ما حكم قيام بعض الناس بتطبيق الحدود والعقوبات على غيرهم بدعوى مخالفة الشريعة؟ وما حكم قيام طوائف الشعب بحماية المؤسسات العامة بدلًا من الجهات المختصة؟
الأصل أن تحديد العقوبات وتطبيقها من اختصاصات وصلاحيات ولي الأمر أو من يُنِيبُه عنه لذلك من السلطات التشريعية، والقضائية، والتنفيذية، وكذلك تأمين الحماية للمؤسسات العامة فهو من مهام قوات الشرطة أو الجيش بحسب القوانين واللوائح المنظمة لذلك؛ وليس هذا من اختصاص عموم الأشخاص؛ ولذا فإنه يحرم على أفراد الناس القيام بمثل هذه الأمور؛ لِما فيه من الاعتداء على صلاحيات ولي الأمر؛ ومن ثم مخالفة الشرع، ولِما فيه أيضًا من إحداث الفوضى، خاصة أن تطبيقَ القانون والأحكام وفرضَ النظام هو من واجبات ولي الأمر أو من ينوب عنه فقط، وهذا متحقق بالفعل، وليس لأحد من الناس أن يتجاوز هذا الثابت الشرعي تحت دعوى إقامة العدل ورد الحقوق.
المحتويات
أوجب الله تعالى على الجماعة المسلمة أن تجعل لها ولي أمر يدبر شؤونها ويَسُوسُ أمورها، ويتصرف فيها بما فيه مصلحة البلاد والعباد، وهذا القدر محل اتفاق ولا خلاف فيه؛ قال العلامة ابن حجر الهيتمي في "الصواعق المحرقة" (1/ 25، ط. مؤسسة الرسالة): [اعلم أيضًا أن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أجمعين أجمعوا على أن نصب الإمام بعد انقراض زمن النبوة واجب، بل جعلوه أهم الواجبات" اهـ. ومن قبله قال حجة الإسلام الغزالي في كتابه "الاقتصاد في الاعتقاد" (ص 149، ط. دار الكتب العلمية): (السلطان ضروري في نظام الدنيا، ونظام الدنيا ضروري في نظام الدين، ونظام الدين ضروري في الفوز بسعادة الآخرة، وهو مقصود الأنبياء قطعًا، فكان وجوب نصب الإمام من ضرورات الشرع الذي لا سبيل إلى تركه)] اهـ.
وقد رتب الشرع الشريف لولي الأمر جملة من الاختصاصات والصلاحيات والتدابير؛ ليستطيع أن يقوم بما أنيط به من المهام الخطيرة والمسؤوليات الجسيمة، وجعل كذلك تطاول غيره إلى سلبه شيئًا من هذه الاختصاصات والصلاحيات أو مزاحمته فيها من جملة المحظورات الشرعية التي يجب أن يُضرَب على يد صاحبها؛ حتى لا تشيع الفوضى، وكي يستقر النظام العام، ويتحقق الأمنُ المجتمعي المطلوب.
وقد وصف علماء المسلمين من يُنازع ولي الأمر فيما هو له من ذلك بأنه "مُفتاتٌ" على الإمام.
والافتيات هو: التعدي، أو هو: فعل الشيء بغير ائتمار مَنْ حَقُّه أن يُؤتمر فيه. انظر: "الشرح الكبير" للشيخ الدردير (2/ 228، ط. دار إحياء الكتب العربية) مع "حاشية الدسوقي"، "التوقيف على مهمات التعاريف" للمناوي (ص 57، ط. عالم الكتب).
