ما الحكم الشرعي لمذكرات التفاهم؟ فإنَّ لي أخًا يملك شركة مقاولات وأخبرني بأنه سيكون بينه وبين شركة أخرى -تعمل في تجارة مواد البناء والديكور والتشطيبات- أعمال في الفترة القادمة، ولبيان حسن النية والاستعداد للتعامل قاموا بكتابة ما يسمى بمذكرة تفاهم والتوقيع عليها، فما حكم هذه المذكرة في الشرع، وهل هي من قبيل العقد فيترتب عليها إلزام أو لا؟
إن قيام شركة المقاولات والشركة التي تعمل في تجارة موادّ البناء والديكور والتشطيبات بتوقيع "مذكرة تفاهم" بينهما تشتمل على الاستعداد الكامل للتعامل، والنقاط الرئيسية للأعمال المطلوبة، ولا تتضمن أي التزام لأي طرف تجاه الطرف الآخر، وأنّه عند الرغبة القاطعة في إتمام التعامل يتم إبرام العقد بين الطرفين مشتملًا على بنوده وتفاصيله التي يحتكم إليه الطرفان- هو اتفاق مبدئي يمثل مقدمة من مقدمات العقد، وليست عقدًا، وهي جائزة شرعًا ما دام يتوصل بها إلى مقصد معتبر شرعًا، مع مراعاة الالتزام باللوائح والقوانين المنظمة لهذا الشأن.
المحتويات
مذكرات التفاهم أو ما يطلق عليها خطاب النوايا، عبارةٌ عن وثيقةٍ مكتوبةٍ يُنَصُّ فيها غالبًا على أنها غير ملزمة، وتتضمن نوايا كل طرفٍ لاتخاذ إجراءٍ، أو إجراء معاملة تجارية أو تشكيل شراكة جديدة، فتتنوع أشكالها، وتتعدد تصانيفها بتعدد المجالات التي تدخل فيها ما بين تجارية وغيرها، فتُستَخدمُ التجارية لتوضيح النقاط الرئيسية للاتفاق الذي قد يوقع فيما بعد، وتحديد الأدوار والمسؤوليات، والخطوات القادمة، قبل الدخول في اتفاق ملزم، وذلك كما أفاد الخبراء والمختصون.
الصورة المسؤول عنها من قيام شركتين إحداهما تعمل في المقاولات، والثانية تعمل في تجارة مواد البناء والديكور والتشطيبات -توقيع مذكرة تفاهم بينهما تشتمل على الاستعداد الكامل للتعامل، والنقاط الرئيسية للأعمال المطلوبة، ولا تتضمن أي التزام لأي طرف تجاه الطرف الآخر، وأنّه عند الرغبة القاطعة في إتمام التعامل يتم إبرام العقد بين الطرفين مشتملًا على بنوده وتفاصيله التي يحتكم إليه الطرفان، هي بهذا الوصف توافق رضائي بمثابة مقدمة من مقدمات العقد، ولا تعتبر عقدًا بعدُ؛ لأن الطرفين قد اتفقا مبدئيًّا فيما بينهما على إتمام العقد عند الرغبة في ذلك دون الاعتماد على المذكرة أو التزامٍ بها، وهذا لا يُعد عقدًا تترتب عليه آثاره؛ إذ العقد عبارة عن "ارتباط الإيجاب الصادر من أحد العاقدين بقبول الآخر على وجه يثبت أثره في المعقود عليه"، أو أنه: "توافق إرادتين على إنشاء التزام، أو على نقله، أو على إنهائه"، فهو مصدر من مصادر الالتزام، وعمل إرادي مشترك يقوم على التراضي، ويربط طرفي العقد بأحكامه الشرعية، وهي الحقوق والالتزامات التي ينشئها العقد في موضوع معين. ينظر: "مرشد الحيران" للعلامة قدري باشا (ص: 27، ط. المطبعة الأميرية)، و"نظرية العقد" للعلامة السنهوري (ص: 80-83، ط. منشورات الحلبي الحقوقية).
