حكم التعدي على أرض لبناء مسجد عليها دون رغبة أصحابها

تاريخ الفتوى: 10 فبراير 1985 م
رقم الفتوى: 5906
من فتاوى: فضيلة الشيخ عبد اللطيف عبد الغني حمزة
التصنيف: البغاة
حكم التعدي على أرض لبناء مسجد عليها دون رغبة أصحابها

ما حكم التعدي على أرض لبناء مسجد عليها دون رغبة أصحابها؛فرجلٌ يملك وإخوته الأشقاء قطعة أرض عليها مبان من دور واحد، وقد قام بعض الأهالي بالتعدي على هذه الأرض وهدموا ما عليها من مبان بحجة إقامة مُصَلَّى عليها، دون رغبته هو وباقي إخوته. فما حكم الشرع في ذلك؟

إذا ثبتَ أن هذا المُصَلَّى أو المسجد قد أقيم على أرض غير مملوكة لمَنْ أقامها واتخذها مسجدًا، وأنَّ مالكها الحقيقي لم يرتض قيام المسجد عليها- يكون لهذا المالك الشرعي اللجوء إلى الطرق القانونية لإزالة المُصَلَّى؛ إذ ليست له حرمة المساجد في الإسلام.

إنّ الفقهاءَ نصّوا على أنَّ المكانَ يصيرُ مسجدًا بالصلاة فيه، أو بقول مالكه: اتَّخذتُه مسجدًا.

ولا بُدّ حينئذٍ من الملكية الصحيحة لمكان المسجد وقت إقامته واتخاذه مسجدًا؛ لأنّه بهذا يصير وقفًا، ومن شروط صحة الوقفِ ونفاذِهِ -باتفاق فقهاء المذاهب جميعًا- أن يكون الموقوفُ ملكًا للواقف وقت الوقف، وفرَّع الفقهاء على هذا الشرط أنه لا يَنْعَقِدُ ولا يصِحُّ وقف الغاصب للأرض أو العقار الذي اغتصبه لانتفاء ملكه وقت الوقف، وأنَّه لو استحقَّ الموقوف بطل الوقف، وأنَّه لو اعتدى إنسانٌ على أرضٍ وحازها واتخذها مسجدًا ثم استحقَّت للغير نقضت المسجدية.

أما عن الصلاةِ في الأرض المغتصبة، فقد نقل الإمام النووي في كتابه "المجموع شرح المهذب" (3/ 164، ط. دار الفكر): أن الصلاة في الأرض المغصوبة حرام بالإجماع، وأن اختلاف الفقهاء إنما هو في صحتها والثواب عليها.

وفي كتاب "قواعد الأحكام" للعز بن عبد السلام الشافعي: أنه إذا اعتكف في مسجد ثم بان اغتصابه بطل اعتكافه.

وهذا النص يدل على حرمة بناء المساجد على أرض مغتصبة لبطلان الاعتكاف فيها.

ولمَّا كان ذلك كان اغتصابُ أرضٍ أو عقارٍ واتخاذه مسجدًا حرامًا، وكانت الصلاةُ في المسجد المُغْتَصَبِ مكانه محرمةً، على خلاف بين الفقهاء في صحتها والثواب عليها. ومقتضى هذا إذا كان المسجدُ المقام على مكان مُغْتَصَبٍ لا يكتسب صفة المسجدية؛ لأنه ليس مملوكًا لمن اتَّخَذَهُ مسجدًا، ومِنْ ثَمَّ لا تكونُ له حرمةُ المسجد إذا لم يصر وقفًا صحيحًا، وللمالك الشرعي للمكان -سواء كان أرضًا أو عقارًا حيازتُهُ- والتصرّف فيه في نطاق القانون.

ولما كان ذلك ففي واقعة السؤال: إذا ثبتَ أن هذا المُصَلَّى أو المسجد قد أقيم على أرض غير مملوكة لمَنْ أقامها واتخذها مسجدًا إنما هي ملكٌ للغير وما زالت مغتصبة، بمعنى: أنَّ مالكها الحقيقي لم يرتض قيام المسجد عليها- يكون لهذا المالك الشرعي بالطرق القانونية إزالة المُصَلَّى؛ إذ ليست لها حرمة المساجد في الإسلام. ومن هذا يعلم الجواب عن السؤال.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