والافتيات على ولي الأمر ممنوع محرمٌ؛ لأنه تَعَدٍّ على حقه بمزاحمته فيما هو له، وتَعَدٍّ على إرادة الأمة التي أنابت حاكمها عنها في تدبير شؤونها؛ يقول الإمام شمس الدين الغرناطي في "بدائع السلك في طبائع الملك" (/ 45، ط. وزارة الإعلام العراقية) - في معرض ذكر المخالفات التي يجب اتقاؤها في حق ولاة الأمور: [المخالفة الثالثة: الافتيات عليه -أي: ولي الأمر- في التعريض لكل ما هو منوط به، ومن أعظمه فسادًا: تغيير المنكر بالقدر الذي لا يليق إلا بالسلطان؛ لما في السَّمْح به والتجاوز به إلى التغيير عليه، وقد سبق أن من السياسة تعجيل الأخذ على يد من يتشوق لذلك وتظهر منه مبادئ الاستظهار به] اهـ.
من جملة الأمور والاختصاصات التي ليست إلا لولي الأمر أو من ينيبه: إقامة الحدود واستيفاء العقوبات، وقد فوَّض الشرع ذلك إلى الأئمة والحكام؛ كي لا يوقع الاستبداد به في الفتن. انظر: "مواهب الجليل" للحطاب (3/ 358، ط. عالم الكتب).
وقد روى ابن زنجويه في كتاب "الأموال" (3 / 1152، ط. مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، السعودية): عن مسلم بن يسار، عن أبي عبد الله رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وآله وسلم، قال مسلم: كان ابن عمر يأمرنا أن نأخذ عنه، قال: "هو عالم؛ فخذوا عنه"، فسمعته يقول: "الزكاة والحدود والفيء والجمعة إلى السلطان" اهـ.
وروى ابن أبي شيبة في "المصنف" (5 / 507، ط. دار الفكر): [عن الحسن أنه قال: أربعة إلى السلطان: الزكاة، والصلاة، والحدود، والقضاء. وعن ابن محيريز أنه قال: الجمعة، والحدود، والزكاة، والفيء إلى السلطان. وعن عطاء الخراساني أنه قال: إلى السلطان، الزكاة، والجمعة، والحدود] اهـ.
وهذا هو ما نص عليه أئمة الدين وفقهاء الملة على اختلاف مذاهبهم: فمن الحنفية: قال الإمام السرخسي في "شرح السير الكبير" (1938، ط. الشركة الشرقية للإعلانات): [واستيفاء الحدود إلى الإمام] اهـ.
وقال العلامة الكاساني في "بدائع الصنائع" (7/ 57-58، ط. دار الكتب العلمية): [وأما شرائط جواز إقامتها -أي: الحدود- فمنها ما يعم الحدود كلها، ومنها ما يخص البعض دون البعض، أما الذي يعم الحدود كلها فهو الإمامة؛ وهو أن يكون المقيم للحد هو الإمام أو من ولاه الإمام ... وبيان ذلك: أن ولاية إقامة الحد إنما ثبتت للإمام لمصلحة العباد -وهي صيانة أنفسهم وأموالهم وأعراضهم- ... والإمام قادر على الإقامة؛ لشوكته ومنعته وانقياد الرعية له قهرًا وجبرًا، ولا يخاف تبعة الجناة وأتباعهم؛ لانعدام المعارضة بينهم وبين الإمام، وتهمة الميل والمحاباة والتواني عن الإقامة منتفية في حقه، فيقيم على وجهها، فيحصل الغرض المشروع له الولاية بيقين ... وللإمام أن يستخلف على إقامة الحدود؛ لأنه لا يقدر على استيفاء الجميع بنفسه؛ لأن أسباب وجوبها توجد في أقطار دار الإسلام، ولا يمكنه الذهاب إليها، وفي الإحضار إلى مكان الإمام حرج عظيم، فلو لم يجز الاستخلاف لتعطلت الحدود، وهذا لا يجوز؛ ولهذا كان عليه الصلاة والسلام يجعل إلى الخلفاء تنفيذ الأحكام وإقامة الحدود] اهـ.
