امرأةٌ طَهُرَت من الحيض بانقطاعه عنها لسبعة أيام، وكان ذلك قبل خروج وقت الصلاة الحاضرة بقليل، فهل يلزمها أداء تلك الصلاة التي ارتفع الحيض عنها في آخر وقتها؟
يجب على المرأة أن تؤدي الصلاةَ الحاضرة التي طَهُرَت مِنَ الحيض في وقتها إذا كان الوقت المتبقي لخروج وقت هذه الصلاة يَتَّسَعُ للاغْتِسَالَ مِنَ الحيض وأداء تكبيرة الإحرام، أما إذا كان المتبقي مِن وقت الصلاة حتى يَخْرُجَ أقلَّ مِن ذلك فليس عليها أداؤها.
المحتويات
الحيض لغةً: السَّيَلان، يقال: حاضت المرأة حيضًا ومحيضًا فهي حائض، أي: سال واجتمع منها الدَّم إلى ذلك المكان في أوقاتٍ معلومةٍ؛ كما في "لسان العرب" لجمال الدين ابن منظور (7/ 143، ط. دار صادر).
وفي الشرع: دم جِبِلَّةٍ -أي: خِلْقَةٍ وطبيعة- تقتضيه الطباع السليمة، يخرج مِن أقصى رحم المرأة بعد بلوغها على سبيل الصحة، مِن غير الولادة، في أوقات معلومة؛ كما في "مغني المحتاج" للعلامة الخطيب الشربيني (1/ 277، ط. دار الكتب العلمية).
الطُّهْرُ: الْخُلوص من الأدناس والنجاسات، وهو عكس الحيض، ويقال للمرأة: طاهِرٌ أو طَهُرَت إذا انقطع عنها الحيض؛ كما في "المصباح المنير" للعلامة الفيومي (2/ 379، ط. المكتبة العلمية)، و"القاموس المحيط" لمجد الدين الفيروزآبادي (ص: 432، ط. مؤسسة الرسالة)، و"الشافي بشرح مسند الشافعي" لمَجد الدين ابن الأثير (1/ 62، ط. مكتبة الرشد).
أقلُّ ما تُدرَك به الصلاةُ في حق المرأة المكلَّفة حال انقطاع الحيض عنها، ويَتعلَّق به وجوبُها عليها، هو مقدار ما يَسَع تكبيرة الإحرام؛ لأنها بإدراكها تكبيرةَ الإحرام تكون قد أدركَت جزءًا مِن الصلاة، ومَن أدرك جزءًا مِن الصلاة فكأنما أدرك الصلاة، وهذا مذهب الحنفية، وهو المختار للفتوى؛ لتعلُّقه بما عليه العمل في أقلِّ مدةِ الحيض وأكثرها.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الصُّبْحِ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الصُّبْحَ، وَمَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ قَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ فَقَدْ أَدْرَكَ الْعَصْرَ» متفقٌ عليه.
قال بدر الدين العيني في "عمدة القاري" (5/ 49، ط. إحياء التراث العربي) في بيان أحكام هذا الحديث: [مِن الأحكام: أن أبا حنيفة ومَن تبعه استدلوا بالحديث المذكور أنَّ آخِر وقت العصر هو غروب الشمس، لأنَّ مَن أدرك منه ركعة أو ركعتين مُدْرِكٌ له، فإذا كان مدركًا يكون ذلك الوقت من وقت العصر؛ لأن معنى قوله: «فَقَدْ أَدْرَكَ» أدرك وجوبها، حتى إذا أدرك الصبي قبل غروب الشمس، أو أسلم الكافر، أو أفاق المجنون، أو طهرت الحائض: تجب عليه صلاة العصر ولو كان الوقت الذي أدركه جزءًا يسيرًا لا يسع فيه الأداء.. فإن قُلْتَ: قيد في الحديث بركعة فينبغي ألَّا يعتبر أقل منها؟ قُلْتُ: قيد الركعة فيه خرج مخرج الغالب؛ فإنَّ غالب ما يُمْكِنُ معرفةُ الإدراك به ركعةٌ أو نحوُها، حتى قال بعض الشافعية: إنما أراد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذكر الركعة البعضَ مِنَ الصلاة؛ لأنه روي عنه: «مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَةً مِنَ الْعَصْرِ»، و«مَنْ أَدْرَكَ رَكْعَتَيْنِ مِنَ الْعَصْرِ»، و«مَنْ أَدْرَكَ سَجْدَةً مِنَ الْعَصْرِ»، فأشار إلى بعض الصلاة مرة بركعة، ومرة بركعتين، ومرة بسجدة، والتكبيرةُ في حكم الركعة؛ لأنها بعض الصلاة، فمَن أدركها فكأنه أدرك ركعة] اهـ.