الطلب المُقدَّم من السيد وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية عن مركز قويسنا منوفية، والمتضمن: نرجو من فضيلتكم التكرم بإصدار فتوى شرعية مُوثَّقة بخصوص رغبة بعض الأهالي مِن قرية (ميت القصري) مركز قويسنا؛ أصحاب الأفكار المتطرفة، بهدم ونقل ضريح أولياء الله الصالحين (السادة القَصاروة)، بحجة توسعة المسجد، في حين أن الضريح ملاصقٌ للمسجد وبجدرانٍ منعزلة عن المسجد، فقاموا بهدم الغرفة الخارجية للضريح تمهيدًا لإزالة الضريح نفسه أو دفنه في الأرض وعمل سيراميك والصلاة عليه؟!
ومرفق لسيادتكم بعض المستندات الدالة على ذلك، مع التأكيد أن هذا العمل أشعل نار الفتنة بين الأهالي من مؤيِّدٍ ومعارض. وإن فتاواكم الكريمة سوف تطفئ نار هذه الفتنة وهذا الجدل وهذا الفكر الدخيل علينا في تحريم الصلاة بمسجد فيه أضرحة لأولياء الله الصالحين الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن وفي الحديث القدسي: «مَنْ عَادَى لِى وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ» رواه البخاري.
جعلكم الله نصيرًا لأوليائه الصالحين، ولسيادتكم منا كل الاحترام والتبجيل.
وبالنظر في المرفقات بالطلب تبين لنا ما يأتي:
- تقدم أحد أهالي القرية، بطلب إلى أوقاف قويسنا لتوسعة مسجد السادة القَصاروة، وقد حصل على الموافقة من الوزارة بعمل التوسعة اللازمة على نفقته الخاصَّة وبجهوده الذاتية، وبالاطلاع على المستندات الخاصَّة بهذا الأمر وجدنا أنَّ:
• وزارة الأوقاف اشترطت أن يتم عمل التوسعة تحت إشراف المديرية وبالشروط المعتمدة وفق ما تم اعتماده من الرسومات وطبقًا للتراخيص الصادرة من الجهات المختصة؛ كما هو مُبيَّن من تصريح مدير عام المشروعات والتصميمات بالوزارة.
• لم يتعرَّض التصريح بذكر هدم الضريح أو نقله أو هدم الغرف المجاورة للضريح؛ بل هو تفويض من الأوقاف باسم المتبرع لعمل توسعة مسجد السادة القصاروة.
• أخذ المتبرع إقرارًا على نفسه بعدم المساس بالضريح وبالحفاظ عليه حسب التعليمات الواردة من الإدارة وكما هو مُبيَّن من خطاب القسم الهندسي بالوحدة المحلية بقرية (طَهْ شبرا) الموجَّه للسيد وكيل الوزارة رئيس مجلس ومدينة قويسنا.
- تمَّ تشكيل لجنة من إدارة أوقاف قويسنا مكوَّنة من خمسة أعضاء برئاسة مدير الأوقاف، بناءً على قرارٍ من مديرية أوقاف المنوفية، وانتقلت اللجنة للمسجد، وتبين من تقريرها المرفق ما يأتي:
أولًا: قام المتبرع بعمل التوسعة من الناحية القبلية الموجودة بين دورة مياه المسجد ومكان الوضوء، وبين جدار القبلة الموجود بالمسجد القديم، (مرفق رسم توضيحي لعملية التوسعة).
ثانيًا: بعد الانتهاء من أعمال التوسعة تبيَّن وجود ضريحين وسط المسجد، وغرفة خارج المسجد، وقد أقيم على الضريحين أقفاص حديدية للحفاظ عليهما.
ثالثًا: عند وجود اللجنة للمعاينة على الطبيعة حضر بعض رواد المسجد وانقسموا إلى فريقين:
الفريق الأول: يرى عدم المساس بالضريحين ويرغب في بناء غرفة خاصة بالضريحين وعمل باب خاص للدخول لزيارة الضريحين داخل التوسعة الجديدة.
الفريق الثاني: يرى نقل الأضرحة إلى غرفة خاصة موجودة بالفعل ملصقة بالمسجد والغرفة لها بابان: باب على الشارع الرئيسي، وباب جانبي للدخول منه للمسجد، وبهذا تتحقق الفائدة من عملية التوسعة للمسجد لوجود الأضرحة في الربع الأول من التوسعة الجديدة وسط المسجد.
خامسًا: توصي اللجنةُ بأن يقوم المتبرع بطلب إلى المجلس الأعلى للطرق الصوفية للبت في الضريحين من حيث النقل وعدمه، مع الاحتفاظ بالضريحين لحين إحضار رأي المجلس الأعلى للطرق الصوفية صراحة. كما توصي اللجنة الإدارة الهندسية بشبين الكوم بعدم إصدار أي قرار يخص الضريحين أو المسجد؛ سواء بهدم جدار القبلة الحائل بين الضريحين والمسجد القديم أو الجدار الغربي في التوسعة الجديدة، إلا بعد الانتهاء التام من جميع الأعمال المتعلقة بالمسجد وإحضار قرار المجلس الأعلى للطرق الصوفية.