ومن المالكية: قال الإمام القرطبي في "تفسيره" (2/ 245، 246، ط. دار الكتب المصرية): [لا خلاف أن القصاص في القتل لا يقيمه إلا أولو الأمر؛ فرض عليهم النهوض بالقصاص وإقامة الحدود وغير ذلك؛ لأن الله سبحانه خاطب جميع المؤمنين بالقصاص، ثم لا يتهيأ للمؤمنين جميعًا أن يجتمعوا على القصاص، فأقاموا السلطان مقام أنفسهم في إقامة القصاص وغيره من الحدود] اهـ.
وقال الإمام ابن رشد في "بداية المجتهد" (4/ 223، ط. دار الحديث): [وأما من يقيم هذا الحد -أي: حد شرب الخمر- فاتفقوا على أن الإمام يقيمه، وكذلك الأمر في سائر الحدود] اهـ.
وقال في "مختصر خليل وشرحه" لسيدي أحمد الدردير (4/ 239، ط. دار الفكر): [(القاتل) عمدًا وعدوانًا فإنه معصوم (من غير المستحق) لدمه، وأما بالنسبة لمستحق دمه -وهو ولي المقتول- فليس بمعصوم، لكن إن وقع منه قتل للقاتل بلا إذن الإمام أو نائبه فإنه يؤدب؛ لافتياته على الإمام] اهـ.
ومن الشافعية: قال الإمام العمراني في "البيان" (12/ 376، ط. دار المنهاج): [إذا وجب حد الزِّنَا أو السرقة أو الشرب على حُرٍّ لم يجز استيفاؤه إلا للإمام أو لمن فوض إليه الإمام ذلك؛ لأن الحدود في زمن رسول الله صَلَّى الله عليه وآله وسَلَّمَ وفي زمن الخلفاء الراشدين رَضِيَ الله تعالى عَنهُم لم تستوف إلا بإذنهم، ولأن استيفاءها يفتقر إلى نظر واجتهاد، فلا يصح استيفاؤها إلا من الإمام أو النائب عنه] اهـ.
وقال الإمام أبو إسحاق الشيرازي في "المهذب" (3/ 191، ط. دار الكتب العلمية): [ولا يجوز استيفاء القصاص إلا بحضرة السلطان؛ لأنه يفتقر إلى الاجتهاد، ولا يؤمن فيه الحَيف مع قصد التشفي، فإن استوفاه من غير حضرة السلطان عَزَّره على ذلك ... والمنصوص أنه يُعَزَّر؛ لأنه افتيات على السلطان] اهـ.
ومن الحنابلة: قال الإمام ابن مفلح في "الفروع" (6/ 53، ط. عالم الكتب): [تحرم إقامة حَدٍّ إلا لإمام أو نائبه] اهـ.
وجاء في "مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى" (6/ 159، ط. المكتب الإسلامي) للشيخ الرحيباني: [(وإقامته)؛ أي: الحد (لإمام أو نائبه مطلقًا): أي: سواء كان الحد لله -كحد زنا- أو لآدمي -كحد قذف-؛ لأنه يفتقر إلى الاجتهاد، ولا يؤمن فيه الحَيف؛ فوجب تفويضه إلى نائب الله تعالى في خلقه؛ لأنه عليه الصلاة والسلام كان يقيم الحدود في حياته وكذا خلفاؤه من بعده، ويقوم نائب الإمام فيه مقامه؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: «واغد يا أُنَيس إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها» فاعترفت فرجمها، وأمر برجم ماعِز ولم يحضره، وقال في سارق أُتِي به: «اذهبوا به فاقطعوه»] اهـ.
