سائلة تسأل عن حكم الحقن المجهري وتحديد نوع الجنين، وتطلب بيان حكم الشرع في ذلك.
الإنجاب بطريقة الحقن المجهري جائزٌ شرعًا إذا ثبت قطعًا أن البويضةَ مِن الزوجة والحيوانَ المنوي مِن زوجها وأُعيدت البويضة مُلَقَّحةً إلى رحم تلك الزوجة دون استبدالٍ أو خلطٍ بمني إنسانٍ آخر، وكانت هناك ضرورةٌ طبيةٌ داعيةٌ إلى ذلك، وكذلك تحديد جِنس الجنين جائزٌ شرعًا ما دام أنه يتم على المستوى الشخصي والفردي ولم يشكِّل اختيار أحد الجنسين ظاهرة عامة.
المحتويات
بالنسبة للإنجاب بوضع لقاح الزوج والزوجة خارج الرحم ثم إعادة نقله إلى رحم الزوجة؛ فإنه لا مانع منه شرعًا إذا ثبت قطعًا أنَّ البويضةَ مِن الزوجة والحيوانَ المنوي مِن زوجها، وتَمَّ تفاعُلُهُما وإخصابُهُما خارج رحم هذه الزوجة –أنابيب–، وأُعيدت البويضة مُلَقَّحة إلى رحم تلك الزوجة دون استبدالٍ أو خلطٍ بمني إنسانٍ آخر، وكانت هناك ضرورةٌ طبيةٌ داعيةٌ إلى ذلك؛ كمرض بالزوجة أو الزوج يمنع ذلك، أو أنَّ الزوجة لا تحمل إلا بهذه الوسيلة، وأن يتمّ ذلك على يدِ طبيبٍ حاذقٍ مؤتَمَنٍ في تعامله.
أمَّا تحديد نوع الجنين؛ فقد خلق الله تعالى الإنسانَ خلقًا متوازنًا؛ فجعله زوجين: ذكرًا وأنثى، وميَّز كلًّا منهما بخصائص تتناسب مع الوظائف التي أقامه فيها، وبيَّن أن هذه هي طبيعة الخلق التي تقتضي استمراره فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ [النساء: 1]، وقال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى مِنْ نُطْفَةٍ إِذَا تُمْنَى﴾ [النجم: 45- 46]، وقال تعالى: ﴿وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [الذاريات: 49].
وهذا التنوع في الخلق والتوازن في الطبيعة هو ما اقتضته حكمة الله تعالى العليم بكل شيء والقدير على كل شيء؛ قال تعالى: ﴿للهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ﴾ [الشورى: 49- 50].
وعندما نتناول مسألةً كمسألة تحديد نوع الجنين فإنَّنا نعالجها على مستويين مختلفين:
فإذا عالجناها على المستوى الفردي فالأصل في الأشياء الإباحة؛ لأن الإنسان يمكنه أن يتزوج أو لا يتزوج، وإذا تزوج فيمكنه أن ينجب أو لا ينجب، وإذا أنجب فيمكنه أن ينظِّم النسل أوْ لَا ينظِّمه، كلٌّ حسب ظروفه وأحواله، وكما يجوز للإنسان أن يعمل على زيادة نسبة اختيار نوع الجنين بما ينصح به المختصون في ذلك –من اختيار نوع الغذاء، أو توقيت الجماع قبل التبويض أو أثناءه، أو غربلة الحيوانات المنوية، أو غير ذلك من الأساليب التي يعرفها أهلها– فكذلك يجوز التعامل المجهري مع الكروموسومات والمادة الوراثية DNA لنفس الغرض؛ إذ ليس في الشرع ما يمنع من ذلك على المستوى الفردي، ولكن كل هذا بشرط ألَّا يكون في التقنية المستخدمة ما يضرّ بالمولود في قابل أيّامه ومستقبله، وهذا مَرَدُّه لأهل الاختصاص؛ فلا يُقبَل أن يكون الإنسان محلًّا للتجارب، ومحطًّا للتلاعب.
وعليه: فإنَّ هناك فارقًا في الحكم بين تحديد نوع الجنين على المستوى الشخصي وعلى المستوى الجماعي؛ وذلك بناءً على ما هو مقرر شرعًا من اختلاف الفتوى باختلاف تعلق الحكم بالفرد وتعلقه بالأمة.
أمَّا إذا عالجناها على مستوى الأمة فالأمر يختلف؛ لأنَّ الأمرَ سيتعلق حينئذٍ باختلال التوازن الطبيعي الذي أوجده الله تعالى، وباضطراب التعادل العددي بين الذكر والأنثى الذي هو عامل مهم من عوامل استمرار التناسل البشري، وتصبح المسألة نوعًا من الاعتراض على الله تعالى في خلقه بمحاولة تغيير نظامه وخلخلة بنيانه وتقويض أسبابه التي أقام عليها حياة البشر.
بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فالإنجاب بطريقة الحقن المجهري جائزٌ شرعًا إذا ثبت قطعًا أنَّ البويضةَ مِن الزوجة والحيوانَ المنوي مِن زوجها وأُعيدت البويضة مُلَقَّحةً إلى رحم تلك الزوجة دون استبدالٍ أو خلطٍ بمني إنسانٍ آخر، وكانت هناك ضرورةٌ طبيةٌ داعيةٌ إلى ذلك، وكذلك تحديد جِنس الجنين جائزٌ شرعًا، ما لم يشكِّل اختيار أحد الجنسين ظاهرة عامة.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
ما معنى حديث: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ عَبْدًا ابْتَلَاهُ»؟ وهل بالفعل هناك ابتلاء يدل على الرضا وابتلاء آخر يدل على الغضب؟
ما حكم حقن البوتكس (Botox) واستخدامه في أغراض التجميل والزينة؟
ما حكم استخدام الوسائل التشخيصية الحديثة للكشف عن عيوب الأجنة، علمًا بأنه قد يكون لها آثار سلبية على الأم أو الجنين؟ وما حكم استخدام الوسائل العلاجية المختلفة لعلاج تشوهات الأجنة مثل إجراء جراحة للجنين داخل الرحم؟ وما حكم الشرع في إجهاض الأجنة المصابة بعيب خِلقي يحول دون اكتمال حياة الجنين بعد الولادة كعدم وجود مخ أو الكليتين؟ وما الحكم لو كان هذا الإجهاض بعد مائة وعشرين يومًا؟
ما حكم لف المُحرِم الرباط الضاغط على الفخذ للحماية من التسلخات؟ فأنا أحتاج لاستعمال رباط ضاغط للفخذ؛ لحماية الفخذين من التسلخ الناتج عن المشي، فأرجو منكم بيان الحكم الشرعي في استعمال هذا الرباط أثناء الإحرام.
ما حكم طواف المريض حاملًا القسطرة؟
ما حكم التخلص من جثث المتوفين بمرض كورونا بالحرق أو الإذابة؟ فنظرًا لكثرة الوفيات بسبب فيروس كورونا الوبائي، وتزاحم أعداد الوفيات داخل المستشفيات وامتلاء ثلاجات الموتى في بعض الدول، مع الخوف من انتشار العدوى إلى الأحياء. فهل يجوز في هذه الحالة التخلص من جثث المتوفين بهذا الفيروس بالحرق أو الإذابة؛ خوفًا من انتقال عدوى كورونا من المتوفي للأصحاء؟