مدى صحة حديث سلمان في خطبة النبي في آخر يوم من شعبان

تاريخ الفتوى: 15 أكتوبر 2023 م
رقم الفتوى: 8020
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: آداب وأخلاق
مدى صحة حديث سلمان في خطبة النبي في آخر يوم من شعبان

سائل يقول: بعض خطباء المساجد ذكر في خطبةٍ حديثَ سيدنا سلمان رضي الله عنه الذي ذكر فيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خطبهم في آخر يوم من شعبان.. وقد اعترض عليه أحد الحضور علنًا أمام الجمهور بقوله: بأن حديث سلمان من الموضوعات؛ آمل من سماحتكم الفتوى عن صحة قوله من عدمه.

ما يُقال من أن هذا الحديث موضوع لا يجوز العمل به كلام غير دقيق؛ لأن الحديث المذكور وإن كان العلماء قد ضعفوه إلا أن جميع المعاني الواردة فيه صحيحة ثابتة بنصوص وشواهد أخرى، بالإضافة إلى أن فيه حثًّا على فضائل الأعمال المُجْمَع على جواز العمل به فيها.

المحتويات

مدى صحة حديث سلمان في خطبة النبي في آخر يوم من شعبان

نص الحديث المسؤول عنه: أن سيدنا سلمان رضي الله عنه قَالَ: خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ شَعْبَانَ، فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عَظِيمٌ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ، شَهْرٌ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، جَعَلَ اللَّهُ صِيَامَهُ فَرِيضَةً، وَقِيَامَ لَيْلِهِ تَطَوُّعًا، مَنْ تَقَرَّبَ فِيهِ بِخَصْلَةٍ مِنَ الْخَيْرِ، كَانَ كَمَنْ أَدَّى فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَمَنْ أَدَّى فِيهِ فَرِيضَةً، كَانَ كَمَنْ أَدَّى سَبْعِينَ فَرِيضَةً فِيمَا سِوَاهُ، وَهُوَ شَهْرُ الصَّبْرِ، وَالصَّبْرُ ثَوَابُهُ الْجَنَّةُ، وَشَهْرُ الْمُوَاسَاةِ، وَشَهْرٌ يَزْدَادُ فِيهِ رِزْقُ الْمُؤْمِنِ، مَنْ فَطَّرَ فِيهِ صَائِمًا كَانَ مَغْفِرَةً لِذُنُوبِهِ، وَعِتْقَ رَقَبَتِهِ مِنَ النَّارِ، وَكَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْ أَجْرِهِ شَيْءٌ». قَالُوا: لَيْسَ كُلُّنَا نَجِدُ مَا يُفَطِّرُ الصَّائِمَ. فَقَالَ: «يُعْطِي اللَّهُ هَذَا الثَّوَابَ مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا عَلَى تَمْرَةٍ أَوْ شَرْبَةِ مَاءٍ أَوْ مَذْقَةِ لَبَنٍ، وَهُوَ شَهْرٌ أَوَّلُهُ رَحْمَةٌ، وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ، وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ، مَنْ خَفَّفَ عَنْ مَمْلُوكِهِ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ، وَأَعْتَقَهُ مِنَ النَّارِ، وَاسْتَكْثِرُوا فِيهِ مِنْ أَرْبَعِ خِصَالٍ: خَصْلَتَيْنِ تُرْضُونَ بِهِمَا رَبَّكُمْ، وَخَصْلَتَيْنِ لَا غِنًى بِكُمْ عَنْهُمَا، فَأَمَّا الْخَصْلَتَانِ اللَّتَانِ تُرْضُونَ بِهِمَا رَبَّكُمْ، فَشَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَتَسْتَغْفِرُونَهُ، وَأَمَّا اللَّتَانِ لَا غِنًى بِكُمْ عَنْهُمَا، فَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الْجَنَّةَ، وَتَعُوذُونَ بِهِ مِنَ النَّارِ، وَمَنْ أَشْبَعَ فِيهِ صَائِمًا، سَقَاهُ اللَّهُ مِنْ حَوْضِي شَرْبَةً لَا يَظْمَأُ حَتَّى يَدْخُلَ الْجَنَّةَ».

وهذا الحديث أخرجه الأئمة: ابن خُزَيْمة في "صحيحه" وبوَّب له بقوله: "باب فضائل شهر رمضان إنْ صح الخبر"، وابن أبي الدنيا في "فضائل رمضان"، والبيهقي في "شعب الإيمان" و"فضائل الأوقات" و"الدعوات الكبير"، وابن شاهين في "فضائل رمضان"، والأصبهاني في "الترغيب"، وابن حِبَّان في "الثواب"، والدَّيْلَمي في "مسنده"، وابن بشكوال في "الذيل على جزء بقي بن مخلد من أحاديث الحوض"، والحافظ ابن عساكر في جزء "أحاديث شهر رمضان في فضل صيامه وقيامه".