ونقول أيضًا إن إقامة العقوبات في العصر الحاضر في ظل دولة المؤسسات إنما تناط بجهة محددة تسند إليها ما يسمى بالسلطة التنفيذية، وهذه الجهة لا تستطيع أن تنفذ عقوبة ما إلا بعد أن تَبُت الجهة المختصة بالسلطة القضائية في الأمر؛ فتقوم بالنظر في الواقعة المعينة، وتستوفي فيها الأدلة والقرائن، وتستنطق الشهود، وتنظر في الملابسات والظروف المحيطة، ثم تقضي بعقوبة مخصوصة فيها، وهذه الجهة بدورها لا تستقل بعقوبة لم يُنَصّ عليها في القانون المعمول به في البلاد، والذي تقوم على اختياره وصياغته الجهة المختصة بالسلطة التشريعية، وكل جهة من هذه الجهات الثلاث تُعَدُّ هي ولي الأمر فيما أقيمت فيه؛ قال العلامة ابن عاشور في "التحرير والتنوير" (5/ 97، 98، ط. الدار التونسية للنشر) -عند تفسير قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾ [النساء: 59]-: [أولو الأمر مِن الأمَّة ومِن القوم هم الذين يُسنِد الناسُ إليهم تدبير شؤونهم ويعتمدون في ذلك عليهم، فيصير الأمر كأنَّه مِن خصائصهم ... فأولو الأمر هنا هم مَن عدا الرسول مِن الخليفة إلى والي الحسبة، ومِن قواد الجيوش، ومِن فقهاء الصحابة والمجتهدين إلى أهل العلم في الأزمنة المتأخّرة، وأولو الأمر هم الذين يُطلَق عليهم أيضًا أهل الحلّ والعقد] اهـ.
ولذلك فإن قيام آحاد الناس الآن بتطبيق العقوبات بأنفسهم على متهم بجريمة أو معروف بعدوان فيه افتيات على أصحاب هذه السلطات الثلاث؛ فقد يُعاقَب المجرم بغير ما قُرِّر له من العقوبة في القانون، وقبل ذلك فإنه يُدَان من هؤلاء المفتاتين بلا تحقيق أو دفاع، أو قد يُدان بغير ما يستوجب الإدانة أصلًا؛ حيث يكون قد فعل أمرًا مشروعًا ولكن يظنه غيره -لجهله وعدم اطلاعه على خلاف العلماء- أنه ليس مشروعًا؛ ثم إن إنزال العقاب يحصل بعد ذلك من غير ذي اختصاص، وكل هذا في النهاية يقود المجتمع إلى الفوضى وإلى الخلل في نظامه العام، فضلًا عن تشويه صورة الإسلام، والكر على مقصد الدعوة الإسلامية بالبطلان أمام العالمين.
أما تأمين الحماية للمؤسسات العامة فهو في الأصل من مهام قوات الشرطة أو الجيش بحسب القوانين واللوائح المنظمة لذلك، وليس متروكًا للأفراد؛ وذلك لأن مهمة التأمين تتطلب خبرة من نوع خاص، مع مراعاة للتدرج في الردع وغير ذلك مما يعرفه هؤلاء ويدرسونه، وهي تشبه ما تكلم عنه الفقهاء في دفع الصائل؛ حيث لا يُلجَأ إلى الأشد في الدفع مع إمكان الأخف.
وهذه الشرائط والخبرات الشأن في آحاد الناس أنها منتفية عنهم؛ كما أنها تتطلب تحصيل آلة وسلاح يحصل به التأمين والحماية، وهذا مما لا يسمح به القانون إلا في أحوال مخصوصة لأفراد مخصوصة، فيصدر لهم ترخيص رسمي بحمل سلاح معين، وكذلك فإنه لو تركت مهمة الحماية لآحاد الناس لم يؤمَن معها أن يندس وسطهم من يريد شرًّا ولا يقصد خيرًا، فيختلط الحابل بالنابل، ولا يدرى من الجاني، ومن ثم يتحول الأمر من واجب تقوم به القوات المعنية بأسس مدروسة إلى شجار أخرق واشتباك أحمق بين أبناء البلد الواحد، مما يرسخ العداوة والبغضاء بينهم، وقد تراق فيه الدماء المعصومة بلا سبب شرعي.
