حكم تفريق أشواط السعي في المناسك بسبب عذر

تاريخ الفتوى: 26 يونيو 2023 م
رقم الفتوى: 7796
من فتاوى: الأستاذ الدكتور / شوقي إبراهيم علام
التصنيف: الحج والعمرة
حكم تفريق أشواط السعي في المناسك بسبب عذر

ما حكم تفريق أشواط السعي على يومين؟ لأن هناك امرأةً ذهبَت لأداء العمرة، وفي أثناء السعي أصابها التعبُ، فعادَت إلى الفندق، وغلَبَها النوم، ثم ذَهَبَت في اليوم التالي إلى الحرم، وأكملَت ما بقي لها مِن أشواط السعي السَّبْعة، فهل سعيُها صحيحٌ شرعًا؟ وهل يجب عليها في ذلك شيء؟

سَعْيُ المرأة المذكورة الأشواط السَّبْعَة على يومَين صحيحٌ شرعًا، ولا يَلزمُها الإعادة، ولا إثم عليها في ذلك ولا حرج؛ لأنَّ الموالاةَ بين أشواط السعي بين الصفا والمروة سُنَّةٌ يُثاب فاعِلُها، ويجوز للساعي التفريقُ بيْنها، يسيرًا كان هذا التفريقُ أو كثيرًا خاصةً إذا كان هذا لعذرٍ، ولا يَبْطُلُ بذلك السعيُ، ويَبني الساعي على ما سَبق له أداؤه مِن الأشواط، ولا يَجب عليه البدء من جديد وإن كان مُستحَبًّا إذا كان هذا التفريقُ كثيرًا مِن غير عذر.

المحتويات

 

بيان المراد بالسعى لغةً وشرعًا

السعي لغةً: العَدْوُ مِن غيرِ شَدٍّ، وهو فوق المشي، ومنه أُخِذَ السعي بين الصفا والمروة؛ كما في "تاج العروس" للعلامة أبي الفَيْض الزَّبِيدِي (38/ 279، ط. دار الهداية).

وشرعًا: المشي بين جَبَلَي الصفا والمروة سبعةَ أشواطٍ بعد طوافٍ في نُسُكِ حجٍّ أو عُمرةٍ؛ قال الله تعالى: ﴿إِنَّ ٱلصَّفَا وَٱلۡمَرۡوَةَ مِن شَعَآئِرِ ٱللَّهِ فَمَنۡ حَجَّ ٱلۡبَيۡتَ أَوِ ٱعۡتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيۡهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَن تَطَوَّعَ خَيۡرًا فَإِنَّ ٱللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: 158].

حكم التفريق بين أشواط السعي بين الصفا والمروة

المختار للفتوى: أنَّ التتابع والموالاة بين أشواط السعي بين الصفا والمروة سُنَّةٌ يُثاب فاعِلُها، وليست شرطًا لصحة السعي، فيجوز تفريق الأشواط لعذرٍ، ويُكْرَه لغير عذر ولا يَبطل السعي، وسواءٌ كان الفصلُ بينها بزمَنٍ يَسِيرٍ -كأن يُسَلِّمَ الساعي على شخصٍ يعرفه، أو يَقِفَ لشُرب الماء، أو غير ذلك ممَّا لا يَستغرق وقتًا يُشْعِرُ أنَّ صاحبَه تَرَكَ هيئة السعي التي هو عليها-، أو كان زمَن الفصل طويلًا -كأنْ يستغرق وقتُ السعي يومًا أو ليلةً أو أكثر مِن ذلك-، ويبني الساعي في الحالتين على ما سَبق مِن الأشواط مِن غير ابتداء؛ لأنَّ السعي نُسُكٌ لا يتعلَّقُ بالبيتِ، فلم تُشترَط له الموالاةُ، كالرَّمْيِ والحَلْقِ.

وعَنْ هشام بن عُرْوَةَ، عن أبيه أنَّ "سَوْدَةَ بِنْتَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ كَانَتْ عِنْدَ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، فَخَرَجَتْ تَطُوفُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ مَاشِيَةً، وَكَانَتِ امْرَأَةً ثَقِيلَةً، فَجَاءَتْ حِينَ انْصَرَفَ النَّاسُ مِنَ الْعِشَاءِ، فَلَمْ تَقْضِ طَوَافَهَا حَتَّى نُودِيَ بِالْأُولَى مِنَ الصُّبْحِ، فَقَضَتْ طَوَافَهَا فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ" أخرجه الإمام مالك في "الموطأ".