والحديث جاء في الترغيب في فضائل الأعمال، وقد ورد في روايات وطرق أخرى غيره، والحديث هنا مداره على: علي بن زيد بن عبد الله بن زهير أبي مليكة بن جُدعان أبي الحسن القرشي التيمي البصري، وكان من علماء التابعين وفقهاء البصرة، فقد روى عن سيدنا أنس بن مالك رضي الله عنه وعن الإمام سعيد بن المسيب وغيرهما، إلا أنه اختلط آخر عمره.

وقد ضعَّفه عدد من أئمة الجرح والتعديل؛ قيل: لاختلاطه في آخر عمره، وأنه لا يحفظ؛ قال الإمام ابن حجر العسقلاني في "إتحاف المهرة" (5/ 560، ط. الملك فهد): [مداره على علي بن زيد، وهو ضعيف] اهـ.

وقال الإمام أبو جعفر العُقَيلي المكي [ت: 322هـ] في "الضعفاء الكبير" (3/ 229، ط. دار المكتبة العلمية): [حدثنا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيى يقول: علي بن زيد بن جُدعان بصري ضعيف] اهـ.

وعلي بن زيد بن جُدعان هو علي بن زيد بن زهير بن عبد الله بن جُدعان القرشي ثم التيمي، ولد علي بن زيد وهو أعمى. وكان يتشيَّع وكان كثير الحديث، وفيه ضعف ولا يحتجُّ به، وقد روى عنه الإمام محمد بن إدريس الشافعي، ويعقوب ابن أبي عباد المكي. ينظر: "الطبقات الكبرى" لابن سعد (7/ 187، ط. دار الكتب العلمية)، "تاريخ الثقات" للعجلي (ص: 346، ط. دار الباز)، "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم (2/ 180، ط. دار إحياء التراث).

ومع كون هذا الحديث ضعيفًا إلا أن جميع المعاني والأقوال الواردة فيه صحيحة ثابتة بنصوص روايات وشواهد أخرى، منها:

- ما جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «عُمْرَةٌ فِي رَمَضَانَ تَقْضِي حَجَّة مَعي» متفق عليه.

وما جاء عن زيد بن خالد الجُهَني رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ فَطَّرَ صَائِمًا كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَنْقُصُ مِنْ أَجْرِ الصَّائِمِ شَيْئًا» رواه الترمذي، وابن ماجه في "سننيهما"، وأحمد في "المسند".

- وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه، أنه قال: دَخَلَ رَمَضَانُ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ قَدْ حَضَرَكُمْ، وَفِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، مَنْ حُرِمَهَا فَقَدْ حُرِمَ الْخَيْرَ كُلَّهُ، وَلَا يُحْرَمُ خَيْرَهَا إِلَّا مَحْرُومٌ» أخرجه ابن ماجه في "سننه".

- وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «أَوَّلُ شَهْرِ رَمَضَانَ رَحْمَةٌ، وَأَوْسَطُهُ مَغْفِرَةٌ، وَآخِرُهُ عِتْقٌ مِنَ النَّارِ» رواه ابن أبي الدنيا في "فضائل رمضان".

حكم العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال وشروط ذلك

بالإضافة إلى ما ذكرنا من أن المعاني الواردة في الحديث صحيحة ثابتة بنصوص السنة المطهرة فهذا الحديث يجوز العمل به؛ لما قرره العلماء من المحدِّثين والفقهاء من أن الحديث الضعيف يُعمل به في فضائل الأعمال.

قال الإمام النووي في "الأذكار" (ص: 8، ط. دار الفكر): [قال العلماءُ من المحدِّثين والفقهاء وغيرهم: يجوز ويُستحبُّ العمل في الفضائل وفضائل الأعمال بالحديث الضعيف ما لم يكن موضوعًا] اهـ.

وقال أيضًا في "التقريب والتيسير" (ص: 48، ط. دار الكتاب العربي): [ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف والعمل به من غير بيان ضعفه في غير صفات الله تعالى والأحكام؛ كالحلال والحرام وغيرهما، وذلك كالقصص، وفضائل الأعمال، والمواعظ، وغيرها مما لا تعلق له بالعقائد والأحكام، والله أعلم] اهـ.

وقال شيخ الإسلام ابن حجر الهَيْتَمي الشافعي في "الفتاوى الفقهية الكبرى" (2/ 54-55، ط. المكتبة الإسلامية) مبيِّنًا الإجماع على صحة العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال: [تقرَّر أنَّ الحديثَ الضعيف والمرسل والمنقطع والمعضل والموقوف يعمل بها في فضائل الأعمال إجماعًا، ولا شكَّ أن صوم رجب من فضائل الأعمال فيُكْتَفَى فيه بالأحاديث الضعيفة ونحوها، ولا يُنْكِر ذلك إلا جاهل مغرور] اهـ.

وللعمل بالحديث الضعيف شروط ثلاثة نصَّ عليها العلماء: وهي: ألَّا يكون شديد الضعف، وأن يندرج تحت أصلٍ معمول به، وألا يعتقد الفاعل ثبوته بل يعتقد الاحتياط.