ولذلك فإنه لا يسمح شرعًا لآحاد الناس أن يبادروا من عند أنفسهم بمهام الحماية المذكورة ما دامت القوات المسؤولة موجودة لصد العدوان عن المنشآت، وإلا كان في ذلك افتيات عليهم فيما أقيموا فيه، إلا أن تستعين هذه القوات بالغير تحت متابعتها وإشرافها في صورة لجان شعبية مثلًا، فيجوز ذلك حينئذ، شريطة أن يلتزم كل واحد بالدور المطلوب منه ولا يتعداه إلى غيره.
وكذلك إذا خلا المكان عمن يدافع عنه وتعرض للنهب أو للتدمير ونحوهما جاز للناس حينئذ تشكيل لجان شعبية تدرأ عن المنشآت والمؤسسات، إن كان لها القدرة على ذلك، دون بغي منهم أو فساد؛ وأصله ما رواه البخاري عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: «أَخَذَ الرَّايَةَ زَيْدٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا جَعْفَرٌ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَوَاحَةَ فَأُصِيبَ، ثُمَّ أَخَذَهَا خَالِدُ بْنُ الوَلِيدِ عَنْ غَيْرِ إِمْرَةٍ فَفُتِحَ لَهُ»؛ قال المهلب في قوله صلى الله عليه وآله وسلم-: «ثم أخذها خالد بن الوليد من غير إمرة ففتح له»: [فيه من الفقه: أن من رأى للمسلمين عورة قد بدت أن يتناول سد خللها إذا كان مستطيعًا لذلك، وعلم من نفسه منة وجزالة] اهـ. (شرح صحيح البخاري لابن بطال 5/ 223، ط. مكتبة الرشد).
ومما سبق يعلم الجواب عن المسؤول عنه.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
الطلب المُقدَّم من السيد وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية عن مركز قويسنا منوفية، والمتضمن: نرجو من فضيلتكم التكرم بإصدار فتوى شرعية مُوثَّقة بخصوص رغبة بعض الأهالي مِن قرية (ميت القصري) مركز قويسنا؛ أصحاب الأفكار المتطرفة، بهدم ونقل ضريح أولياء الله الصالحين (السادة القَصاروة)، بحجة توسعة المسجد، في حين أن الضريح ملاصقٌ للمسجد وبجدرانٍ منعزلة عن المسجد، فقاموا بهدم الغرفة الخارجية للضريح تمهيدًا لإزالة الضريح نفسه أو دفنه في الأرض وعمل سيراميك والصلاة عليه؟!
ومرفق لسيادتكم بعض المستندات الدالة على ذلك، مع التأكيد أن هذا العمل أشعل نار الفتنة بين الأهالي من مؤيِّدٍ ومعارض. وإن فتاواكم الكريمة سوف تطفئ نار هذه الفتنة وهذا الجدل وهذا الفكر الدخيل علينا في تحريم الصلاة بمسجد فيه أضرحة لأولياء الله الصالحين الذين ذكرهم الله تعالى في القرآن وفي الحديث القدسي: «مَنْ عَادَى لِى وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ» رواه البخاري.
جعلكم الله نصيرًا لأوليائه الصالحين، ولسيادتكم منا كل الاحترام والتبجيل.
وبالنظر في المرفقات بالطلب تبين لنا ما يأتي:
- تقدم أحد أهالي القرية، بطلب إلى أوقاف قويسنا لتوسعة مسجد السادة القَصاروة، وقد حصل على الموافقة من الوزارة بعمل التوسعة اللازمة على نفقته الخاصَّة وبجهوده الذاتية، وبالاطلاع على المستندات الخاصَّة بهذا الأمر وجدنا أنَّ:
• وزارة الأوقاف اشترطت أن يتم عمل التوسعة تحت إشراف المديرية وبالشروط المعتمدة وفق ما تم اعتماده من الرسومات وطبقًا للتراخيص الصادرة من الجهات المختصة؛ كما هو مُبيَّن من تصريح مدير عام المشروعات والتصميمات بالوزارة.