- تقدَّم المتبرع بطلبٍ للمشيخة العامة للطرق الصوفية، يريد فيه الموافقة على إحلال وتجديد الضريحين الموجودين بمسجد السادة القَصاروة.
- وبعد ذلك تبين أنَّ المتبرع لم يعمل بمضمون تصريح وزارة الأوقاف بخصوص التوسعة؛ بل بدأ العمل في جهة الضريح وهي غير الجهة المُصرَّح بها من الأوقاف، وقام بهدم الغرفة الخارجية لضريح السادة القصاروة، وحجرة الضيافة الخاصَّة بالضريح، وأيضًا جدار القبلة، ثم قام ببناء ضريح صوري تمهيدًا لإزالة الضريح الحقيقي ودفنه في الأرض وعمل سيراميك للصلاة عليه، فقام أهل القرية بعمل محضرٍ في النيابة العامة وأمن الدولة، ثمَّ عمل شكوى لوزارة الأوقاف؛ فقامت اللجنة الهندسية بأوقاف قويسنا بتحرير محضرٍ بذلك، ثم أخذت الإدارة إقرارًا على المتبرع أن يُعيد بناء الغرفة الخاصة بالضريح مرةً أُخرى.
- أرسل وكيل مشيخة الطرق الصوفية بقويسنا خطابًا إلى الأمين العام للمشيخة العامة للطرق الصوفية، يُبيِّنُ فيه ما حدث من هدمٍ في المسجد، وأنَّ الأضرحة أصبحت عارية في ساحة المسجد، وذلك لأخذ اللازم والمحافظة على حرمة وقدسية أولياء الله الصالحين والتأدب معهم ظاهرًا وباطنًا.
- كما قام مدير إدارة أوقاف قويسنا بإخطار وكيل وزارة أوقاف المنوفية بخطابٍ محررٍ بأنَّ المتبرع ما زال يخالف التعليمات ويرفض تنفيذها، رغم الإقرارات المأخوذة عليه، ونحن نخلي مسؤولية إدارة أو قاف قويسنا والقسم الهندسي بها من أي تقصير تجاه هذا الأمر، والرجاء اتِّخاذ اللازم.
- وقد ردَّ الأمين العام للمشيخة العامة للطرق الصوفية على خطاب وكيل مشيخة طرق قويسنا بخطاب محررٍ يطلب منَّا فيه المُعاينة وأخذ التعهد الَّلازم على القائمين بعملية الإحلال والتجديد، والعمل وفق ما ورد بنصِّ الفتوى الصادرة عن دار الإفتاء المصرية والتي انتهت إلى "أنَّ إزالة الضريح أو نقل رُفاته إلى مكانٍ آخر بالمسجد أو خارجه تحت أي دعوى، حتَّى لو كانت توسعة المسجد وتجديده هو أمرٌ مُحرَّمٌ شرعًا؛ لما فيه من الاعتداء السافر على حُرمة الأموات وسوء الأدب مع أولياء الله تعالى الصالحين رضي الله عنهم وأرضاهم، وهم الذين توعَّد الله مَن آذاهم بأنَّه قد آذنهم بالحرب، وقد أُمرنا بتوقيرهم وإجلالهم أحياءً وأمواتًا، ولا يجوز التوصل إلى فعل الخير بالباطل؛ بل يوسع المسجد ويُجدد ويبقى الضريح في مكانه، حتَّى لو أصبح في وسط المسجد، وتبقى القُبَّة على حالها، أو يُترك المسجد كما هو حتى يُقَيِّضَ الله تعالى له مَن يتولى توسعته مِن عباده المخلصين الذين يعرفون لأوليائه قدرهم وحرمتهم، والذين ينأون بأنفسهم عن التعدي على أضرحة الصالحين؛ لتتحقق إقامةُ المساجد على تقوى مِن الله تعالى ورضوان".
فيُحرَّر من المذكور -المتبرع- إقرار بالالتزام بذلك؛ فتتم أعمال الإحلال والتجديد في ضوء ما ورد بالفتوى، ويكون العمل تحت مُراقبة ومتابعة وكيل المشيخة المُختص لإخطارنا في حال وجود أي مُخالفة في التنفيذ لاتِّخاذ اللازم قانونًا والإفادة بما يتم.
- كما قام الأمين العام للمشيخة العامَّة للطرق الصوفية بإخطار وكيل وزارة الأوقاف مدير أوقاف قويسنا بالمنوفية بخطاب منه، بشأن الخطاب الموجه إليه من مشيخة الطرق الصوفية بقويسنا، ونبَّه على إعادة بناء حجرة ضريح السادة القصاروة وغرفة الزيارة الخاصة به تحت إشراف السيد وكيل مشيخة الطرق الصوفية بقويسنا، وفي ضوء ما ورد بفتوى سابقة لدار الإفتاء المصرية، والمرفق صورتها مع الأوراق.
- ثم قام الأمين العام لمشيخة الطرق الصوفية بإخطار وكيل الوزارة مدير أوقاف قويسنا بالمنوفية مرةً أخرى بخطابٍ يطلب فيه تنفيذ طلب الكتاب السابق بإعادة البناء، مع التنبيه المُشدَّد بعدم التدخل في أمر الأضرحة إطلاقًا إلَّا بعد الرجوع للمشيخة العامة للطرق الصوفية، والتكرم بالإفادة بما يتم لاتِّخاذ اللازم.
- وجرت عدَّة خطابات بعد ذلك بين الأمين العام للمشيخة العامة للطرق الصوفية، ووكيل مشيخة الطرق الصوفية بقويسنا تشدد الإنكار على ما حدث تجاه أضرحة مسجد السادة القصاروة، وتطلب تكاتف وزارة الأوقاف مع مشيخة الطرق الصوفية لمنع هذه الممارسات.


