يعتري الخاطبَ حالةٌ من الغيرة الزائدة والشك المفرط وقلة الثقة في المخطوبة دون مبررٍ حقيقيٍّ لذلك، مما يدفعه إلى التجسس على مكالماتها الهاتفية، أو التفتيش في مراسلاتها ومحادثاتها الإلكترونية، وأجهزة الاتصال الخاصة بها، وفي غالب الأحوال يترتب على مثل هذا السلوك فشل الخطبة وعدم إتمام الزواج. فما حكم الدين في ذلك؟
يحرم على الخاطب شرعًا التجسس على مخطوبته أو تتبُّع عثراتها، ويأثم إذا فعل شيئًا من ذلك، بل ينبغي على المخطوبين إحسان الظن في بعضهما، والتعاون على البر والتقوى، ومَن ثارت في نفسه شكوكٌ تجاه الآخر منهما فعليه مصارحته بذلك بقصد التفهم والإصلاح والنصح ليكون ذلك أحرى أن يؤدم بينهما إذا يَسَّرَ اللهُ لهما إتمامَ الزواج.
المحتويات
الأصل في مرحلة الخطبة أن تكون بعد التأني في اختيار المرأة المناسبة لتكون زوجة في المستقبل؛ فالخاطب إنما يُقدم على الخِطبة بعد أن يغلب على ظنه صلاح هذه المرأة واستقرار حسن المعاملة فيما بينهما بعد الزواج، فالخِطبة مبنية على الثقة في المخطوبة وحسن الظن بها.
ولا تسير مرحلة الخطبة على نسقٍ صحيحٍ إلا بتخلُّق كلا الخطيبين ابتداءً بالثقة التامة في بعضهما البعض.
وتكدير العلاقة بين الخطيبين بسوء الظن وتتبع العورات واختلال الثقة بينهما يتنافى مع الحكمة والقيمة الأخلاقية والاجتماعية التي قصدها الشرع الشريف في تشريع الخطبة.
والممارسات الواردة في السؤال تُعَدَّ سلوكًا عدوانيًّا سيِّـئًا من الخاطب؛ لأن فيها اعتداءً على حق مخطوبته، وانتهاكًا لحرمتها وحرمة من يتواصل معها تواصلًا مشروعًا؛ كزملائها في العمل، أو بعض أقاربها ومعارفها.
هي أمورٌ محرمةٌ شرعًا؛ لاشتمالها على عددٍ من المنهيات والمحظورات الشرعية والقانونية المقررة لصيانة شئون الناس وأحوالهم وأسرارهم؛ قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا﴾ [الحجرات: 12].
قال الإمام شمس الدين الخطيب الشربيني الشافعي في تفسيره "السراج المنير" (4/ 70، ط. مطبعة بولاق "الأميرية"، القاهرة): [قوله تعالى: ﴿وَلَا تَجَسَّسُوا﴾ حذف منه إحدى التاءين، أي: لا تتبعوا عورات المسلمين ومعائبهم بالبحث عنها] اهـ.
وقال الإمام ابن كثير في "تفسير القرآن العظيم" (7/ 377، ط. دار طيبة): [يقول تعالى -أي في هذه الآية- ناهيًا عباده المؤمنين عن كثيرٍ من الظن وهو التهمة والتخون للأهل والأقارب والناس في غير محله؛ لأن بعض ذلك يكون إثمًا محضًا، فليُجتَنَبْ كثيرٌ منه احتياطًا، ورُوِّينَا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "ولا تَظُنَّنَّ بكلمةٍ خَرَجَتْ مِن أخيكَ المسلمِ إلا خيرًا وأنتَ تَجِدُ لها في الخير مَحْمَلًا"] اهـ.
كما حذَّر النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم من التجسس وسوء الظن وما يكدر العلاقة الطيبة بين الناس ويجلب الكراهية والبغضاء، والأحاديث في ذلك كثيرة؛ فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ؛ فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَحَاسَدُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا» رواه البخاري.