• لم يتعرَّض التصريح بذكر هدم الضريح أو نقله أو هدم الغرف المجاورة للضريح؛ بل هو تفويض من الأوقاف باسم المتبرع لعمل توسعة مسجد السادة القصاروة.
• أخذ المتبرع إقرارًا على نفسه بعدم المساس بالضريح وبالحفاظ عليه حسب التعليمات الواردة من الإدارة وكما هو مُبيَّن من خطاب القسم الهندسي بالوحدة المحلية بقرية (طَهْ شبرا) الموجَّه للسيد وكيل الوزارة رئيس مجلس ومدينة قويسنا.
- تمَّ تشكيل لجنة من إدارة أوقاف قويسنا مكوَّنة من خمسة أعضاء برئاسة مدير الأوقاف، بناءً على قرارٍ من مديرية أوقاف المنوفية، وانتقلت اللجنة للمسجد، وتبين من تقريرها المرفق ما يأتي:
أولًا: قام المتبرع بعمل التوسعة من الناحية القبلية الموجودة بين دورة مياه المسجد ومكان الوضوء، وبين جدار القبلة الموجود بالمسجد القديم، (مرفق رسم توضيحي لعملية التوسعة).
ثانيًا: بعد الانتهاء من أعمال التوسعة تبيَّن وجود ضريحين وسط المسجد، وغرفة خارج المسجد، وقد أقيم على الضريحين أقفاص حديدية للحفاظ عليهما.
ثالثًا: عند وجود اللجنة للمعاينة على الطبيعة حضر بعض رواد المسجد وانقسموا إلى فريقين:
الفريق الأول: يرى عدم المساس بالضريحين ويرغب في بناء غرفة خاصة بالضريحين وعمل باب خاص للدخول لزيارة الضريحين داخل التوسعة الجديدة.
الفريق الثاني: يرى نقل الأضرحة إلى غرفة خاصة موجودة بالفعل ملصقة بالمسجد والغرفة لها بابان: باب على الشارع الرئيسي، وباب جانبي للدخول منه للمسجد، وبهذا تتحقق الفائدة من عملية التوسعة للمسجد لوجود الأضرحة في الربع الأول من التوسعة الجديدة وسط المسجد.
خامسًا: توصي اللجنةُ بأن يقوم المتبرع بطلب إلى المجلس الأعلى للطرق الصوفية للبت في الضريحين من حيث النقل وعدمه، مع الاحتفاظ بالضريحين لحين إحضار رأي المجلس الأعلى للطرق الصوفية صراحة. كما توصي اللجنة الإدارة الهندسية بشبين الكوم بعدم إصدار أي قرار يخص الضريحين أو المسجد؛ سواء بهدم جدار القبلة الحائل بين الضريحين والمسجد القديم أو الجدار الغربي في التوسعة الجديدة، إلا بعد الانتهاء التام من جميع الأعمال المتعلقة بالمسجد وإحضار قرار المجلس الأعلى للطرق الصوفية.
- تقدَّم المتبرع بطلبٍ للمشيخة العامة للطرق الصوفية، يريد فيه الموافقة على إحلال وتجديد الضريحين الموجودين بمسجد السادة القَصاروة.
- وبعد ذلك تبين أنَّ المتبرع لم يعمل بمضمون تصريح وزارة الأوقاف بخصوص التوسعة؛ بل بدأ العمل في جهة الضريح وهي غير الجهة المُصرَّح بها من الأوقاف، وقام بهدم الغرفة الخارجية لضريح السادة القصاروة، وحجرة الضيافة الخاصَّة بالضريح، وأيضًا جدار القبلة، ثم قام ببناء ضريح صوري تمهيدًا لإزالة الضريح الحقيقي ودفنه في الأرض وعمل سيراميك للصلاة عليه، فقام أهل القرية بعمل محضرٍ في النيابة العامة وأمن الدولة، ثمَّ عمل شكوى لوزارة الأوقاف؛ فقامت اللجنة الهندسية بأوقاف قويسنا بتحرير محضرٍ بذلك، ثم أخذت الإدارة إقرارًا على المتبرع أن يُعيد بناء الغرفة الخاصة بالضريح مرةً أُخرى.
