ما يجب فعله عند الدعوة إلى طعام حال قضاء ما فات من صيام رمضان

تاريخ الفتوى: 04 ديسمبر 2023 م
رقم الفتوى: 8155
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الصوم
ما يجب فعله عند الدعوة إلى طعام حال قضاء ما فات من صيام رمضان

نرجو منكم بيان ما يجب على المسلم فعله عند الدعوة إلى طعام حال قضائه ما فات من صيام رمضان؟ فهناك صائم يقضي ما فاته من رمضان ودُعي إلى طعام، فهل يجوز له الفطر وترك إتمام الصوم من أجل تلبية الدعوة؟

مَنْ كان يقضي ما فاته من صيام رمضان ودُعِي إلى طعامٍ -فإنه يحرُم عليه الفطر؛ لأنه لا يجوز إفساد الصوم الواجب، وعليه أن يُخبر الداعي بحاله معتذرًا له، ولا إثم عليه في عدم إجابة الدعوة إلى الأكل من الطعام حينئذٍ.

المحتويات

 

حكم قضاء ما فات من صيام رمضان

أوجب الشرع قضاء ما فات من رمضان مطلقًا، أي: في أيِّ وقت من أوقات السنة ما عدا الأيام التي لا يجوز الصوم فيها كأيام الأعياد وأيام التشريق؛ قال تعالى: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 185].

قال الإمام أبو بكر ابن العربي في "أحكام القرآن" (1/ 113، ط. دار الكتب العلمية): [يقتضي وجوب القضاء من غير تعيين لزمان] اهـ.

ما يجب على المسلم فعله عند الدعوة إلى طعام حال قضائه ما فات من صيام رمضان

إجابة الإنسان دعوةَ أخيه له إلى الطعام من جملة المستحبات ومحاسن الأمور؛ لما فيها من جبر خاطره، ونشر روح المودة والتكافل بينهم، ورغم ذلك فإذا دُعي إلى طعام وكان صائمًا صومًا واجِبًا -كما ورد بالسؤال- فإنه يحرُم عليه الفطر، والمشروعُ في حقِّه عندئذٍ أن يُخبر الداعي بحاله معتذرًا له، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا دُعِيَ أَحَدُكُمْ إِلَى طَعَامٍ، وَهُوَ صَائِمٌ، فَلْيَقُلْ: إِنِّي صَائِمٌ» رواه مسلم في "صحيحه".

قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (8/ 28، ط. دار إحياء التراث العربي): [فيه الإشارة إلى حسن المعاشرة، وإصلاح ذات البين، وتأليف القلوب، وحسن الاعتذار عند سببه] اهـ.

وعلى ذلك فقد قرَّر جمهور الفقهاء أن الصائم المدعو إلى وليمة أو طعام وهو مُتلبِّسٌ بصوم واجب فهو معذورٌ شرعًا في عدم الأكل ومن دون إثم عليه لتركه الإجابة لذلك؛ لأنه لا يجوز إفسادُ الصوم الواجب عمدًا بلا خلاف.

قال الإمام ابن قدامة في "المغني" (3/ 160-161، ط. مكتبة القاهرة): [مَن دخل في واجبٍ، كقضاء رمضان، أو نذر معين أو مطلق، أو صيام كفارة، لم يَجُزْ له الخروج منه؛ لأن الْمُتَعَيِّنَ وجب عليه الدخول فيه، وغير الْمُتَعَيِّنِ تعيَّن بدخوله فيه، فصار بمنزلة الفرض الْمُتَعَيِّنِ، وليس في هذا خلاف] اهـ.

نصوص فقهاء المذاهب الفقهية في ذلك

قد تواردت عبارات فقهاء المذاهب الأربعة المتبوعة على تقرير ذلك:

قال الإمام فخر الدين الزيلعي الحنفي في شرح متن الكنز "تبيين الحقائق" مع "حاشية الشلبي" عليه (1/ 337-338، ط. الأميرية) في ذكر العوارض التي تُبيح الفطر للصائم: [(وللمتطوع بغير عذر في رواية ويقضي).. ولا خلاف بينهم أنه يجوز للعذر، واختلفوا في الضيافة هل تكون عذرًا؟ قيل: لا تكون عذرًا.. وقيل: تكون عذرًا قبل الزوال] اهـ.

قال العلَّامةُ الشِّلْبِيُّ مُحَشِّيًا عليه (1/ 338): [(قوله: وقيل: تكون عذرًا) أي: في التطوع في الصحيح دون صوم القضاء] اهـ.

