حكم تصوير المنتج وإعلانه عبر مواقع التواصل قبل تملكه

تاريخ الفتوى: 27 فبراير 2024 م
رقم الفتوى: 20536
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: البيع
حكم تصوير المنتج وإعلانه عبر مواقع التواصل قبل تملكه

ما حكم تصوير المنتج وإعلانه عبر مواقع التواصل قبل تملكه؟ فهناك شخصٌ يُصَوِّر بعضَ المنتَجات بالمحلات بعد إذن أصحابها مِن التُّجَّار، ثم يَعرِضُها على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة به، مُشيرًا إلى أنه سيُوَفِّرُها حسب الطلب، فإذا طلب المنتَجَ أحدُ المتابعين لصفحاته، فإن هذا الشخص المُعلِن يشتري المنتَجَ المطلوب مِن التاجر صاحب المحل الذي سَبَق أنْ أَذِنَ له بعَرْض مُنتَجه، ثم يبيعه للشخص الذي طلبه مِن خلال صفحته بزيادة عن السعر الذي اشتراه به من المحل، على أن يتم دفع ثمن السلعة عند الاستلام، فما حكم ذلك شرعًا؟

تصوير الشخص المذكور بعضَ المنتَجات والإعلان عنها عبر صفحات التواصل الاجتماعي بإذن أصحابها قبل تملُّكها، ثم بيعها من خلال صفحات التواصل الخاصة به، وذلك بعد شرائها أمرٌ جائزٌ شرعًا، ولا إثم فيه ولا حرج، مع وجوب مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لمثل هذه المعاملات.

المحتويات

 

المراد بالتسويق والبيع الإلكتروني

أباح الشرعُ الشريفُ التجارةَ، وجعل مبناها التراضي بين الناس، فقال جَلَّ شَأْنُهُ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 29]، والتجارة: هي "تقليب المال بالمعاوضة لغرض الربح"، كما قال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 381، ط. دار الكتاب الإسلامي).

ومِن صُور المعاملات الحديثة للبيع وما يَسبقه مِن تسويق للسِّلَع والمنتَجات المُراد بيعُها ما يُعرف الآن بـ"التسويق والبيع الإلكتروني"، ويُقصد به التسويق والبيع عبر المواقع والمنصَّات الإلكترونية على الشبكة العنكبوتية (الإنترنت)، والذي أصبح من أساسيات الحياة المعاصرة التي تستوعبها مرونة الإسلام وتتقبلها ما دام يحقق مصالح العباد ولا يشتمل على مُحَرَّمٍ بنصٍّ قطعيٍّ أو قاعدةٍ كلِّيةٍ.

حكم تصوير المنتج وإعلانه عبر مواقع التواصل قبل تملكه وشروط ذلك

مواقع التواصل الاجتماعي تُعَدُّ من أسهل وسائل التسويق والبيع الإلكتروني وأسرعها في واقعنا المعاصر، واستخدامُ تلك المواقِع كوسيلةٍ في الإعلان عن السِّلَع والمنتَجات، وتبادلِ البيع والشراء هو مِن الأمور التي يُجيزها الشرعُ الحنيفُ إذا ما تم ذلك في صورةٍ سَالِمَةٍ مِن الغرر والجهالة اللَّذَين يترتب عليهما وُقُوعُ الضرر على الغير، وذلك بالتزام الصدق والأمانة في وَصْف المنتَج وَصْفًا حقيقيًّا، مع ضمان حق المشتري في التخيير بين إتمام البيع أو إلغائه عند رؤيته للسلعة إذا كان فيها عيبٌ أو كانت على غير الوصف المُعلَن عنه سابقًا في مرحلة التسويق قبل عقد البيع وإتمام عملية الشراء.