- أرسل وكيل مشيخة الطرق الصوفية بقويسنا خطابًا إلى الأمين العام للمشيخة العامة للطرق الصوفية، يُبيِّنُ فيه ما حدث من هدمٍ في المسجد، وأنَّ الأضرحة أصبحت عارية في ساحة المسجد، وذلك لأخذ اللازم والمحافظة على حرمة وقدسية أولياء الله الصالحين والتأدب معهم ظاهرًا وباطنًا.
- كما قام مدير إدارة أوقاف قويسنا بإخطار وكيل وزارة أوقاف المنوفية بخطابٍ محررٍ بأنَّ المتبرع ما زال يخالف التعليمات ويرفض تنفيذها، رغم الإقرارات المأخوذة عليه، ونحن نخلي مسؤولية إدارة أو قاف قويسنا والقسم الهندسي بها من أي تقصير تجاه هذا الأمر، والرجاء اتِّخاذ اللازم.
- وقد ردَّ الأمين العام للمشيخة العامة للطرق الصوفية على خطاب وكيل مشيخة طرق قويسنا بخطاب محررٍ يطلب منَّا فيه المُعاينة وأخذ التعهد الَّلازم على القائمين بعملية الإحلال والتجديد، والعمل وفق ما ورد بنصِّ الفتوى الصادرة عن دار الإفتاء المصرية والتي انتهت إلى "أنَّ إزالة الضريح أو نقل رُفاته إلى مكانٍ آخر بالمسجد أو خارجه تحت أي دعوى، حتَّى لو كانت توسعة المسجد وتجديده هو أمرٌ مُحرَّمٌ شرعًا؛ لما فيه من الاعتداء السافر على حُرمة الأموات وسوء الأدب مع أولياء الله تعالى الصالحين رضي الله عنهم وأرضاهم، وهم الذين توعَّد الله مَن آذاهم بأنَّه قد آذنهم بالحرب، وقد أُمرنا بتوقيرهم وإجلالهم أحياءً وأمواتًا، ولا يجوز التوصل إلى فعل الخير بالباطل؛ بل يوسع المسجد ويُجدد ويبقى الضريح في مكانه، حتَّى لو أصبح في وسط المسجد، وتبقى القُبَّة على حالها، أو يُترك المسجد كما هو حتى يُقَيِّضَ الله تعالى له مَن يتولى توسعته مِن عباده المخلصين الذين يعرفون لأوليائه قدرهم وحرمتهم، والذين ينأون بأنفسهم عن التعدي على أضرحة الصالحين؛ لتتحقق إقامةُ المساجد على تقوى مِن الله تعالى ورضوان".
فيُحرَّر من المذكور -المتبرع- إقرار بالالتزام بذلك؛ فتتم أعمال الإحلال والتجديد في ضوء ما ورد بالفتوى، ويكون العمل تحت مُراقبة ومتابعة وكيل المشيخة المُختص لإخطارنا في حال وجود أي مُخالفة في التنفيذ لاتِّخاذ اللازم قانونًا والإفادة بما يتم.
- كما قام الأمين العام للمشيخة العامَّة للطرق الصوفية بإخطار وكيل وزارة الأوقاف مدير أوقاف قويسنا بالمنوفية بخطاب منه، بشأن الخطاب الموجه إليه من مشيخة الطرق الصوفية بقويسنا، ونبَّه على إعادة بناء حجرة ضريح السادة القصاروة وغرفة الزيارة الخاصة به تحت إشراف السيد وكيل مشيخة الطرق الصوفية بقويسنا، وفي ضوء ما ورد بفتوى سابقة لدار الإفتاء المصرية، والمرفق صورتها مع الأوراق.