والمرأة إذا انقطع دم الحيض عنها فلا يخلو حالها مِن أحد أمرين:
الأول: أن ينقطع عنها الحيض وتتيقن النقاء من الدم قبل مضي عشرة أيام -وهي أكثر مدة الحيض-؛ سواء وافق ذلك عادتها أو لم يوافقها، ويشترط لوجوب الصلاة عليها حينئذٍ أن يكون الوقت المتبقي بعد انقطاع الدم يكفي للاغتسال وأداء تكبيرة الإحرام، فإن كان لا يكفي لاغتسال المرأة من الحيض وأدائها تكبيرة الإحرام -بمعنى أن هذا الوقت المتبقي لا يكفي إلا للغسل فقط أو هو دون ذلك-؛ فلا يجب عليها صلاة هذا الوقت حينئذ.
والثاني: أن ينقطع عنها الحيض لتمام عشرة أيام، وفي هذه الحالة يكون الطهر مُتَيقَّنًا في حقها بمجرد هذا الانقطاع؛ لأن الأيام العَشرة هي أكثرُ مدة الحيض، ويجب عليها حينئذٍ أداءُ الصلاة إذا بقي مِن الوقت مقدار ما يسع أداءها تكبيرة الإحرام، فإذا لم يبق من الوقت زمنٌ يسع تكبيرة الإحرام فلا يجب عليها حينئذٍ فرض هذا الوقت، لا أداءً، ولا قضاءً.
قال شمس الأئمة السَّرَخْسِي في "المبسوط" (2/ 15، ط. دار المعرفة): [وإذا طَهُرَت مِن الحيض وعليها مِن الوقت مقدار ما تغتسل فيه فعليها قضاء تلك الصلاة، وإن كان عليها من الوقت مقدار ما لا تستطيع أن تغتسل فيه فليس عليها قضاء تلك الصلاة، قال: وهذا إذا كانت أيامُها دون العشرة، فأما إذا كانت أيامُها عشرةً فانقطع الدم وقد مر عليها من الوقت شيءٌ قليلٌ أو كثيرٌ فعليها قضاء تلك الصلاة.. لأنه إذا كانت أَيامُها عشرةً فبمجرد انقطاع الدم تَيَقَّنَّا خروجَها من الحيض؛ لأن الحيض لا يكون أكثر من ذلك، فإذا أدركت جزءًا من الوقت لزمها قضاء تلك الصلاة، سواءٌ تَمَكَّنَت فيه مِن الاغتسال أو لم تَتَمَكَّن] اهـ.
وقال كمال الدين ابن الهُمَام في "فتح القدير" (1/ 171، ط. دار الفكر): [واعلم أنَّ مدةَ الاغتسال معتبرةٌ مِن الحيض في الانقطاع لأقلَّ مِن العشرة وإن كان تَمَام عادتها، بخلاف الانقطاع للعشرة، حتى لو طَهُرَت في الأوَّل والباقي قَدْرُ الغُسل والتحريمة فعليها قضاءُ تلك الصلاة. وفي "النوادر": إن كان أيامُها عشرة فطَهُرَت وبَقِيَ قَدْرُ ما تَتَحَرَّمُ لَزِمَهَا الفرضُ، ولا يُشترط إمكانُ الاغتسال، وأجمَعُوا أنها لو طَهُرَت وقد بَقِيَ ما لا يَسَعُ التحريمة لا يلزمها] اهـ.
