مدى لزوم الإمساك بقية اليوم للمسافر الذي قدم بلده مفطرا

تاريخ الفتوى: 04 أكتوبر 2023 م
رقم الفتوى: 20255
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصوم
مدى لزوم الإمساك بقية اليوم للمسافر الذي قدم بلده مفطرا

هل يجب على المسافر الذي قدم بلده مفطرًا أن يمسك بقية اليوم؟ فقد سافرتُ في شهر رمضان المبارك قبل الفجر، ولَمَّا كان السفرُ طويلًا، أخذتُ بالرخصة فأفطرتُ في الطريق، وبعد أن وصَلْتُ إلى منزلي بعد العصر أكلتُ وشرِبْتُ، فهل كان واجبًا عليَّ الإمساك عن الطعام والشراب بمجرد وصولي إلى البيت؟

مَن سافر سفرًا تُقصرفيه الصلاة، ثم أخذ بالرخصة فيه فأفطر في سفره، ثم عاد إلى بلده ولا يزال النهار باقيًا، فإنه يجوز له الأكل والشرب، ولا يجب عليه الإمساك بقية هذا اليوم، فإنْ أمسك فلا حرج عليه، ويستحب له إذا اختار عدم الإمساك أن يخفي فِطْرَهُ على مَن ليس له عِلمٌ بعُذره.

المحتويات 

رخصة الفطر في رمضان للمسافر

مِن المقرَّر شرعًا أن مَن بلغ سَفَرُه مسافةً تُقصَر فيها الصلاة فإنَّ له أن يَتَرَخَّص بِرُخَصِ السَّفر ويَعمَل فيه بأحكامِه، مِن نحو قصر الصلاة، والفطر في رمضان، قال الله تعالى: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾ [البقرة: 185]، وقال تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ [النساء: 101].

وقد أجمع الفقهاء على مشروعية التَّرَخُّص بالفطر في رمضان لمَن بلغ سَفَرُه -في غير معصيةٍ- مسافةً تُقصَر فيها الصلاة، كما في "مراتب الإجماع" للإمام ابن حَزْم (ص: 40، ط. دار الكتب العلمية)، و"الإقناع في مسائل الإجماع" للإمام ابن القَطَّان (1/ 229، ط. الفاروق الحديثة)، وذلك على تفصيلٍ بينهم في تقدير هذه المسافة، والمفتى به أنَّها لا تَقِلُّ عن مرحلتَيْن، وتُقَدَّران بنحو ثلاثةٍ وثمانين كيلومترًا ونصف الكيلومتر.

هل يجب على المسافر الذي قدم بلده مفطرا أن يمسك بقية اليوم؟

إذا أُبيح للمسافر الفطرُ لعذر السفر، فأفطر فيه، ثم عاد إلى بلده قبل غروب الشمس مفطرًا ناويًا الإقامة فيه، فلا يجب عليه الإمساكُ في ذلك اليوم ولا يستحب له، كما هو مذهب المالكية، ووافَقَهُم الشافعيةُ، والحنابلةُ في أحد القولين، في عدم الوجوب، إلا أنهم استَحَبُّوا له الإمساك بقية اليوم مِن غير إلزامه به، ومِن ثَمَّ فإن رَغِبَ العائدُ مِن السفر في الأكل والشرب بعد عودته مُتَرَخِّصًا أثناء سفره في ذلك اليوم بالفطر فإنه يجوز له ذلك، إذ لا حاجة لإمساكه بعد أن زالَتْ حُرمَةُ الوقت بفطره المُباح له في أول النهار ظاهرًا وباطنًا.

قال الإمام عليُّ بن خَلَفٍ المُنُوفِي المالكي في "كفاية الطالب الرباني" (1/ 445، ط. دار الفكر، "مع حاشية الشيخ العدوي"): [(وإذا قَدِمَ المسافرُ) مِن سفره نهارًا حالة كونه (مفطرًا أو طَهُرَت الحائضُ نهارًا فـ) يباح (لهما الأكل في بقية يومهما) ولا يستحب لهما الإمساك] اهـ.

وقال الإمام شمس الدين الحَطَّاب المالكي في "مواهب الجليل" (2/ 395، ط. دار الفكر): [مَن كان له عذرٌ يبيح له الإفطارَ مع العلم برمضان، فأصبح مفطرًا لذلك، ثم زال عذرُهُ، فإنه لا يستحب له الإمساك في بقية يومه، كالحائض تَطْهُرُ، والمسافر إذا قَدِمَ مفطرًا] اهـ.

وقال الإمام الشِّيرَازِي الشافعي في "المهذب" (1/ 327، ط. دار الكتب العلمية): [وإنْ قَدِمَ المسافرُ وهو مفطرٌ، أو بَرِئَ المريضُ وهو مفطرٌ، استُحِبَّ لهما إمساك بقية النهار؛ لحُرمة الوقت، ولا يجب ذلك؛ لأنهما أَفْطَرَا لعذر] اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي في "أسنى المطالب" (1/ 424، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(ويستحب الإمساكُ لمريضٍ شُفِيَ) مِن مرضه في أثناء النهار (ولمسافِرٍ قَدِمَ) مِن سفره كذلك، حالة كونهما (مفطِرَيْن أو لَم يَنْوِيَا) لحُرمة الوقت، وإنما لَم يلزمْهُما؛ لأن الفطر مباحٌ لهما مع العلم بحال اليوم، وزوالُ العذر بعد الترخُّص لا يؤثر، كما لو أقام في الوقت بعد القصر] اهـ.