- ثم قام الأمين العام لمشيخة الطرق الصوفية بإخطار وكيل الوزارة مدير أوقاف قويسنا بالمنوفية مرةً أخرى بخطابٍ يطلب فيه تنفيذ طلب الكتاب السابق بإعادة البناء، مع التنبيه المُشدَّد بعدم التدخل في أمر الأضرحة إطلاقًا إلَّا بعد الرجوع للمشيخة العامة للطرق الصوفية، والتكرم بالإفادة بما يتم لاتِّخاذ اللازم.
- وجرت عدَّة خطابات بعد ذلك بين الأمين العام للمشيخة العامة للطرق الصوفية، ووكيل مشيخة الطرق الصوفية بقويسنا تشدد الإنكار على ما حدث تجاه أضرحة مسجد السادة القصاروة، وتطلب تكاتف وزارة الأوقاف مع مشيخة الطرق الصوفية لمنع هذه الممارسات.
ما حكم الاستيلاء على أموال غير المسلمين؟ حيث إنني أعيش في بلاد يكثر فيها غير المسلمين، وأسمع كثيرًا من المسلمين المقيمين في هذه البلاد يقولون: إن الاستيلاء على الأموال التي يتملكها غير المسلمين بالطرق المختلفة مباح أخذها؛ بحجة أنهم ليسوا على ديننا ومن كان كذلك فيجوز استحلال أموالهم، فما مدى صحة ذلك، وهل يجوز لي أخذها؟
اطلعت على فتوى منسوبة لما يسمى بهيئة البحوث والإفتاء فيما يسمى بـ"الدولة الإسلامية" (داعش)، وقد سألت عن حكم السفر لمناطق النظام للحاجة، فأجابت بأن السفر إلى بلاد الكفار عمومًا وإلى مناطق النظام خصوصًا حرام، إلا لضرورة؛ لما يقترن بها من مناطات مُكَفِّرة.
فما معنى هذا الكلام؟ وهل هو صحيح؟ وما هي مناطق النظام هذه؟
ماحكم التحايل على الدعم الحكومي من أصحاب المخابز؟ حيث تقوم منظومة دعم الخبز الجديدة على اعتماد الكارت الذكي، فمن المقرر في بعض القرى في السلع التموينية أنَّ المواطن إما أن يأخذ دقيقًا من المستودع الخاص لتوزيع الدقيق أو أن يصرف خبزًا من المخبز.
لكن بعض أصحاب المخابز يقوم بالتحايل وإعطاء المواطن جزءًا من الدقيق غيرَ مخبوزٍ، في مقابل أن يأخذ الكارت ويستخدمه طوال الشهر، وذلك يجعله لا يخبز الدقيق، فيوفِّر عليه العمالة والغاز، مع أن الحكومة تعطيه فرق الغاز، ولا تستطيع الحكومة إثبات أنه مخالف؛ لأنه يضع الكارت الذكي، فهل هذه المعاملة حلالٌ أو حرام؟
ساعدت أم ابنها في الاستيلاء على منقولات زوجته والمصوغات المملوكة لها أثناء الزوجية، وبعد طلاقه لها قامت الأم بنقل هذه الأشياء من مسكن الزوجية وإبقائها تحت يديها وعدم ردها، ومنع المطلقة من دخول مسكن الزوجية، وأخيرًا صدر حكم على ابنها المطلق بالتبديد لمملوكات مطلقته.
فما هو الحكم الشرعي في هذه الأفعال؟
اطلعت على فتوى منسوبة لما يسمى بهيئة البحوث والإفتاء فيما يسمى بـ"الدولة الإسلامية" (داعش)، وقد تكلمت الفتوى عن الأسير المرتد وأنه لا يجوز مفاداته بمال أو رجال؟ فهل هذا الكلام صحيح، وما هو الأسير المرتد؟