ما حكم العمليات التفجيرية التي تحدث في بعض البلدان والتي استهدفت مواطنين مدنيين غير محاربين للمسلمين، وقد نسبت هذه العمليات لبعض الجماعات المنتسبة للإسلام، وصرح بعض مؤيدي هذه العمليات بمشروعيتها؟ وهل القائم بهذه العمليات يُعَدُّ شهيدًا؟


ما حكم الانتفاع بأعضاء الأسرى؟ فقد ورد في فتوى منسوبة لما يسمى بهيئة البحوث والإفتاء فيما يسمى بـ"الدولة الإسلامية" (داعش)، وقد أجازت هذه الفتوى أخذ شيء من أعضاء أسراها الذين وصفوهم بالمرتدين لزرعها في جسد من يحتاجها من المسلمين، حتى وإن كان ذلك معناه موت الأسير. فما الحكم الشرعي في هذا الفعل؟


بعض الناس يروج لتكفير الجماعات الدينية المُتَّهَمة بحمل السلاح واستعماله في الاعتصامات والتظاهرات ضد الجيش والشرطة؛ مستدلًا بحديث: «مَن حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلَاحَ فَلَيسَ مِنَّا»، ويقول: إنه محمول على الحقيقة لا على المجاز؛ لعدم وجود قرينة صارفة، والأصل في الكلام الحقيقة، وما لا يحتاج إلى تأويل أولى مما احتاج إلى تأويل، فهل ذلك الفهم وهذا التوجيه صحيحان مستقيمان؟


اطلعت على فتوى منسوبة لما يسمى بهيئة البحوث والإفتاء فيما يسمى بـ"الدولة الإسلامية" (داعش)، وقد سألت عن حكم السفر لمناطق النظام للحاجة، فأجابت بأن السفر إلى بلاد الكفار عمومًا وإلى مناطق النظام خصوصًا حرام، إلا لضرورة؛ لما يقترن بها من مناطات مُكَفِّرة.
فما معنى هذا الكلام؟ وهل هو صحيح؟ وما هي مناطق النظام هذه؟


هل للوارث طلب حقه في الميراث عن طريق القضاء؛ فلدي أختين شقيقتين قد قامتا بقسمة بيت والده ووالدته عليهما، وتصرفتا فيما تركه والدهم من نقود وخلافه. وأريد الآن أن أسترد حقي الشرعي في ميراث والدي بالطرق القانونية.

فهل رفع شكوى للقضاء أشكو فيها هاتين الشقيقتين يُعدُّ هذا قطعًا للرحم؟