قال الإمام الزُّرْقَانِيُّ في "شرحه على الموطأ" (2/ 475، ط. مكتبة الثقافة الدينية): [فحاصِلُهُ: أنَّها لِثِقَلِهَا أقامت في الطواف والسعي مِن العشاءِ إلى الأذانِ الأَوَّلِ لِلصُّبْحِ] اهـ.

وإلى عدم اشتراط الموالاة في السعي بين الأشواط، وجواز الفصل الكثير بينها -كما هي مسألتنا-، ذهب جمهور الفقهاء من الحنفية -وإن كرهوه لغير عذر، واستَحَبَّ بعضُهم الاستئناف في الفصل الكثير كأنْ يطوف في كلِّ يومٍ شوطًا أو أقلَّ وليس له في ذلك عذر-، والشافعية، والحنابلة في الأصح.

وعلى هذا الاختيار، فإنَّ مَن أجهَدَه التعبُ في السعي، فَقَطَعَه، ثُم أَكْمَلَهُ في اليوم التالي بَانِيًا على ما أَدَّاه مِن الأشواط، فإنَّ سَعْيَهُ صحيحٌ شرعًا، ولا شيء عليه في ذلك ولا حرج.

قال المُلَّا علي القارِي الحنفي في "المَسْلَك المُتَقَسِّط في المَنْسَك المتوسِّط" (ص: 86، ط. التوقي الماجدية) في بيان أحكام السعي: [(فصلٌ في سُنَنِه) أي: سُنَن السعي، وهي خَمْسٌ (الموالاة بيْنه وبيْن الطواف).. (والموالاة بيْن أشواطه) هذا مخالِفٌ بظاهِرِه لِمَا قاله في "الكبير": والموالاة ليست بشرط، بل هي مستحبة، فلو فرَّق السعي تفريقًا كثيرًا كأن سَعَى كلَّ يومٍ شوطًا أو أقلَّ لم يَبطُل سعيُه، ويُستحب أن يَستأنف، يعني: إنْ فَعَلَه بغير عذر] اهـ.

وقال علاء الدين الحَصْكَفِيُّ الحنفي في "الدر المختار" (ص: 160-161، ط. دار الكتب العلمية): [اعلم أن مكان الطواف داخل المسجد ولو وراء زمزم، لا خارجه؛ لصيرورته طائفًا بالمسجد لا بالبيت، ولو خرج منه أو من السعي إلى جنازةٍ أو مكتوبةٍ أو تجديدِ وضوءٍ ثم عاد: بَنَى، وجاز فيهما: أكلٌ، وبيعٌ، وإفتاءٌ] اهـ.

وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (8/ 73، ط. دار الفكر): [الموالاة بين مراتب السعي سُنَّةٌ على المذهب، فلو تخلل فصلٌ يسيرٌ أو طويلٌ بينهن لم يَضُرَّ وإنْ كان شهرًا أو سَنَةً أو أكثر، هذا هو المذهب، وبه قطع الجمهور، وقال الماوردي: إن فَرَّقَ يسيرًا جاز، وإن فرق كثيرًا فإنْ جَوَّزْنَا التفريق الكثير بين مرات الطواف وهو الأصح، فهَاهُنا أَوْلَى] اهـ.

وقال الإمام ابن قُدَامة الحنبلي في "المغني" (3/ 357، ط. مكتبة القاهرة): [فأما السعي بين الصفا والمروة، فظاهر كلام أحمد أن الموالاةَ غيرُ مشتَرَطة فيه، فإنه قال في رجل كان بين الصفا والمروة، فلَقِيَهُ قادِمٌ يَعرِفُه، يَقِفُ يُسَلِّمُ عليه، ويُسَائلُه؟ قال: نعم، أمْرُ الصفا سَهْلٌ، إنما كان يكره الوقوف في الطَّوافِ بالبيت، فأما بين الصفا والمروة فلا بأس. وقال القاضي: تُشترط الموالاة فيه، قياسًا على الطواف، وحكاه أبو الخطاب روايةً عن أحمد، والأول أَصَحُّ؛ فإنه نُسُكٌ لا يتعلق بالبيت، فلم تُشترط له المُوَالَاةُ، كالرمي والحلاق. وقد روى الأثرمُ أن سودة بنت عبد الله بن عمر، امرأة عروة بن الزبير، سَعَت بين الصفا والمروة، فقَضَت طوافَها في ثلاثة أيام، وكانت ضَخمة. وكان عطاء لا يرى بأسًا أن يَستريح بينهما، ولا يَصِحُّ قياسُه على الطواف؛ لأن الطواف يتعلق بالبيت، وهو صلاة تُشترط له الطهارة والستارة، فاشتُرطت له الموالاة، بخلاف السعي] اهـ.