وقال الإمام أبو علي الهاشمي البغدادي الحنبلي في "الإرشاد إلى سبيل الرشاد" (ص: 147، ط. مؤسسة الرسالة): [وإذا قَدِمَ المسافرُ مفطرًا في نهار رمضان، أَحْبَبْنَا له أن يُمسك عن الأكل والشُّرب بقية يومه، فإنْ أَكَلَ أو جامَع مَن قد طَهُرَت مِن حيضها، أساء، ولا كفارة عليه، ولا يلزمه سوى القضاء، والحائض إذا طَهُرَت في بعض النهار، فلها الأكل بقية يومها، وعنه رواية أخرى: أنها تُمسك بقية يومها كالمسافر] اهـ.

والشارع الرحيم وإنْ أباح للقادم مِن السفر المترخِّص بالفطر الأكلَ والشربَ بعد عودته ما دام النهار باقيًا، وكذا المريض إذا شفاه الله تعالى، إلا أنه استحب لهما أنْ يُخْفِيَا فِطْرَهُما وألَّا يَجْهَرَا به أمام الناس؛ حتى لا يَقَعَا في التهمة، ولئلَّا يقتدي بهما الأطفالُ أو السفهاءُ في ذلك.

قال الإمام الشِّيرَازِي في "المهذب" (1/ 327): [ولا يأكُلَان عند مَن لا يَعْرِفُ عُذْرَهُمَا؛ لخوف التهمة والعقوبة] اهـ.

وقال شيخ الإسلام زكريا الأنصاري في "أسنى المطالب" (1/ 424): [(ويستحب لهما إخفاؤه) أي: الإفطار إن أَفْطَرَا؛ لئلَّا يَتَعَرَّضَا إلى التهمة والعقوبة] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فمَن سافر سفرًا تُقصرفيه الصلاة، ثم أخذ بالرخصة فيه فأفطر في سفره، ثم عاد إلى بلده ولا يزال النهار باقيًا، فإنه يجوز له الأكل والشرب، ولا يجب عليه الإمساك بقية هذا اليوم، فإنْ أمسك فلا حرج عليه، ويستحب له إذا اختار عدم الإمساك أن يخفي فِطْرَهُ على مَن ليس له عِلمٌ بعُذره.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حكم حقن الجلوكوز للصائم في نهار رمضان دون الحاجة إليها؟ فأحد زملائي في الشركة التي أعمل بها عنده مرض مزمن، وكثيرًا ما يشعر بدوار يفقده تركيزه أثناء وقت العمل، مما يضطره أحيانًا أن يذهب إلى المستشفى، حيث يقوم الأطباء بتعليق محلول الجلوكوز وحقنه به في الوريد ليسترد حالته الصحية وتركيزه بشكل جيد، وقد دخل علينا شهر رمضان الكريم، والصيام قد يؤثر عليه بشكل كبير، مما دفعه إلى أخذ حقن الجلوكوز صباحًا أثناء الصيام دون حاجة إلى ذلك، لكنه يفعل ذلك من باب الاحتياط وتجنبًا لحصول مضاعفات له بسبب الصيام تمنعه من إتمام عمله، فهل تلك الحقن في نهار رمضان تفطر أو لا؟


ما الحكم إذا تأخر المسلم في قضاء ما فات من رمضان حتى دخل رمضان آخر؟


سأل فضيلة الشيخ خطيب المسجد الأقصى المبارك ومدير الوعظ والإرشاد بالقدس، وقال: في الوقت الذي نعيد النظر في التوقيت الدهري لمواقيت الصلاة المعمول به في مدينة القدس ليقوم على أسس علمية فلكية. نرجو التكرم بالإجابة عما يلي:

1- بيان الفارق الزمني بين مدينة القدس والقاهرة، علمًا بأننا لاحظنا تضاربًا في التوقيت بين عاصمة عربية وأخرى.

2- هل يمكننا الاعتماد على توقيت القاهرة كأساس ثابت لتوقيت القدس؟


هل التدخين في نهار رمضان من المفطرات؟ حيث إن أحد أصدقائي قد ابتلي بالتدخين، وقد اقترب دخول شهر رمضان الكريم، ويشق عليه الصيام بسبب امتناعه عن التدخين طوال النهار، لكنه يصوم ويمتنع عن التدخين، وقد سمع أحد الناس يقول: إن دخان السجائر لا يفطر، بخلاف دخان الشيشة فإنه يفطر، وقد سألني عن مدى صحة هذا الكلام، فنرجو من فضيلتكم التكرم بإفادتنا بالحكم الشرعي في تلك المسألة.


ما حكم صوم من نزل منها دم في غير موعد الدورة الشهرية؟ فهناك امرأةٌ تأتيها العادةُ خَمْسَةَ أيامٍ كلَّ شهرٍ، وأثناء صيامها في شهر رمضان السابق بعد انقطاع دم الحيض بعشرة أيامٍ، نزل عليها دمٌ طول نهار الصوم ثم انقطع بعد المغرب، ولَم تفطر، فهل صومها في هذا اليوم صحيحٌ شرعًا؟


ما هو وقت إخراج فدية صيام رمضان لغير المستطيع للصيام بعذرٍ دائمٍ؟ وهل يجوز إخراجها قبل حلول الشهر الكريم؟