التكييف الفقهي لهذه المسألة وأقوال الفقهاء في ذلك

الإعلان عن المنتَج عبر مواقع التواصل الاجتماعي -كما هي الحال في مسألتنا-، وما يَعقُب ذلك مِن طَلَب شراء المنتَج، ومِن ثَمَّ يشتريه المُعلِن، ثم يَبيعه لطالِبِه، يُكَيَّف شرعًا على أنه مِن باب بيع المرابحة (للآمر بالشراء)، وهو مِن البُيُوع التي أباحها الشرعُ الشريفُ وجاء بجوازها، وذلك في صورته التي نص عليها الإمام الشافعي رضي الله عنه في "الأم" (3/ 39، ط. دار المعرفة) بقوله في بيانها: [أن يُرِيَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ السِّلْعَةَ فيقول: اشتر هذه وأُربحُك فيها كذا، فيشتريها الرجل، فالشراء جائز، والذي قال: أُربحُك فيها، بالخيار، إن شاء أَحدَث فيها بيعًا، وإن شاء تَرَكَه. وهكذا إن قال: اشتر لي متاعًا ووَصَفَه له، أو متاعًا أَيَّ مَتَاعٍ شئت، وأنا أُربحُك فيه، فكلُّ هذا سواء، يجوز البيع الأَوَّل، ويَكُونان بالخيار في البيع الآخَر، فإن جَدَّدَاهُ جاز] اهـ.

ولا يقدح في صحة هذه المعاملة عدمُ معرفة المشتري الثاني لسعر السلعة الأَوَّل ومقدار الربح فيها؛ لأنَّ اشتراط الفقهاء لمعلومية أصل ثمن السلعة ومقدار الربح المَزيد عليه تفصيلًا لِكِلَا الطرفين قبل إتمام بيع المرابحة -إنما هو للتحرز مِن الجهالة المؤدية إلى الغرر والنزاع بين المشتري طالب السلعة والمرابِح.

قال الإمام مجد الدين ابن مَوْدُودٍ المَوْصِلِي في "الاختيار" (2/ 29، ط. الحلبي): [ولا بد أن يكون الربح أو الوضيعة معلومًا؛ لئلَّا يؤدي إلى الجهالة والمنازعة] اهـ.

فإذا عُلِمَ ثمن السلعة إجمالًا، واتُّفق عليه بين الطرفين، فإنَّ هذا يحقق المعنى المَرْجُوَّ من الشرط، وهو رفع الجهالة ونفي الغرر ومنع النزاع، وقد تقرَّر في القواعد الفقهية أنَّ "الْحُكْمَ يَدُورُ مَعَ عِلَّتِهِ وُجُودًا وَعَدَمًا"، كما في "شرح الإمام الزَّرْكَشِي على مختصر الإمام الخِرَقِي" (3/ 504، ط. مكتبة العبيكان).

هذا، وقد نُقل عن الإمام مالكٍ كراهةُ عدم استيفاء هذا الشرط مع القول بصحة البيع.

قال الإمام أبو الوليد ابن رُشْد الجد في "البيان والتحصيل" (8/ 220، ط. دار الغرب الإسلامي): [ولو أنَّ رجلًا سأل رجلًا أن يبتاع طعامًا أو متاعًا بعَيْنه، إلا أنه لم يُسَمِّ له ما اشترى به، ولم يُسَمِّ له ما يربحه فيه -فإني سمعتُ مالكًا أيضًا يقول فيها: إني أكره أن يعمل به، فأما أنْ أبلُغَ به الفسخَ فلا، وأمضاه] اهـ.

وذهب الإمام سُحْنُون مِن فقهاء المالكية إلى أن المرابح إذا سَمَّى سعرَ السلعة المعروضة للبيع به فقط دون ثمنها الأول، وفات وقتُ الخيار، وتم البيع -صحَّ البيع ولا تُرَدُّ إلى القيمة، بل إنَّ مِن فقهاء المالكية مَن ذهب إلى أنه لا يلزم البائع أن يُبَيِّن السعرَ في هذه الحالة، كالإمام أبي إسحاق التونسي.

قال الإمام أبو الوليد ابن رُشْد الجد في "المقدمات الممهدات" (2/ 127-128، ط. دار الغرب الإسلامي): [ويلزمه أيضًا فيما له عَيْن قائمة -كالصبغ والكمد والفتل- أن يُبَيِّن فيقول: اشتريتُ بكذا وكذا، وصبغتُ بكذا وكذا، في الوجهين جميعًا، باع بربح مُسمًّى على جملة الثمن، أو للعشرة أحد عشرة، فإن لم يفعل وقال: شراء هذه السلعة بعشرة، وقد كان اشتراها بخمسة وصبغها بخمسة، فالمشتري بالخيار إن كانت السلعة قائمة بين أن يأخذها بالثمن أو يردها، وإن فاتت مضت بجميع الثمن ولم ترد إلى القيمة، هذا قول سُحْنُون في "العتبية".. وذهب أبو إسحاق التونسي إلى أنه ليس عليه أن يُبَيِّن ذلك، كسلعتين باعهما مرابحةً صفقةً واحدةً وقد كان اشتراهما في صَفْقَتَيْن] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ تصوير الشخص المذكور بعضَ المنتَجات والإعلان عنها عبر صفحات التواصل الاجتماعي بإذن أصحابها قبل تملُّكها، ثم بيعها من خلال صفحات التواصل الخاصة به، وذلك بعد شرائها أمرٌ جائزٌ شرعًا، ولا إثم فيه ولا حرج، مع وجوب مراعاة اللوائح والقوانين المنظمة لمثل هذه المعاملات.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