الخلاصة

بناءً على ذلك: فإنَّ الموالاةَ بين أشواط السعي بين الصفا والمروة سُنَّةٌ يُثاب فاعِلُها، ويجوز للساعي التفريقُ بيْنها، يسيرًا كان هذا التفريقُ أو كثيرًا خاصةً إذا كان هذا لعذرٍ، ولا يَبْطُلُ بذلك السعيُ، ويَبني الساعي على ما سَبق له أداؤه مِن الأشواط، ولا يَجب عليه الاستئناف وإن كان مُستحَبًّا إذا كان هذا التفريقُ كثيرًا مِن غير عذر كما سبق بيانه.

وفي واقعة السؤال: سَعْيُ المرأة المذكورة الأشواط السَّبْعَة على يومَين صحيحٌ شرعًا، ولا يَلزمُها الإعادة، ولا إثم عليها في ذلك ولا حرج.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

إلى أي مدًى تُعدُّ الإصابة بالتوحد أو الذَّاتَوِيَّة من الأعذار المبيحة للتخلف عن الجمعة؟


سائل يقول: انتشر في الآونة الأخيرة خاصة على صفحات التواصل نشر وصفات طبية من غير أهل الطب المتخصصين؛ فما حكم ذلك شرعًا؟


ما حكم تقبيل الحجر الأسود وملامسته في أزمنة الوباء؟ حيث اقترب موسم أداء فريضة الحج، ومما يستحب للحاج فعله تقبيل الحجر الأسود وملامسته، والآن ومع انتشار فيروس كورونا القاتل، وسرعة انتشاره عن طريق العدوى من رذاذ المصاب به أصبح تقبيل الحجر الأسود وتزاحم الناس على فعل ذلك قد يكون سببًا للتعرض للعدوى والإيذاء، فما حكم الامتناع عن تقبيل الحجر الأسود في هذه الحالة؟


هل يجوز للحاج أن يتوجه إلى عرفات يوم الثامن من ذي الحجة بدلًا من التوجه لِمِنًى؛ وذلك نظرًا للزحام الشديد الذي يحصل عند الصعود إلى عرفات؟


ما حكم تغيير نية النسك بعد دخول مكة؟ فهناك رجلٌ نَوَى العُمرة متمتِّعًا بها إلى الحج، وبعد دخوله مكةَ مَرِضَ، فلم يَتمكن مِن أداء العُمرة حتى دَخَل يومُ التَّرْوِيَة، ولا يُريد أن يُجهِد نَفْسه بالعُمرة في هذا اليوم قبل الوقوف بعرفة، فهل يجوز له شرعًا أن يحوِّل نِيَّة الإحرام مِن التمتُّع إلى القِرَان؟ علمًا بأنه لا يزال مُحرِمًا، ولَم يطُف بالبيت الحرام.


ما حكم تفريق أشواط السعي على يومين؟ لأن هناك امرأةً ذهبَت لأداء العمرة، وفي أثناء السعي أصابها التعبُ، فعادَت إلى الفندق، وغلَبَها النوم، ثم ذَهَبَت في اليوم التالي إلى الحرم، وأكملَت ما بقي لها مِن أشواط السعي السَّبْعة، فهل سعيُها صحيحٌ شرعًا؟ وهل يجب عليها في ذلك شيء؟


مَواقِيتُ الصَّـــلاة

القاهرة · 16 أبريل 2025 م
الفجر
3 :56
الشروق
5 :27
الظهر
11 : 55
العصر
3:30
المغرب
6 : 23
العشاء
7 :44