي لا تريد وجه الله، وتنقل الإنسان إلى فضاء التمتع بروافد الحق والحقيقة التي وجدها عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دين الإسلام، فأخلص لدينه وكان نصيرًا له مدافعًا عنه في ساحات السلم والحرب.

فرضي الله عن سيدنا حمزة بن عبد المطلب.

ـــــ المصادر

- سبل الهدى والرشاد، في سيرة خير العباد، وذكر فضائله وأعلام نبوته وأفعاله وأحواله في المبدأ والمعاد، لمحمد بن يوسف الصالحي الشامي (المتوفى: 942هـ).

- السيرة النبوية، لابن كثير الدمشقي (المتوفى: 774هـ).

- بهجة المحافل وبغية الأماثل في تلخيص المعجزات والسير والشمائل، المؤلف: يحيى بن أبي بكر العامري الحرضي (المتوفى: 893هـ).

- خاتم النبيين للشيخ محمد أبي زهرة.

 

بدأ النبي صلى الله عليه وآله وسلم يستجيب لأمر الله بدعوة الخلق إلى عبادة الله وحده، ونبذ عبادة الأصنام، ولكنه كان في بداية الأمر يستر أمر النبوة ويدعو إلى الإسلام في السر؛ حذرًا من وقع المفاجأة على قريش التي كانت متعصبةً لشركها، ووثنيتها، فلم يكن عليه الصلاة والسلام يظهر الدعوة في المجالس العمومية لقريش، ولم يكن يدعو إلا من كانت تشده إليه قرابةٌ أو معرفةٌ سابقة. ولقد استمر الأمر هكذا لمدة ثلاث سنين، وكان أبو بكر رضي الله عنه، أيضًا يدعو مَن يثق به من قومه.


من الثابت أن المسلمين هاجروا إلى الحبشة مرتين، وكانت الهجرة الأولى في شهر رجب سنة خمس من البعثة، وهم أحد عشر رجلًا، وأربع نسوة، خرجوا مُشاةً إلى البحر، فاستأجروا سفينة بنصف دينار. ثم بلغ المسلمين وهم بأرض الحبشة أن أهل مكة أسلموا، فرجع ناس منهم عثمان بن مظعون إلى مكة، فلم يجدوا ما أُخبروا به صحيحًا، فرجعوا وسار معهم جماعة إلى الحبشة، وهي الهجرة الثانية، وقد سرد ابن إسحاق أسماء أهل الهجرة الثانية، وهم يزيدون على ثمانين رجلًا، وقال ابن جرير: كانوا اثنين وثمانين رجلًا، سوى نسائهم وأبنائهم ... وقيل: إن عدة نسائهم كان ثمان عشرة امرأةً.


كان أول من آمن بالله وصدق صديقة النساء خديجة، فقامت بأعباء الصديقية؛ قال لها صلى الله عليه وآله وسلم: «خشيت على نفسي»، فقالت: أبشر فو الله لا يخزيك الله أبدا، ثم استدلت بما فيه من الصفات والأخلاق والشيم على أن من كان كذلك لا يخزى أبدا.


قالت  عائشة رضي الله عنها: أول ما بدئ به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصالحة، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح. رواه البخاري (4953). وروى أبو نعيم عن علي بن الحسين رضي اللَّه تعالى عنه وعن آبائه قال: إن أول ما أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم الرؤيا الصالحة، فكان لا يرى شيئًا في المنام إلا كان كما رأى.


وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى بْنِ قُصَيِّ بْنِ كِلَابٍ الْقُرَشِيُّ الْأَسَدِيُّ، أَدْرَكَ ابْتِدَاءَ الْوَحْيِ، وَاسْتَخْبَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم عَنْ ذَلِكَ فَأَخْبَرَهُ، فَقَالَ وَرَقَةُ: "هَذَا النَّامُوسُ الَّذِي أُنْزِلَ عَلَى مُوسَى، يا ليتني فيها جذعًا! ليتني أكون حيًّا إذ يخرجك قومك ... وإن يدركني يومك أنصرك نصرًا مؤزرًا". ثُمَّ ما لبث أن تُوُفِّيَ وَرَقَةُ قَبْلَ اشْتِهَارِ النُّبُوَّةِ.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 14 يونيو 2025 م
الفجر
4 :7
الشروق
5 :53
الظهر
12 : 55
العصر
4:31
المغرب
7 : 57
العشاء
9 :31