قال الإمام جلال الدين السيوطي في "تدريب الراوي" (1/ 350-351، ط. دار طيبة): [(ويجوز عند أهل الحديث وغيرهم التساهل في الأسانيد) الضعيفة (ورواية ما سوى الموضوع من الضعيف والعمل به من غير بيان ضعفه في غير صفات الله تعالى)، وما يجوز ويستحيل عليه، وتفسير كلامه، (والأحكام كالحلال والحرام، و) غيرهما، وذلك كالقصص وفضائل الأعمال والمواعظ، وغيرها (مما لا تعلق له بالعقائد والأحكام)... وذكر شيخ الإسلام -أي: ابن حجر العسقلاني- له ثلاثة شروط: أحدها: أن يكون الضعف غير شديد، فيخرج من انفرد من الكذابين والمتهمين بالكذب، ومَن فَحُشَ غلطُه، نقل العلائي الاتفاق عليه. الثاني: أن يندرج تحت أصل معمول به. الثالث: أن لا يعتقد عند العمل به ثبوته، بل يعتقد الاحتياط] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ما سبق، وفي واقعة السؤال: فما يُقال من أن هذا الحديث موضوع لا يجوز العمل به كلام غير دقيق؛ لأن الحديث المذكور وإن كان العلماء قد ضعفوه إلا أن جميع المعاني الواردة فيه صحيحة ثابتة بنصوص وشواهد أخرى، بالإضافة إلى أن فيه حثًّا على فضائل الأعمال المُجْمَع على جواز العمل به فيها.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

ما حدود ولاية الأب على ابنته؟ وهل له الحَق في منعها مِن التعليم أو العمل بمقتضى ولايته عليها؟ وما هو موقف الأب في شأن الزواج والعلاج ونحوهما؟


كيف تعامل الشرع الشريف مع الأمراض المعدية؛ كوباء كورونا المستجد؟


ما حكم الشُّهرة، وما ضَوابِطُها، وهل منها ما هو مذمومٌ؟


ما حكم تشهير كل من الزوجين بالآخر بعد الطلاق؛ حيث انتشر بين الناس وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تشهير أحد الزوجين بالآخر وذكر عيوبه بعد الطلاق، نرجو الإفادة بالرأي الشرعي في هذا الأمر.


الطلب المقدم من مكتب الإمام الأكبر شيخ الأزهر الوارد إليه من دار الفتوى في الجمهورية اللبنانية ببيروت والذي تضمن قيام بعض المغنين في إحدى الدول العربية بغناء أنشودة "أنا يوسف يا أبي"، وفيها عبارة: "هل جنيت على أحد عندما قلت: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾"، وهو في هذه الأغنية يكرر الآية المذكورة بمصاحبة الآلة الموسيقية المسماة العود، وأرفق بالطلب صورة لهذه القصيدة بعنوان "أنا يوسف يا أبي"، وتنتهي بنص الآية الكريمة: ﴿إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَبًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي سَاجِدِينَ﴾. ويطلب بيان الحكم الشرعي في غناء مقطع من شعر أو نثر مرسل متضمن اقتباسًا لآية أو أكثر من القرآن الكريم مع مصاحبة العود أو أي آلة موسيقية أخرى، وما حكم من يغني ذلك؟


ما حكم الزواج بقصد الإنجاب في المختبر من دون جماع والطلاق بعده؟ فأنا امرأة تجاوزتُ الأربعين من عمري، وكنت قد مررتُ بتجربة زواج سابقة، ولم يتيسَّر لي أمر الإنجاب، وذلك لوجود مشكلة صحية تتعلق بأني لا أُطيق العلاقة الزوجية؛ حيث عانيتُ في بداية حياتي الزوجية من وجود بكتريا حادَّة تمنع من الاتصال الجنسي، وحينما ذهبنا إلى الأطباء أخبروني بوجود فيروس يسمى "فيروس الهربس البسيط"، وأن العَدوَى به تستمر مدى الحياة، وعادة ما تكثر عند حصول العلاقة، وكنت أُعالَج أنا وزوجي في وقت واحد، واستمررنا على ذلك 3 سنوات، وإن تحسن الوضع قليلًا سرعان ما يرجع مرة أُخرى، فلم يتحمل طليقي الأمر، واتفقنا على الانفصال، وأنا الآن تعرفت على رجلٍ ذي خلق، واتفقنا على الزواج على أن لا يحدث بيننا معاشرة، ولكن نجري عملية الحقن المجهري بقصد الإنجاب الذي حرمتُ منه طول العمر، وهو قد رضي بذلك، إلَّا أنه أخبرني بيني وبينه بأنه بعدما يتم الإنجاب سوف ننفصل، وتراضينا على ذلك وتزوجنا.

فما حكم هذا الزواج شرعًا؟ وهل يدخل ضمن تأقيت النكاح المنهيِّ عنه؟

مع العلم أننا لم نكتب ما اتفقنا عليه وتراضينا في عقد الزواج، ومعي التقارير الطبية التي تفيد حالتي المرضية. أفيدونا أفادكم الله.


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 28 أبريل 2025 م
الفجر
4 :41
الشروق
6 :15
الظهر
12 : 52
العصر
4:29
المغرب
7 : 31
العشاء
8 :54