ما الآداب الإسلامية في الطرق والأماكن العامة؟ حيث يقوم بعض الناس بتصرفات غير لائقة في الأماكن العامة، لا يراعون فيها الآداب الإسلامية، ولا مشاعر الناس ولا ما تسببه بعض التصرفات من أذى لهم؛ كالبصق في الطرق والأماكن العامة، فما حكم الشرع في ذلك؟
ينبغي للمسلم أن يراعي الآداب الإسلامية التي وضعها الدين الإسلامي، وأن يصون كرامةَ الناس، ويراعِي شعورههم؛ فإنَّ من آداب الطريق ومن حقوقه التي أرشدنا إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كفّ الأذى عن الطريق، وهو لفظ عام ويَشْمَل كل أنواع الأذى، وكلّ أمر مستقذر طَبعًا، ويُؤَدِّي إلى نفور النَّاس، أو يؤدّي إلى إلحاق الأذى بهم هو أمرٌ منهيٌّ عنه شرعًا.
وضع الدين الإسلامي ضوابط وآدابًا تَصون كرامةَ الفرد، وتراعِي شعوره وتحميه مِن كل أذى؛ ومن ذلك: آداب الطريق التي أرشدنا إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال لمَن سأله عن حقّ الطريق: «غَضُّ الْبَصَرِ، وَكَفُّ الأَذَى، وَرَدُّ السَّلاَمِ، وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ» رواه البخاري ومسلم، فجَعَل النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم مِن حق الطريق: كف الأذى، وهو لفظ عام ويَشْمَل كل أنواع الأذى، والذي منه التَّنَخُّم -أي: إخراج النُّخَامة وبَصْقها- على الأرض في الطرقات العامة؛ فهو أمر مستقذرٌ طَبعًا، ويُؤَدِّي إلى نفور النَّاس من الأماكن التي تُلْقَى فيها النُّخَامة، بل قد يؤدّي إلى إلحاق الأذى بهم؛ كإصابتهم بالأمراض والأوبئة.
ولاستقذار هذا الأمر -أي: التَّنَخُّم-؛ وَرَد النهي عن فعله في المسجد؛ ففي الحديث: «الْبُزَاقُ في الْمَسْجِدِ خَطِيئَةٌ، وَكَفَّارَتُهَا دَفْنُهَا» رواه البخاري.
وقال صلى الله عليه وآله وسلم: «مَا بَالُ أَحَدِكُمْ يَقُومُ مُسْتَقْبِلَ رَبِّهِ فَيَتَنَخَّعُ أَمَامَهُ، أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يُسْتَقْبَلَ فَيُتَنَخَّعَ في وَجْهِهِ؟ فَإِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ تَحْتَ قَدَمِهِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَلْيَتْفُلْ هَكَذَا» وَوَصف القاسم بن مهران -أحد رواة الحديث- فتَفَل في ثوبه ثم مسح بعضه على بعض. رواه مسلم.
ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «عُرِضَتْ عَلَىَّ أَعْمَالُ أُمَّتِى حَسَنُهَا وَسَيِّئُهَا؛ فَوَجَدْتُ في مَحَاسِنِ أَعْمَالِهَا الأَذَى يُمَاطُ عَنِ الطَّرِيقِ، وَوَجَدْتُ في مَسَاوِي أَعْمَالِهَا النُّخَاعَةَ تَكُونُ في الْمَسْجِدِ لاَ تُدْفَنُ» رواه مسلم.
وهذه النصوص النبوية وإن كانت واردة في شأن البصق في المسجد، لكن يُقاس عليها غيرها من الأماكن التي يرتادها الناس بجامع الاستقذار في كُلٍّ؛ فلا فرق في استقذار هذا الأمر بين كونه في أماكن اجتماع الناس للصلاة، واجتماعهم في وسائل المواصلات والحدائق العامة والشوارع والطرقات، فالاستقذار الحاصل من التَّنَخُّم وارد في كليهما.
ومع هذا؛ فقد يكون التَّنَخُّم أمرًا عارضًا يحتاج إليه الإنسان، ولو مُنِع من إخراجه لأصيب بأضرار صحية؛ لذا أجاز الفقهاء في هذه الحالة التَّنَخُّم على الأرض، لكنهم أرشدوا إلى فعل الأَوْلَى في ذلك.
قال العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع" (1/ 216، ط. دار الكتب العلمية): [النخامة والمخاط ممَّا يُستقذر طبعًا. وإذا عَرَض للمُصَلّي ذلك ينبغي أن يأخذه بطرف ثوبه، وإن ألقاه في المسجد فعليه أن يرفعه، ولو دفنه في المسجد تحت الحصير يرخص له ذلك، والأفضل ألا يفعل؛ لأن البصاق مستقذر طبعًا فإذا دفن لا يستقذر ولا يؤدي إلى التنفير] اهـ.