وقال العلامة شَيْخِي زَادَه في "مجمع الأنهر" (1/ 53، ط. دار إحياء التراث العربي): [المعتبر آخِر الوقت عندنا.. وإن طَهُرَتْ فيه وَجَبَت، فإذا كانت طهارتها لعَشرةٍ وَجَبَت الصلاةُ وإن كان الباقي لَمْحَةً، وإن كانت لأقلَّ منها وذلك عادتُها: فإن كان الباقي مِن الوقت مقدار ما يسع الغسل والتحريمة وَجَبَت، وإلَّا فلا؛ لأنه مدة الاغتسال من الحيض] اهـ.
إذا لم ينقطع الدم الخارج من رحم المرأة بعد مضي عَشرة أيام من حيضها -وهي أكثر مدة الحيض-، وكان للمرأة عادةٌ معروفةٌ دون العَشرة، فإنها تُرَدُّ إلى أيام عادتها، فيكون حيضُها أيامَ عادتها، وما زاد عليها إلى ما فوق العَشرة فهو استحاضة، فوجب عليها قضاء الصلاة التي فاتتها في أيام الزيادة على عادتها؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الْمُسْتَحَاضَةُ تَدَعُ الصَّلَاةَ أَيَّامَ أَقْرَائِهَا، ثُمَّ تَغْتَسِلُ، وَتَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، وَتَصُومُ، وَتُصَلِّي» أخرجه الأئمة: أبو داود، والترمذي، وابن ماجه -واللفظ له- في "سننهم" من حديث عدي بن ثابت عن أبيه عن جده رضي الله عنه.
قال الإمام الشَّيْبَانِي في "الأصل" المعروف بـ"المبسوط" (1/ 332-333، ط. إدارة القرآن والعلوم الإسلامية، كراتشي): [قلتُ: أرأيتَ امرأةً كان حيضُها خمسةَ أيامٍ في كلِّ شهرٍ ثم زاد يومًا أتصلي ذلك اليوم؟ قال: لا، وهي فيه حائض. قلتُ: وكذلك لو زادت خمسة أيام؟ قال: نعم. قلتُ: فإن زادت على عَشرة أيام يومًا أو يومين؟ قال: هذه مستحاضةٌ فيما يُزاد على عَشرة أيام، فتكون مستحاضةً فيما زاد على أيام أقرائها. قلتُ: فهل عليها قضاءُ ما زاد على أيام أقرائها؟ قال: نعم. قلتُ: لم؟ قال: لأن الحيض لا يكون أكثر مِن عَشرة أيام، فإن زادت على عَشرة أيام عرفنا أنها مستحاضةٌ فيما زادت على أيام أقرائها، وإن لم تزد على عَشرة أيام، فهي حائض وليس عليها أن تقضي شيئًا مِنَ الصلاة] اهـ.
بِناءً على ذلك: فإذا طَهُرَت المرأةُ مِنَ الحيض لتمام عشرة أيام، سواءٌ وافق ذلك عادتَها أو كانت عادتُها أقلَّ مِن ذلك، فإنه يجب عليها أداء الصلاة الحاضرة إذا بقي مِن وقتها زَمَنٌ يَسَعُ أداء تكبيرة الإحرام.
أما إذا طَهُرَت لأقلَّ مِن عشرة أيام، فيجب عليها أداؤها إذا بقي مِن وقتها زَمَنٌ يَسَعُ الغُسل مِنَ الحيض وأداء تكبيرة الإحرام.
وأما إذا كانت مستحاضةً بأنِ اسْتَمَرَّ نزولُ الدم لأكثرَ مِن عشرة أيامٍ، فالواجب عليها قضاء الصلوات فيما زاد على أيام عادتها.