وقال الشيخ أبو الحسن عليُّ بن خلف المالكي في "كفاية الطالب الرباني" مع "حاشية العدوي" عليه (2/ 471، ط. دار الفكر): [(و) إن حضرت وكنت غير صائم فـ(أنت في الأكل بالخيار) وإذا كنت صائمًا فلا تأكل]. قال العلامة العدوي محشيًا عليه: [قوله: فلا تأكل] أي: يحرم الأكل] اهـ.

وقال الشيخ زكريا الأنصاري الشافعي في "شرح منهج الطلاب" (4/ 276، ط. دار الفكر): [(ولا تسقط إجابة بصوم)؛ لخبر مسلم.. وإذا دعي وهو صائم فلا يكره أن يقول: إني صائم.. أما صوم الفرض فلا يجوز الخروج منه، ولو موسعًا، كنذر مطلق] اهـ.

وقال أيضًا في "أسنى المطالب" (3/ 226، ط. دار الكتاب الإسلامي): [(ويحرُم) على الصائم (الإفطار من) صوم (فرض ولو توسَّع وقته) كنذرٍ مطلقٍ وقضاءِ ما فات من رمضان بعذرٍ] اهـ.

وقال الشيخ البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (5/ 188، ط. دار الكتب العلمية): [(وإن حَضَر) المدعو إلى وليمة أو نحوها (وهو صائمٌ صومًا واجبًا: لم يفطر)؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: 33]، ولأن الفطر محرم، والأكل غير واجب] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنَّ مَنْ كان يقضي ما فاته من صيام رمضان ودُعِي إلى طعامٍ -فإنه يحرُم عليه الفطر؛ لأنه لا يجوز إفساد الصوم الواجب، وعليه أن يُخبر الداعي بحاله معتذرًا له، ولا إثم عليه في عدم إجابة الدعوة إلى الأكل من الطعام حينئذٍ.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

يقول السائل: يقوم بعض التجار الجشعين ببيع المواد بأسعار مرتفعة فادحة تزيد على الأسعار المقررة، وبعضهم يختزنون أقوات الناس وأهم ما يلزمهم من احتياجات معاشهم ويحتكرونها من ذوي الأطماع ومنتهزي الفرص؛ فما حكم إبلاغ الجهات المسؤولة عن هؤلاء؟


الطلب المقدم من مكتب الإمام الأكبر شيخ الأزهر الوارد إليه من دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية ببيروت والذي تضمن قيام بعض المغنين في إحدى الدول العربية بغناء أنشودة "أنا يوسف يا أبي"، وفيها عبارة: "هل جنيت على أحد عندما قلت: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾"، وهو في هذه الأغنية يكرر الآية المذكورة بمصاحبة الآلة الموسيقية المسماة العود، وأرفق بالطلب صورة لهذه القصيدة بعنوان "أنا يوسف يا أبي"، وتنتهي بنص الآية الكريمة: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾. ويطلب بيان الحكم الشرعي في غناء مقطع من شعر أو نثر مرسل متضمن اقتباسًا لآية أو أكثر من القرآن الكريم مع مصاحبة العود أو أي آلة موسيقية أخرى، وما حكم من يغني ذلك؟


هل تجوز التسمية ببعض أسماء الله الحسنى؟ لأني أريد أن أسمي ابني اسمًا من أسماء الله الحسنى وهو اسم: "حكيم"؛ فهل هذا جائز شرعًا؟


ما حكم تشاؤم أهل الزوج من زوجة ابنهم؟ فابنتي تزوجت من زميل لها في العمل، ومنذ أن تزوجت منه وأهل زوجها يعتبرون أن قدمها سيئة عليهم بسبب ما أصابهم من نكبات وأمراض وخسائر وحوادث بعد زواجها منه، مع العلم بأن كثيرًا مما جرى لهم بعد زواجها منه كان يحصل لهم ما يشابهه قبل زواجها، ولكنهم مصرُّون على أن "وشها وحش عليهم"، حتى إن ابنته أصابها الضرر الشديد المعنوي والنفسي والمادي من جراء ترويج هذه المزاعم على سمعتها وكرامتها ونفسيتها. ويطلب حكم الشرع وإبداء النصح فيما يقولونه.


ما حكم صيام يوم النصف من شعبان منفردًا إذا وافق يوم الجمعة؟


هل ورد في السنة النبوية المطهرة ما يُفِيدُ أنَّ المسلمَ إذا سلَّم على أخيه المسلم أو صافحه غفر الله لهما قبل تفرقهما؟