وقد فرق العلماء بين معنى التحسس والتجسس الواردِ النهيُ عنهما في الحديث الشريف، وقيل أيضًا إنهما بمعنًى واحد؛ هو طلب معرفة الأخبار الغائبة والأحوال؛ قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم" (16/ 119، ط. دار إحياء التراث العربي، بيروت): [قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا» الأول بالحاء والثاني بالجيم، قال بعض العلماء: التحسس بالحاء: الاستماع لحديث القوم، وبالجيم: البحث عن العورات، وقيل: بالجيم: التفتيش عن بواطن الأمور، وأكثر ما يقال في الشر، والجاسوس صاحب سر الشر، والناموس صاحب سر الخير. وقيل: بالجيم: أن تطلبه لغيرك، وبالحاء: أن تطلبه لنفسك؛ قاله ثعلب. وقيل: هما بمعنًى –أي بمعنًى واحد-؛ وهو طلب معرفة الأخبار الغائبة والأحوال] اهـ.
كذلك شدَّد رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم في تنبيه المسلمين إلى خطورة الخوض في أعراض الناس والتنقيب عن عوراتهم، مخبرًا مَن يستهينُ بذلك بأنه إنما يسعى لِهَتْكِ الستر عن نفسه؛ فيفضحه اللهُ تعالى ولو كان في جوف بيته؛ فعَنْ ثَوْبَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قَالَ: «لَا تُؤْذُوا عِبَادَ اللهِ، وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ، وَلَا تَطْلُبُوا عَوْرَاتِهِمْ؛ فَإِنَّهُ مَنْ طَلَبَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ طَلَبَ اللهُ عَوْرَتَهُ حَتَّى يَفْضَحَهُ في بَيْتِهِ» رواه أحمد.
أيهما أفضل عند الله تعالى الغِنى أم الفقر؟ حيث دارَ حوارٌ بيني وبين أحد أصدقائي حول المفاضلة الأخروية بين الغنى والفقر، فكان ممَّا احتجَّ به قول النبي عليه السلام: «يدخل الفقراء الجنَّة قبل الأغنياء بخمسمائة عام نصف يوم»، معقِّبًا بأنَّ هذا النصَّ النبوي خير دليلٍ في مدح الفقر وأهله، فوقع في نفسي حينئذٍ أنَّ هذا الحديث قد يحمل بعض الناس على التكاسل وترك العمل والركون إلى الفقر لتحصيل ذاك الثواب، مع أنِّي أعلم تمام العلم أنَّ الشريعة الغراء تدعو دائمًا إلى العمل وتحثُّ على الإنتاج وتحذِّر من التكاسل؛ فما قولكم في ذلك؟
نرجو منكم بيان ما يجب على المسلم فعله عند الدعوة إلى طعام حال قضائه ما فات من صيام رمضان؟ فهناك صائم يقضي ما فاته من رمضان ودُعي إلى طعام، فهل يجوز له الفطر وترك إتمام الصوم من أجل تلبية الدعوة؟
يقول السائل: تعلقت قلوب الناس بمحبة آل بيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فنرجو منكم بيانًا شافيًا في فضل محبة آل البيت النبوي الشريف؟
سائل يقول: هل يتعارض إسباغ الوضوء مع النهي عن الإسراف في الماء؟
ما الحكمة من تخصيص سيدنا إبراهيم عليه السلام بالذِّكر في الصلاة الإبراهيمية، التي تقال في التشهد الأخير في الصلاة من دون سائر الأنبياء، فنقول: "اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم... إلخ"؟ وهل هذا يتعارض مع كونه صلى الله عليه وآله وسلم أفضل خلقِّ الله على الإطلاق؟
هل المصافحة عقب الصلاة بين المصلين من تمام الصلاة؟ أم هي مكروهة؟ أم هي بدعة؟