ومذكرة التفاهم بهذا الوصف نظير المساوَمة أو السَّوم، والتي يقصد بها المجاذبة بين البائع والمشتري على السلعة وفصل ثمنها قبل إتمام عقد البيع، يقال: سام البائع السلعة سوْمًا، أي عرضها للبيع، وسامها المشتري واستامها: طلب بيعها. ينظر: "لسان العرب" للإمام ابن منظور (مادة سوم، 12/ 310، ط. دار صادر). و"المصباح المنير" للإمام الفيومي (مادة سوم، 1/ 297، ط. المكتبة العلمية)، و"البناية شرح الهداية" للإمام بدر الدين العيني (8/ 157، ط. دار الكتب العلمية).
ومن المقرر شرعًا أن الاتفاق المبدئي الحاصل بين أطراف التعاقد -كما في مذكرة التفاهم محل السؤال- لا حرج فيه شرعًا ما دام خاليًا من محظور شرعي، كما أن الأصل في البيع والشراء الإباحة، لقول الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة: 275]، والعموم في الآية يدل على إباحة البيوع في الجملة والتفصيل ما لم يُخَصَّ بدليل.
قال الإمام الشافعي في "الأم" (3/ 3، ط. دار المعرفة): [فأصل البيوع كلها مباح إذا كانت برضا المتبايعين الجائزي الأمر فيما تبايعا، إلا ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها، وما كان في معنى ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم محرم بإذنه داخل في المعنى المنهي عنه، وما فارق ذلك أبحناه بما وصفنا من إباحة البيع في كتاب الله تعالى] اهـ.
ولما كانت مذكرة التفاهم إحدى الوسائل التي يتوصل بها إلى التعاقد على كافة المعاملات من نحو البيع والشراء والتعاون التجاري وغير ذلك، فإنها تأخذ حكم المقصد التي يتوصل بها إليه، فإذا كان المقصد مشروعًا كانت مشروعة وإلا فلا؛ وذلك لما تقرر في القواعد أنَّ "الوسائل تأخذ حكم المقاصد"، كما في "الفروق" للإمام القرافي (3/ 3، ط. دار عالم الكتب).
وعلى الرغم من أنها لا تعد عقدًا تترتب عليه آثاره إلا أنه إذا توافق المتعاقدان عند العقد على إتمامه مشتملًا على ما تضمنته مذكرة التفاهم، فإنه يصح العقد وينفذ ما اتفقا عليه.
قال العلامة الخطيب الشربيني في "مغني المحتاج" (3/ 14، ط. دار الكتب العلمية) عند الكلام على شرط من شروط السلم وهو "معرفة الأوصاف التي يختلف بها الغرض اختلافًا ظاهرًا": [(و) يشترط (ذكرها في العقد) مقترنة به ليتميز المعقود عليه، فلا يكفي ذكرها قبله ولا بعده، ولو في مجلس العقد، نعم لو توافقا قبل العقد وقالا: أردنا في حالة العقد ما كنا اتفقنا عليه، صح على ما قاله الإسنوي] اهـ.
بناء على ما سبق وفي واقعة السؤال: فإن قيام شركة المقاولات والشركة التي تعمل في تجارة موادّ البناء والديكور والتشطيبات بتوقيع "مذكرة تفاهم" بينهما تشتمل على الاستعداد الكامل للتعامل، والنقاط الرئيسية للأعمال المطلوبة، ولا تتضمن أي التزام لأي طرف تجاه الطرف الآخر، وأنّه عند الرغبة القاطعة في إتمام التعامل يتم إبرام العقد بين الطرفين مشتملًا على بنوده وتفاصيله التي يحتكم إليه الطرفان- هو اتفاق مبدئي يمثل مقدمة من مقدمات العقد، وليست عقدًا، وهي جائزة شرعًا ما دام يتوصل بها إلى مقصد معتبر شرعًا، مع مراعاة الالتزام باللوائح والقوانين المنظمة لهذا الشأن.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
سائل يسأل عن الحكم الشرعي للقروض التي تقدمها الدولة للشباب؛ بحيث تكون فرصة لعمل مشروعات إنتاجية، علمًا بأن عليها فائدة؟