السؤال عن مقاهي الإنترنت التي انتشرت في مصر مؤخرًا، هل الاكتساب منها مشروع؟ مع العلم أن نشاط هذا المشروع ينقسم بين الترفيه للأطفال بين لعب ألعاب مشروعة، وبين استخدام الإنترنت للكبار في أغراض ربما يكون بينها غير مشروع كالكلام غير المشروع مع فتيات من مختلف الدول وإن كان هذا لا يمنع أن بينها محادثات بين أشخاص على مستوى العالم في أشياء نافعة والاطلاع على مواقع مفيدة والاتصالات بين الأقارب على مستوى العالم.


ما حكم شراء الوكيل لنفسه من مال موكله؟ فهناك شخصٌ وكَّلَ غيرَه في شراء قطعة أثاثٍ معيَّنةٍ يملكُها شخصٌ آخَر، وأعطاه المالَ اللازم لذلك، إلا أنَّ الوكيل عند معاينته للمبيع تملَّكه الإعجاب به والرغبة في الحصول عليه لنفسه، فهل يجوز له أنْ يشتري قطعة الأثاث المذكورة لنفسه بالمال الذي أعطاه الموكِّل له دون الرجوع إليه، وذلك خشية أن يشتريها غيرُه بينما يُحضر ثمنها مِن ماله الخاص، مع عزمه على ردِّ المال لصاحبه (الموكِّل


سائل يقول: أعمل مقاولًا معماريًّا في كل ما يخص البناء والتشطيب، ومن ذلك: بناء المقابر وتجهيزها. فهل يجوز لي العمل في بناء وحفر وترميم مقابر غير المسلمين؟


ما حكم الاتجار في أدوية التأمين الصحي بالمخالفة للقانون؟ فنحن نرجو من سيادتكم إفادتنا عن بعض الأمور المتعلقة بمهنة الصيدلة من حيث الحِل والحرمة وبيان الحكم الشرعي وهي: قيام بعض الصيادلة بشراء وبيع أدوية التأمين الصحي من خلال صيدلياتهم العامة لغير المستحقين من جمهور المرضى، مع العلم أنه لا يجوز صرفها إلا من هيئة التأمين الصحي وليس من الصيدليات العامة؛ مما يضيع الكثير من الأموال من الميزانية العامة للدولة.


ما حكم العمل في بلاد غير المسلمين؟ فلي شقيقة تعيش في أمريكا مع زوجها، وعندهم خمسة من الأولاد كلهم مسلمون ومحافظون على الدين الإسلامي ويعظمون أركانه، ويعيشون عيشة هادئة في مجتمع يتبادلون فيه مع من يتعاملون معهم من مجاملات وتهاني، إلى غير ذلك، فهل ما يتقاضونه من أجر نظير عملهم يعتبر حرامًا؟


ما حكم بيع وشراء العملات والحسابات داخل الألعاب الإلكترونية؟ حيث توجد بعض الألعاب المنتشرة على شبكة الإنترنت تكون بين مجموعة من اللاعبين، يأخذ كل متسابق في بداية اللعبة عددًا من العملات الخاصة باللعبة (coins)، فإذا خسر قَلَّ عدد هذه العملات، وإذا تقدم في اللعبة زاد عددها، كما أنَّ اللاعب عند وصوله إلى مستوى معين يكون قد جمع الكثير من هذه العملات ولا يكون في حاجة إليها، فيبيعها لغيره بأموال حقيقية، عن طريق تحويلها إلى حساب الشخص الآخر في اللعبة، أو يبيع حساب اللعبة (account) بالكامل، بأن يعطي اسم الحساب والرقم السري للمشتري؛ فما حكم ذلك شرعًا؟