وفي واقعة السؤال: يجب على المرأة المذكورة أن تؤدي الصلاةَ الحاضرة التي طَهُرَت مِنَ الحيض في وقتها إذا كان الوقت المتبقي لخروج وقت هذه الصلاة يَسَعُ الِاغْتِسَالَ مِنَ الحيض وأداء تكبيرة الإحرام، أما إذا كان المتبقي مِن وقت الصلاة حتى يَخْرُجَ أقلَّ مِن ذلك فليس عليها أداؤها؛ كما سبق بيانه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
هل يعطي الشارع الحكيم للزوجة الغنية عن زوجها التي تساعده في المعيشة حق عدم إطاعة الزوج وأن تتصرف في المنزل كما تشاء بسبب هذه المساعدة في المعيشة؟
وهل يجوز للزوجة أن تقيم في منزل الزوجية بعض أقاربها وتنفق عليهم بسعة مخالفةً بذلك إرادة الزوج الذي لا يرغب في وجود أحد معه في منزل الزوجية؛ لأن هذا يضايقه ويجعله فاقد الحرية مع زوجته مع ملاحظة أن من تقيمهم أغنياء ولكنهم يستغلونها؟
ما حكم التيمم للجنب في البرد الشديد؟ فقد أصابتني جنابة في وقت برد شديد ولا يوجد وسيلة لتسخين الماء، فما حكم التيمم من الجنابة للصلاة؛ خوفًا من المرض أو الأذى بسبب الاغتسال بالماء البارد؟
هل يجوز استعمال الماء المتغير بصدأ الحديد في الطهارة من الحدث والخبث؟ حيث كنت في مسجد والماء الذي أتوضأ به يخرج مختلطًا بصدأ الحديد، فقال لي البعض: إن هذا الماء المتغير بالصدأ الموجود في الأنابيب الموصلة للمياه لا يجوز الوضوء به وذلك لتغير لونه بهذا الصدأ. فما حكم الطهارة بالماء المتغير بالصدأ الموجود في الأنابيب الموصلة للمياه؟
ما حكم طلب دعاء العائدين من الحج، وتركهم صلاة الجماعة في المسجد بعض الأيام؟ فقد سافر بعض الناس في قريتي لأداء فريضة الحج، وبعد عودتهم إلى بلدهم، لم يحضر عدد منهم إلى صلاة الجماعة في المسجد مدة أسبوع أو يزيد، فذهبت أنا وأحد الأصدقاء إلى بيوتهم نسأل عنهم، فوجدناهم بخير حال، ولما سألناهم عن سبب عدم مجيئهم لصلاة الجماعة كان جوابهم أن عادة العائلة عندهم أن الحجاج عند رجوعهم من البقاع المقدسة إلى بلدانهم يلزمون بيوتهم أسبوعًا لا يخرجون؛ لأن الناس تنكب عليهم لطلب دعائهم، فهل هذا أمر جائز شرعًا؟
ما حكم قضاء الصلوات الفائتة؟ فعندما يتوب الإنسان إلى ربه؛ هل تُمحى صلواته التي لم يصلها من قبل؟ وهل تُحسب عليه؟ وقد قمنا بسؤال أحد المشايخ على الإنترنت فصرح بأنه يجب تعويض الصلاة الفائتة، وهذا غير ممكن، فما هو الحل؟
الحكومة الصينية حددت لعامة الشعب (التركستان) الإنجابَ؛ إذا كان فلاحًا أو نجارًا يحق لهم إنجاب ثلاثة أولاد خلال تسع سنين، إذا زاد عن ذلك أو كان متتاليًا يدفع غرامة باهظة، وأما إذا كان موظفًا فيحق له إنجاب ولدين فقط خلال ست سنين، وفي ظل هذا القانون رزق الله تعالى الزوجين ولدين وحملت الزوجة بالثالث، والحكومة أصدرت قرارًا بفصلهما عن الوظيفة إذا لم يسقطوا الحمل، وعمر الجنين ثلاثة أشهر ونصف. هل يجوز إسقاط الجنين أم يفصلون عن الوظيفة؟ وليس لديهم عمل يتكسبون من ورائه.