سائل يقول: أرغب في فتح اعتماد خاص بالمنشآت والشركات الصغيرة في أحد البنوك الوطنية وفق مبادرة البنك المركزي المصري لتشجيع المشروعات الاستثمارية، وقد اشتمل العقد الذي بيني وبين البنك على منحي تسهيلًا لفتح اعتماد بمبلغٍ محدد ليكون غطاءً لحسابي يُمَكِّنُني من استيراد البضائع في حدود هذا الغطاء المالي، مع احتساب عائد متناقص يصل إلى 5% على إجمالي مبلغ الاعتماد، بالإضافة إلى عمولة تستحق على أعلى رصيد مدين للتسهيل وتُعَلَّى عليَّ كل شهر، وفي حالة تأخري عن سداد أي من الأقساط المستحقة بموجب العقد فإنه يحقّ للبنك اعتبار كامل الرصيد المدين للتسهيل حالًّا وواجب الأداء؛ فما حكم ذلك شرعًا؟
هل لي حقُّ التَّصرُّفِ في ممتلكاتي حال الحياة؛ كأن أُوقفها، أو أبيعها كلها، أو أساهم في عمل خير؟ وهل إذا تصرفت فيها بالبيع أو الشراء أو الوقف أكون قد حرمت الورثة؟
سئل في رجل كان طاعنًا في السِّن وغير مقتدر على تأدية شؤونه، وبهذا السبب حدث عليه السفه والتبذير في ماله حتى صار لا يحسن التصرف فيه، وقد بلغ بعض ورثته أمره للمجلس الحسبي الذي محل توطنه من دائرته، وبعد استيفاء المجلس المذكور إجراءاته المقررة صار الحجر عليه من قبل القاضي الشرعي، وتنصيب القيم عليه من قبله، وتحرر بذلك إعلام شرعي من المحكمة، ثم بعد مضي ثلاثة أشهر وسبعة أيام من تاريخ الحجر المذكور قيل إنه صار فك الحجر عنه إداريًّا من غير القاضي الشرعي، وتوفي هذا الرجل، فهل والحالة هذه إذا تصرف المحجور عليه في بيع أو هبة جانب من أملاكه وأمواله إلى بعض من أولاده دون الآخرين قبل رفع الحجر عنه من القاضي الشرعي يكون تصرفه غير معتد به شرعًا، ولا عبرة بفك الحجر عنه من غير القاضي الشرعي، أو ما هو الحكم في ذلك؟ أفيدوا الجواب.
ما حكم إقامة مشاريع لحل مشاكل الإسكان؟ فيسأل مدير شركة تخصصت في دراسة وتصميم وتنفيذ المشروعات، وكذلك في تسويق الاختراعات محليًّا وعالميًّا، وإعطاء الأولوية للدول الإسلامية، وتقترح الشركة مشروعًا يساهم في حل مشاكل الإسكان وهو كالتالي:
1- سيقوم مدير الشركة وأعضاؤها بدعوة المواطنين إلى التكافل لحل مشكلة الإسكان، وهو أن يتبرع كل من يريد -وبشرط أن يكون راضيًا- بسداد مبلغ عشرة جنيهات مثلًا للمساهمة في مشروع التكافل الإسكاني، ويعطي له إيصالًا بالمبلغ ورقمًا مسلسلًا، ويتم سحب بطريق الكمبيوتر، وبحضور مندوب من الدولة لتخصيص 80٪ من التبرعات الشهرية لشراء شقق ذات مستوًى متوسط لمن يفوز من المشتركين في المناطق التي يحددونها.
2- يخصص 10٪ من حصيلة التبرعات لإصلاح مرافق الحي أو القرية من طرق ومجاري وكهرباء وغير ذلك.
3- يخصص 2.5٪ لمساعدة الأسر المحتاجة بشدة، وبعد التأكد من حاجتها، وسوف يتم اشتراك الأشخاص الذين لم يفوزوا في أي شهر في سحب الأشهر التالية، ولن يتم تسليم أي شقة إلا بعد التأكد من أن الشخص الفائز لا يمتلك شقة أخرى، ثم يقول صاحب الرسالة إنه على علم بأن اليانصيب حرام، ولكن هذه صورة أخرى، وهي أن يتبرع كل مواطن ليتكافل مع أخيه بنفس راضية لحل مشكلة الإسكان وإصلاح المرافق ومساعدة المحتاجين. ويسأل عن حكم الشرع في هذا المشروع المعروض.
ما حكم الشرع في المضاربة على أسهم الشركات التي تعمل في الأنشطة المباحة؛ كالحديد والصلب، وكذا الاشتراك في صناديق الاستثمار المختلفة؟