قال العلامة المواق في "التاج والإكليل" (7/ 619، دار الكتب العلمية): [قال مالك: وإن كان المسجد محصبًا فلا بأس أن يبصق بين يديه وعن يساره وتحت قدمه ويدفنه، ويكره أن يبصق أمامه في حائط القبلة، وإن كان عن يمينه رجل وعن يساره رجل في الصلاة بصق أمامه ودفنه، وإن كان لا يقدر على دفنه فلا يبصق في المسجد بحال كان مع الناس أو وحده] اهـ.
وقال الإمام النووي في "المجموع" (4/ 100، ط. دار الفكر): [وإذا عرض للمصلي بصاق، فإن كان في مسجدٍ حرم البصاق فيه، بل يَبْصُق في طرف ثوبه من جانبه الأيسر، ككمه وغيره، وإن كان في غير المسجد لم يحرم البصاق في الأرض، فله أن يبصق عن يساره في ثوبه أو تحت قدمه أو بجنبه وأولاه في ثوبه ويحكّ بعضه ببعض] اهـ.
وقال الإمام البهوتي في "شرح المنتهى" (1/ 213، ط. عالم الكتب): [(ويباح) أن يبصق ونحوه (بغير مسجد عن يساره وتحت قدمه)، زاد بعضهم: اليسرى؛ لحديث: «إِذَا تَنَخَّعَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَنَخَّعْ عَنْ يَسَارِهِ أَوْ تَحْتَ قَدَمِهِ»] اهـ.
فالذي يستفاد من هذه النصوص أنَّ الأفضل إذا عَرَض التَّنَخُّم للإنسان أن يلقيه في منديل، فإن لم يتيسر له ذلك فليُلقه في طرف ثوبه وإلا جاز له أن يلقيه على الأرض مع القيام بدفنه، أي: بتغطيته بشيء من التراب، أو حكه بنعله، حتى لا يَبْقَى للبصاق أثرٌ يؤذي الناس.
وبناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فينبغي للمسلم ألا يَبْصُق على الأرض؛ لأنَّه فعلٌ مُستَقذَرٌ طَبْعًا، وقد يؤدّي إلى إلحاق الأذى بالآخرين، والأفضل إذا عَرَض التَّنَخُّم للإنسان أن يلقيه في منديل، فإن لم يتيسر له ذلك فليُلقه في طرف ثوبه، فإن لم يستطع فليدفن بصاقه أو يدلكه برجله؛ لأنَّه إذا دُفِن لا يَبْقى له أَثَرٌ، فلا يَلْحَق الآخرين منه أذى.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما حكم الشرع في الكسب المبني على الغش والخداع والتحايل على الناس؟
سائل يقول: هل هناك في الإسلام صيغة معينة لتعزية أهل الميت، أو أن الأمر على إطلاقه وعمومه وبما يتيسر؟
سائل يقول: ورد في كتب السنة أنّ الله عز وجل نهى نبيَّه الكريم عليه السلام عن الاستغفار لأمِّه السيدة آمنة عليها السلام، وورد أيضًا أن المولى سبحانه وتعالى أحيا أبويه له حتى آمَنا به صلى الله عليه وآله وسلم؛ فهل هناك تعارض بين ما ورد في الحديثين؟ وما توجيه النهي الوارد عن استغفار النبي عليه السلام لأمِّه عليها السلام؟
سائل يقول: شخص أساء لي وتجاوز في حقي، فطلب مني بعض الناس العفو عنه ومسامحته، وأخبرني بأنه قد ورد في القرآن والسنة أن العفو عن المسيء سبيل للوصول إلى عفو الله تعالى، كما أنه يكسب صاحبه عزة. فما مدى صحة هذا الكلام؟
ما حكم مصافحة المصلين بعضهم لبعض عقب انتهاء الصلاة مباشرة؟
ما حكم تشاؤم أهل الزوج من زوجة ابنهم؟ فابنتي تزوجت من زميل لها في العمل، ومنذ أن تزوجت منه وأهل زوجها يعتبرون أن قدمها سيئة عليهم بسبب ما أصابهم من نكبات وأمراض وخسائر وحوادث بعد زواجها منه، مع العلم بأن كثيرًا مما جرى لهم بعد زواجها منه كان يحصل لهم ما يشابهه قبل زواجها، ولكنهم مصرُّون على أن "وشها وحش عليهم"، حتى إن ابنته أصابها الضرر الشديد المعنوي والنفسي والمادي من جراء ترويج هذه المزاعم على سمعتها وكرامتها ونفسيتها. ويطلب حكم الشرع وإبداء النصح فيما يقولونه.